خرق محتمل لحقوق التأليف والنشر |
الأخ العزيز/الأخت العزيزة الذي قام بكتابة هذه المقالة. هنالك احتمال أن تكون المقالة التي وضعتها مخالفة (للأسف) لحقوق التأليف والنشر لأنها تبدو مشابهة بصورة غريبة للنص في المصدر التالي: |
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=10479 |
نحن نقدر جهودك لتنمية مقالات الموسوعة، وهو أمر نرغب أن يستمر ولكن لا يمكننا إبقاء مثل هذه المقالة في الموسوعة إلا إذا تم إثبات أنها من كتابتك أنت، أو على الأقل تم إثبات أن كاتبها لا يمانع بوضعها ضمن الموسوعة تحت رخصة جنو للوثائق الحرة. إذا كنت فعلا نسختها بدون أن تدرك هذه الإشكالية فلا مشكلة. يكفي أن تترك الصفحة كما هي وسيتم حذفها خلال أسبوع. إذا كنت أنت المؤلف الأصلي للمقالة، أو ترغب بكتابة مقالة بديلة فرجاء ضع ملاحظة في هذه الصفحة حتى يتم إيقاف عملية الحذف الآلي للمقالة (يرجى منك أن تكون مسجلا في الموسوعة حتى يتم التواصل معك، إذا لم تكن كذلك يرجى التسجيل قبل أن تضع ملاحظاتك في الصفحة المقررة لذلك). جملتان أو ثلاث جمل من تأليفك أنت أفضل من نسخ ألف صفحة. لا تقلق من عدم معرفتك بنظام الكتابة هنا، فقط حاول وسيقوم شخص ما بالتعديل والتدقيق خلفك. |
دخل المقال إلى نظام الحذف، لإيقاف الحذف انظر الشرح في الأعلى |
لماذا قمنا بوضع المقالة للحذف؟ |
|
هل أنت في أي مشكلة؟ |
أكيد لا، لا تقلق، ولا تدع اللون الأسود يرهبك (وضعناه فقط لجذب انتباهك). سواء تركت المقالة ليتم حذفها أو أخبرتنا برغبتك بكتابة مقالة بديلة، ففي الحالتين قمنا بحمايتك من أية ملاحقة. تذكر هدفنا هو خدمة الغير. من يدري قد تكون هذه الحادثة بداية صداقة طويلة بيننا وبينك، ويوما ما قد تكون أنت من بين طاقم الإداريين الذي يحمي باقي المساهمين. |
نبه المستخدم الذي قام بإضافة النص المشكلة للخرق |
كل ما عليك هو إضافة التالي لصفحة نقاشه: {{نسخ:تنبيه خرق|الدكتور أفنان القاسم}}--~~~~ |
حسنا القسم التالي خاص بنا، لعمل من اكتشف الخرق وقد قام به |
يرجى نسخ الجزء في الأسفل كاملا ثم فتح هذه الصفحة ولصقه داخلها. جدول الخرق الذي تحتوي مداخلة هذه المقالة: {{خرق/سجل|مصدر = http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=10479 |الدكتور أفنان القاسم|~~~|2008-6-7}} |
رؤية أدباء الانحطاط الجميل ادوارد سعيد
د. أفنان القاسم/باريس
كانت دهشتي كبيرة، وأنا أقرأ في مقدمة كمال أبي ديب لكتاب ادوارد سعيد "الإستشراق"، أن هذا الكتاب يمثل "جزءا من ثورة جديدة في الدراسات الإنسانية"، فعدا عن عدم التحديد العلمي لمصطلح "دراسات إنسانية" الذي لا معنى له إذ يجدر القول "دراسات العلوم الإنسانية" هناك مغالاة دأب عليها المستغربون العرب الذين كمال أبو ديب واحد منهم عندما يتعلق الأمر بزميل لهم يسلط الغرب الضوء عليه على الرغم من نقده الحاد له! ونجده يعزو هذه "الثورة الجديدة" إلى انتساب ادوارد سعيد إلى أعمال ميشيل فوكو، مثله الأعلى بالطبع كمستغرب، وهي لهذا "ثورة" و "جديدة"، على الرغم من أن هذا الكاتب الأميركي من أصل فلسطيني ينفي ذلك (ص 56)، وأن قراءة سريعة لكتابه تكفي للوقوف على الوضعية المنطقية كمنهج في التحليل إلى جانب استخدامه ـ هذا كل ما فعله ـ للمنطوقات عند فوكو، بمعنى للعلاقات التي تربط بين كتابة وكتابة، ندعوها ممارسات خطابية، لهذا الكاتب أو ذاك حول موضوع محدد هو هنا "الإستشراق" في فترة محددة. لا أريد أن أتمهل عند نرجسية كمال أبي ديب وتعاظمه كمترجم لكتاب "الإستشراق" عندما يلحق سيرته الذاتية بسيرة ادوارد سعيد ( لأول مرة في تاريخ الترجمة يسلط المترجم الضوء على أصله وفصله ماذا شغل وماذا فعل!) ولا إلى مقدمته التي يعيد فيها ما يقوله ادوارد سعيد ناسبا إياه لنفسه، فينتحل أفكار الكاتب الذي ترجمه ومواقفه بل يتماهى فيه، ولسان حاله يقول كل عظيم من ورائه عظيم! كما أنني لا أريد أن أدحض مفرداته مقابل مفردات رسخت في الوعي، فتشاطر، وغيّرها، وهمه على ما يبدو "الابتكار" (إنشاء بدلا من خطاب، جغراسي بدلا من جيوبوليتيكي، فو ـ سياسي بدلا من فوق ـ سياسي، اليهو ـ سيحية بدلا من اليهودية ـ المسيحية... الخ)، لكني لن أتردد عن تأكيد رداءة الترجمة، إنها الترجمة بالنسخ، أي شبه ترجمة لا ترجمة، فبدلا من أن يفسر معنى النص من أجل التعبير عنه، تمسّك بخصوصياته الشكلية، فأبهم، وأساء.
الإستشراق، ادوارد سعيد، لماذا؟ أنا الوحيد الذي استقبل كتاب هذا الشخص بحذر، ونظر بتحسب إلى شخصيته الفردية (ادعاء، خيلاء، عجرفة) والفكرية (من داخل الفكر السائد في الغرب وإن وقف على يساره). أنا الوحيد الذي رأى في هذا الكتاب الصادر سنة 1978 في نيويورك أداة دعائية في يد الغرب الرسمي، واحدة من أدواته، مهّد بها منذ ذلك الوقت البعيد، منذ ثلاثين سنة، لغزو الشرق ثقافيا فسياسيا وعسكريا (يصرخ الغرب الرسمي:نعم، هذا نحن، وهذا أنتم، تماما كما جاء في هذا الكتاب، وكما جاء في هذا الكتاب، نحن من ينتجكم، ونحن من يستهلككم). أنا الوحيد الذي كتب للمؤلف مفندا كل ما جاء في الكتاب دون أن أنال منه ردا بينما استجاب إلى دعوة سريعة من البيت الأبيض.
هناك استشراق واستشراق، استشراق سياسي يركز عليه ادوارد سعيد، واستشراق إنساني يشير اليه من وقت لوقت دون أن يعيره أدنى اهتمام، حتى أنه يذهب إلى حد "بتر الشرق والغرب بترا كاملا" ص 60، مطلب من المحال تحقيقه إلا في ذهن الكاتب حين يغيّب العلاقات الإنسانية الكونية التي من الطبيعي أن تفرض وجودها على العالمين. الإستشراق السياسي كما نفهمه نحن هو بالأحرى برنامج استعمارنا ككل برنامج استعماري آخر، الخصوصية الإستشراقية فيه التي يطرحها ادوارد سعيد ككارثة (يقول المصالح الكلية التي يكون فيها الشرق كمكان عجيب موضعا للنقاش ص 39) شيء طبيعي في هذا البرنامج لتركيعنا، وما عدا ذلك، فتفلسف يبقى يدور في مجال البنى الفوقية للمعرفة. أما الاستشراق الإنساني أو الاستعراب كما يحلو للمستشرقين الذين عرفتهم تسميته (جاك بيرك الذي ترجم القرآن أحسن ترجمة، أندريه ميكيل الذي كتب موسوعته عن الجغرافيين العرب لا كأي واحد من العرب وأبدع كما لم يبدع أحد، دانيال ريج صانع القواميس وحفيد سندباد الذي حلله كما حلل ودافع عن ابن باجة من قبله ولم يدخر وُسعا...)، وهذا الإستشراف الإستشراقي كما يحلو لي أن أسميه لدى كُتّاب عظام مثل خورخي لويس بورخيس، الأرجنتيني، ولكن الذي يعتبر نفسه الوارث الشرعي لألفي عام من الحضارة الغربية، والذي يرى في "ألف ليلة وليلة" أجمل عنوان لكتاب كتبه إنسان محاكيا إياه في كل كتاباته والغرب كله معه، يحاول الغرب الرسمي تهميشه إن لم يكن طمسه، وقد ساهم ادوارد سعيد في تهميشه وطمسه، باعترافه هو: "لكن، ختاما، ماذا عن بديل ما للإستشراق؟ هل هذا الكتاب منظومة تتخذ موقفا ضد شيء ما وحسب دون اتخاذ موقف لصالح شيء آخر إيجابي؟" ص 322 ويبرر لعدم البديل وانعدام الموقف حينما يعترف أن مشروعه جاء لوصف نظام معين من الأفكار لا لإزاحته وإحلال نظام جديد محله. وهذا بالضبط ما نريده، أن يرينا كيف يتم إحلال نظام جديد محل النظام الإمبريالي الاستهلاكي الذي لا الشرق وحده يعاني منه بما أن الشرق، العربي، عنصر واحد من عناصره، وعلى عكس ما يحاول هذا الكتاب إظهاره ص 39 لم تكتسب الثقافة الغربية المزيد من القوة ووضوح الهوية بوضع نفسها موضع التضاد مع الشرق باعتباره ذاتا بديلة، فالضعف الثقافي عام يعبر عنه في أقصى حالاته بؤسا ما يدعى بالتلفزيون المزبلة مقابل الإستشراق المزبلة في السياق الذي نحن فيه وغموض الهوية بل فقدانها بكل بساطة في عصر التجميع والعلمنة. إنه لا يرينا كما أنه لا يفحمنا ببدائل لا باستيهامات، الاستشراق واحد منها، فجاء وصفه أحاديا، وصف تملأه الكتب السابقة عليه، وكان التعميم منذ البداية ديدنَهُ، الغرب كتلة متراصة واحدة، والشرق كتلة متراصة واحدة. أنا لا يهمني كيف الشرق "شُرقن" من طرف الغرب أو كيف الشرق "شَرقن" نفسه ص 322، وإنما كيف كان الموقف الشرقي من الغرب ـ لا أقصد الإستغراب (كالإستشراق) كاستيهامات تختبئ من ورائها السلطة وقوة السلطة وقمعها ونهبها ونفوذها وعهرها باختصار أخطبوطيتها وإنما المقاومة. لهذا ـ أُلِحّ ـ هذا الكتاب هُلل له في الغرب لأنه يؤكد ما يريده شرقا، والناحية التي ربما تبدو نقدية فيه تنتمي إلى ديماغوجية مذهلة أو إلى نقد من داخل النظام الغربي الرسمي الذي لن يلبث أن يذهب إلى استيعاب كل ما هو "نقدي". وعلى شاكلة لين وجيب وماسينيون وغيرهم من المستشرقين كما يقول ادوارد سعيد نفسه ص 56 وص 291 نجده يعيد هنا إنتاج قرنين من الاستشراق في أقل من 400 صفحة مقدما بذلك سلطته المرجعية خدمة للسلطة المسيطرة في الغرب بشكل لا يصدق، وهو عندما يعتبر نفسه "موضوعا شرقيا" ص 58 فما هذا سوى ادعاء فاضح من طرف خريج هارفارد! الموضوع الشرقي هو الشعوب العربية الإسلامية المعذبة التي لم يتكلم عنها أبدا هذا الكتاب، عن آمالها، طموحاتها، إراداتها، وإن تكلم فعن طريق كليشيهات جاءت من الغرب مستهلكة. لا يكفي أن يقول درست "كغربي" ص 58 وكتبت "كشرقي" ص 58 ولكن كيف كتبت؟ النية شيء والواقع شيء آخر، مقاربته للموضوع وطريقة عرضه، وهذا راجع إلى وعي ادوارد سعيد وانتمائه الفكري المتردد بين إنسانوية مثالية ويساروية نخبوية، لهذا جاءت كتابته عن الشرق "استغرابية"، أي لموقع وموقف غربيين.
لنكن صريحين، أي موقف ننتظره من سلطة أيا كانت تجد نفسها في موقع القوة؟ اليوم الاستشراق الرسمي فيما يخصنا، والأمس "الاستعجام" الرسمي فيما يخص غيرنا، يبقى المشكل ذاته عندما يكون سياسيا دافعه الإخضاع والسيطرة، مع فروق جذرية فيما يخص الدولة العربية الإسلامية حينما دخلت الشعوب المغلوبة على أمرها الإسلام، وتماهت في مؤسساته، حتى أن هذا التماهي لم يكن دائما ضمانة الحاكم أمام الظلم، فقامت حركات اجتماعية سرعان ما تحولت إلى ثورات قومية قمعت بعنف. وفيما يخص الإستشراق الأمريكي اليوم باتجاهنا يمكننا أن نكتب عن "الإستهناد" أمس باتجاه الهنود الحمر، والاستهواد باتجاه اليهود قبل أن يحتلوا فلسطين ويحيلوا الفلسطينيين إلى يهود بعد أن اغتصبوا أرضهم وسلبوا هويتهم، والاستلمان فيما يخص الفرنسيين باتجاه ألمانيا أو الإستفرانس فيما يخص الألمان باتجاه فرنسا، حتى أن الصراعات في البلد الواحد مثل الجزائر يمكن أن تؤدي إلى الاستعراب فيما يخص البربر والاستبرار فيما يخص العرب، وحتى مع الحيوانات باتجاه بعضها هناك استذآب، استكلاب، استحما ر، بشيء من التخصص، أما الهدف الإيديولوجي، فسيظل واحدا: هيمنة طرف على طرف وتسلط الواحد على الآخر. ولنبتعد أكثر حينما نقول إن الغرب الرسمي يقوم بعملية استغراب هي من الخسة لم يسبق لها مثيل ضد شعوبه ليحسن إحكام قبضته عليها قبل أن يحكم قبضته علينا! "أنا أفكر فأنا إذاً موجود" قول ديكارت قد تحول إلى "أنا أفكر فأنا إذاً غير موجود"، دليل إعدام الإنسان في الغرب قبل الشرق للهيمنة على الشرق والغرب.
لمن كُتب هذا الكتاب؟ لحلقة المستشرقين الجدد ص 57، ادوارد سعيد يكتب لحلقة ومن داخل حلقة (اقرأ التنويهات والإهداء لإبراهيم أبي لغد وزوجته)، فلن تكون هناك بدائل ولا حلول وإنما تعميق الهوة بين الشرق مع ثرواته والغرب مع طمعه في هذه الثروات لا بترها ص 60 كما يتمنى الكاتب، لأن كتابه لم يمنع احتلال العراق، ولم يرفع إذلال الحكام النكرات العرب عن العرب، ولم يحرر فلسطين من الإستعمارين الإسرائيلي والعباسي، بل على العكس، استطاع الإستشراق السياسي تحويل القضية الفلسطينية من قضية تحرير إلى قضية شحادين! وسيأخذ الإستشراق كإيديولوجيا وبرنامج استعماري قديم جديد على عاتقه مهمة ذلك، طالما بقيت هناك مصالح اقتصادية وسياسية للطغمة في الغرب في هذا الشرق الذي "يرفل" في الإنحطاط.
ما هي الفائدة إذن التي جاء بها هذا الكتاب للشرق المضطهَد، للشرقي المستنزَف؟ صفر! للغرب السلطوي وللغربي الدائر في فلكه؟ كل الفائدة. كتاب لن يقرأه حتى نهايته عشرة أشخاص من عندنا، ولن يفهمه اثنان منا! بغض الطرف عن الترجمة الرديئة، ولربما بسبب صعوبته كانت الترجمة رديئة، فالحشد الهائل من الأسماء يديخ، ومئات المراجع تشل! وأنا أقرأه كنت أرى طلبته، وهم يقرأون عنه، ويلخصون له، وليس هذا عيبا، فكل أساتذة الجامعات الذين ليس لديهم وقت فراغ يلجأون إلى ذلك، وأنا أولهم، ولكن أن تذكر ألف مرجع ومرجع لا لشيء، وإنما لتبهر، وتقول عن نفسك "موسوعي"، فهذا مرفوض بل مذموم. أضف إلى ذلك تصدمنا "الجزالة" في نصه لدرجة نتساءل فيها عن فائدة كل تلك الجمل المتسلسلة التي لا تنتهي، كل ذلك الإطناب، الإسهاب، الإسهال، الإسترسال، التكرار، الفذلكة اللغوية، الفهلوة المفرداتية، الشعوذة الخطابية، حشد المعلومات، مجانيتها، وأحيانا سذاجتها، فماذا تنتظر من عدوك أن يقول عنك غير ما هو كاريكاتوري غرائبي وغريب؟ إنه يختار من النصوص ما يوافق أو بالأحرى ما يثبت أطروحته، النصوص الأكثر تقززا، ولا يترك النص يتكلم كما هو حاله عند فوكو بل يجعله يقول ما يريد هو قوله، فمثلا عندما يأتي بقول ماركس "إنهم عاجزون عن تمثيل أنفسهم، ينبغي أن بُمَثَّلوا" ص 54 "عن الشرق المسكين" ص 54 يشوه ماركس، ويحرّفه في هذا الموضع، لأنه لم يقل أن يمثلوا على الطريقة الأميركية (المحو الكلي لموضوع التمثيل والإحلال بالقوة محله)، في مفهوم ماركس جاء التمثيل هنا دفاعا عن مصالح الناس الحيوية وليس استغلالا لهذه المصالح من أجل مصلحة واحدة: الليبرالية الغربية. وفي معنى ادوارد سعيد، صحيح ما يقوله ماركس، لأن وراء هذا "الشرق المسكين" انحطاطا ألفيا ألغى الهوية إن لم يلغنا نحن بكل بساطة. إذن هناك رؤى للعالم ووعي بالواقع يختلف من واحد إلى آخر في الزمن الواحد وفي كل الأزمان، وهذا ليس عن الشرق فقط، وإنما عن كل شيء، وفيما يخص ليس الكاتب في الغرب فقط، وإنما كل كاتب. الشيء نفسه بخصوص الصور المنتزعة من سياقاتها لدى فلوبير ونيرفال وشاتوبريان "طريقة لوصف موقع المؤلف في نص ما بالنسبة للمادة الشرقية التي يكتب عنها" ص 53 بالطبع يخطئ حينما يقول "موقع" ولا يقول "موقف"، وكما قال عن ماركس يقول عن فلوبير الذي أعرفه تمام المعرفة، وكتبت "مدام ميرابيل" كما كتب "مدام بوفاري"، إنه لم يترك "محظيته المصرية التحدث عن نفسها أبدا، ولم تمثل مشاعرها، وحضورها، وتاريخها أبدا، بل قام هو بالحديث عنها، وبتمثيلها" ص 41 مدام بوفاري أيضا يتكلم باسمها، وأنا أتكلم باسم مدام ميرابيل التي هي فلسطين بالنسبة لي دون أن ألفظ بكلمة واحدة عن فلسطين، فهل يعني هذا أنه كان (أو أنني كنت) "أجنبيا ـ بالنسبة لها ـ وغنيا، وذكرا، وكانت هذه الخصائص حقائق تاريخية من حقائق السيطرة… والامتلاك… والتحدث باسم الآخر…" ص 41 إنها بالأحرى حقائق سردية تعود بكل بساطة إلى التيار الطبيعي في الرواية الذي ينتسب إليه فلوبير، وهذا الموقف الإيديولوجي ـ موقف فلوبير ـ من شخصيته أملته عليه الشخصية نفسها في نص غير برئ حقا، ولكنه لا يوجب التجريد أو التعميم المطلق في معناه، وخاصة لا يعطي حق التأويل للناقد من خارج النص المنقود، يطري أو يذم، يطري الياس خوري ككتابة منحطة تعيد إنتاج غسان كنفاني وأدب السبعينات أو ترقى بالخطاب السلطوي الذي يمثله ياسر عرفات إلى أعلى الدرجات، ويذم نيرفال حين اغتصابه للنص، ليضطر النص إلى قول ما يريد الناقد قوله خدمة لموضوعه، نيرفال في رحلته المشرقية حيث انصباب الحلم في الواقع والماضي في الحياة الحاضرة، والذي مهد لبودلير وللسريالية في سبرهما للاوعي. ومن جديد الأسماء، آلاف الأسماء، وكأنه يكتب لنفسه مستعرضا عضلاته المعرفية، أسماء مما تعرف وغالبا مما لا تعرف، ليصدمك "بموسوعيته" ويزدريك! وإذا ما وضعنا جانبا هذا التطام الشكلي في هذا الكتاب، التأويل لا التفنيد، الإسقاط لا التفسير، اللاسياق المعرفي للدلالة، البتر العضوي للقول، التدخل النسقي للكاتب، الكتابة كنوع من التسافد، ونظرنا إلى آلية رؤية ادوارد سعيد للعالم، فكره، منهجه، نجده ينفث في جثة الإستشراق نفسا جديدا، ويلبسه ثوبا جديدا ليعود إلى لعب الدور المعد له من داخل النظام السياسي الثقافي الإقتصادي التابع له، بمعنى أنه ـ كما يقول غرامشي المثل الأعلى الجمالي لإدوارد سعيد ص 49 ـ يعيد إنتاج الاستشراق، ويرقى بالخطاب الليبرالي الذي يمثله "اليسار" في الغرب إلى أعلى الدرجات. ونحن، عند مقاربتنا له، فمن موضع له في الثقافة الأمريكية، الإمبريالية المنتجة لأدبها، وأنا شخصيا كدارس له ولهذا الأدب، وليس كأي دارس، كدارس ينتمي إلى البنية الفكرية النقيض، يمكنني أن أرى في كتاباته ما لا يراه غيري، كتابات تلقي الضوء على نمط في الممارسة والتفكير. ادوارد سعيد لا يخرج عن السائد في الفكر الغربي، فيقوم "باستغراب" من حيث لا يدري يخدم مصالح الغرب الرسمي، وبسبب ذلك طبل الغرب لهذا الكتاب وزمر، واعتبره "الكتاب المقدس" للغرب عن الشرق!
الدكتور أفنان القاسم
أعمال الدكتور أفنان القاسم
الأعمال الروائية والقصصية
1) الأعشاش المهدومة مجموعة قصصية تاريخ الكتابة 1969 الطبعة العربية سناد الجزائر 1972 الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس أغسطس 2003 ترجمت بعض القصص إلى الإنجليزية والروسية والإسبانية والعبرية
خطوات أولى، كلمات أولى، الأعشاش المهدومة على صورة مؤلفها مجموعة بين عمرين، تستحضر أوجاعَ طفولةٍ ليست كغيرها، وتتطرق لمواضيع جسيمة يطبعها العنف واليأس. "الموت"، "الدم"، "الهامشيون"… والقصص الأخرى تجعل القارئ يغرق في بحر من الأسئلة الوجودية، فما حرب التحرير الجزائرية هنا إلا بمثابة الديكور، وما صراع الإنسان العربي إلا صراع الإنسان بكل بساطة. وبارتباطها الوثيق بالأدبين الروسي والوجودي، تجسد هذه القصص مسبقا الموضوعات التي سيرتادها أفنان القاسم على مدى مسيرته الأدبية: لا معقولية الشرط الإنساني، ومحاولات الإنسان التي غالبا ما تذهب سدى للإفلات منها. تحتل الأعشاش المهدومة مكانا مستقلا بين أعمال المؤلف بسبب تسلط فكرة الغوص في أعماق الكلمات عليه والتأثير في حساسيتنا لأجل أن نغير ربما من نظرتنا إلى العالم. وعلى غرار كامو الذي تستبر أعماله أيضا موضوعة العبث، يترك أفنان القاسم شخصياته لتجد ما ترتأيه من مخرج يكون في الإنتحار أحيانا.
2) الكناري رواية تاريخ الكتابة 1970 الطبعة العربية دار البشير عمان 1993 الطبعة الفرنسية تحت عنوان كناري القدس دار لارماطان باريس نوفمبر 2003
حزيران 1967، حرب الأيام الستة على وشك الوقوع، في القدس، من ناحيتيها اليهودية والعربية، في الجزائر، في القاهرة… حتى في باريس، الأمل والقلق مشبعان بالتصريحات الحربية والأغاني الوطنية التي يبثها الراديو دون توقف. من سيهاجم أولا إسرائيل أم الدول العربية؟ في الأيام السابقة لهذه الحرب المفتوحة كل الأوهام مسموح بها. ابتداء من 3 حزيران، يرسم أفنان القاسم، عبر عدد من الشخصيات الأخاذة، وقائع هذه الحرب المعلنة، والتي ستكون خاطفة. من بين هذه الشخصيات جنود مرتزقة، ناجون من الإبادة، علماء، ثوار، شبان، نازحون طوعيون أو مهجّرون بالقوة أو… كناري صامت غير قادر على الطيران. أحيانا، وهي على بعد مئات الكيلومترات الواحدة من الأخرى، تتقاسم هذه الشخصيات دون أن تعرف عدم الصبر، الشدة، وحلم الإنتصار الخرافي. ومن بين الأمنيات التي تمنتها كلها، أمنية واحدة ستتحقق: الحرب ستكون قصيرة، قصيرة جدا. في قلب هذه اللوحة المتشظاة، يضع أفنان القاسم الحب الذي ينحرف به من الحلم إلى الواقع الأشد قسوة، من البراءة إلى الممنوع العائلي والإجتماعي.
3) العجوز رواية تاريخ الكتابة 1971 الطبعة العربية وزارة الثقافة والفنون بغداد 1974 المطبعة العصرية الجزائر 1991 الطبعة الروسية دار التقدم موسكو 1976 الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس نوفمبر 2003 تقديم دانيال ريج
سادت العجوز النفوس والقلوب في أيام شبابها المنتصر ومجدها، وكل الأشياء لم تكن سوى رجاء ولامبالاة مبهجة. ثم جاء الزمن… زمن الحياة الضراء والحظ العاثر. تلك التي كانت جميلة الجميلات، الرازحة تحت ضربات قدر مشؤوم ودموي، لم تعد سوى هذه العجوز، وقد حكم عليها بالتجوال وسط الخراب والإنتظار، مسكونة بالأحلام والأمل، في انتظار معجزة من سيعيد إحياء الأيام السعيدة. ويبقى الكل من حولها سُجدا في الإنتظار ذاته، وعيونهم تلتفت إلى العظمة الماضية التي ما زالوا يرجون عودتها، وهم عاجزون عن انتزاع أنفسهم من الحلم… لكنها هي التي ستقرر أخيرا، وهي التي ستقود الحركة التي بموجبها ستحرر في النهاية القوى الجديدة القادرة على إخصاب حصادات المستقبل. السطور الأخيرة من الرواية تترك الأمل يتسلل… هذه هي الحكمة التي يقترحها أفنان القاسم في العجوز. رواية لها نبرة الحكاية الشعبية تارة وتارة نبرة التراجيديا الإغريقية، والتي تحكي لعنة شعب... وكما يقول البروفيسور دانيال ريج "يقترح أفنان القاسم علينا هنا عملا أصيلا في كليته وناجحا بالقدر ذاته في مضمونه الكوني بشكل عميق كما هو في هندسته المكثفة القائمة على حدث واحد دائر في زمن واحد ومكان واحد. ومن هذه الناحية، يلتقي هذا العمل بالأعمال الكلاسيكية".
4) إسكندر الجفناوي رواية تاريخ الكتابة 1972 الطبعة العربية دار النسر عمان 1995 تتبعها قصة ذكريات من بيت الموتى تاريخ الكتابة 2006 لم تصدر بالفرنسية
تروي هذه الرواية قصة حب خالد بين إسكندر الفلسطيني وفاطمة الأردنية ترقى إلى مستوى قصص الحب الكلاسيكية في الأدب العالمي، وتعرض استبسال الفدائي، وغضبه، واستشهاده، إلى جانب خيبته، وحلمه الضائع، ومطاردته لفراشة مات من أجلها، رغم أن ذلك يجري على بعد عشرات الكيلومترات من جِفنا، قرية إسكندر، في عمان، مسرح الأحداث عام 1970. هذا ولا يأتي نشر إسكندر الجفناوي اليوم لنكء الجراح، وإنما لتأكيد الوحدة الأبدية بين الشعبين، وللتعبير عن أسمى مشاعر المؤلف تجاه صديق طفولته الدكتور إسكندر عودة الذي استشهد في أميركا دفاعا عن قضيته الوطنية… بأسلوبه المشحون بالإنفعالات العميقة.
أما قصة ذكريات من بيت الموتى التي تحمل العنوان ذاته لرواية دوستويفسكي، فقد كتبها المؤلف عشر سنوات بعد الزيارة التي قام بها لبيت وصفي التل في عمان حيث تختلط الذكريات، ذكريات المؤلف والذكريات عن الرجل القوي في حرب 70، بعد أن توقف الوقت، ولم يبق إلا الفاجع الذي يملأ المكان، كفضاء للموت، واضعا إيانا وجها لوجه أمام أقدارنا.
5) الباشا رواية تاريخ الكتابة 1973 الطبعة العربية بغداد 1977 دار الكرمل عمان 1994 الطبعة الفرنسية تحت عنوان فلسطين عظمة ومصائب أرض ميعاد دار لارماطان باريس نوفمبر 2003
تعتبر رواية الباشا كرواية "الأرض" للشرقاوي من كلاسيكيات الأدب العربي، ويمكن اعتبارها أيضا من كلاسيكيات الأدب العالمي لما فيها من رجوع دائم غير مباشر إلى إميل زولا ومارجريت ميتشيل وعلى الخصوص لوتشينو فيسكونتي في "غروب الآلهة". ولكنها أولا وقبل كل شيء رواية الفاجعة الفلسطينية: كيف فعل الإنجليز لطرد الفلسطينيين من ديارهم عام 1948؟ وكيف كانت المكائد التي حاكها أعيان البلاد من الأرستقراطيين ولكن أيضا كبار الموظفين وكبار الفلاحين؟ وبكلام آخر، إنها رواية أولئك الذين أسقطوا فلسطين، وصنعوا نكبتها، تحكي لحظة غروبهم التاريخية تلك دون أن تُغفل لحظات أخرى نضالية لم تزل تشرق خالدة رغم كل محاولات طمس معالمها ومحوها. كل هذا في سرد ذي نبرات متعددة: سياسية، ملحمية، حلمية… كما ويتصدى المؤلف للقرية وللحياة في القرية بكل نضارتها وبساطتها، فالقرية أهم بطل من أبطال الرواية، إنها الفضاء "النموذج"، استوحاها أفنان القاسم من تكوّن الأحداث ومن فعلها في هذه الأحداث، وترك الحلم ليكون امتدادا لها رغم الكارثة وربما بسببها. وتتفرع عن ثيمة القرية ثيمة أخرى لا تقل عنها أهمية ألا وهي ثيمة الأرض-المرأة، الأرض-الحبيبة، ولمواجهة الخيانة، يرتسم الحب، حب المرأة أو حب الأرض، وكأن العالم يعود إلى أصوله، عندما لم يكن أحد يعرف الحرب، وكان السلام سيد الزمان.
6) الذئاب والزيتون مجموعة قصصية تاريخ الكتابة 1970-1974 الطبعة العربية الدار العربية للكتاب تونس/طرابلس الغرب 1983 الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس نوفمبر 2003 ترجمت بعض القصص إلى الإنجليزية والإسبانية والروسية والعبرية
عبر هذه القصص التي تتألف منها المجموعة، يكتب أفنان القاسم حياة الفلسطينيين في تنوعها اليومي غداة الإحتلال الإسرائيلي، فتتحرك الشخصيات البسيطة من خلال حالات لا أكثر منها بساطة، يكفي أن نذكر بعض العناوين: بعدما هدموا المخيم، عندما قتلت مجيدا بالخطأ رصاصة، فكرة شارلوت عنه قتلته، بيت الميعاد، كيف دافع أبو أيوب عن أرضه، المقهى، فاطمة، الحاج عمر، أبو رشيد… طبعا عالم المقاومة حاضر هنا تحت أساليب متباينة: واقعية، رمزية، سحرية، ملحمية… دون أن يغفل الكاتب الشخصيات اليهودية من الجندي المغتصب المجرم إلى الصحفي الرامي إلى حوار دون أفق مرورا بالعادي الذي يصبح مجرد وجوده مـأساة فردية. أخيرا، في القصة التي تحمل اسم المجموعة، يعود أفنان القاسم إلى قصة فرانز كافكا "بنات آوى وعرب" محاولا إصلاح الصورة المشوهة للشعب الفلسطيني التي جاءت فيها، لتاريخه، وللتاريخ العربي.
7) المسار رواية تاريخ الكتابة 1975 الطبعة العربية المؤسسة العربية بيروت 1981 الطبعة الفرنسية تحت عنوان مسار حلم ممنوع دار لارماطان باريس نوفمبر 2003
تعتبر هذه الرواية مع ثلاثية نجيب محفوظ إحدى أضخم روايتين كتبتا باللغة العربية، وهي تقرأ مثل رواية لبلزاك أو لهيجو، وتدفع إلى التفكير مثل "الأفكار" لباسكال أو "الأطعمة الأرضية" لجيد. بامتدادها بين حربي حزيران 67 وعمان 70، قبل الأولى والثانية بقليل، يغوص بنا السرد في الحياة اليومية لعرب ويهود ومسلمين ودروز ومسيحيين، دون أدنى علاقة هنا بمانوية الخطاب السياسي ولا بتبعيد المثقفين والمفاوضين الدوليين الذين عِبرهم تتشكل غالبا الفكرة التي يكوّنها الغرب عن الشرق، فروح ولحم البشر يعطيان لنا لنراهما بكل الرعب والعنف والآلام التي لهما، ولكن أيضا بظمأهما للحب والسلام وحاجتهما للجذور. عبر شخصية شعبان العملاقة، رمز من يدعون بعرب 48، ترمي المسار إلى تسجيل التضحيات الكبرى التي يقدمها هؤلاء من أجل الحفاظ على هويتهم والتشبث بأرضهم، ولكن أيضا إلى نقد حاد للصراعات الشفوية بين جيلين من الفلسطينيين وللأنظمة سواء أكانت عربية أم إسرائيلية. تدور المسار كفيلم أمام أعيننا في سلسلة من اللقطات السريعة المتطابقة أحيانا عندما تتطلب الحدة الدرامية ذلك أو توازي الحالات. هذا التقطيع في لقطات متقاطعة إضافة إلى تنوع النبرة والتوتر المتواصل، كل هذا يضفي على العمل قوة وفرادة. اللغة أيضا متنوعة تمضي بيسر من الحوار السوقي إلى التأمل النفسي، وهي غنية باستعاراتها وسجعها، شعرية بإيحاءاتها واختيارها للكلمات. وإذا ما كُتبت المسار من أجل موضوعة - الدفاع عن حرية شعب – تبدو هذه الرواية أولا وقبل كل شيء حكاية شريحة إنسانية، وبوصفها كذلك، تكتسي قيمة كونية.
8) الإغتراب قصرواية (بين القصص والرواية) تاريخ الكتابة 1974-1976 الطبعة العربية الدار العربية للكتاب تونس/طرابلس الغرب 1984 الطبعة الفرنسية تحت عنوان الغرباء دار لارماطان باريس نوفمبر 2003
في باريس شبحية تقتصر على ضبابها ومقاهيها، يتلاقى غرباء مسافرون أو منفيون فيما بينهم، هؤلاء هم غرباء أفنان القاسم: إنهم ليسوا مشردين ولا مهاجرين بل هم مستلبون ميتافيزيقيون، صاروا غرباء عن أنفسهم من فرط ما انتظروا اللحظة غير المحتملة التي يمكنهم فيها العودة إلى بلدهم. من هذا الإنتظار غير المحدد، المعلق، تُبنى أحلام النجاح المختلطة بالذكريات المُزّة عن حياتهم في فلسطين، وكذلك عن تطوافهم عبر العالم بحثا عن أرض تستقبلهم. حتى وهم يواجهون ذكرياتهم الخاصة، يعطي هؤلاء الغرباء دوما انطباعا بأنهم يقفون على بُعد منها بدهشة من عاش تلك الأحداث. يعقد أفنان القاسم حبكته ابتداء من هذه المسافة القائمة بين الحلم والحقيقة، وتحاول كل شخصية من الشخصيات أن تلعب معها. في النهاية، يبقى السؤال المعذِّب: من هم هؤلاء المغتربون حقا؟
9) الشوارع رواية تاريخ الكتابة 1977
الطبعة العربية دار ابن رشد بيروت 1977
الترجمة الفرنسية باريس 2004 لم تصدر بالفرنسية
"الروايات الناجحة في الأدب العربي قليلة، وهذه الرواية واحدة منها". د. فيصل دراج-دمشق
"استطاع الكاتب أن يوفق بين الكتابة الروائية والواقع، فنقلُ الصور لم يكن نقلا عشوائيا، بل استطاع أن يضع الصورة ضمن السياق العام لينفذ بها إلى التركيب الفني المقصود في الرواية". حسن الباش-دمشق
"كيف يمكن أن نفهم الزمن في الشوارع إذا لم نفهم إشاراته ورموزه أو بكلمة أخرى تمظهراته؟ وهذا السؤال يستدعي آخر… إذ هل الرواية تاريخ تسجيلي للموضوع الفلسطيني وحسب أم هي شيء آخر أيضا؟ وعودة لسؤالي الأول، ألا يكون العرس هو بالذات العلامة التي تقودنا لفهم الزمن في الرواية؟ ألا يكون هذا العرس الفلسطيني الذي تحول إلى مأساة باختطاف العريس "الفدائي" هو المنبئ الفعلي بما هو آت؟ هشام القروي-تونس
10) العصافير لا تموت من الجليد رواية تاريخ الكتابة 1978 الطبعة العربية دار الفارابي بيروت 1979 الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس يوليو 2003
كتب آراغون الذي أحب "العصافير لا تموت من الجليد"، وحال موته المفاجئ دون نشرها بالفرنسية في ذلك الزمن البعيد، كتب بخصوص روايته "الأحياء الجميلة" أنها "الجزء الثاني من شهادات طويلة آتي بها من بدايات حياتي إلى هذه الساعة من النضال التي لا أجد فيها نفسي تختلف عن ملايين الفرنسيين المطالبين بالخبز والسلام والحرية. وأنها تمهد لروايات أخرى تجعل منها روايات إشكالية هذه القرقعات الحادة في البيت القديم وأصوات المسدسات المعبأة في جيوب الظرفاء والصيحات القادمة للحرب الغريبة. ومع ذلك، يجدر بي هنا أن أحلم بالمستقبل حيث ستُكتب كتب لأناس مسالمين وأسياد لمصائرهم، وعليّ أن أعطي لهذه الكتب عنوانا عاما "العالم الحقيقي"، سيكون مستوحيا من ذكرى المناقشات الطويلة التي خضتها، ومن أعمال الغيم التي أتركها من ورائي". من هذا "العالم الحقيقي" ولدت العصافير لا تموت من الجليد، رواية المعارك الإجتماعية والإنسانية: إنها حكاية حي بيلفيل الشعبي في باريس، حكاية عصافيره وناسه من فقراء وبسطاء متواضعين لكنهم عظماء، قبل أن تهدمه الجرافات، وتحوله إلى ناطحات سحاب، وتزرع فيه ما يدعى اليوم "بالتشاينا تاون". فالرواية إذن تصف حيا لم يعد له وجود في باريس، من خلال شخصيات بسيطة، عربية وفرنسية وغير فرنسية، تسكن كلها في زقاق مفتوح على بعضه، ربط حياة ساكنيه بعضهم ببعض، وجعل المأساة تجمعهم كالفرح الذي كان يعبر الزقاق أحيانا. وكل ذلك مع خلفية سياسية، داخلية تتمثل بنضالات العمال في سنوات السبعين، وخارجية تتركز في انفجار الحرب اللبنانية. لقد حذف المؤلف الفصول الخاصة بهذه الحرب لينشرها في كتاب مستقل تحت عنوان "بيروت تل أبيب"، ومن الجدير ذكره أن العصافير لا تموت من الجليد قد حولها المغاربة إلى مسرحية مثلت في مراكش عام 1984، وقد قدمت حولها عدة أطروحات جامعية.
11) مدام حرب رواية تاريخ الكتابة 1979 الطبعة العربية المؤسسة العربية بيروت 1980 دار الأسوار عكا 1980 الطبعة الفرنسية تحت عنوان نابليونة دار لارماطان باريس يوليو 2003
يرى أفنان القاسم أن على الفلسفة كغذاء للروح ألا تقتصر على بعض المحظوظين من الناس، لهذا السبب، يكتب هذه الرواية التي تذهب بنا إلى بعض تأملات الفلاسفة الوجوديين مضيفا إليها ما يتفرد به من فكر خاص. مدام حرب هي الصاحبة المتنفذة لبيت دعارة، والتي تمتد بسيطرتها المستبدة حتى حدود بلد خيالي تغلب عليه شدة شتاء قاس. مدام حرب، دون أن تظهر أبدا، تُخضع لسلطتها كل شخصيات هذه الرواية، شخصيات قلقة، مهمشة، مغتربة، مطرودة من جنة تشبه الجحيم، يتصرفون كلهم كعبيد، ومع ذلك، دون خجل، بعضهم يبحث عن جوهره ليفهم وجوده بطريقة أفضل، فيصطدم كل فعل من أفعاله بهذه السلطة التي تترصده دون هوادة، وتكبله: حين إعاقة التعبير الفردي تصبح حرية الإختيار مثل حرية الفعل وهما من الأوهام. تجعل عبودية الضحايا منهم مذنبين، وتزيف المشاعر الكريمة التي لهم. انفعالاتهم، شهواتهم، أحلامهم، اشمئزازاتهم، وتخوفاتهم تصدر كلها عن عبث الشرط الإنساني الذي تختبئ السلطة خلفه مقابل لامبالاة الكون. يفلت الفارس الأسود رمز الأمل والثقة وحده – مقابل عدم اليقين وعدم التفاؤل اللذين يطريهما الفلاسفة الوجوديون – من الإستسلام للقوة اللامرئية، ولكن الحاضرة دوما، والتي تضيق الخناق عليه.
12) تراجيديات رواية تاريخ الكتابة 1987 الطبعة العربية المؤسسة العربية بيروت 1988 دار الأسوار عكا 1988 الطبعة الفرنسية تحت عنوان رحلات آدم دار لارماطان باريس نوفمبر 2003
بعد أن قطع كل عهود الإنسانية، يعود آدم إلى نقطة الإنطلاق ليبدأ رحلاته من جديد. خلال خمسين فصل تُبنى بها هذه الرواية، يدفع أفنان القاسم القارئ ليقتفي أثر بطله منذ طرده من الجنة إلى كابوس الأزمان الحاضرة الذي يعبر عنه صعود اليمين المتطرف. من قرطاج إلى باريس – هنا اسمها أورفيليس – مرورا ببغداد ومراكش، سرد الرحلات هذا يجعلنا نغوص في قلب قدر ذي وجوه متعددة لمجتمع البشر. نجد هنا عالم الكاتب الخاص جدا بمهارته في تطريز خيوط الواقع على حبكات خيال مجنح لاجئا في الوقت نفسه إلى الأساطير وإرث الذاكرة الجماعية أو فكر الكُتاب الكبار من أجل إنارة الفعل الإنساني بضوء لا تنازلات فيه ومع الأسف يحبل بالفاجعة. وهكذا تعيد تراجيدبات زيارة ملحمة جلجامش، الأوديسة، ألف ليلة وليلة، وفيها نقابل الملك لير لشكسبير أو النبي لجبران خليل جبران، كما نسمع من جديد أصوات باسكال، ديكارت، سارتر، رامبو، وآخرون. رواية سياسية، أنشودة بطولية، قصيدة نثرية، لا يمكن تحديد إلى أي منها تنتمي تراجيديات، لكن القارئ يترك نفسه طرفا في اللعبة السردية. كل سطر يتطلب في الواقع فكا لشيفرته، لنكتشف أن ما وراء الكلمات والشخصيات هنا حكايتنا الخاصة.
13) حلمحقيقي مجموعة قصصية تاريخ الكتابة 1983-1988 الطبعة العربية صدرت في "كتب وأسفار" الهيئة العربية العامة للكتاب القاهرة 1990 الطبعة الفرنسية تحت عنوان الرجل الذي يحول الكلمات إلى ماس دار لارماطان باريس نوفمبر 2003 ترجمت بعض القصص إلى الإنجليزية والإسبانية والروسية والعبرية
في حلمحقيقي (إدغام حلم وحقيقي) يقوم الكاتب بتقريب حقول من الوعي متطرفة: من قصة إلى أخرى، حالات قطع أو عبور تأتي لنقض النظام الساكن للواقع من أجل أن نلمح بُعدا مجهولا غير مكتَشفٍ بعد، لم يعد فيه للزمان والمكان تواصل: يختلط الماضي والحاضر في لحظة واحدة، والهنا والهناك ينتميان إلى فضاء واحد، والحلم والواقع إلى خيال واحد. هذه الصدف الميتافيزيقية هي أيضا أنصاب للطريق نحو الخلق. الحدس من مجال الذي يصعب وصفه، ويصعب التعبير عنه، يتبدل في صورة، والصورة بدورها تتشكل في كلمات، تحت خطر الغرق في الجنون أو الموت. كئيبة، قاسية، مُرة، تبدو كل قصص المجموعة، في غرابتها، وكأنها انتُزعت من اليأس لتؤلف نشيدا للجلاء العنيد.
14) كتب وأسفار قصرواية تاريخ الكتابة 1988 الطبعة العربية الهيئة العربية العامة للكتاب القاهرة 1990 الطبعة الفرنسية تحت عنوان كتب مقدسة مذكرات انتحاري دار لارماطان أكتوبر 2003
في 62 فصل قصير، يدير أفنان القاسم الخيط اللامرئي للألم والقلق، من العالم العائلي إلى عالم مجتمع بأسره، منذ أصوله الأسطورية إلى الهجمات الإنتحارية على إيقاع لازمةٍ ساحر تختلط فيها تمزقات وأضواء أمل. وإذا ما استدعى المؤلف إسحق، يعقوب، وإبراهيم، فمن أجل أن يندد بهؤلاء الذين، أمس كاليوم، يعملون على تشويه الميثات الدينية لغايات سياسية، مبررين بذلك ظمأهم في الحكم. ضحايا المنفى واليأس والحقد الذي تغذيه التلاعبات السياسية، شخصيات هذه الكتب والأسفار التي وُلد قسمها الأخير "كتب انتحارية" من حاجة المؤلف إلى تحليل موجات العنف التي تهز المنطقة خمسة عشر عاما بعد صدور الطبعة الأولى. مع كتب وأسفار، يوقّع أفنان القاسم قطعة أساسية من أعماله.
15) النقيض رواية تاريخ الكتابة 1989 الطبعة العربية اتحاد الكتاب العرب دمشق 1987 دار الكرمل عمان 1994 الطبعة الفرنسية الأولى دار بابيروس باريس 1983 تقديم أندريه ميكيل الطبعة الفرنسية الثانية تحت عنوان علي وريمي دار لارماطان باريس مايو 2003
النقيض هي التعبير الكامل عن تهجين طَموح لأساليب السرد والتعبير التي تمزج بين الأنواع الأدبية والثقافات في خليط جريء على مستوي الشكل والمضمون. هنا تم قطع الحدود بين الحلم والواقع، ولم تعد هناك حدود بين ماض وحاضر ومستقبل. لم تعد هناك حواجز بين الشخصيات، حقيقية أم مخترعة، حية أم ميتة، كما وتتألف الرواية من تراكب عدة أفلاك تبني الفضاء. يدور كل هذا التعقيد (يقول البروفيسور أندريه ميكيل "هذا الكتاب عبارة عن لغز واضح") حول حكاية شخصيتين إستعاريتين - الأولى يهودية فرنسية والثانية عربية فلسطينية – هما في الواقع شخصية واحدة، مزيج منهما، "أنا" مزدوجة ملقاة في أجواء جديدة ليست معروفة إلى الآن. باريس، مدينة حقيقية أو خيالية، مسرح الحدث. ولإعادة النظر في الماضي، وتخيل المستقبل، يلجأ المؤلف إلى الرموز المسألية للتجربة الإنسانية كابن سيناء ودوستويفسكي وستندال أو بارت، بورخيس يقرأ المستقبل، ماركس يقوم بنقده الذاتي، هيجو يتحول إلى تمثال… داعية للواقعية السحرية، أفنان القاسم يرفع إلى درجة عالية جدا الفانتازي والدرامي، الحاضرين بقوة في هذه الرواية، فاتحا بذلك حقلا واسعا جدا للتفكير، راميا إلى إلزام الإنسانية باسترداد حقها في عيش جمالها وحريتها. ومن وجهة النظر هذه، لدينا هنا رواية ترمي بنظرة عميقة جدا ليس فقط على شخصيتيها علي وريمي، ولكن أيضا على الإنسان بكل بساطة.
16) موسى وجولييت رواية تاريخ الكتابة 1990 الطبعة العربية دار قرطبة الدار البيضاء 1991 الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس حزيران 2003
مقتفيا آثار من اسمه موسى، يدخل القارئ في هذه الرواية كما يدخل في ألبوم صور يدعونا المؤلف إلى تقليب صفحاته. ولكن منذ الصفحات الأولى، تذهب بنا الدروب، المقترحة من أجل إعانتنا على أن نضع أسماء على الوجوه، الأماكن، والأزمان، إلى متاهٍ جهنميّ. أين نحن: على عتبة بيت مهجور في أقاصي حديقة مكتسحة بالعشب المجنون؟ في هدف بندقية؟ أم تحت حجارة الإنتفاضة؟ ومن هم: داوود وجالوت؟ المسيح ويهوذا؟ روميو وجولييت؟ الناجون من أوشفتز؟ الله؟ هل هذا مسرح، رواية، الواقع؟ يجب أن تركض حتى الكلمة الأخيرة لاهثا مبهورا مجروحا من أجل أن يتضح ما هو مُربِك في حقيقةٍ يذكرنا أفنان القاسم بها دون أن يكفينا سوادها، ولكنه يلوّح بها أيضا كدعوة للأمل. الفاجعة الفلسطينية ستجد نهايتها يوما، فيصل الناس إلى انتصار الحب بثمن باهظ من الدم والألم. لكن يكمن البرهان الجريء من طرف المؤلف فيما مزج من ملاحم الكتب المقدسة وأسطورة روميو وجولييت والفاجعة الفلسطينية، وفيما صاغ من شعر ومسرح ورواية وتحقيق صحفي ورسالة هجاء سياسية… يبقى للقارئ قبول أن يرى نفسه مدفوعا في زوبعة الأسئلة الواخزة، وبكل بساطة في متعة القراءة.
17) أربعون يوما بانتظار الرئيس رواية تاريخ الكتابة 1991 الطبعة العربية المطبعة العصرية الجزائر 1992 دار النسر عمان 1995 قرصنات عديدة رغم منع أبي عمار والإسرائيليين لها في القدس غزة عكا حيفا… الطبعة الفرنسية تحت عنوان كرنتينة في تونس دار لارماطان باريس مايو 2003
أكثر من مليون نسخة بيعت من هذه الرواية الأوتوبيوغرافية في فلسطين المحتلة (الضفة الغربية، غزة، إسرائيل) وفي العالم العربي (الجزائر، الأردن)، والتي هي ثمرة إقامة طويلة لأفنان القاسم قضاها في تونس سنة 1989 منتظرا ياسر عرفات دون جدوى. وبهذه المناسبة، وجد المؤلف نفسه مدفوعا إلى فتح عينيه بعد أن كان يملأ صدره حتى تلك اللحظات حماس أعمى سببه صورة عظمى للثورة الفلسطينية: خلال انتظار دام أربعين يوما اكتشف فيه الوجه الآخر "للثوار" الذين لجأوا إلى كل الوسائل في المناورة والتدليس ليعيقوا ذلك اللقاء، فكان محضر الضبط مروّعا: انتهازية، ديماغوجية، بيروقراطية، جنون عظمة، مساومة، لصوصية، اغتصاب، عهر، قمع، عمالة، احتقار كل شيء، وأول الأشياء المواطن، ظلم، خيانة، عبادة نقود، صراع على السلطة، وسلطة مطلقة. الوطنية كذبة، وهدف التحرير وهم. وتحت تجربة الضغط المهول الذي مارسه عليه هؤلاء "المناضلون" الأدعياء، أحس المؤلف ببؤس شعب كامل يخترقه، وهو ضد هذا البؤس يصرخ هنا معبرا عن سخطه. في هذه الصفحات، يكشف أفنان القاسم عن الوجه الخفي لتراجيديا وطنية مستوفيا آليات عمل سلطة فلسطينية من المستحيل إصلاحها، مما يتطلب تغييرا راديكاليا فوريا من أجل تحييد المكائد الضارة لكل كوادرها الفاسدين منذ عشرين، ثلاثين، إن لم يكن أربعين عاما، الذين لا يعملون إلا على تفاقم مصير الشعب الفلسطيني المحتل. هذا وبرفضه القاطع الكلي محاباة القمع الإسرائيلي ـ مهما صغرت هذه المحاباة ـ هذا القمع الذي ما كان أبدًا أكثر منه عنفا وإجراما، والذي ينبذه بقوة وحزم، يدعو أفنان القاسم، من أجل الشعب الفلسطيني، إلى مجيء طبقة حاكمة جديدة مستقيمة ونافذة البصر والبصيرة، قادرة على تنفيذ سياسة حازمة حكيمة تخرج المنطقة من المأزق الكلي الذي تحد نفسها اليوم محشورة فيه.
بعد صدور أربعون يوما بانتظار الرئيس في الجزائر، تلفنت ريموندا الطويل، حماة ياسر عرفات،
لأفنان القاسم كي تقول له بالحرف الواحد: "الرئيس زعلان منك، ولكنه يخبرك بأنه ديمقراطي!"، فهل سيبقى كذلك بعد نشر هذا الكتاب باللغة الفرنسية؟
18) لؤلؤة الإسكندرية رواية تاريخ الكتابة 1993 الطبعة العربية دار النسر عمان 1995 الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس يناير 2004
الغوص في قراءة هذه الرواية لهو ضرب من ضروب المغامرة المقتحمة للأهوال، الفتانة، الأخاذة، المؤثرة، حيث يمضي الزمن بهدوء ساعة بعد ساعة ويوما بعد يوم مرصَّعا بتلك الأشياء الصغيرة، أشياء الحياة، والتي تنسج خِفيةً المآسي الكبرى. ودون شعور منا، نزلق من حكاية عن عطلة عائلية عادية، مع كل ما تحمل من أحداث لا قيمة لها، إلى الأعماق المظلمة للتعاسة والنفوس المعذبة. نذهب من الضحك حتى البكاء إلى البكاء حتى الضحك، ودوما يكمن خلف بساطة بعض الوقائع شبح عنف لا يصدق يجتاح البشر من أجل امتحانها، فتنقذ نفسها مما هي فيه أو يجري سحقها. موت أم بعث؟ يتعايش الأول والثاني في هذه الرواية التي تتحرك فيها مجموعة من الشخصيات المتشابكة في عواطفها وأحداثها، والتي تذكّر في دوافعها الرمزية والنفسية ببعض الصفحات الهياجة لفولكنر. وفي اللحظة التي نظن فيها قد وصلنا أخيرا إلى ضفة الخلاص بعد أن قطعنا ما قطعنا من خطر مشؤوم، يوقعنا المؤلف في شرك هبوط موجع إلى مقر نفوس الموتى دافعا إيانا في انتفاضاتِ خاتمةٍ مأساوية ليست متوقعة. يرسم أفنان القاسم هنا بريشة جديرة بأستاذ جملة من الشخصيات والمشاعر والأحداث التي تم حبكها على شكل حكاية بسيطة، ولكنها في جذورها ترسخ أعمق ما يكون في عذابات الماضي. يترك الفصل الأخير القارئ أبكم دون صوت!
19) شارع الجاردنز رواية تاريخ الكتابة 1994 الطبعة العربية دار النسر عمان 1994 الطبعة الفرنسية تحت عنوان محمد الكريم نبي الماء دار لارماطان باريس مايو 2003
شارع الجاردنز أو رواية محمد خيري، سجين العراق، هذا المغامر المليء بالأسرار، الجموح، لهو في الوقت ذاته ألوف مثلما هو شامخ إلى حد الغرابة. أرض ميلاد، أرض استقبال، فلسطين، أردن، فرنسا، عربية سعودية، حديقة أو منتزه، شارع، شارع الجاردنز الشهير الذي أخذ اسمه عن كباريه لمحمد خيري، فهو قد صنع ثروة في بلاد الحجاز، أرض الطهارة، وفتح كباريه في عمان، فحقق ما يريده رجل حر يتحدى الزمن بإخضاعه لرغباته. عناد، إصرار: صورته التي يعارضها مع الإستسلام كمرادف للإنعدام. وتشهد حياته التي تخللتها فصول من هواه الجامح للنساء – علاقته مع أميرة سعودية، زواجه من أمريكية، زواجه من فلسطينية في نزاعها الأخير – على رفضه لوجود جامد. يعبّر محمد خيري عن هوس الحياة، ولكن أيضا عن تحدي منفيّ تدفعه برودة عالم يسوده الحقد إلى الفعل، وفي أقصى الحالات يختار التدله بحضور يملأ عليه حياته أو بصداقة تغمره بالدفء. عبر هذه الشخصية التي تمتزج فيها الجرأة بالمثابرة، ولكن أيضا الرخاصة بالوهم، يقدم المؤلف شهادة عن الحياة، وعما يمكن لها أن تكون من مرارة. ويعبُرُ تاريخ هذه الشخصية الرئيسية شارع التاريخ، ببعدها الميثي لحلم طويل مستمر: من إسحق، نبي الخصب والماء، تستمد بعدها مجسدة انتصار الخيالي على الرغم من مصيرها المأسوي، كما ويعبر تاريخ هذه الشخصية الرئيسية شارع تاريخ العلاقة غرب-شرق، وليس شرق-غرب كما جاء في "موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح، وقد قلبها أفنان القاسم لتقف على قدميها مثلما فعل من قبله ماركس بفلسفة هيجل المثالية، فأمدها ببعدها الصائب، وجعلها تمتد ببعدها القديم-الجديد. محمد خيري أو الغريب الأبدي عابر غير عادي: منفى، سجن، آلام، خيانات، حيل… حلم؟ حقيقة؟ لكل حقيقته…
20) أبو بكر الآشيّ رواية تتبعها الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون (نسخة جديدة لحي بن يقظان) تاريخ الكتابة 1995 لم تصدر بالعربية الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس حزيران 2003
بنيت رواية أبو بكر الآشيّ حسب لعبة المرايا عاكسة إلى ما لا نهاية تشبيك المتخيل بالحقيقي عبر مصائر بشر في بحثهم عن مطلق مقابل البربرية. في الواقع، أبو بكر بن طفيل (من مواليد وادي آش –اليوم كاديكس- بداية القرن الثاني عشر، توفي في مراكش عام 1185) فيلسوف، طبيب، وفلكي، وزير الموحدين. ترك حكاية "حي بن يقظان" التي استوحاها من حكاية هندية قديمة جدا رواها ابن سيناء، هذه الحكاية التي بطلها طفل ربته ظبية في جزيرة مهجورة عبارة عن تأمل ميتافيزيقي حول وسائل للتوفيق بين العقل والعقيدة. في المصراع الأول من هذا الكتاب، أبو بكر الآشيّ، يُعِد البطل تحت أنظار القارئ كتابة نسخة جديدة من هذه الحكاية، محكما حبكة هذه "الرواية في الرواية" تبعا للأحداث التي يعيشها. ويقوده سعيه الدائب في بحثه عن الحقيقة (في الواقع عن تاريخنا الحديث بساسته ورموزه وسياساته) من إسبانيا إلى الأردن ثم إلى المغرب ليعود من جديد إلى الأردن، حيث يفقده حب له مستحيل هناك عقله، معطيا بذلك بُعدا من الهلوسة والهذيان للحكاية التي يخرج بها من هذه التجربة. تشكل هذه الحكاية المصراع الثاني من هذا العمل، الحياة والوقائع الغريبة لجون روبنسون، والتي يجري الحديث فيها عن ضابط أميركي يذهب من حرب لحرب من أجل إنقاذ العالم وإرساء السلام والعدل، ولا يقلع عن ظمأه في القتال إلا على أبواب بغداد بعد أن اكتشف الحب، وهو يخوض غمار الحرب في جزيرة العرب، لتصبح المرأة العنصر المركزي للوجود وكينونة ما فوق الوجود، أيا كان الشكل الذي تتجلى تحته: حقيقيا أو وهميا، فتنغلق الدائرة السردية. إنه جواب أفنان القاسم على السؤال القديم قدم الفكر ذاته الذي طرحه ابن طفيل.
21) مدام ميرابيل رواية تاريخ الكتابة 1997 لم تصدر بالعربية الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس حزيران 2003
تروي مدام ميرابيل مصير امرأة طموحة لا تدفعها إلا قيم الثروة والسلطة فقط، والتي يتصف بها وسطها الإجتماعي في طفولتها. بعد زواج تقليدي مع أحد الأغنياء، تدور بعائلة زوجها الدوائر دافعة إياها إلى الطلاق، فتسقط من علياء وضعها الإجتماعي إلى درك عالم العمل حيث تعيش وابنتها على دخل هزيل لعاملة. ولكن بفضل عدة تحولات روائية، يبقى المؤلف صاحب السر فيها، سترقى من جديد إلى ما كانت عليه، وستحقق في التفاهة واللاجدوى ما عجزت مدام بوفاري عن تحقيقه إلى أن تقع على الحب الذي سيصل بها إلى حد التضحية. يجبل أفنان القاسم هنا شخصية ذات ألغاز قريبة من القلب، تعيدنا إلى كونية قصص الحب الكبرى المكتوبة بالدم والدمع، والمرصودة حتما لنهاية مأساوية.
22) الخيول حزينة دوما مجموعة قصصية تاريخ الكتابة الثانية 1998 الطبعة العربية تحت عنوان الوجود تاريخ الكتابة الأولى 1995 دار النسر عمان 1995 الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس حزيران 2003 كل قصص المجموعة تحولت إلى سيناريوهات
مع هذه القصص الخمسة التي تتشكل منها مجموعة الخيول حزينة دوما، يقيم أفنان القاسم الدليل مرة أخرى وأخرى على خصوبته في مادة الكتابة: غزارة المواضيع، الأشكال، المضامين، الديكورات، الأساليب، الكلمات… نمضي هنا من البولار إلى الملحمي مرورا بالشعري أو الثرلر الدموي… نمتطي جناح السفر من نيويورك إلى عمان مرورا بباريس أو لندن عبر حكايات شخصياتها الخلابة الألوان، من الصعب تمييز "الأخيار" من "الأشرار" بينها، الأبرياء من المذنبين، الحقيقيين من الزائفين، شخصيات تتوقف على من ينصب الشرك للآخر بشكل أفضل، وفي نهاية المطاف، يبدو أن قانونا يفرض نفسه: يسقط من يظن أنه أسقط غيره! ولكن قبل أن يتوصل القارئ، فيما يخص كل نص من هذه النصوص الممتعة، إلى فك العقدة المذهلة للحبكة، والوقوف على كلمة الختام، سيجد القارئ نفسه محمولا عبر الصفحات على أجنحة خيال مطلق العنان. سنقابل أناسا غريبة مخالفة للصواب تدور في حكايات شرسة، تشردية بالمعنى السيرفانتسي، مكتنفة بالأسرار، تحيلنا كلها إلى صور لا تغري لعالمنا.
23) باريس رواية الكتابة الأولى 1994 الكتابة الثانية 1998 الطبعة العربية للكتابة الأولى دار النسر عمان 1994 الطبعة الفرنسية للكتابة الثانية تحت عنوان باريس شنغاي والبُرغوث الإحيائي الإلكتروني السلطة المطلقة دار لارماطان باريس حزيران 2003
باريس شنغاي من بين الروايات العربية الأولى التي تنتمي إلى ميدان العلم الخيالي، والتي تدور وقائعها حول جنين تم صنعه في وسط اصطناعي ببرغوث إحيائي إلكتروني في الرأس، وبعد ذلك جرى زرعه في بطن شنغاي. من هذا التخصيب وُلدت بعد أربعة شهور ونصف بنت: باريس، وقد حباها هذا التخصيب بعقل متفوق في قوته وذكائه يمكن له التأثير في الناس والأشياء، وهي لهذا يريد كافة العلماء وضع يدهم عليها رغبة منهم في استخدامها من أجل تجارب لهم واستغلال قدراتها. لكن باريس عزمت على مواجهتهم. هذه الرواية التي ليست كغيرها من الروايات تذهب بنا إلى عالم خيالي يمتزج فيه العجيبي بالإستيهامي بالخارقي، وتُنسج الحبكة فيها على منوال ألف ليلة وليلة والرواية البوليسية والعلم الخيالي. توليد روائي وخيال مجنح يصلان إلى الذروة في رحلة لا تصدق تقوم بها باريس والراوي، رحلة تدور في صميم العقل، محط كل الأطماع: إنهم هؤلاء العلماء الذين يحاولون السيطرة عليها…
24) القمر الهاتك رواية تاريخ الكتابة القسم الأول للطبعة العربية 1990 و 1993القسم الثاني للطبعة الفرنسية 1999 الطبعة العربية الأولى والثانية دار الكرمل عمان 1990 و 1994 الطبعة الفرنسية تحت عنوان الجزائر ما كان يمكن أن تكون الجنة دار لارماطان باريس مايو 2003
يكتب أفنان القاسم الفاجعة الجزائرية منذ العصر المدعو ب"الإشتراكي" إلى يومنا هذا حيث تتواصل حرب الجنرالات. القمر الهاتك رواية المناورات التي تسبق في تلاعباتها كل خيال: منذ البداية، الجيش هو الكامن من وراء كل الأهوال التي غدت شبه يومية. كيف فعل الجنرالات من أجل نجاح خطتهم؟ لا يُصدَّق، لا يُتصوَّر ما يقوله المؤلف حين اقتراحه لسيناريو من بين أخرى ممكنة، طالما، في الحقيقة، كل شيء متوقع في هذا المستنقع. عند ذلك، تضاء أحداث مأساوية مثل تحويل طائرة ايرفرانس أو تفجرات محطة السان ميشيل أو أيضا اغتيال الرئيس بوضياف بضوء خاص. نغوص في أعماق التاريخ حيث يختلط الماضي بالحاضر، الحلم بالواقع، وحيث يعود إلى الظهور من جديد المتصارعون أيام الإحتلال الفرنسي في معركة الجزائر. عبر هذه الرواية المجازية غالبا التي تتعدد فيها قصص الحب والكراهية، الإخلاص والخيانة، وفيها تطغى رؤية هذيانية للرعب، يُدعى القارئ إلى فهم أكثر من أربعين عاما من الدماء والدموع، وإلى إلقاء نظرة صافية على ما يجري اليوم. تتحاب شخصيات الرواية، وتتمزق فيما بينها، ولكنها تبقى على حب بلدها، دون أن يمكنها التوصل إلى حفظه من المرامي "الشيطانية". ضحايا كانت، تصبح بدورها جلادة، وتنغلق الدائرة الجهنمية عليها وعلى من يحيط بها. يبقى الأمل الذي لا يتطلب أي نوع من التخيل.
25) ماري تذهب إلى بيلفيل رواية الكتابة الأولى 1999 لم تصدر بالعربية الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس 2003
في حي بيلفيل حيث تعيش كل الطوائف جنبا إلى جنب، تقرر زمرة من الأصدقاء (مغاربة، فرنسيون، أفارقة، آسيويون…) العيش يكل حرية، تدفعها أحلامها ورغباتها الأكثر جنونا. ما يجمعهم؟ زقاق مسدود. الصدفة والظروف تجعلهم ينجذبون من حول الرَّدب الذي لا يشبهه زقاق آخر. بعضهم يعيش فيه، وبعضهم ليس فيه سوى عابر، والكل يسعى إلى العيش بوئام في حي كل شيء ممكن عند أعتابه: المجانين هم أكثر العقلاء فهما، واللصوص هم أكثر المرشحين حظا للإنخراط في صفوف الشرطة، والقذرون هم أكثر الناس بطولة. في هذا الكرنفال الدائم، يبحث كل واحد عن حقيقته بغض الطرف عن كل مظهر في دوامة مرحة من الأحداث المضحكة أو المؤثرة. ماري تذهب إلى بيلفيل كوميديا اقتبست عن سيناريو كتبه أفنان القاسم.
26) بيروت تل أبيب كان يا ما كان في الشرق رواية تاريخ الكتابة 2000 لم تصدر بالعربية الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس مايو 2003
اعتمد أفنان القاسم عند كتابته لهذه الرواية على الفصول الخاصة بالحرب الأهلية في بيروت، الصادرة في روايته "العصافير لا تموت من الجليد"، بعد أن فصلها عن غيرها، وطورها. بيروت تل أبيب رواية مُسارِّية لقائد من قواد الثورة الفلسطينية، من مخيم تل الزعتر يخوض عبد السلام حربه بجذل، فمن هدم بيروت سيغدو ثريا بعد أن فاوض على حصته المقاولين الذين سيعيدون بناء المدينة. ولكن خلال مواجهته أهوال الحرب، تتأرجح حياته ببطء، في البداية جنون الحرب والكحول، وفي النهاية فقدان الذاكرة المحرر عندما لا يجيء الموت. يفتح عبد السلام عينيه غداة الحرب ليجد نفسه ضابطا في الجيش الإسرائيلي عليه أن يتعلم كل شيء، وسيتعلم الحب من بين ما سيتعلم، فهناك ساندرا، إسرائيلية من تل أبيب وقع في غرامها، وهناك ليا، أختها، التي يحبها أيضا. كلتاهما على شاكلة معضلته: إحداهما معادية للفلسطينيين والأخرى تدعمهم. أما هو، الكولونيل في الجيش الإسرائيلي، العذراء في ذاكرته، والمُدار في مرسح العرائس على يد كبار الضباط الإسرائيليين، فسينقذه مصيره. تعود ذاكرته إليه في الأراضي المحتلة، بعد أن وجد أمه التي تموت قتلا برصاص جنوده. الرجل بماضيه يمكن له من الآن فصاعدا التفكير في مستقبله، فيحلم حلما رائعا سيغدو سبب حياته: بلده وقد تحرر، وأبناؤه وقد كبروا فيه.
27) بستان الشلالات رواية الكتابة الأولى 2001 لم تصدر بالعربية الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس نوفمبر 2003
هذه الرواية المقتبسة من مسلسل تلفزي كتبه أفنان القاسم تجعلنا نغوص في تشابك ثلاثة أقدار، ثلاث نساء يقمن في عمارة "بستان الشلالات"، في ضواحي باريس، وعلى الرغم من كونهن جارات إلا أن الواحدة لا تعرف الأخرى. ولكن إذا ما عاشت كل منهن حياتها، فلهن جميعا الطموح ذاته، طموح يسعى إلى الصعود المرتبي والإعتراف الوظيفي. وبينما تختلف طبائعهن من واحدة لأخرى، وكذلك شخصياتهن، فهن يلجأن إلى السلاح ذاته لمواجهة دسائس الرجال. من حولهن فتيات يقمن بنفس التكتيك دون أن يعشن مع ذلك نفس الوحدة، وعجائز يعجزن عن الحيلولة دون الجنون. لدينا إذن لوحات رفيعة الألوان عديدة لنساء نشيطات في عالمٍ الرجالُ فيه ليسوا سوى استثمارات تافهة، لكنهم لا يتركون أي مكان لمستقبل مشرق. يقول آراغون "المرأة مستقبل الرجل"، فيرد عليه أفنان القاسم، حتى في هذا المنظور، يبقى المستقبل معتما.
28) فندق شارون رواية تاريخ الكتابة 2003 لم تصدر بالفرنسية الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس أغسطس 2003
هذه الرواية المقتبسة من سيناريو كتبه أفنان القاسم عبارة عن كوميديا خفيفة تدور حول موضوعات سبق للمؤلف أن تطرق لها في باقي أعماله مثل حماقة العنصرية أو دكتاتورية المظاهر أو قوة الفكاهة، ولكنها هنا أوسع وأعمق وأكثر جذرية. إنها حكاية فندق في تل أبيب، فندق شارون، المهدد بالإفلاس منذ أن تم بناء فندق شيراتون غير بعيد منه. تنعقد الحبكة من حول المنافسة بين شارون وشيراتون، والغلبة ستعود لشارون. صاحبا الفندق موسيو ومدام شارون لم يعودا يعرفان ما يفعلانه من أجل اجتذاب الزبائن، كذلك هما يعارضان بشراسة فكرة استقبال العرب، ومن جراء ذلك، لن يقدر بنسيونهم العائلي على التنافس مع فندق شيراتون الفخم. في اللحظة التي أخذا فيها بالإستسلام للأسوأ، بمعنى بيع الفندق، يعود الزبائن إلى المجيء عندهما بشكل غريب. مجموعة من الشخصيات الراقية الألوان التي ليس لها سوى فكرة واحدة في رأسها: قضاء عطلة تكون أمتع ما يمكن في تل أبيب… عندما يكون المرء عربيا، وليس مرغوبا به في كل الفنادق لأن لا جنحة له إلا سحنته "القذرة". وقليلا قليلا يبدأ السيد والسيدة شارون، وقد أصابهما الذهول، باكتشاف الهوية الحقيقية لزبائنهما، لكن سبق السيف العذل بعد أن أخذ صاحبا الفندق بعقد روابط حميمة مع أغلب زبائنهما. وفي نهاية المطاف، هؤلاء هم الذين سينقذون الفندق من ثأر المتطرفين اليهود والعرب على حد سواء.
29) عساكر رواية تاريخ الكتابة 2003 لم تصدر بالعربية الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس نوفمبر 2003
كيف يمكن للمرء ألا يعبّر عن الحرب التي وقعت في العراق؟ إنه السؤال الذي دفع أفنان القاسم لكتابة عساكر. بسبب أصوله الفلسطينية والتزاماته السياسية الماضية ومعارفه للعالم العربي لم يكن بإمكانه القعود أبدا في مكانه دون مبالاة، ولا الإكتفاء بموقف المتفرج من خارج اللعبة. إعطاء رؤيته الشخصية عن هذه الحرب، الرهانات الخاصة بها، تبعاتها، كل هذا كان للكاتب الذي هو بمثابة رد فعل عفوي. ولأن الموضوع يثيره إلى درجة الهيجان لم يختر الأشكال الكلاسيكية للدراسة أو للمقالة. عساكر هي كوميديا صارّة، الكاريكاتير والسخرية لا يوفران أحدا. كل "أبطال" الأزمة العراقية هم هنا، وهم يقومون بأداء أدوارهم الخاصة بهم. من البيت الأبيض إلى قصر الإليزيه مرورا بالكرملين، أفنان القاسم يذرع، بريشته اللاذعة، كواليس الدول، قبل انطلاق الحرب. الأيام السابقة لساعة الصفر تخيلها المؤلف عبر شخصيات ممراحة، فألقاها في حالات ماجنة يقوم على أساسها هذا "العالم الجميل" ولا يقعد في هيجان مشوب بالقلق والإرتباك. من مسرح الحياة هذا حيث الأقوياء يحركون كل خيوط اللعبة، ويلقون بالأعباء على كاهل التاريخ المعاصر، يحاكي المؤلف صورة ساخرة في توليفات تشكل أحد محركات النص الأساسية. بوصفه ملتزما، يترجم المؤلف آراءه الشخصية حول الصراع الأميركي-العربي عامة والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني خاصة، وذلك بفضح أدوار كل واحد من "أبطاله"، مظاهرهم ومواقفهم المنحرفة والمُسخِطة، للتنديد بممارساتهم السياسية. ويأخذ الكاريكاتير بعدا آخر مع الشخصيات النسائية، نساء أولى وملكات قويات تدير "الرقصة" بيد خفية لأسباب أقل سياسية من أسباب أزواجها. يسحب أفنان القاسم هنا خيوط أحداث خطيرة وساخنة تقترن فيها الغيرة بالجشع والإشتهاء، ليرسم منها لوحات غالبا ما تكون مضحكة. كُتبت بدافع الإلحاحية وفي وقت قياسي – أمر لا صلة له أبدا بعادات المؤلف – وبعلاقتها المباشرة مع الأحداث، تبدو عساكر كحالة إستثنائية في أعمال أفنان القاسم. هذه الوقائع المكثفة الهزلية لحرب معلنة هي علامة تعجب وقوس مفتوح في إصداراته باللغة الفرنسية.
الأعمال المسرحية
30) مأساة الثريا مسرحية تاريخ الكتابة 1976
الطبعة العربية عالم الكتب بيروت 1989
الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس أكتوبر 2003
مأساة الثريا هي المصراع الأول من ثلاثية "أم الجميع" المسرحية التي يعرض أفنان القاسم فيها لوجود عائلة فلسطينية مقتلعة، ممزقة، تتقاذف من حرب إلى حرب، ومن أمل إلى يأس. وتغطي هذه المسرحية الأولى المنفى الفلسطيني غداة النكبة عام 1948. أم الجميع، الأم، هي مرتكز هذه العائلة، هذه الثريا المتشظاة، التي فقدت في المأساة اثنين من أفرادها: الأب مات في المعركة، والإبنة، صفاء، بقيت في فلسطين. وبوصفها شخصية رمزية للثلاثية، نوعا من "أم شجاعة" فلسطينية، متسلطة غالبا وحنونة أحيانا، تسهر الأم على أبنائها الذين تبعوها في المنفى. وبعد ذلك، عندما يجسد كل واحد منهم على طريقته – من السلبية إلى المقاومة، من الخيانة إلى التضحية – الإختلاف في السلوك لمواجهة المأساة، تحاول إنقاذ ما يمكنها إنقاذه من العلاقات الأسروية. ولكن من يقول مأساة يقول قدرية! والحالة هذه، الإستحضار المجازي للنجوم، الحاضرة كليا في المسرحية ابتداء من عنوانها، يغذي فكرة أن هذه المـأساة الفلسطينية ليست فقط مأساة البشر والتاريخ. إنها تساهم بمصيرٍ ممهورٍ ما وراء مغامرات الإنسانية والعالم – "ما وراء المكان" كما يقول الشاويش راصد النجوم المولع بالسماوات السود -. لهذا لا يمكن للصراع أن يبقى منحصرا في دائرة الواقعي وحده، فتحاول الشخصيات، عبر السحر أو الطوطمية أو الكيمياء، التحكم بهذه القوى، كل واحدة على طريقتها، والبحث عن مهدي، عن مرشد، عن شخص قادر على انتزاع نفسه من سطوتها. وعند ذلك، تأخذ العودة إلى فلسطين، إلى تلك الأرض المستهامة، شكلا صوفيا لطريق جديد للصليب، حيث الأرض ليست أبدا أبعد من أن تكون الجحيم.
31) سقوط جوبيتر مسرحية تاريخ الكتابة 1977 الطبعة العربية عالم الكتب بيروت 1989 الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس أكتوبر 2003
في سقوط جوبيتر، المصراع الثاني من ثلاثية "أم الجميع" المسرحية، نلتقي من جديد بأم الجميع وأبنائها في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالأردن. عبر سرده لوقائع بسيطة عن نتف من الحياة اليومية، يتمكن أفنان القاسم من دفع القارئ إلى الغوص في جيشان المخيمات بداية السبعينات حين بدأت المقامة بتنظيم نفسها. ولكن إذا ما أهدى المؤلف مسرحيته لجان جينيه – أحب جان جينيه هذه المسرحية وأراد إخراجها – الذي يذكرنا بفدائيي كتابه "أسير عاشق"، فليست المقاومة المسلحة ما يهمه هنا، وإنما مقاومة الظل، "الصمود"، المقاومة التي تشحذ همة الشعب الفلسطيني. تجسد أم الجميع تلك القتالية ضد عدائية اليومي، وتلك القوة، قوة الأمل التي تدفع إلى البناء بعناد يوما بعد يوم. وهكذا، فإن جدران تلك المدرسة التي لا تتوقف عن الإنهيار يعاد بناؤها في الحال بلا كلل. الأسلحة، الجراح، الدماء، الحاضرة دوما، ولكن المبعَدة إلى هوامش المشهد، لا تظهر إلا بوصفها إطالة لذلك الوثوب الجماعي نحو الكرامة. مسرحية ذات فصل واحد، سقوط جوبيتر على الرغم من ذلك، وعبر لعبة كاملة من الإنمساخات، لهي عمل معقد. في نشيد الأمل هذا مع وضد كل شيء، الشخصيات مركز توتر دائم بين "خير" و "شر". الجنون مهدِّد في كل لحظة، بالقدر نفسه في الإنقلاب الكلاسيكي للأدوار بين العاهل والمهرج وفي ازدواج أم الجميع، أم ومليكة في الوقت ذاته. وفي المعادلة الشيزوفرينية لهذا النص، ليس العدو ذلك الآخر البعيد، المحصن خلف حدوده، العدو، إنه أولا وقبل كل شيء الأخ، الفرد الأكثر لباقة في هذه الإنمساخات، الإبن المعبود والمكروه في وقت واحد. ونستشف بيسر تحت سمات هذه الشخصية أو تلك صورة هذا السياسي أو ذاك، وخلف الإندحار النهائي شبح سبتمبر الأسود. لكن الكرامة المغلوبة على أمرها من طرف السلطة والطموح والغيرة ستنتصر على الرغم من كل شيء في مشهد كأنه خاتمة مهرجان على أضواء القنابل والحرائق، مخالفا بذلك ما ينصبه المسرح من حدود حوله، وحيث يجمع المؤلف بين شخصيتي بطلته في ازدواجها رمزا للوحدة المستعادة.
32) ابنة روما مسرحية تاريخ الكتابة 1978
الطبعة العربية عالم الكتب بيروت 1989 الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس أكتوبر 2003
في ابنة روما يتابع أفنان القاسم رسم مسار العائلة الفلسطينية التي تلقي بها السفن هذه المرة في لبنان، وتتجسد العلاقة المتناقضة بين الخيانة والحب، تلك العلاقة التي تربط الفلسطينيين بهذا البلد، في شخصيتين جديدتين، أبو أرز وفيروز الجبلية. ينتقل المشعل إلى الجيل التالي، وأم الجميع بوصفها مشاهدة وامرأة "منتَظَرة" تقول عدم فهمها لهذا "الزمن اللعين" حيث تنقلب القيم، وكل شيء ليس إلا وجهة نظر، حتى الموت ما هو إلا وجهة نظر. يعرف الجيل الجديد كيف يلعب على هذه التناقضات، وكيف يجد في إلحاحية زمن الحرب منفذا غير متوقع لرغائبه… لا تعرف فيروز الجبلية الحب إلا في ساحة القتال، ولا تقاتل في نهاية المطاف إلا لتحب بشكل أفضل. المصراع الأخير من ثلاثية "أم الجميع" المسرحية، ابنة روما لا تصل على الرغم من كل شيء إلى خاتمة، وتنغلق في عدم يقين اللحظة والذاتانية الأكثر كلية، عند فصل ما قبل أخير، باب مفتوح على مصير منفى متواصل إلى ما لا نهاية.
الأعمال النقدية
33) دفاعا عن الشعب الفلسطيني كيف ولماذا تمت فبركة ياسر عرفات؟ دراسة سياسية الكتابة الأولى 2003 لم تصدر بالعربية الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس يناير 2004
عندما ينبري أفنان القاسم للدفاع عن الشعب الفلسطيني يتفجر الغضب، كما هو عند كل ثائر، من تحت كل كلمة من كلماته. ونجده هنا يفكك واحدا واحدا دواليب الميكانيزم السياسي المؤدي إلى المأزق الذي يوجد فيه الشرق الأوسط اليوم. وهو لا يعيد ما تحاول وسائل الإعلام تقديمه لنا كل يوم، ولكن، اعتمادا منه على الحقائق التاريخية أو تجربته الشخصية، يعود إلى قلب الأحداث من أجل الكشف عن الغامض من محركاتها. إنه يفحص بوضوح لا يشوبه أدنى شك ماضي ياسر عرفات كي يقول لأي شيء كان هذا الشخص مرصودا. يتكلم المؤلف، عبر ثلاثة أقسام، قسم فلسطيني وآخر إسرائيلي وثالث فرنسي، عن الحرب كما يتكلم عن السلام، عن إسرائيل كما يتكلم عن فلسطين، ولنفهم بشكل أفضل لولبية اتفاقيات أوسلو، ينفذ في الإستراتيجية المتواطئة لعرفات كما في الفكر المهيمن لهرتزل. يناقش القضية الفلسطينية مع المتعاطفين الفرنسيين كما مع قبضة من المثقفين المساندين لإسرائيل. في الفصل الأخير "معركة من أجل الحياة"، يروي أفنان القاسم قصة والده – شخصية سياسية من الدرجة الأولى في زمنها – منذ منفاه الجبري غداة النكبة إلى يومنا هذا، في الجزائر، مكان منفاه المر.
34) خطتي للسلام الإتحاد بين الفلسطينيين والإسرائيليين دراسة سياسية تاريخ الكتابة 2004 لم تصدر بالعربية الطبعة الفرنسية دار لارماطان باريس أبريل 2004
في مكان ما من العالم، بقعة من بقاع الأرض ومنذ عشرات السنين مسرح لتراجيديا تطرح للمناقشة القيم الأساسية للإنسانية وبالقدر ذاته مستقبل المجتمع البشري بأسره. لا تتوقف هذه التراجيديا اليوم عن أن تكون موضوعا لمتاجرات سياسية لا تنتهي، تبدد الرهانات بشأنها، وتنأى بعيدا جدا عن الطموحات الحقيقية لأولئك الذين هم بيادقها. روائي من هذه البقعة التي يحبها، دفع أفنان القاسم إلى واجهة المشهد في عدة أعمال له، بحنو دائما وبغضب غالبا، هؤلاء الناس من عنده الذين يمكن لهم أن يكونوا ضحايا وجبابرة دواليك، من أجل أن يجعلنا نعرفهم، وأن يقول لنا ما يعيشون. أما اليوم، فهو يبتعد أكثر: متجاوزا القول الروائي، نجده يسعى في الدراسة الحالية إلى ربط منطقي للمشاعر والأفكار، من أجل دعوتنا إلى أن نرى تحت زاوية إنسانية خالصة ما يبدو، في عيني الرأي العام، كمسألة سياسية فقط. عندئذ يعارض بشجاعة الخطاب الرسمي بتفسير، نقطة نقطة، لما يبدو له ممكنا من جواب همه العدالة، والإحترام، واللياقة في وجه العذاب الإنساني.
35) برتقال يافا البنية الروائية لمصير الشعب الفلسطيني عند غسان كنفاني من البطل المنفي إلى البطل الثوري دراسة نقدية (دكتوراه الحلقة الثالثة) تاريخ الكتابة 1975 الطبعة العربية وزارة الثقافة والفنون بغداد 1978 دار الأسوار عكا 1979 لم تصدر بالفرنسية
36) البطل السلبي في القصة العربية المعاصرة دراسة نقدية (جزآن دكتوراه الدولة) تاريخ الكتابة 1983 الطبعة العربية للجزء الأول تحت عنوان عبد الرحمن مجيد الربيعي عالم الكتب بيروت 1984 لم تصدر بالفرنسية
37) موسم الهجرة إلى الشمال دراسة نقدية تاريخ الكتابة 1984 الطبعة العربية دار الجامعة الدار البيضاء 1984 لم تصدر بالفرنسية
38) مديح الظل العالي والملحمة الدرويشية دراسة نقدية تاريخ الكتابة 1984 الطبعة العربية عالم الكتب 1987 لم تصدر بالفرنسية
39) مقالات نقدية خاضعة للبنيوية تاريخ الكتابة 1985-1995 لم تصدر بالعربية لم تصدر بالفرنسية