هي جمعية ثقافية تم تأسيسها في الجزائر سنة 1990 بعد عقد عدة إجتماعات تأسيسية في نهاية 1988 و بداية 1989 توجت بإنعقاد الجمعية التأسيسية التي كان عدد أعضائها مائة و خمسة أعضاء، إنتخبت مجلس الجمعية و مكتبها و رئيسها الدكتور عثمان سعدي.
الغاية القصوى من اهداف الجمعية هي ترقية اللغة العربية في المجتمع الجزائري و جعلها أداة علمية فعالة قادرة على تجسيد متطلبات الحياة العصرية في مجال العلم و العمل و التعامل بجميع مظاهره، و تلك مهمة منصوص عليها في جميع المواثيق و الدساتير الجزائرية باعتبارها اللغة الرسمية للجزائر.
أصدرت الجمعية مجلة 'الكلمة' الناطقة بإسمها.
من المهم بمكان تتبع موقف الحركة الوطنية الجزائرية من قضية اللغة العربية. و القصد من موقف الحركة الوطنية هنا جهود الجزائريين طيلة الإحتلال في المطالبة بإحترام و تعلم اللغة العربية و الدفاع عنها و الإفتخار بها.سيتم في هذه الفقرة التركيز على تلك الجهود منذ ظهور المنظمات و الأحزاب التي أصبحت تمثل الجزائريين و تتكلم باسمهم في الوقت الذي انتشر فيه التعليم بالفرنسية بين الجزائريين أنفسهم.
سيتم تناول الموضوع على مرحلتين ، الأولى ما قبل 1919 و الثانية منذ هذا التّاريخ 1 .
حين وقع الإحتلال الفرنسي للجزائر كانت اللغة العربية هي لغة التعليم في المدارس و الزوايا و المساجد، و هي اللّغة الأدبية التي تؤلف بها الكتب و البحوث ، و هي أداة التعامل في المحاكم الشّرعية و المراسلات الرسمية ، و توثق بها عقود الأوقاف و المواريث ، و تكتب بها محاضر المداولات الإدارية و المنازعات في كل أنحاء القطر. و هي كذلك لغة الأدباء و الخطباء.و في نفس الوقت كانت اللّهجات العربية الدّارجة و اللّهجات البربرية مستعملة في الحياة اليومية بين المواطنين ، و لعل هناك من كان يكتب بهذه اللّهجة أو تلك بعض الرّسائل الإخبارية و المعلومات الشّخصية.
أما اللّغة التركية فقد كانت قليلة الإستعمال و محصورة الإنتشار ، و لا نكاد نجدها خارج الجزائر العاصمة، حتى بين الموظّفين العثمانيين في الأقاليم ، لعلاقتهم المباشرة مع المواطنين.أمّا في العاصمة فقد كانت اللّغة التركية مستعملة في مستويات إدارية كالمجلس الرّسمي (الديوان)، الذي كانت تسجّل فيه المحاضر بالعربية و التركية معا على أيدي الكتبة أو الخوجات ، و كانت التّرجمة هي وسيلة التبليغ بين الحاضرين إذا لزم الأمر.كما أنّ اللّغة التركية كانت مستعملة في ثكنات الجيش الإنكشاري بالخصوص ، لأنه جيش خليط و من مواليد الأناضول في معظمه.
و المعروف أنّ الحروف العربية هي التي كانت مستعملة سواء تعلق الأمر باللهجات الدّارجة أو باللّغة التركية .
وقد إعتمد الفرنسيون منذ اللّحظة الأولى للإحتلال على التّرجمة و على دراسة اللغة العربية لأنهم كانوا يعرفون أنهم بدون ذلك لا يمكنهم معرفة الجزائريين و لا النجاح في التعامل معهم و فرض سلطانهم عليهم. جاءت الحملة الفرنسية بمجموعة من المترجمين ، مدنيين و عسكريين ، و نشطت مدرسة اللّغات الشّرقية في باريس في تخريج المستعربين و إرسالهم إلى الجزائر، و تعامل المسؤولون الأوّلون مع يهود الجزائر كوسطاء في اللغة العربية، بل أنهم وظفوا جزائريين في مناصب بلدية ، قضائية ، إدارية و نحوها إمّا لكونهم يحسنون شيئا من الفرنسية إلى جانب العربية و إما لكونهم تابعين لمصالح تعرف العربية فيقدّمون إليها المعلومات و التقارير و هي بدورها تقوم بالتّرجمة و التّوصيل.
و من أوّل ما فكّر فيه الفرنسيون و وضعوه موضع التّنفيذ هو فرض تعلم اللغة العربية على الضباط و المسؤولين بالجزائر. فأنشؤوا لذلك كراسي للّغة العربية و وضعوا لذلك مناهج علمية و طبعوا كتبا تطبيقية و كافأوا المتفوقين في العربية منهم بتقديمهم على غيرهم عند الترشح للمناصب. و أوّل من شجّع على ذلك و جعله شرطا رسميا هو الماريشال بيجو نفسه.
و لكن هناك ملاحظتان تجب إبداؤهما على ما سبق، الأولى هي أن تعليم اللغة العربية للفرنسيين كان مقتصرا تقريبا على اللغة الدارجة بعد تعلم القواعد العامة للأبجدية و الجملة العربية، باستثناء المستعربين و أصحاب الإختصاص الذين لم يقتصروا على الدارجة بل درسوا علوم العربية و آدابها و تاريخ العرب و الإسلام.
أما الملاحظة الثانية فهي أن الفرنسيين كانوا مهتمين ب اللغة العربية باعتبارها هي لغة الشعب الجزائري الذي يعملون على استعماره و السيطرة عليه، و معرفة آدابه و تفكيره و ماضيه. و لذلك كان اهتمامهم مرتكزا على الجانب العملي من اللغة العربية ، سواء الفصحى أو الدارجة. ومن جهة أخرى كان الفرنسيون يعرفون أنهم بدراسة اللغة العربية يتمكنون من التغلغل أيضا داخل المجتمعات العربية و الإسلامية و الإستفادة منها تجاريا و اقتصاديا منافسة منهم ل الإنجليز و غيرهم.
و قد يسأل السائل إذن عن وضع اللغة العربية بين الجزائريين غداة الإحتلال، الواقع أن تعلمها قد تضرر كثيرا حتى كاد يمّحي. فبالقضاء على الأوقاف و هدم المساجد و المدارس و هجرة العلماء و المؤدبين و كثرة الحروب كاد التعلم ب اللغة العربية ينقرض. كما أن الفرنسيين اتبعوا سياسة التجهيل التي دامت سبعين سنة فلم ينشروا بين الجزائريين لا العربية و لا الفرنسية. و هم يدعون تارة أن الجزائريين لا يقبلون على المدارس خوفا من التنصير، و يزعمون تارة أخرى أن المال يعوزهم.و لعل أبرز الأسباب لسياسة التجهيل المعتمدة هو معاقبة الجزائريين على مقاومتهم المسلحة التي دامت، كما هو معروف، إلى ثورة بوعمامة في الثمانينيات من القرن التاسع عشر. كما أن الفرنسيين كانوا يخشون من أن التعليم عموما سيؤدي بالجزائريين إلى اليقظة و الإطلاع على أحوال العالم فتتكون من بينهم جماعات وأحزاب تطالب بالحقوق السياسية و تحارب الفرنسيين بأسلحتهم، كما وقع فعلا فيما بين الحربين.
و لكن هذه الصورة للتجهيل لم تكن ناجحة تماما. فقد بقي تعليم اللغة العربية عملية سرية يقوم بها الجزائريون في بيوتهم بالمدن، و في زواياهم في الريف و كان تعليمها متصلا اتصالا وثيقا بحفظ القرآن الكريم للبنين و البنات، و تعليم أولويات الدين الإسلامي. و قد تفطن الفرنسيون منذ العشرينية الأولى من احتلالهم للجزائر إلى خطورة هذه الظاهرة فأرادوا السيطرة عليها أيضا. و ذلك بإدخال اللغة الفرنسية إلى المدارس القرآنية على أن يتولى تدريسها هناك أحد المعلمين الفرنسيين. و هو الموقف الذي عارضه بشدة الشيخ مصطفى الكبابطي، مفتي مدينة الجزائر، سنة1843 و سانده المواطنون، فاستحق عليه التجريد من وظيفته و النفي من وطنه، متهما من إدارة الماريشال بيجو بالعصيان و المقاومة.
أما الزوايا الريفية فقد وضع الفرنسيون عليها أيديهم بالرقابة المستمرة على شيوخها و زوارها، و بضبط برنامجها فحيث لا يسمح لها إلا بتحفيظ القرآن الكريم دون تفسيره أو شرحه و دون تعليم لقواعد اللغة العربية، مع شرط أساسي آخر و هو أن تكون الزاوية غير خطرة على الفرنسيين و لم تشارك في إحدى الثورات ضدهم.
على أن هناك قناة أخرى بقيت العربية تعيش من خلالها و تومض منها و لم وميضا خافتا. و هي المدارس الحكومية الثلاث التي تأسست سنة 1850. و لقد تطورت إلى حد ما حتى أصبحت تعرف عند الجيل الحاضر باسم المدارس الفرنسية-الإسلامية. ذلك أن الفرنسيين احتاجوا في التعامل مع الجزائريين إلى موظفين في القضاء الإسلامي، و في الترجمة العسكرية و العدلية و حتى في التدريسباللغة العربية، فأسسوا المدارس المذكورة في نقاط ثلاث من القطر الجزائري و جعلوا عليها في البداية مديرين جزائريين و سمحوا بدخولها لعدد ضئيل من الجزائريين ـ حسب الحاجة الوظيفية ـ و لكنهم منذ التسعينيات من القرن التاسع عشر جعلوا إدارتها تحت مستشرقين فرنسيين بدعوى الإصلاح و التطوير. و قد أخرجت هذه المدارس الحكومية مع ذلك، وجوها بارزة في اللغة العربية زمن الإحتلال نذكر منهم إبن الموهوب و ابن بريهمات و ابن شنب و ابن سماية و الحفناوي و الكمال، و كلهم تخرجوا قبل الحرب العالمية الأولى. و هم الذين كان المؤرخون الفرنسيون يسمونهم بالنخبة التقليدية لأنهم لم يتخرجوا من الثانويات الفرنسية.
رغم أن حزب نجم شمال إفريقيا قد ولد في فرنسا فإنه اهتم باللغة العربية في الجزائر اهتماما واضحا. فلم تمض سنة على إمشائه حتى نادى في مطالبه التي قدمها بإسمه الحاج أحمد مصالي إلى مؤتمر بروكسل سنة 1927 بإنشاء المدارس باللغة العربية. و المعروف أن النجم قد حلته السلطات الإستعمارية الفرنسية سنة 1929 غداة الإحتفال المئوي بالإحتلال، ثم أعاد تنظيم نفسه سنة 1933 و هو ما يزال في فرنسا. و قد جاء في برنامجه الجديد الذي صاغه ووجهه للجزائريين بعد أن خرج منه التونسيين و المغاربة ما يلي:
المادة الثامنة: تعليم اللغة العربية تعليما إجباريا. و جاء في مادة أخرى من هذا البرنامج: اللغة الرسمية في البلاد هي اللغة العربية. و في مادة أخرى منه جاء فيها: التعليم سيكون مجانيا و إلزاميا في جميع مراحله، و سيكون باللغة العربية.
و قد تكون حزب الشعب الجزائري على أنقاض النجم سنة 1937 و أثناء مؤتمره العام الذي انعقد خلال أوت 1938 طالب حزب الشعب بما يلي حول اللغة العربية:
و قد سارت حركة إنتصار الحريات الديمقراطية التي تأسست سنة 1946 و التي هي في الواقع إستمرار لحزب الشعب الجزائري، على الأسس المذكورة بالنسبة للغة العربية. و كان هذا الحزب نفسه قد أنشأ سنة 1937 جريدة الشعب بالعربية في الجزائر إلى جانب الأمة التي كانت تصدر بالفرنسية في فرنسا. أما حركة الإنتصار فقد أسست بدورها صحفا باللغة العربية تابعة لها أو نوحي منها مثل المنار و المغرب العربي و صوت الجزائر، إلى جانب الجزائر الحرةالتي كانت تصدر بالفرنسية. فلم يأت نوفمبر سنة 1954 حتى كان أعضاء الحزب متشبعين بمبدأ المطالبة باللغة العربية كلغة وطنية و رسمية لالجزائر. ومن جهة أخرى أسس حزب الشعب مدارس حرة على غرار ما فعلت جمعية العلماء لتعليم اللغة العربية لأبناء الشعب الجزائري سيما منذ 1950.
أما جمعية العلماء المسلمين الجزائريين فممارسة تعليم اللغة العربية و المطالبة باحترامها و إنشاء الصحف بها و اعتبارها هي اللغة التي تعبر عن عن شخصية الجزائر، كلها من المبادئ الأساسية التي قامت عليها و تضمنها دستورها و خطب رجالها، و كانت مدار مدارسها و معلميها. و كان شعار جمعية العلماء المحفوظ لدى تلاميذها (الجزائر وطننا، و الإسلام ديننا، و العربية لغتنا). فلا غرابة إذا أن تقوم حركة إبن باديس أولا و جمعية العلماء ثانيا، على نشر و تقديس العربية حتى قال ابن باديس مقولته الشهيرة ( أقضي بياضي على العربية و الإسلام و أقضي سوادي عليهما ) أو ما في معناها. و مع ذلك نذكر أن المطالب التي قدمتها جمعية العلماء للمؤتمر الإسلامي (1936) و التي تبناها المؤتمرون جميعا (و فيهم النخبة و الشيوعيون و النواب) قامت على ما يلي بخصوص اللغة العربية:
وقد ظل ذلك هو شعار الجمعية و المطلب الرئيسي لها، بل و الممارسة الفعلية في الميدان، رغم العراقيل و الإضطهاد، فكان معهد ابن باديس و كانت العشرات من المدارس، و كانت الصحف و النوادي و الجمعيات التي تنشر العلم بالعربية في المدن و القرى إلى قيام الثورة التحريرية. و المعروف أنه قد أعيد تنظيم الجمعية سنة 1946، مثل كل الأحزاب و المنظمات الوطنية. و قد لاحظ أحد الكتاب أن اللافتة المعلقة في أول اجتماع لجمعية العلماء بعد الحرب العالمية الثانية كانت تقرأ كالتالي: (نريد حرية التعليم و الإعتراف باللغة العربية مثل الفرنسية). و قد قدمت جمعية العلماء بعد الحرب تقريرا مفصلا إلى السلطات الإستعمارية الفرنسية طالبت فيه بفصل الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية و جعل اللغة العربية لغة رسمية.
بوابة الجزائر تصفح مقالات ويكيبيديا المهتمة بالجزائر. |
بوابة الجزائر تصفح مقالات ويكيبيديا المهتمة بالجزائر. |