عاش ابن قزمان في القرن الخامس الهجري في أسرةكان لها حضور ثقافي وأدبي وسياسي في البيئة الأندلسية. و كان مبدعا أبيقورياماجنا، عاش حياته في اللذة والمتعة واقتناص لذات الحياة حتى في شهر رمضان المبارك. وهو يشبه أبا نواس في وصف الخمرة وذكر اللذات والشهوات الدنيوية.
ويعد ابن قزمان زعيم الزجالين خاصة في ديوانه المشهور" إصابة الأغراض في ذكر الأعراض" الذي وثقه الكثير من المستشرقين والدارسين العرب. وقد أشاد بشاعرية ابن قزمان الزجلية الدارسون القدماء أمثال: ابن خلدون والمقري وابن سعيد وابن الأبار وصفي الدين الحلبي... والدارسون العرب المحدثون كعبد العزيز الأهواني وإحسان عباس ومصطفى الشكعة... والمستشرقون والمستعربون كجنزبرج Gunzberg، والمستشرق التشيكي نيكلA.R.Nykl، وكولان Colin، والإسباني إيميليو گارسيا كوميث، وكوريينتي، دون أن نغض الطرف عن المستشرق الروسي كراتشكوفسكي والمستشرق الإسباني أنخل گونثالث بالنثيا. أما ديوان الشاعر فقد حملته الأقدار من بلد لآخر، ومن يد لأخرى بصورة عجيبة وغريبة. وذكر علي مكي لهذا الديوان قصة طريفة نقلها عن المستشرق الروسي كراتشوفسكي تصور رحلة الديوان في المكان والزمان.
ويتبين لنا من كل هذا أن المستشرقين الغربيين هم الذين اهتموا بابن قزمان وديوانه الشعري إلى أن أفرد له عبد العزيز الأهوانيقسما خاصا به في كتابه"الزجل في الأندلس". وسيتحقق للديوان الظهور في سنة 1990 م، وأن يظفر بتحقيق من قبل الإسباني فيديريكو كوريينتي تحت عنوان" ديوان ابن قزمان القرطبي: إصابة الأعراض في ذكر الأغراض" بتقديم الدكتور محمد علي مكي، وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة بجمهورية مصر العربية. وسيظهر لكوريينتي بعد ذلك في سنة 1989م كتاب بعنوان:" ابن قزمان: الزجال الأندلسي".
ومن مميزات شعر ابن قزمان أن زجله يعبر عن تمازج الحضارة العربة بالحضارة الأيبيرية، كما تحضر اللغة الرومانثية بشكل ملحوظ في مفرداته وعباراته الشعرية، وهذا دليل على حضور اللاتينية في شعر ابن قزمان.
كما يظهر زجله الشعري تشابه الشعر العربي والشعر الأوربي على مستوى البناء والوزن والتقفية. أما إيقاع الزجل فقد أثار اختلافات متفاوتة بين الباحثين العرب والمستشرقين، فهناك من سار به مسارا عربيا، وهناك من قاربه على ضوء العروض المقطعي اللاتيني، وهناك من دافع عن خصوصيته الأندلسية المحلية. ولابد أن ننتبه إلىأن الأزجال زاخرة بالغنائية الموسيقية المشرقية والأندلسية المحلية.