فهرس
|
لفظ الرامة لفظة عربية اصيلة وتعني في معاجم اللغة العربية الموقع الذي تتجمع فيه المياه ، ولعل هذه التسمية تعود إلى كثرة عيون المياه والبرك والينابيع المحيطة بالرامة من بركة عشاير وعين الحذرة شرقا إلى عين الصرار جنوبا إلى عين الحوضين غربا إلى عين جوشن شمالا وغيرها من البرك والعيون التي ردمت او جفت . وكثرة المياه هذه تميز الرامة فعلا عما عداها من قرى الجليل . ولو صح ان التسمية تعود إلى لفظة رمه العبرية والتي تعني المرتفع او الهضبة اذن لجاز ان يُطلق الاسم على معظم قرى الجليل لانها باغلبيتها الساحقة بُنيت على الهضاب والتلال والمرتفعات .
وفي نشرة صوت الرامة التي أصدرت في اب 1987 ، اعيد نشر عدد من المصادر العربية التي وردت فيها لفظة رامة وكانت مجلة العربي الكويتية قد نشرت هذه المصادر من قبل .ومنها ما يلي : ـ
ورد في معجم البلدان لياقوت ان " رامتين " هي تثنية رامة . ومن اقوال جرير يجعلن مدفع عاقلين ايامنا وجعلن امعز " رامتين " شمالا
وله ايضا حي الغداة برامة اطلالا رسما تقادم عهده فاطالا وجاء في صحيح الاخبار : " رامة " اكثبة متراكمة ليست بالكثيرة ، باقية بهذا الاسم ، معروفة عند جميع اهل نجد .
وقال بشر بن ابي حازم عفت من سليمى " رامة " فبكيتها وشطت بها عنك النوى وشعوبها
وقال اوس بن حجر ولو شهد الفوارس من نمير برامة اوبعنف لوى العقيم
وقال القطامي حل الشقيق من العقيق ظعائن فنزلن رامة او حللن نواها
وقال أبو داوود من ديار كأنهن وشوم لسليمى " برامة " لا تريم
وروى الاصمعي : قيل لرجل من اهل رامة : ان قاعكم طيب لو زرعتموه ! قال : لقد زرعناه . ، قال : وماذا زرعتموه ؟ قال : سلجما . قال : ما جرأكم على ذلك ؟ قال : معاندة لقول الشاعر : أتسألين رامتين سلجما ؟ يا مي لو سألت شيئا امما
ولعله مما يسر اهل الرامة ان الاديب العربي الراحل طه حسين كان يسمي منزله " رامتان " وظن أحد ضيوفه من شبه الجزيرة العربية انها كلمة فرنسية ، فسأل : وماذا تهني هذه الكلمة الفرنسية " رامتان " ؟ فرد عليه طه حسين ساخرا : " رامتان " عربية وليست فرنسية وهي موجودة في بلادكم يا بني . ويجدر هنا الاشارة إلى ما اوردته المعاجم من ان لفظة " رامة " كثيرا ما ترد بصيغة التثنية لا سيما في الشعر ثمة إجماع او شبه إجماع على ان الرامة كانت بلدة كنعانية عامرة .
القديم الظاهر من اسمها ومن اثارها القديمة انها كانت قائمة على المكان المرتفع في وسط القسم الاصلي القديم من القرية الحالية حيث وجد اثر تاريخي هام جميل وهو حجر كبير مستطيل حُفرت عليه نقوش لملاكين مجنحين في وضع طيران ويمسكان باكاليل من الاغصان والزهور وكلها ضمن اطار مزخرف وتحته كتابة بالخط الآرامي العبري جملة : " لذكرى الرابي العازر بن شيجور ( طوبيا ) باني هذه المضافة " وقد اكتشف هذا الاثر المرحوم المربي الياس حزوري عندما كان مستعملا في بناء سور لساحة دار المرحوم فايز إبراهيم حنا وعندما علم بوجوده المرحوم يتسحاق بن تزفي رئيس المجلس القومي في القدس . وقد ظهر من دراسته انه يعود إلى القرن الخامس الميلادي عندما كانت البلاد تحت الحكم الروماني البيزنطي ( مثل آثار تلحوم وبيت الفا وبيت شان وغيرها كثير وقد ذكره المؤرخ تزفي فيلني في كتابه دليل إسرائيل صفحة 544 مع صورته
الآثار من العهد البيزنطي يبدو ان الرامة كانت مدينة هامة في العصر الروماني المتأخر كما يظهر من آثارها الاخرى . ففي شرقيها بين الزيتون موقع يُدعى اليوم " خربة جول" وهو اسم روماني ربما كان مقرا لمعسكر روماني وقد اكتشف المرحوم الاستاذ الياس حزوري في مغارة هناك مقبرة على الطريقة الرومانية المسماة " كولو مباريوم " والتي معناها النقرات المحفورة في الصخر كأعشاش الحمام . وذلك لان اجساد الموتى كانت تُحرق ويوضع رمادها في حقر صغيرة في صخور جوانب الكهف . لكن أهم واكثر اثار العصر البيزنطي التي وُجدت في القسم الجنوبي المنخفض من الرامة القديمة وذلك عندما شُق الشارع العام إلى صفد لاول مرة في عهد الانتداب في موقع حواكير السقى والذي سجل كمنطقة اثرية مُنع فيها البناء . ايضا عندما شُق الشارع الجديد جنوبي الاول في سنة 1972 اكتشفت اثار كنيسة مسيحية كبيرة كما يظهر من اساسات اعمدتها الباقية ومن ارضيتها المرصعة بالفسيفساء المكونة باشكال حيوانات مختلفة وبقربها وُجدت اثار معصرة زيتون نُقل قسم من حجارتها إلى مدرسة ميرون ، اما الحفريات الحديثة والتي اشرف عليها د. باستيليوس سفيروس وطاليا شاء خبيران من دائرة الاثار الاسرائيلية وبتمويل دائرة الاشغال العامة فقد كشفت اثار حمام عمومي كبير على الطريقة الرومانية والتي انتشرت فيما بعد في البلاد الاسلامية امتد الحفر على رقعة مساحتها 45 × 25 مترا تقريبا . فظهر ان مدخل الحمام كان من ساحة مبلطة بالفسيفساء والغرفة الاولى كانت مزودة بمقاعد مبينة بالحجارة ومقصورة بالحجارة (كالقصات الحالية ) وبقرب هذه الغرفة ثلاث برك متجاورة مساحة اكبرها 9 × 6 امتار . ولكل بركة ثلاث فتحات في قاعها يدخل الماء منها ويرتفع بضغط المصدر الاعلى . اما ارضية البرك الثلاث فكانت مصنوعة من الفسيساء الملونة ويبدو ان ان القسم كان معدا للحمام البارد وبعدها وُجدت الغرفة الدافئة لخلع الملابس والتي كانت مدفأة بواسطة انابيب خزفية موضوعة في جدرانها ويمر فيها الهواء الساخن الاتي من جهة المسخن ( القمع ) وهناك يسخن الماء بنار الحطب . ثم يُسال إلى غرفة الاستحمام حيث الاحواض الخاصة بذلك . اما الماء المستعمل في الاستحمام البارد والساخن فكان يجري في انابيب خزفية سميكة وقوية مدفونة تحت سطح الارض وذلك من النبع القريب الواقع على تلة صغيرة إلى الشمال منه وهو عين الصرار الحالية . وتعود هذه الاثار كلها إلى القرن السادس الميلادي وتؤكد ان السكان اصبحوا مسيحيين
المرجح ان اكثرية سكان القرية صاروا من الطائفة الدرزية اثناء حكم فخر الدين المعني الثاني ( 1595 - 1635 م ) الذي سيطر على لبنان وقسم كبير من سوريا وفلسطين وقد زار الامير القرية عندما كان يتفقد انحاء امارته الواسعة كعادته وعندما كان يقصد الاستشفاء بمياه حمام طبريا المعدنية الحارة ( مع اهل بيته ) .وقد بنى هنا معصرة كبيرة للزيتون ومطحنه للقمح على نبع اسعيد القريب إلى الشرق كي يستفيد منهما .السكان ويُقال انه وهب ربع المطحنة للعائلة التي اضافته واكرمته
اثناء حكم الشيخ ظاهر العمر من آل زيدان واولاده نوابه في حكم الاجزاء المختلفة من الامارة الواسعة ( 1725 - 1775 م ) امر الشيخ علي الظاهر الذي كان حاكما على منطقة صفد بجر مياه نبع القسطل القريب في قرية الرامة إلى مدخلها الغربي في قناة مبنية بالحجر والكلس وتميل ميلا بسيطا حتى انساب الماء من مزراب جميل فوقه قنطرة سميت عين الشيخ . وعندما بنى السور المحيط ببيوت القرية لحمايتها من الاعداء واللصوص واحاطه بابراج للمراقبة والضبط جعل عين الماء داخله وبذلك اراح نساء القرية من التعب والمخاطر عندما كن يحملن الماء من نبع القسطل البعيد وفي اثناء الليل بعد الانشغال نهارا في الاعمال الزراعية كما بنى في القرية مسكن خاص لنائب الشيخ سُمي القصر ظل قائما حتى قبل سنوات وربما كان قائما منذ عهد الامير فخر الدين المعني وفيه كانت تقيم عائلته اثناء مرورها بقرية الرامة وانه كان ملكا لاحدى العائلات الدرزية وهي التي قدمته للامراء الذين اقاموا فيه. واذا اردنا التعرف على حدود الرامة ضمن السور المذكور نجدها : غربا عين الشيخ( قرب مقر المجلس المحلي الان ) وجنوبا عند بيت عائلة اسطفان القديم وشرقا عند دار وخان آل عبود ( ملك آل مشرقي حاليا ) وشمالا عند بيت آل قاسم وفراج القديم وهو قائم على عدة فناطر واعمدة وكان اوسع بيوت القرية
في هذه الفترة القصيرة ( 1832 - 1840 ) وقع الزلزال الهائل يوم الاحد الاول من كانون الثاني عام 1837 وكان مركز الزلزال في الجليل الشرقي فتهدمت البيوت القديمة الضعيفة ما عدا العقود والاقبية ومات تحت الانقاض عدد كبير من السكان كانت عددهم في صفد خمسة الاف من اصل عشرة الاف هم كل سكانها وفي طبريا هلك نحو 800 نسمة من اصل 2500 . وربما كان نسبة عدد الضحايا في القرى المجاورة للمدينتين اعلى بسبب ضعف قوة الابنية ولثقل التراب على سطوحها وهناك رواية شبه مؤكدة تقول ان لحظات اهتزاز الارض كانت ساعة وجود المسيحيين في الكنائس للصلاة هذا وان كثرة الضحايا ربما فسرت لنا سبب قلة افراد بعض الاسر القديمة في القرية اليوم وكان طبيعيا ان تعد بمئات الافراد . وقد افادت شهادة عيانية حفظت من الاجيال ان كنيسة الرامة لم تتهدم لذلك سلم الناس المصلون فيها