الرئيسيةبحث

الإسكندرية الغارقة

المدينة السفلية أو الإسكندريَّة الغارقة أسماء تطلق على الاكتشافات الأثرية في أبي قير بعد ان تأكد للباحثين وجود آلاف القطع ذات القيمة الأثرية والتاريخية الفائقة. في مفتتح الستينيات من القرن المنقضي، وقع بمدينة الإسكندرية حادث غريب، إذ كان عروسان شابان بطريق عودتهما لبيتهما، يمرَّان بأحد شوارع المدينة الرئيسية، وفجأةً، التفت الشاب فلم يجد عروسه بجانبه؛ وكان بالأرض حفرة مظلمة، انحنى فوقها، وأخذ يصرخ، طالباً العون، لإنقاذ عروسه التي "ابتلعتها الحفرة"!.

وقد تصادف أن تلي هذا الحادث، أو عاصره، هوسٌ بالبحث عن قبر الإسكندر، وكان في مقدمة المهووسين "جرسون" يوناني، اسمه "ستيليو"، أخذ على عاتقه مهمة العثور على رفات جده، القائد المقدوني، مؤسس الإسكندرية؛ وأنفق في ذلك كل ما كان يملك، حتى توقف، أو لعله مات، إفلاساً أو يأساً. برغم خيبة أمله في العثور على قبر الجد – لم يكن يخرج خالي الوفاض.. كان يحصل على بقايا بيوت ومقابر قديمة، أو خزانات مياه رومانية، أو سراديب. وذلك يتفق مع خبرة أوربي آخر – فرنسي هذه المرة – هو الدكتور جان – إيف إمبرور، مؤسس مركز دراسات الإسكندرية، والذي ينقِّب منذ أكثر من عقد من الزمن، في عدة مواقع أرضية بوسط المدينة؛ وهو – أيضاً – يحلم بحل لغز أثري آخر هو منارة الإسكندرية القديمة.

يقول إمبرور، ملخِّصاً تلك الخبرة: عندما نبدأ عملية استكشاف، لا نكون على علم بما سنحصل عليه، ولكننا نكون واثقين من أن أي مكان نحفر فيه سنجد شيئاً! ، وفي بعض الأحيان، نحصل على أشياء بحالة جيدة.. أُحفر بأي مكان في الإسكندرية، وكن واثقاً من أنك لن تعود بيد خالية!

إن البحث عن المنار هو التحدِّي الأكبر لجان-إيف إمبرور، ولكنه ليس الفصل الوحيد في ملحمة "الآثار الغارقة" في الإسكندرية؛ فالامتداد الساحلي للإسكندرية السفلية، أو الجزء الغارق من المدينة القديمة، يمتد من أبي قير شرقاً، إلى أقصى غرب المدينة؛ بل إن ثمة بعثة أمريكية تستكشف الآثار الغارقة في مدينة مرسى مطروح؛ وهناك احتمالات كبيرة لوجود مدن أخرى، غارقةً، على طول الساحل الغربي للإسكندرية، من العجمي حتى مدينة السلوم الحدودية؛ يغذِّي هذه الاحتمالات وصف المؤرِّخ القديم استرابو لحوالي 28 مدينة ساحلية، كانت قائمة في هذا الشريط الساحلي. الأكثر من ذلك، أن نشاط تلك البعثة الأمريكية يمتد إلى مياه البحر الأحمر.

وهنا، تجدر الإشارة إلى أن هذا الثراء الأثري لا يميِّز الإسكندرية وحدها، فهو يمتد بطول السواحل العربية المتوسطية؛ وقد تمَّت اكتشافات أثرية بحرية في مواقع عربية أخرى، مثل ميناء صور بلبنان، وشرشل في الجزائر، وميناء أبولونيا في سوسة، وحطام السفينة الإغريقية، وحمولتها الثمينة من التماثيل والأعمدة الرخامية، من القرن الأول قبل الميلاد، والتي اكتُشِفت أمام المهدية، على الساحل التونسي، وانتُشِلت على مراحل، في الفترة من 1908 إلى 1954. وبصفة عامة، وكما يقرر الدكتور سليم أنطون، الأستاذ السابق بجامعة الإسكندرية، ورئيس قسم علوم البحار في منظمة اليونسكو، سابقاً، الذي يرى أن البحر المتوسط هو أعظم متاحف العالم وأغناها، بما ينتشر على قاعه من سفن قديمة، و بما يخفي تحت مياهه الساحلية من موانئ ومعابد وقصور، كانت تزخر بالنشاط، في عصور قديمة.

وسنستعرض ثلاث مواقع من الإسكندرية الغارقة: (1) في الميناء الشرقية؛ (2) وغير بعيد عنها، أمام قلعة قايتباي؛ (3) وأخيراً، في خليج أبي قير.

فهرس

منطقة آثار الميناء الشرقية

لقد توقف ذلك القائد المقدوني، قبل 23 قرناً، عند قرية مصرية على ساحل البحر المتوسط، هي "راقودة"، وأطلَّ على جزيرة صغيرة في مواجهتها، هي "فاروس"؛ والتمعت بذهنه صورة مدينة جديدة، فأمر مهندسيه بضم القرية والجزيرة معاً؛ فربط المهندسون بينهما بطريق ضيِّق، أطلقوا عليه اسم "الهيبتا ستاديوم"، وذلك لأن طوله كان سبعة "ستاديات"، أي ما يوازي 1200 متراً؛ وكان يقسم المياه أمام المدينة الجديدة – الإسكندرية – إلى حوضين: الميناء الشرقية، والميناء الغربية. وكانت الأولى هي الميناء الرئيسية، فهي التي تستقبل أهم السفن الحربية والتجارية، وتحيط بها القصور والحدائق والمباني الحكومية، فيما كان يُسمَّى بالحيِّ الملكي؛ وهذه المنطقة هي التي حكمت مصر لمدة 298 سنة، بدايةً بحكم بطليموس الأول، القائد المساعد للإسكندر الأكبر، الذي جاء معه إلى مصر، وعيَّنه أوَّل حاكم للإسكندرية؛ حتى كليوباترا السابعة، آخر ملوك البطالمة، وأشهرهم على الإطلاق؛ والتي انتهى حكمها بمعركة أكتيوم الشهيرة، سنة 30 ق.م.، حيث هزمها أوكتافيوس، وأصبحت مصر - بعدها - مستعمرة رومانية.

لقد كان ذلك الحي الملكي يشغل المنطقة الحالية، الممتدة من شارع النبي دانيال، حتى مقابر الشاطبي؛ ولم يكن مسموحاً لعامة الشعب بدخول هذا الحي، فكان الناس يقفون على ربوة عالية في منطقة "كوم الدكة"، ليتفرَّجوا على قصور حكَّامهم. ويظهر، في خريطة الميناء الشرقية، الجزء الساحلي المغمور من الحي الملكي، والذي اتَّضحت معالمه بعد عمليَّات المسح الأخيرة، التي قام بها باحثو إدارة الآثار الغارقة، التابعة لهيئة الآثار المصرية، في أكتوبر 1999. ويصف الأستاذ إبراهيم درويش، رئيس تلك الإدارة - أول مصري يتعلم الغوص ليدرس الآثار الغارقة - - يصف لنا ما رصده وزملاؤه الباحثون الغوَّاصون، في الميناء الشرقية، فيقول: في منطقة "رأس لوخياس" (الميناء الشرقي حالياً) وجدنا آثاراً لمجموعة من القصور البطلمية، كما وجدنا جزيرة أنتيرودس التي شيَّدت عليها كليوباترا قصرها – وبين الرأس والجزيرة، وهي مسافة قدرها 500 متراً، وتمتد، حالياً، من "جامع إبراهيم"، حتى فندق سيسيل، رصدنا ما لا يقل عن 5000 قطعة آثار، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المباني، ومنها أرضيات القصور الملكية، بالإضافة إلى أول مركب خشبية، يتم الحصول عليها كاملةً، في حوض البحر المتوسط، وهي من العصر الروماني، ويبلغ طولها 35 متراً، وعرضها ثمانية أمتار؛ وهي راقدةٌ الآن، على عمق خمسة أمتار، في الموقع المقابل لفندق سيسيل، في ميدان "محطة الرمل" الشهير، بالإسكندرية. كما رصد فريق البحثين ما يقرب من 1500 قطعة آثار متراصَّة، على جزيرة أنتيرودس، وموقعاً يُعتقَد أنه معبد للآلهة إيزيس وفيه أعمدة ضخمة، من نفس نوعية الأعمدة في معبد الأقصر. وأسفرت عمليات المسح، أيضاً، عن اكتشاف 17 تمثالاً غارقاً لـ أبي الهول، ومجموعة كبيرة من أواني النقل والتخزين الفخارية (أمفورات)، تشير إلى كِبر حجم حركة النقل والتجارة في المنطقة؛ وقد تكون دليلاً – ضمنياً – على وجود سفن أخرى، غارقة ومطمورة تحت رسوبيات القاع. كما رسم الأثريون المنطقة الساحلية المعروفة باسم "تيمونيوم" حيث شيَّدت كليوباترا "قصر التأمُّلات" لمارك أنطونيو!

وقد تمكَّن المشاركون الفرنسيون من التغلُّب على مشكلة فنيَّة اعترضت أعمال الكشف في الميناء الشرقية، إذ تطلَّب الأمر قراءة النقوش الأغريقية والهيروغليفية، المحفورة على الكتل والتماثيل الجرانيتية الغارقة؛ وقد تعذَّر ذلك، نظراً لصعوبة الرؤية في هذه المياه (لا يزيد مدى الرؤية، في أحسن الأحوال، عن متر ونصف المتر؛ فقد ظلَّت هذه المياه، لعشرات السنين، تستقبل مخلَّفات الصرف الصحي، دون معالجة، من 18 ماسورة صرف، على امتداد حوض الميناء الشرقية!). ولم تكن خطط العمل تتضمَّن انتشال هذه الكتل، التي تزن الواحدة منها عشرات الأطنان. وجاء الفرنسيون بمادة كيماوية، توضع فوق النقوش؛ وبالضغط عليها، تتحوَّل إلى مادة ذات طبيعة جلدية، وقد انطبعت عليها النقوش. وبهذه الطريقة، تيسَّر الحصول على نقوش الكتل الضخمة الغارقة؛ وأُرسِلت إلى علماء في السوربون، حيث تُرجِمت؛ وإن كانت الترجمة شابها بعض الأخطاء التي اكتشفها الأثريون المصريون، وصححوها.

الجدير بالذكر، أن بعثة أمريكية قد بدأت العمل، في صيف عام 2000 ، مُسْتخدمةً أجهزة حديثةً، لرسم خريطة كاملة ودقيقة لكل الآثار الغارقة، بالميناء الشرقية.

الجدير بالذكر، أيضاً، أن إدارة الآثار الغارقة لديها خطط طموحة لعرض آثار الميناء الشرقية الغارقة، واستغلالها سياحياً، مع الآثار المجاورة عند قلعة قايتباي؛ وتعد الإدارة مشروعاً سياحياً تنموياً متكاملاً، فلا يكفي – كما يقول رئيس الإدارة – ولا يصح التفكير في اتجاه الاستغلال السياحي وحده، بل يجب أن يكون ذلك من خلال خطط أخرى مكمِّلة، لتنمية منطقة الميناء الشرقية اجتماعياً واقتصادياً وبيئياً. وكانت أول خطوة في الإعداد لهذا المشروع، تنظيم حلقة تدارس لهذا الغرض، في نوفمبر 1999 ، بمشاركة خبراء من الجامعة، ومراكز البحث العلمي، وممثلين من الجهات الإدارية المتَّصلة بهذا الشأن.

مشروع متحف تحت الماء

والواقع، أن منطقتي الميناء الشرقية وقايتباي من أهم المعالم السياحية والترفيهية والاقتصادية بالإسكندرية؛ إذ تقع حولهما تجمُّعات سكنية كبيرة، تضمُّ المناطق التجارية الرئيسية بالمدينة، بالإضافة إلى وجود عدد من الأندية الاجتماعية والرياضية بهما. وقد ازدادت أهمية المنطقتين، بعد اكتشاف الآثار المغمورة بهما، وظهور فكرة إنشاء متحف عالمي تحت الماء، لعرض هذه الآثار.

ويوضِّح الدكتور محمد ضرغام، أستاذ علوم البحار بجامعة الإسكندرية، أن مثل هذا المتحف يحتاج إضاءةً قويَّةً لمساعدة مرتاديه الغائصين على الرؤية الواضحة للآثار الغارقة، بحيث لا تؤثِّر هذه الإضاءة على البيئة البحرية. ويدخل بنا الأستاذ الدكتور حسن البنَّا، أستاذ الكيمياء البحرية بكلية العلوم، جامعة الإسكندرية، وأحد المهتمين بالآثار الغارقة في المدينة.. يدخل بنا إلى عمق المشكلة التي تواجه إقامة متحف مائي في أي من المنطقتين، فيقول إنه، حتى لو تمَّ الإغلاق الكامل لمصبَّات مياه الصرف الصحِّي، فإن احتمال استمرار فساد نوعية المياه في المنطقتين يظلُّ قائماً لفترة من الزمن. والسبب؟.. آلاف الأطنان من الرسوبيات المحمَّلة بالملوِّثات، والمتراكمة فوق قاع البحر، على مدى السنوات الأربعين الماضية. ويطالب الدكتور البنَّا بمزيد من الدراسات الكيميائية والبيولوجية للمياه في المنطقتين، قبل الموافقة على أي مشروع لإقامة المتحف المأمول.

وبالرغم من هذه التعقيدات المحيِّرة، فإن عدداً من المشروعات قد تقدَّم به مستثمرون محلِّيون وأجانب؛ منها مشروع تقدَّم به أصحاب بيت الأزياء الفرنسي بيير كاردان، وتكلفته 220 مليون دولار، لإقامة مؤسسة سياحية في الميناء الشرقية، بجوار نادي "الكشَّافة البحرية"، عبارة عن مبنى يمتد في العمق لستة أمتار، ويرتفع ثلاثة أمتار، بالإضافة إلى منار يُضاء بالليزر. وثمَّة مشروع بلجيكي، عبارة عن مركب دوَّارة، على شكل نجمة، عرضها 80 متراً، تُضاء بالليزر، وكل جناح من التشكيل النجمي، يؤدِّي وظيفة خاصةً (مكتبة – مطعم – محلاَّت صغيرة.. الخ). أمَّا أغرب المشروعات، فهو إيطالي، ويفكَّر أصحابه في "تفريغ" وتجفيف الميناء الشرقية، وتحويل الآثار الغارقة إلى آثار برِّيَّة!

وقد اشتملت حلقة التدارُس، الخاصة بمشروع متحف الآثار الغارقة، دراسة جيو فيزيقية، اعتمدت على نموذج رياضي، أوضحت أن تكرارية حدوث زلازل قوية (6,3 إلى 7,6 درجة، بمقياس ريختر)، هي 8 مرَّاتٍ لكل 900 سنة؛ وأن منطقة الآثار الغارقة بالإسكندرية قد تأثَّرت بحوالي 80 زلزالاً، منذ عام 251 م.، حتى الآن؛ وقد تراوحت شدتها بين 4 و 8 درجات؛ ومنها زلزال عام 1303 ، الذي هدم منار الإسكندرية.


منطقة آثار قلعة قايتباي

منار الإسكندرية

الثابت تاريخياً أن منار الإسكندرية، الذي كان من عجائب الدنيا السبع، قد أُنشئ عام 280 ق.م.، في عصر بطليموس الثاني؛ وقد بناه المعماري الأغريقي سوستراتوس؛ وكان طوله ، البالغ مائةً وعشرين متراً، يجعله أعلى بنايةً في عصره. ويقال أن قلعة قايتباي قد أقيمت في موقع المنار، وعلى أنقاضه. وقد وصف المسعودي، في عام 944 م، المنار وصفاً أميناً، وقدَّر ارتفاعه بحوالي 230 ذراعاً. وقد حدث زلزال 1303 في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، فضرب شرق البحر المتوسط، ودمر حصون الإسكندرية وأسوارها ومنارها. وقد وصف المقريزي، في خططه، ما أصاب المدينة من دمار، وذكرَ أن الأمير ركن الدين بيبرس الجشنكير قد عمَّر المنار، أي رمَّمه، في عام 703 هـ. وبعد ذلك الزلزال المدمر بنصف قرن، زار ابن بطوطة الإسكندرية، في رحلته الثانية، عام 1350 م.، وكتب يقول: "وقصدتُ المنار، عند عودتي إلى بلاد المغرب، فوجدته قد استولى عليه الخراب، بحيث لا يمكن دخوله ولا الصعود إليه؛ وكان الملك الناصر – رحمه الله – شرع في بناء منار بإزائه، فعاقه الموت عن إتمامه". ويروي المؤرِّخ المصري ابن إياس، أنه عندما زار السلطان الأشرف قايتباي الإسكندرية، في عام 1477، أمر أن يُبنى مكان المنار برج جديد، وهو ما عُرف فيما بعد ببرج قايتباي، ثم طابية قايتباي، التي لا تزال قائمةً، حتى اليوم.

وكان المنار يتألَّف من أربعة أقسام؛ الأوَّل عبارة عن قاعدة مربَّعة الشكل، يفتح فيها العديد من النوافذ، وبها حوالي 300 غرفة، مجهَّزة لسكنى الفنيين القائمين على تشغيل المنار وأُسرهم. أما الطابق الثاني، فكان مُثمَّن الأضلاع؛ والثالث دائرياً؛ وأخيراً تأتي قمة المنار، حيث يستقر الفانوس، مصدر الإضاءة في المنار، يعلوه تمثال لإله البحر والزلازل عند الإغريق بوسايدون.

ومن الطريف، أن اسم جزيرة فاروس – Pharos – أصبح عَلَماً على اصطلاح منار، أو فنار، في اللغات الأوربية، واشتُقَّت منه كلمة فارولوجي –Pharology - - للدلالة على علم الفنارات.

ولم يعرف أحد، يقيناً، كيف كان المنار، أو الفنار، يعمل؛ وقد ظهرت بعض الاجتهادات، لم يستقر الخبراء وعلماء التاريخ على أيٍ منها. وثمَّة وصفٌ لمرآة ضخمة، كاسرة للآشعة، في قمة الفنار، كانت تتيح رؤية السفن القادمة، قبل أن تتمكن العين المجرَّدة من رصدها. وقد كتب الرحَّالة العربي القديم ابن جبير، أنَّ ضوء الفنار كان يُرى من على بُعد 70 ميلاً، في البحر. وهناك رواية تُفيد بأن مرآة الفنار، وكانت إحدى الإنجازات التقانية الفائقة في عصرها، قد سقطت وتحطَّمت في عام 700 م.، ولم تُستبدل بغيرها؛ وفقد الفنار صفته الوظيفية منذ ذلك الوقت، وقبل أن يدمِّره الزلزال تماماً.

ويُقال أن الصعود إلى الفنار، والنزول منه، كان يتم عن طريق منحدر حلزوني؛ أما الوقود، فكان يُرفعُ إلى مكان الفانوس، في الطابق الأخير، بواسطة نظام هيدروليكي. وقد وصف فورستر طريقة أخرى لرفع الوقود – الخشب – إلى موقع الفانوس، فذكرَ أن صفَّاً طويلاً من الحمير كان في حركة دائبة، لا يتوقف ليلاً أو نهاراً، صعوداً ونزولاً، عبر المنحدر الحلزوني، تحمل الوقود الخشبي على ظهورها!.


وفي مُفتتح القرن العشرين، قدَّم الأثري والمعماري الألماني هرمان ثيرش نموذجاً للفنار، في هيئة أقرب إلى نُصُب تذكاري، يرتفع كبرج فخم مكوَّن من ثلاثين طابقاً، ويحتوي على 300 غرفة.

إن فريق الباحثين الأثريين، العاملين بموقع قايتباي، يسعون للحصول على كتل حجرية تنتمي لأنقاض الفنار القديم؛ وهم يعرفون أن واجهته كانت تحمل لوحةً تذكارية، منحوتة بحروف يونانية ضخمة، فإذا وجدوا تلك اللوحة، أو جزءاً منها، تأكد للجميع أن الكتل الحجرية الضخمة، الغارقة بالموقع، هي أنقاض الفنار.

إن بعض علماء التاريخ يشكك في أن الفنار القديم هو مصدر هذه الكتل، ويعتقد أنها مجرَّد صخور كانت تُلقى إلى الماء، في العصور الوسطى، كإجراء دفاعي لإغلاق الميناء أمام سفن الصليبيين الغزاة. ومع ذلك، فإن جان – إيف إمبرور لا يزال متمسِّكاً باعتقاده أن بين هذه الأنقاض الغارقة قطعاً من جسم الفنار، سقطت في المياه عندما تحطَّم ذلك البرج الضخم، بفعل الزلزال. ولكي يؤكد هذه الاحتمالات، يحاول جان-إيف أن يتتبَّع كل الدلائل والإشارات التاريخية حول حجم وهيئة ذلك المبنى الغامض، الذي ورد ذكره ووصفه في كتابات عشرات من الكتَّاب الإغريق والرومان والعرب القدامى، الذين سجَّلوا أوصافاً عجيبةً له؛ ولكن كتاباتهم لا تشفي غليل إمبرور، لعموميتها وعدم دقتها، وأحياناً لتناقضها مع بعضها البعض.

آثار فرعونية أخرى

لم يعثر الباحثون، بعدُ، على ضالتهم؛ ولكنهم وجدوا قطعة حجرية تشبه جسم الأسد، وبدون رأس، تعرَّف عليها علماء المصريَّات، وقالوا إنها تمثال ناقص لأبي الهول، وإنها كانت تحمل رأس رجل. كما وجد الغوَّاصون بالموقع ثلاث كتل مخروطية ضخمة، عليها نقوش هيروغليفية؛ يدلُّ تكوينها المخروطي على أنها أجزاء من مسلَّة قديمة، تم نحتها من كتلة جرانيتية واحدة.

إن المكان الطبيعي، الذي يعرفه علماء الآثار لمثل تلك المسلَّة، هو مدخل أحد المعابد في مصر العليا؛ فكيف، ولماذا غادرت تلك المسلَّة مكانها الاعتيادي، وجاءت إلى أقصى الشمال، لتنتهي بها الرحلة إلى حطامٍ غارقٍ تحت سطح البحر، في الموقع المحتَمَل للفنار القديم؟!.

لقد تم انتشال تلك الكتل المخروطية الثلاث؛ وبعد تنظيفها، وإزالة الأصداف الدقيقة الملتصقة بها، ظهرت الكتابة الهيروغليفية المنقوشة عليها، وكانت عبارة عن "رُقية" سحرية، نُقِشت على المسلة في أحد العصور الذهبية لمصر القديمة، قبل أن يُقام الفنار بأكثر من ألف عام؛ وكانت تبدأ بكلمات تبجيل للإله حورس: "حورس الذهبي، عظيم البهاء، قوي الساعد، القادر على منازلة مئات الألوف"!

وعاد الغوَّاصون ليكتشفوا تمثالاً ضخماً لأبي الهول، منحوتاً في كتلة من الصخر "المَهَوي"، أو الكوارتزايت، وهو حجر رملي أبيض أو رمادي اللون؛ وكانت رأس التمثال مفصولة، ولكنها لم تكن غائبة، إذ وُجِدت بالقرب من الجسم. وقد تمكن الأثري الفرنسي جان بيير كورتيجياني من قراءة النقوش المحفورة عليه، والتي تدل على أنه من عصر بسماتيك الثاني، الذي حكم مصر في الفترة 595 – 589 ق.م.


وهكذا، فإن الموقع الذي كنَّا ننتظر منه أن يعطينا آثاراً إغريقية، لم نجد فيه إلاَّ حطام آثار فرعونية، وبأعداد كبيرة، فما تفسير ذلك؟

تردَّدت، عند قراءة النقوش الهيروغليفية، المرسومة فوق عشرات الكتل الصخرية الغارقة، أسماء بعض الآلهة المصرية القديمة، مثل أتون، ورع حور آختي؛ وهما إلهان جسَّدهما المصريون القدماء في قرص الشمس؛ كما أنهما من آلهة هليوبوليس، واحد من أهم مراكز الديانة المصرية القديمة، ويبعد عن الإسكندرية أكثر من مائة ميل، جنوباً. الأكثر من ذلك، أن بعض هذه الكتل ذات النقوش، يعود تاريخه إلى ألف عام، قبل أن يعرف العالم مدينة الإسكندرية؛ إن ذلك يجعلنا نعود للسؤال: ماذا كانت تفعل هذه المسلات المحطَّمة، وتماثيل أبي الهول (المذبوحة)، والكتل القادمة من هليوبوليس، في تلك المدينة الإغريقية: الإسكندرية؟!.

قد تكون الإجابة على كل هذه التساؤلات موجودة في طيَّات التاريخ المصري القديم؛ فقد اعتاد الفراعنة أن يهدموا الآثار التي خلَّفها أسلافهم، ويبنون من أنقاضها تماثيلهم وأعمدة معابدهم. إن الأهرام، نفسها، لم تسلم من هذا السلوك المستَغرَب، إذ انتُزِعت بعض الحجارة التي تكسوها، لتقام بها منشآت جديدة؛ كما استعار ابن رمسيس الثاني أجزاءً من معبدٍ لـ أمنحتب الثالث، ليبني بها معبداً جنائزياً. وكان من نتيجة هذه الأعمال المؤسفة، أن وُجِدت أعمدة ومسلاَّت وتماثيل، بل ومعابد كاملة، أُقيمت من خليط مشوَّش من الكتل الحجرية، تنتمي لطُرُز فنية متباينة. فهل سلكت المدينة الإغريقية البطلمية سلوك الفراعنة؟

المؤكَّد، أن الثقافة المصرية أثَّرت في الأغريق، والدليل على ذلك قابع تحت شوارع المدينة الحديثة، حيث تمتد سراديب، وتوجد مبان ومعابد ومدافن للمدينة الأغريقية القديمة، ينتظمها كلها أسلوب فني ومعماري غريب، لا هو بالمصري القديم، ولا هو إغريقي، بل خليط من مكوِّنات الأساليب الأغريقية والرومانية والمصرية؛ حتى الآلهة، اختلطت ملامحها.. وثمَّة تمثال لجندي روماني له رأس ابن آوى، وهو رأس الإله المصري أنوبيس؛ ولا يجد علماء الآثار غرابةً في ذلك، فالمدينة الجديدة – الإسكندرية القديمة – احتضنت خليطاً من السكَّان، مكوَّناً من الأغريق واليهود والرومان والمصريين والأفارقة والعرب. على أي حال، دعونا نرجع إلى الفنار القديم، ونواصل تساؤلاتنا: هل تمَّ بناؤه بنفس الأسلوب، فاجتمعت فيه العمارة الأغريقية، مع العمارة المصرية؟

يتوقَّف جان – إيف إمبرور أمام قطعة جرانيتية ضخمة، يعتقد أنها كانت جزءاً من بوَّابة كبيرة، وإلى جانبها قاعدة لتمثال ضخم، ثم عدة قطع متناثرة، تبيَّن للفريق البحثي أنها متآلفة فيما بينها، وأنها كانت – في الأصل – عموداً كبيراً، من الطراز الذي يُصنع من قطعة حجرية واحدة monolith؛ وكان طوله يزيد عن ثلاثين متراً، ووزنه 75 طنَّاً. وبالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل وتحديد مواقع 15 قطعة جرانيتية أخرى، يزيد وزن القطعة الواحدة عن 30 طِنَّاً. وفي أكتوبر 1995، انتُشِلت القطعة الجرانيتية الضخمة، التي يظن إمبرور أنها كانت جزءاً من بوَّابة المنار؛ وبعد فحصها، تبين أنها عبارة عن لوح جرانيتي، طوله 11 ونصف متر، وفي أحد طرفيها تجويف مستدير، دفع إمبرور إلى تخيُّل أن ثمَّة قطعة حجرية، لم تُكتشف بعد في هذا الموقع، لها طرف متوافق مع هذا التجويف، بحيث يصنعان معاً، عند ارتباطهما، القبَّة العليا لمدخل المنار!

وردَّاً على الرأي القائل بأن هذه القطع الحجرية الضخمة قد أُسقطت عمداً في تلك المنطقة، كإجراء دفاعي ضد السفن المغيرة، يقول جان-إيف إمبرور: إن بالموقع عدة قطع حجرية صغيرة الحجم والوزن، قد تكون هي التي يقصدها أصحاب هذا الرأي؛ أما القطع الضخمة، فيصعب تصديق أنها أُلقيت من فوق قارب، فإمكانيات النقل البحري في ذلك الزمن لم تكن تتيح ذلك. ولا يبقى إلاَّ التصوُّر الذي يتحمَّس له الخبير الفرنسي ومجموعة من معاونيه، وهو أن تلك القطع الحجرية الثقيلة كانت أجزاءً من مبنى الفنار، الذي ضربه الزلزال فقوَّضه، وسقطت أنقاضه في المياه.

ويضيف الأثري الفرنسي المتحمِّس: "إن لدينا حوالي 30 قطعة من الحجارة الضخمة، يصل طول بعضها إلى 12 متراً، ويزيد وزن بعضها عن 75 طِنَّاً، وقد تراصَّت على القاع، في موقع الفنار، في شكل خطِّي، وفي بعض منها شروخ تقسمه إلى قطعتين أو ثلاث، وذلك لأنها سقطت من ارتفاع كبير، بعد أن ضرب الزلزال الموقع".

هل استعملت أحجار المنار في بناء قلعة قايتباي؟

وأخيراً، لا يمكننا تجاهل رأي يقول بأن أنقاض الفنار قد استُخدِمت في إنشاء قلعة قايتباي، وهي مبنية من الحجر الجيري، مع بعض الكتل الجرانيتية، في أماكن متفرِّقة من البناية.. فهل كان الفنار مبنيَّاً من هذين النوعين من الحجارة؟. لن يتمكَّن أحد من معرفة إجابة هذا السؤال، قبل أن يجري تحليل البيانات الخاصة بكل الكتل الحجرية الغارقة، والتعرُّف على ما إذا كان ثمَّة نسَقٌ يجمع بينها، أم أنها من مصادر شتَّى، ولا رابطة بينها. فإذا كانت متَّسِقة الأبعاد والهيئات والأوزان، قويَ الدليل على أنها كانت من وحدات بناء الفنار.

الآثار الغارقة في خليج أبي قير، شرق الإسكندرية

لم يكن المصريون القدماء يعرفون اسم أبي قير؛ ولكن كانت هناك كانوب، الميناء التجارية لمصر القديمة، التي كان ينتهي عندها فرع قديم – اندثر الآن – لنهر النيل، وهو الفرع الكانوبي، وكان آخر تفريعات دلتا النيل، إلى الغرب. والجدير بالذكر، أن عدد فروع النهر كان سبعة، جفَّ منها خمسة، حتى القرن التاسع الميلادي، ولم يتبق غير فرعي رشيد ودمياط الحاليين.

وإلى جوار كانوب، كانت هناك مدينتان صغيرتان، هما مينوتيس وهراقليوم؛ وكانت المنطقة، كحال الموانئ في كل العصور، مركزاً للنشاط التجاري، قبل أن يصل الإسكندر وينشئ الإسكندرية، التي لم تلبث أن احتلَّت الصدارة. ومع مجيئ المسيحية، عادت المنطقة إلى الازدهار، كضاحية للعاصمة – الإسكندرية – وحصلت على اسمها الحالي من قدِّيس عاش بها ودُفن بأحد كنائسها، وكان اسمه أباكير.

أمَّا ظهور أبو قير على مسرح عمليات الآثار الغارقة، فقد بدأ في عام 1930 ، عندا سجَّل طيَّار بريطاني، هو الكابتن كول، ملاحظاته عن مشاهداته أثناء طيرانه على ارتفاع منخفض فوق خليج أبي قير؛ وتضمَّنت تلك المشاهدات تكويناً ضخماً، على هيئة حدوة حصان، تحت سطح البحر. ووصلت هذه الأخبار إلى علم أحد أمراء الأسرة المالكة المستنيرين، هو الأمير عمر طوسون، وكان يملك إقطاعية ضخمة حول الخليج، فكلَّف بعض المهندسين بتحديد مواقع هذه الآثار. واستمرَّ طوسون في اهتمامه بآثار خليج أبي قير الغارقة، فانتشل رأس تمثال من الرخام الأبيض، وهو معروض بالمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، كما اكتشف عدَّة أرصفة وقواعد لأعمدة من الجرانيت الأحمر، حدد موقع أحد المعابد، على بعد 240 متراً من خط الساحل.

وفي كتابه "حضارات غارقة"، وهو أول مؤلَّف في اللغة العربية عن الآثار الغارقة، أصدرته "دار المعارف" في عام 1965 ، يقول الدكتور سليم أنطون، أن قصة أبي قير الأثرية لم تُحكى كلها، وأن مياه هذه المنطقة لا تزال تحتفظ بكثير من الأسرار؛ ويقول – في أسيً واضح – إن تلك المياه تصون أسرار ما تحتضنه من آثار، بأمانة أكثر – ربما – مما لو انتُشِلت هذه الآثار وتُركت فوق سطح الأرض معرَّضةً لعبث العابثين ونهب الناهبين.

أسطول نابليون الغارق

ويضيف رئيس إدارة الآثار الغارقة: إن أبا قير منطقة محظوظة، لأنها جمعت بين الآثار القديمة، وما يمكن تسميته – مجازاً – بالآثار الحديثة، المتمثَّلة في أسطول نابليون؛ فتحت المياه الساكنة لخليج أبي قير – تُعرف المنطقة اليوم باسم البحر الميِّت - يرقد معظم سفن الأسطول الذي نقل نابليون بونابرت وحملته إلى مصر، فكما هو ثابت تاريخياً، انتصر عليه أمير البحر الإنجليزي هوراشيو نلسون، وأغرقه، في واحدة من أشهر المعارك البحرية، هي معركة خليج أبي قير، أو معركة النيل، كما يسميها المؤرِّخون الأجانب. ويكفي أن نراجع عدد السفن، من كل جانب، وتسليح كل سفينة، لنستنتج حجم الموقعة، وليتأكَّد لنا أن المنطقة عامرة بمخلَّفات تلك المعركة؛ وهي مخلَّفات لا يعدُّها بعض خبراء الآثار آثاراً، لأنَّ عمرها لا يزيد – كثيراً – عن مائتي سنة، فقد جرت وقائع تلك المعركة في صيف عام 1798.


كان الأسطول الفرنسي مكوَّناً من 13 سفينة، من بينها تسعٌ، تحمل كلٌ منها 74 مدفعاً، وثلاثٌ تحمل كل منها 80 مدفعاً؛ أما سفينة القيادة لوريانت، فكان تسليحها 120 مدفعاً. وكان الأسطول الإنجليزي مكوَّناً من 13 سفينة، أيضاً، بكل منها 74 مدفعاً. وقد أغرق الإنجليز سبع سفن فرنسية، من بينها سفينة القيادة لوريانت، ترقد جميعها تحت مياه البحر الميِّت، الذي قد يكون حصل على هذا الاسم من كونه مقبرة لهذه السفن، وإن كان أغلب ظننا أن التسمية معاصرة، وقد التصقت به بعد أن صار واحداً من أكثر المسطَّحات المائية تلوُّثاً.. في العالم!

وقد بدأت جهود البحث عن أسطول نابليون في العام 1965 ، وشارك فيها واحد من هواة الغوص والآثار المصريين، هو المرحوم كامل أبو السعادات؛ فتمَّ تحديد مواقع ثلاث من السفن الفرنسية الغارقة، هي: لوريانت، و أرتميس، و لاسيريور؛ بالإضافة إلى موقعين محتَمَلين لسفينتين أُخريين. كما جرت، في العام 1998 ، عمليات مسح لموقع الأسطول الغارق، أسفرت عن اكتشاف 241 قطعة من العملات الذهبية، فرنسية ونمساوية و مالطية وإسلامية؛ بالإضافة إلى أكثر من 400 قطعة من العملات الفضية والنحاسية والبرونزية؛ مع مجموعة من أدوات المائدة التي كان يستخدمها جنود الحملة، وبعض الملابس العسكرية، وأزرار منها.

والثابت تاريخياً أن سفينة القيادة لوريانت قد انفجرت، نتيجة كثافة القذائف الإنجليزية المنهمرة عليها، فتحطَّمت تماماً قبل أن تغرق؛ ولم يعثر الغوَّاصون إلاَّ على أجزاء متفرِّقة منها، أهمها دِفَّة السفينة، وطولها 11 متراً، ووزنها 14 طنَّاً، وهي مصنوعة من الخشب والبرونز؛ وقد فكَّر المسؤلون في انتشال دفَّة الأوريانت، لتُرمَّم وتُعرض في المتحف البحري، ولكن أعاقهم ضعف الإمكانيات الفنية، الضرورية للمعالجة السريعة الخشب فور خروجه من الماء؛ فاتجه التفكير إلى الإبقاء على الدفة في مكانها عند القاع، على أن تحاط بحوض زجاجي.

ووجود آلاف القطع ذات القيمة الأثرية والتاريخية الفائقة في المدن الغارقة بخليج أبي قير يجعل من الأهمية بمكان إنشاء متحف بحري خاص بأبي قير، للحفاظ على كنوزها الأثرية.

المصدر