غالباً ما يوصف التطور (بالإنجليزية: Evolution) بأنه نظرية (بالإنجليزية: Theory) وحقيقة (بالإنجليزية: Fact). هذه العبارة أو ما يشابهها، تستخدم بشكلٍ متكرر في أدبيات علم الأحياء [1][2][3][4][5][6][7][8][9][10][11][12][13][14]. المقصد من هذه العبارة هو التفريق بين مفهوم "حقيقة التطور"، الذي يعني التغيرات الملحوظة في تجمعات العضيات الحية خلال الزمن، ومفهوم "نظرية التطور"، الذي يعني التفسير العلمي الحالي لكيفية حدوث هذه التغيرات.
"الحقيقة" | "النظرية" |
---|---|
"الحقيقة" في العلم هي المشاهدة (الملاحظة) | "النظرية" في العلم هي تفسير المشاهدة (الملاحظة) |
يستخدم العلماء العديد من المصطلحات التخصصية، والتي عادةً ما تشير إلى معاني كلمات شائعة غريبة على غير المختصين وبشكلٍ خاص:
إن تفحص شرح كلمتي "حقيقة" و "نظرية" في السياق العلمي يكشف مصدراً للالتباس عند مناقشة الجاذبية. يشار إلى الجاذبية على أنها "حقيقة" و"نظرية" في الوقت نفسه. الجاذبية "حقيقة" لأننا نستطيع ملاحظتها، والملاحظات هي "حقائق" في اللغة العلمية. الجاذبية أيضاً هو اسم شرح هذه الحقيقة والدلائل الأخرى أو الحقائق. والشرح العلمي يسمى "نظرية" في لغة العلم. لذلك الجاذبية هي "نظرية" كما أنها "حقيقة".
إن كلمة "الجاذبية" قد أطلقت على شيئين مختلفين، "نظرية" و "حقيقة" وقد يبدو ذلك مثيراً للالتباس ومراوغاً أن نطلق على الجاذبية "نظرية" و "حقيقة" في الوقت نفسه، ولكن ذلك دقيق. الجاذبية هي "حقيقة" قابلة للملاحظة. كيف ولماذا تسحب الجاذبية الأجسام هو موضوع نظرية الجاذبية. نظرية الجاذبية هي معرضة للبحث العلمي المتزمت، ويمكن أن يبدل "بنظرية" أخرى (أنظر تبديل النماذج أو الثورة العلمية). من الشائع أن يشار إلى نظرية الجاذبية المقبولة حالياً بنظرية الجاذبية. صلاحية عبارة "وجود الجاذبية" تبقى ثابتة، بغض النظر ما هي النظرية المقبولة على نحوٍ واسع، أو حتى إذا لم توجد أية نظرية في هذه اللحظة.
أمثلة على الاستيعاب الخاطئ لمفاهيم التطور.
الخطأ: نظرية التطور انهارت وتركها العلماء. الصواب: حدوث التطور لم يعد مجالاً للنقاش في الوسط العلمي، النقاش يتم حول آليات التطور فقط. هناك فرق كبير بين حدوث التطور وآليات حدوثه. كما أن علماء التاريخ عرفوا أن المصريين (وليس الفينيقيين) بنو الأهرامات قبل أن يكتشفوا الطريقة التي بنيت بها. وعدم معرفة طريقة بناء الأهرامات من قبل لا يدل على أن الأهرامات لم يبنيها المصريون.
الخطأ: التطور مجرد نظرية غير مثبتة. الصواب: المشكلة في فهم كلمة نظرية والخلط بينها وبين (فرضية) . الفرضية بمنتهى البساطة – هي أي شيء يتم فرضه لتفسير ظاهره ما، بناء على بعض المشاهدات المبدئية. وعلى هذا الأساس فالفرضية ليست صحيحة ولا خاطئة بل هي مطروحة للنقاش حتى يتم تأكيدها أو نفيها. والتطور بات غير مطروحا للنقاش في الأوساط العلمية. أي علم من العلوم يبدأ كفرضية ثم يتم إثباته فيتحول بالتبعية إلى "نظرية".
الخطأ: القول أن الإنسان أصله قرد. أو أن الإنسان تطور من شكل من أشكال القردة. الصواب: أن الإنسان والقرد من أصل مشترك... في الواقع فإن البشر والقردة مجموعتان من أجداد مشتركة انفصلتا وتكيفتا مع بيئتهما. والقردة الحالية هي أشكال متطورة كما هم البشر، الأصل نوع واحد منقرض حالياً، لكن البشر وبسبب أنانيتهم وتعصبهم لجنسهم – هذا هو السبب الرئيسي.. الفكرة الدينية في الخلق وآدم وحواء هي فقط أحد أعراض هذه الأنانية (المبررة طبعاً بسبب الرقي الدماغي والعقلي للبشر) ينفون هذه الفكرة... علم التطور يظهر أن أقرب الكائنات إلينا هم قردة الشمبانزي.. تأتي في المرتبة الثانية في القرابة (الغوريلا).
الخطأ: التطور يفسر نشأة الحياة على الأرض والخلية الأولى من المادة الغير حية وهو مرتبط بالصدفة. الصواب: التطور يفسر التنوع الحيوي للكائنات الحية. تفسير نشأة الحياة العلمي وموضوع الصدفة بحث آخر وعلم آخر يدعى علم نشأة الحياة (biogenesis) (ولو أنه مرتبط بالتطور).
الخطأ: الاعتقاد أن التطور يعني أن نجد اختلافا في الصفات الحيوية بشكل مباشر بين جيلين متلاحقين فقط (كأن نعتقد أن حيوانا زاحفا قد يولد بأجنحة, أو أن ضفدعا قد يلد سمكة.. الخ) الصواب: التطور عملية تحدث بشكل معقد ومتنوع وعلى مدار ملايين السنين لكننا في حياتنا اليومية نتعامل مع أحداث (سريعة نسبية) تجعلنا نخطئ عندما تختلف الأزمنة لذا فنحن مضطرون للتعامل مع تلك الأحداث بشكل علمي لا مجرد منطق يومي. ولا يمكن تطبيق آليات التطور على أحداث سريعة متجاهلين الزمن الطويل جدا التي جرت خلاله.
الخطأ: تطور الحياة منشأه الصدفة الصواب: الصدفة مجرد عامل في بعض آليات التطور، والتطفر العشوائي هو مصدر التنوع الجيني الكبير ، ثم إن الإنتقاء الطبيعي والذي هو أهم أجزاء التطور ليس حدثا عشوائيا أبداً.
الخطأ: التطور يقدم للأحياء ما تحتاجه لكي تستمر الصواب: الانتخاب الطبيعي آلية لا تأبه لحاجة الكائن الحي بل للتطفر والتغير الجيني في مورثاته (والتي تحدث كخطأ في النسخ الجيني ..الخ). وتفاعلها مع البيئة.
الخطأ: التطور فاشل لأن نظرية دارون ناقصة ولم تفسر العديد من الظواهر الحيوية. الصواب: المشكلة أن العامة ومعارضي التطور بشكل خاص أمسكوا بنظرية دارون واعتبروها الحقيقة المطلقة في التطور. فإن وجدوا نقصاً بها ألقوا بفكرة التطور كلها في الهواء.. طبعا هذه الطريقة الخاطئة في التفكير لم يعتمدونها في باقي النظريات العلمية لأن لا علاقة لها بشكل مباشر بمسلماتهم الدينية. لم نسمع أحداً يقول (نظرية نيوتن كانت بلا فائدة بسبب نقصها) بل يقول الكل ، (نظرية نيوتن خطوة هامة دفعت البشرية خطوة نحو الارتقاء العلمي). لم نسمع أحدا يقول (علوم الخوارزمي فشلت تماما لأنها لم تشمل كل أشكال الخوارزميات التي وصلت إليها الخوارزميات في عصرنا الحاضر)- بل يقولون الخوارزمي هو مؤسس علم الخوارزميات ونيوتن هو مؤسس علم الجاذبية... والأسس هي خطوة البداية. لكنهم بدلا من أن يقولوا أن دارون هو مؤسس علم التطور فإنهم يقولون (دارون لم يفسر كل شيء، لذا فإن كل ما بني على نظريته فاشل تماماً). إن أردنا التعامل بمنطقهم لسقطت كل العلوم البشرية التي نملكها الآن لأن مؤسسيها لم يقدموا النسخة النهائية عنها. التطور أو ما يدعى بالدارونية الحديثة New Darwinism هي النسخة المطورة المثبتة عن نظرية دارون كما أن النسبية التي قدمها اينشتين هي نسخة مطورة عن جاذبية نيوتن، وكما أن مبادئ برامج الكمبيوتر ومبادئ عملها وتسلسلها المنطقي هو نسخة مطورة عن الخوارزميات. أكبر الأخطاء هو النظر إلى نظرية دارون كغاية ونهاية لا وسيلة وبداية لفهم التطور.
الخطأ: النظرية فاشلة لأن هناك أنواعا لم تستطع آليات التطور تفسيرها بعد. الصواب: عندما أجد جثة إنسان تنقصا يد لا استطيع إنكار أن ما وجدته هو جثة إنسان، بل أقول (هذه جثة إنسان ناقصة وعلي أن أبحث عن اليد التي تنقصها). التطور فسر 90 بالمئة من أشكال الحياة على الأرض، والنسبة والبحوث في ازدياد. والعثور على أحافير وأدلة تكمل الحلقات الناقصة مسألة وقت. لا يمكنني افتراض أن الحلقات ليست موجودة بسبب عدم العثور على الجزء الناقص بها بعد. هذا نسف للبحث العلمي والمعرفي لا نجده في باقي العلوم - إلا في نظرية التطور.
الخطأ: التطور هو تقدم... والأحياء البدائية تطورت إلى أشكال حياة متقدمة، وتطورت من الكائنات الوحيدة الخلية إلى أكثر الكائنات تعقيدا. الصواب: كلام خاطئ جدا ويؤدي إلى فهم خاطئ جدا عن التطور، كل نوع من الأنواع هو شكل متغير وجديد من آبائه، كل نوع تكيف مع بيئته فقط، التطور أفضل ما يمكن وصفه أنه شجرة، أجداد الحوت الآن ليسوا موجودين على الأرض، الحوت شكل مختلف عن أجداده، وأجداد البشر الآن (وهم أجداد القردة) ليسوا موجودين الآن، بل البشر والقردة أشكال متطورة عن أجدادها، لا يوجد شكل من أشكال الحياة الآن يمكن أن ندعوه (شكل أدنى) أو (شكل أرقى) كل شكل متكيف مع بيئته تماماً.