قامت زوبعة إعلامية مؤخرا حول مادة (الإكريلاميد) من خلال مانشر من تحذيرات عالمية حول هذه المادة .وهذه المادة الكيماوية تستخدم أصلا لأغراض صناعية ومعروف أنها مسرطنة. وكان يحذر العمال للوقاية منها لأنها تمتص من الجلد والمعدة وبالإستنشاق . لكن الجديد هو ظهورها في الطعام وهذا ما أثار زوبعة عالمية مؤخرا. وانتابنا الهلع عندما ما قيل بأن مادة الأكريلاميد تظهر في أطعمتنا نتيجة التحمير للبطاطس والمحمرات والمقرمشات في درجات عالية. وتوهمنا أنها مادة طبيعية موجودة فيها .ولاحقنا الإعلام مؤكدا خبراؤناهذا الخبر.واجتهد منهم من إجتهد عن غير ذي علم. وقيل أن هذه المادة تتركز في الخضروات والحبوب التي بها نسبة عالية من النشويات. فتتحول بالحرارة لمادة الأكريلاميد المسرطنة والمدمرة لجهازنا ا لعصبي ولها تأثيرها علي المورثات والأجنة . وقالت إحداهن (مش لازم ناكل بطاطس). وأصبحت مطاعم البيتزا والبطاطس العالمية في أقفاص الإتهام فجأة ومهددة بالإفلاس ورفعت عليها قضايا تعويضية .
وأخذت تدافع عن نفسها ولاتعرف سببا لهذا كله في أعقاب التقرير السويدي الذي حذر العالم من هذه الأطعمة.وتطرقت الحملة إلي تأكيد وجود هذه المادة في الخضروات والفاكهة ومياه الشرب. لكن العلماء أفاضوا في إجتهاداتهم الشخصية. فجعلوا هذه المادة(كعفريت الست) يطلع لنا في كل مانتناو له ونشربه.حتي رغيف الخبزلم يعتقوه. ولم يبق لنا سوي العدس والفول .لأنهما سليق في سليق وهما سلعتا الصمود في كل أوان.
ومالفت نظري أيضا أن هذه المادة الكيماوية العضوية قيل أنها في المياه. وهذه المادة غير طبيعية وتصنع في المعامل فقط . وهذا ما جعلني أفكر في أن هذه المادة الكيماوية لابد وانها ملوثات صناعية . وقد إطلعت علي التقارير العلمية حولها بالتفصيل حتي يقال أنها موجودة في أي كائن حي سواء أكان نباتا أو حيوانا فلم أجدها.
ووجدتها ببساطة مادة بيضاء صلبة تذوب في المياه ويصنع منها البلاستك وغراء لحام مواسير المياه والمجاري وخزانات المياه . وتدخل المادة الأم (بولي أكريلامايد) في تنقية مياه الشرب و الصرف والمجاري. لأنها مادة غروية تخلصها من الشوائب العالقة. ويذوب جزء فيها وقد تتسرب للتربة والمياه الجوفية . ومعظمها تتلفه البكتريا لأنها تتغذي عليها . وتنقية مياه الشرب أو الصرف لدينا تتم بالطرق التقليدية بدون البولي أكريلاميد . وتبدأ بالشبة والترسيب ثم تمرير المياه فوق طبقات من الرمل والحصي ثم يمر عليها غاز الكلور لتطهيرها من البكتريا. كذلك مياه المجاري تمر علي مصاطب لترسيب الفضلات فوقها وتروي بها المزروعات حول مصاباتها.فطريقة معالجة مياه الشرب والمجاري لدينا لاتتم بالطرق الكيماوية الحديثة . وهذه المياه الملوثة بالمادة تنمو عليها المحاصيل في بلدان شتي . وهذه المحاصيل تصنع منها أعلاف البهائم وأكل الطيور. وكلها تحتوي علي هذه المادة الأم التي تتحول بالحرارة العالية إلي مادة الأكريلاميد الضارة. فهذه المادة قد تكون في محاصيل السويد. لأن هناك لايوجد أمطار ولاأنهار حيث يروي الزرع من الآبار التي قد تتسرب إليها هذه المادة أو من مياه الثلوج الملوثة بدخان المصانع الكيمياوية أو المبيدات الحشرية .
وأبسط طريقة لتناول البطاطس المتهم الأوال.. هي سلقها بالمياه المغلية لمدة 10 دقائق ثم تقشيرها وتقطيعها للتحمير . لأن هذه المادة تذوب فيها . والكلي أصلا بالجسم تتخلص من نصف الكمية الموجودة عن طريق البول . وطريقة سلق الخضروات وقاية ليس للتخلص من هذه المادة فقط . ولكن للتخلص من المبيدات الحشرية التي تظل بها .وهي أيضا تذوب في الماء الساخن.والسلق لايفسد طعمها . كما أن كل الخضروات المجمدة مسلوقة أصلا. فالإنسان بتهافته العلمي ونهمه المتلاحق هالك لنفسه لا محالة له ولغيره
مجلة العلم مقالات أحمد محمد عوف