الرئيسيةبحث

الرديف


الرديف إحدى مدن الجمهورية التونسية، تقع في ولاية قفصة.


حدث هذا في مدينة الرديف الأحد 24 فيفري 2008

نص عنوان رئيسي

كعادة الرديف صبيحة آحادها منذ دخول أهاليها في احتجاجات متواصلة منذ ما يزيد على الشهر ونصف، تنهض مزدحمة منتشية بصمودها البطولي الخارق للصمت العام.. وللهوان العام.. ولترسانة بوليس النظام العام المحتشدة على ضفافها في انتظار المجزرة. أبطال هذه الأرض من معلمين وأساتذة وموظفين وعمال وفلاحين وطلائع العاطلين عن العمل جميعهم في مقهى الإتحاد المحلي للشغل للتساؤل عما تمخضت عنه الزيارة المكوكية التي قام بها ثلاثة من وزراء النظام إلى مقر ولاية قفصة خاصة وأن الهدنة أو المهلة التي أعطيت من قبل المحتجين لسلط الإشراف لفض ملف التشغيل في الجهة لم يبق منها إلا أسبوع واحد. علما و أن الذي راج هو أنّ الزيارة لم تأت بالجديد، مضمونها الوعود القديمة والتسويف والمماطلة. في منتصف النهار يخرج معتمد الرديف من دار التجمع يتبعه لفيف بعدد أصابع اليد بعد اجتماع بفاسدي الجهة مكررا لهم نفس اسطوانة الكذب والزيف والوعود التي مجتها الأذان. عندها علت أيادي العاطلين وشرفاء المدينة بالتصفيق الإيقاعي داعية إلى اجتماع عام داخل الإتحاد. وتواصل التصفيق لأكثر من ربع ساعة تخللته جملة من الشعارات (المسيرة مستمرة والدستوري على برّه / الثبات الثبات ضد حكم المافيات / التشغيل التشغيل لا وعود ولا تضليل). وتدخل السيد عدنان حاجي مشيرا إلى التزام الحركة بالهدنة معرجا على هذه الزيارة المهزلة التي لم تحمل في أحشائها غير الخواء. وأضاف قائلا كان أحرى بهؤلاء الوزراء أن يزوروا الجهة ويتحدثوا مع عاطليها إن كان فعلا يهمهم حل هذا الملف، لافتا انتباه الحاضرين أن البساط سحب من تحت أقدام التجمعيين لفسادهم وكذبهم وتلاعبهم بالمال العام، وكان أجدى بمعتمد الرديف أن يجتمع بالعاطلين أو بلجنة التفاوض في أيّ مؤسسة من مؤسسات الدولة لا في دار التجمع. موضحا أنه حان الوقت للنضال من أجل فصل مؤسسات الدولة عن التجمع. مبينا أن مناضلي الجهة على العهد أكثر من أي وقت مضى من أجل الدفاع عن حقّ أبناء الجهة في التشغيل والعيش الكريم. فانتفضت حناجر الحاضرين"بالروح بالدم نفديك يا عدنان". وبتواضع من يحمل بين أحضانه هموم أهالي المدينة ومعاناة شعبه، طلب من الحاضرين تعديل هذا الشعاربـ"بالروح بالدم نفديك يا الشعب". وينتهي خطابه بدعوة الشباب إلى مزيد من الصبر والثبات وشدّ الهمّة فالنصر آت لامحالة. لأن إرادة الشعوب لا تقهر... بعدها تفرّقت الحشود بالتزام وانضباط ومسؤولية...

هل تعرفون أين تقع مدينة الرديف..؟؟

لمن لا يعرفها.. إليه صورتها.. فأنا أعرفها وأعشقها تلك المرأة العجوز.. فقد تمرغت في ترابها الأسود كالوجوه .. يسمى فسفاط.. وشممت رائحة النفة. سمعت فيها حكايات الأقوياء والأغبياء والأشقياء.. مدينة سردية كلها.. أهلها يعيشون في الحكاية من أجل الحكاية.. يترجمون صراعهم اليومي إلى سرد وصراعهم الطبقي والجهوي والسياسي والقبلي إلى حكاية.. تحيا الحكاية ويحيا السرد.. قالوا إنها كانت تسمى الخنفوس (الخنفساء).. لأن هذه الحشرة كانت سببا في ظهورها فيقال إن خنفساء تحفر مغارتها فأخرجت معها حبات سوداء عرفت فيما بعد بأنها الفسفاط. فجاءت فرنسا (تلاحظون يؤنثون فرنسا كامرأة وشخصية روائية لأنهم يرون الاستعمار حكاية تتكرر من فرنسا أو من أهل البلد)..وبنت الرديف..لا فضل للدولة الحديثة على الرديف.. أو هكذا يشعر أهلها.. بناها الرومان قديما .. وفرنسا حديثا..هذه المدينة اللقيطة بقيت لقيطة.. ولكنها بقيت في مساحة السرد والحكاية.. وشعب من دون نص سردي يجمعه شعب لا مستقبل له.

تقع الرديف يا سادتي الطيبين في الجنوب الغربي التونسي.. ولمن يرى خريطة تونس كامرأة أدلّه على مكان الرديف إنها في المؤخرة... أي في الردف الأيسر.. فإذا كانت حواء قد خرجت من الضلع الأيسر فإن الرديف تلبّدت غمامة سوداء في الردف الأيسر...إذن جغرافيا تقع الرديف في الجنوب من كل شيء..وفقهيّا تقع الرديف في عورة الوطن.. وأنصحكم أيها التوانسة استروا عورتكم وإلا... فكثيرون شبقيّون في هذا العالم ولا يتحملون رؤية ردف عار.. هذه القرية لا تطلب إلا لذاتها لأنها في مؤخرة البلاد.. طريق تونس ينتهي على أبوابها وكذلك سكة الحديد.. لا شيء بعدها سوى اليباب.. والصحراء.. لا تلد إلا الأنبياء والمجانين والمنخرطين في حزب التجمع الديمقراطي الحاكم.. (وأكرر الديمقراطي).. سكانها خليط تقيأته البلاد وانتهى خليطا من البشر بلا ملامح.. الشيء المنير فيها أن هذه المدينة تضحك دائما وفي كل يوم نكتة عن الدولة لا سمح الله.. وآخر نكتة قيلت أو حدثت قبل ما يقارب الشهرين وما زالت متواصلة..

في يوم شتائي ثقيل اعتصم شبان مطالبين بالعمل إثر مناظرة قاهرة للنفوس.. ملأت جيوب نقابة المنجم.. هل تصدقون؟؟ في تونس نقابي منجمي يأخذ الرشوة ؟؟ .. مستحيل لا أصدق..!! هل يمكن لنقابي منخرط في التجمع أن يأكل الرشوة..؟؟ نكتة أليست كذلك..!!؟؟ ولكن من سيضحك في النهاية.. طبعا استشرى الاعتصام وتحول إلى خيام في الرديف وأم العرائس والمتلوي والمضيلة.. رابط الشباب والنساء والأطفال والشيوخ في خيام من بلاستيك.. ولأن البرد قارص فمنهم من اعتصم في دار الحزب.. لمن لم يسمع فإن للحزب دار في بلادنا ودور الحزب بعدد مراكز الشرطة وأقل عددا من المساجد بقليل. ؟؟

اعتصموا واعتصموا... وفي كل أحد .. يوم السوق.. تجوب مسيرة أزقة الرديف التي تؤدي ولا تؤدي..يسب الشباب الدولة ويضحكون ويتداولون النكات.. "الرديف.. شيء يعيف" أليس كذلك.. شرذمة تسب الدولة.. لعنة الله عليهم وعلى آبائهم الذين تعلموا الرفض أيام الاستعمار.. لقد ورثوا منهم الفقر والسب وكره المناطق الساحلية... رغم الرخاء الذي تعيشه قرية الرديف من فنادق شاهقة وبنوك استثمارية وطرقات معبدة .. وو..بقايا بشر تحت غبار فسفاط.. ومصانع قلوم .. إنهم شرذمة لا يحمدون النعمة السابغة التي يعيشون فيها.. فالسمك يصلهم إلى قريتهم وكذلك الحليب.. والماء الصالح للشراب.. ويتزوجون ويغنون عندما يتزوجون.. وعندما يغضبون يسبون الدولة ويبولون في شوارعها..

سكان الرديف انتفضوا بطرا على النعمة.. وبدأت العملية نكتة وضحكا ثم أصبحت خطبا وفكرا وانتفاضة.. مع من يلعبون.. ؟؟ هؤلاء الأشقياء..!! مع الدولة.. أسرعت العاصمة باتخاذ قرارها واستئصال هذه الجراثيم.. التي تنغص علينا اتفاقياتنا الاقتصادية وبيع البلاد إلى الإمارات أو لمن يدفع أكثر.. جراثيم لا يفهمون أن لدينا انتخابات في 2009..!! يلعبون ويسبون التجمع الديمقراطي (جدًّا).. بعث لهم السيد وزير الداخلية، مشكورا، بجيش أوله عنده وآخره عندهم.. وها هي الرديف محاصرة بحسب ما علمت بحوالي 4000 من جيش وشرطة وخراطيم مياه وكلاب وأسود تونس البررة.. جاء هؤلاء الشرطة والجنود مدججين بالسلاح والعتاد والقصائد الوطنية ونشيد حماة الحمى..

الغريب أن هؤلاء الجيش والشرطة يحيون العلم كل صباح على البيت التالي :

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر (النشيد الوطني التونسي).

المهم أن الشعب في الرديف يريد الحياة بالمعنى الحرفي للكلمة.. يريدون شغلا.. اعتصموا في كل مكان لتسمعهم الدولة.. وطبعا الدولة تسمع وترى.. اعتصموا رغم أن برهان بسيس مازال كعادته حلاقا في قرطاج.. برهان بسيس بالمناسبة لا يعرف الرديف.. ولكنه يفترض أن أهلها ضالون.. لأن برهان تعلم أيام دراسته في قسم علم الاجتماع أن الحقل لمن يعرف لعبة الحقل .. وهو يعتقد أنه أتقن لعبة الحقل السياسي حينما اختار أن يدافع على الدولة رغم أنه كان يقول لنا حينما كان طالبا : إن الدولة تكذب على شعبها.. لقد كان يلعب وخشي أن تذهب الدولة من أجل بولة فطفق يسوّق بول الدولة على أنه خمر مسكر.. سكر هو وثمل سكان الرديف.

لم تنته حكاية الرديف لأن البوليس لم يغادر المكان وسكان الرديف لهم حساسية ضد البوليس ككل الشعب التونسي. لقد كانت قصة أناس يلعبون مع الدولة.. اللعبة قاسية ومضنية لأن الناس هناك منهكون.. والدولة لا تحب اللعب إلا إذا كانت خيوط اللعبة بين يديها وطبعا الخيوط ستظل بين يديها والرقاب بين يديها والمال بين يديها.. ربما سيقتحمون الرديف وربما لا.. ولكن الأكيد أنهم سينتقمون ممن كان ضالا جدا مثل عدنان حاجي كاتب عام نقابة التعليم الأساسي في المدينة.. وسيلحق بسليم دولة.. وسيقطع لسانه إلى الأبد.. الفرق بينهما أن سليم دولة قال شعرا.. وعدنان حرك شعبا. في قرية تحاك فيها المؤامرات على الله والخمر والنساء والدولة..

بوعلي عبيدي - بتاريخ 27 فبراير 2008

كعادة الرديف صبيحة آحادها منذ دخول أهاليها في احتجاجات متواصلة منذ ما يزيد على الشهر ونصف، تنهض مزدحمة منتشية بصمودها البطولي الخارق للصمت العام..وللهوان العام..ولترسانة بوليس النظام العام المحتشدة على ضفافها في انتظار المجزرة.أبطال هذه الأرض من معلمين وأساتذة وموظفين وعمال وفلاحين وطلائع العاطلين عن العمل جميعهم في مقهى الإتحاد المحلي للشغل متسائلة عما تمخض عن الزيارة المكوكية التي قام بها ثلاثة من وزراء النظام إلى مقر ولاية قفصة خاصة وأن الهدنة أو المهلة التي أعطيت من قبل المحتجين لسلط الإشراف لفض ملف التشغيل في الجهة لم يبق منها إلا أسبوع واحد. علما و أن الذي راج هو أن الزيارة لم تأتي بالجديد مضمونها الوعود القديمة والتسويف والمماطلة.

في منتصف النهار يخرج معتمد الرديف من دار التجمع يتبعه لفيف بعدد أصابع اليد بعد اجتماع بفاسدي الجهة مكررا لهم نفس اسطوانة الكذب والزيف والوعود التي مجت الأذان. عندها علت أيادي العاطلين وشرفاء المدينة بالتصفيق الإيقاعي داعية إلى اجتماع عام داخل الإتحاد. وتواصل التصفيق لأكثر من ربع ساعة تخللته جملة من الشعارات ( المسيرة مستمرة والدستوري على برة/ الثبات الثبات ضد حكم المافيات/ التشغيل التشغيل لا وعود ولا تضليل). وتدخل السيد عدنان حاجي مشيرا إلى التزام الحركة بالهدنة معرجا على هذه الزيارة المهزلة التي لم تحمل في أحشائها غير الخواء. وأضاف قائلا كان أحرى بهؤلاء الوزراء أن يزوروا الجهة ويتحدثوا مع عاطليها إن كانوا فعلا يهمهم حل هذا الملف، ملفتا انتباه الحاضرين أن البساط سحب من تحت أقدام التجمعيين لفسادهم وكذبهم وتلاعبهم بالمال العام، وكان أجدى بمعتمد الرديف أن يجتمع بالعاطلين أو بلجنة التفاوض في أي موسسة من مؤسسات الدولة لا في دار التجمع. موضحا أنه حان الوقت للنضال من أجل فصل مؤسسات الدولة عن التجمع. مبينا أن مناضلي الجهة على العهد أكثر من أي وقت مضى من أجل الدفاع عن حق أبناء الجهة في التشغيل و العيش الكريم. فانتفضت حناجر الحاضرين" بالروح بالدم نفديك يا عدنان".وبتواضع من يحمل بين أحضانه هموم أهالي المدينة ومعاناة شعبه،طلب من الحاضرين تعديل هذا الشعاربـ"بالروح بالدم نفديك يا الشعب ".

وينتهي خطابه بدعوة الشباب إلى مزيد من الصبر والثبات وشد الهمة فالنصر آت لامحالة. لأن إرادة الشعوب لا تقهر...بعدها تفرقت الحشود بالتزام وانضباط ومسؤؤلية...


حدث هذا في مدينة الرديف الأحد 24/02/2008