تهدف دراسة استراتيجيات لعبة الشطرنج للوصول إلى وضعيات تمكن اللاعب من تحصيل امتياز ما، قد يكون الحصول على امتياز الوقت أو المكان أو المادة.
فهرس |
يعتبر وضع خطط للعب من الأمور المعقدة، فعلى اللاعب انطلاقا من وضعية معينة رسم خطة للعب اعتمادا على خصائص تميز وضعية الانطلاق و تحدد الأهداف الممكن تحقيقها. لكن معظم الوضعيات التي تحدث خلال اللعب تتميز بدرجة كبيرة من التعقيد يصعب معها رسم خطة فعالة.
أثناء اللعب تظهر مسببات خاصة يطلق عليها تكتيكات، تمكن بعد تحليل معمق من الحصول على وضعيات خاصة تسمى وضعيات اجبارية و التي تسمح بالحصول على تأليفة. كما تعرف الوضعيات غير الإجبارية بكونها كل وضعية لا يمكن أن تكون انطلاقة للحصول على تأليفة.
في وضعية اجبارية، رسم الخطة يتم اعتمادا على المسببات التكتيكية، الهدف هو الحصول على حالة امتياز تتمثل في أخد قطعة مهمة أو الفوز. في حين خلال وضعية غير إجبارية، تهدف الخطة على الحصول على وضعية امتياز تكون منطلقا للحصول على وضعية اجبارية ذات امتياز للاعب.
إن أهم امتياز يمكن أن يحصل عليه اللاعب هو امتياز المادة: الحصول على فارق في القطع الموجودة في رقعة الشطرتج. لكن إذا لم يرتكب أي من اللاعبين أخطاء فادحة فلا يمكن الحصول على امتياز المادة إلا من خلال نتيجة تأليفة.
بالإضافة لامتياز المادة يوجد أيضا امتياز الوقت و امتياز المكان. و تهدف الخطة انطلاقا من وضعية غير اجبارية على الحصول على أحد هذين الامتيازين.
إن أول وضعية غير اجبارية هي وضعية البداية التي تبدأ بها المقابلة. من هذه الوضعية-الانطلاق يجب رسم خطة استراتيجية و التي تبدأ بتحريك القوات و البدء في الغزو.
إذا قمنا بتقسيم الرقعة انطلاقا من الصف الرابع و الخامس نحصل على منطقتين الأولى خاصة بالأبيض (اللاعب الذي يلعب بالقطع البيضاء) و الأخرى تخص الأسود (اللاعب الذي يلعب بالقطع السوداء). فالانتشار يهدف التقدم بواسطة القطع نحو خط المواجهة نحو الحدود. و بعد نشر عدد معين من القطع يمكن البدء في غزو العدو. و كلما تمت عملية الانتشار بسرعة كلما لم يحصل الخصم على الوقت الكافي لردع الهجوم.
تعتبر المربعات الأربع الوسطى التي تسمى المركز، المنطقة التي من خلالها يمكن لأي قطعة الحصول على أكبر تأثير. و هكذا يكون الانتشار مرتبط أساسا بالسيطرة على المركز والذي يعتبر هدفا استراتيجيا و الذي إن تحقق يعرقل تحركات العدو الذي لا يملك سوى مناطق ذات تأثير ضعيف.
إن نقل البيادق (الجنود) لا ينظر له بأنه انتشار لكنه يسهل عملية الانتشار في حد ذاتها. و في إطار السيطرة على المركز، تعتبر البيادق التي تحتل مربعات المركز و التي تراقب بالتالي الخطوط المتقدمة، أحد أفضل الطرق و أقلها كلفة لتحقيق هذه السيطرة و تمكن في نفس الوقت من تهيئ تمركز القطع.
تميز كل قطعة بنوع معين من الحركة يعطي لكل قطعة نوع تأثير خاص.
و تخص الفيل و الرخ (القلعة) و الوزير.
تأثير هذه القطع يزداد مع تناقص القطع من الرقعة. و السبب أن تواجد عدد كبير من القطع يعرق و يقلل من مجال الحركة لدى هذه القطع.
و تخص البيدق و الحصان.
وجودها يساعد القطع ذات التأثير المتصل و هي الوزير الفيل و الرخ في الحصول على أقصى درجة من التأثير.
استراتيجيا تحقق الخطوط المفتوحة أحد الأهداف الرامية للحصول على أكبر مساحة للمناورة قصد تحقيق الهجوم أو الدفاع. فالخط المفتوح هو خط رأسي أومائل في اتجاه الخصم، ليس مسدود بوجود قطع أخرى سواء صديقة أو عدوة. و قد يكون الخط نصف مفتوح إذا وجد قطع للخصم فقط. و يعتبر البيدق هو الأكثر عرقلة لظهور الخطوط المفتوحة و سبب ذلك معروف. و لهذا يوصف الخط بأنه مفتوح عندما لا يكون هناك أي بيدق، فإن وجد بيدق من الخصم فالخط نصف مفتوح.
النتيجة المباشرة لاستراتيجية الخطوط المفتوحة هي التوغل في أراضي العدو، و بالخصوص في الصف السابع و الثامن (الصف الثاني و الأول بالنسبة للأسود). ففي هذه الصفوف توجد البنيات الدفاعية الأكثر أهمية.
الهدف من الوضعية في كليتها، هو البحث عن القطع التي مازالت قريبة من مكانها الأصلي (وضعية الانطلاق). و خاصة البيادق التي تكون سلاسل دفاعية.
و كلما كانت البيادق متصلة مع البيادق الموجودة في الصف السابع كلما كانت الوضعية الدفاعية ممتازة.
و عليه فكل هجوم مركز على الصف السابع على خط المواجهة في اتجاه أفقي، أو على جزء من هذا الصف سيكون من نتائجه اضعاف كل بنية دفاعية و من تم إضعاف الدفاع بصفة عامة. و حيث أن الملك نادرا ما يغادر الصف الثامن، فالسيطرة على الصف السابع تعزل جلالته فتقل فرص هروبه أمام الهجمات المباشرة.
و أخيرا فإن من نتائج هذا التوغل أيضا، الهجوم على البيادق المتقدمة التي قد تهدد بالترقية.
إذا كانت استراتجية الخطوط المفتوحة و الصف السابع و الثامن تخص القطع ذات التأثير المتصل، فاستراتجية المربعات الضعيفة تخص الحصان و بدرجة قليلة البيادق. فيكفي للحصان التموضع في مكان آمن لا يزعجه أحد. فالمربع الضعيف هو كل مربع لا تتم مراقبته من طرف بيادق الخصم.
أهمية كون عدم وجود مراقبة من طرف البيادق يرجع بالأساس لكون الحصان يعتبر من القطع ذات القيم الضعيفة فإذا كان محميا فلا يمكن مهاجمته إلا بحصان.
نظرا لضعف البيدق، تلعب سلسلة البيادق دورا مهما في تحصين الدفاع و تثبيته، فضعف قوة البيدق و قيمته تجعل أخذه من طرف قطعة أخرى شيئا صعبا.
كما أن للسلاسل دورا غير الدور الدفاعي، فهي تحدد مناطق الهجوم و تساهم في ما يطلق عليه هجوم الأقلية، بالإضافة لدورها الديناميكي.
تساهم سلاسل البيادق في توسيع مناطق تأثير القطع مما يسمح بتحقيق أحد الأهداف الأساسية التي تتجلى في إعطاء كل قطعة أكبر مساحة ممكنة لتعبر عن قواها. فمثلا البيادق هي التي تؤثر على وجود الخطوط نصف المفتوحة. كما أن التوسع سيكون على حساب الخصم الذي يجد نفسه محدودا لا يملك مساحات كبيرة للمناورات و تنفيد الخطط....
تحدد البيادق إذن مناطق التأثير التي من خلالها تتمكن القطع من القدرة على المناورة قصد تحقيق الخطة.
تمدد منطقة التأثير تؤدي كمت تمت الإشارة له سابقا، لتقلصها عند الخصم. كما أن السيطرة على المركز هي الطريقة الأساسية للتحكم في المكان على رقعة الشطرنج. لكن السيطرة على المركز تستوجب أن يتم الاحتلال بواسطة سلسلة البيادق التي تحقق شرطا أساسيا هو الاستقرار. و هو لا يتحقق إلا من طرف روابط بين البيادق التي تستلزم أن تكون قادرة على الحفاظ على هذه السيطرة، حتى بعد هجومات بيادق الخصم على الأعمدة المجاورة للمنطقة المحتلة...