ابن إسحاق وهو الإمام أبو بكر محمد بن أسحاق بن يسار بن خيار المدني القرشي، ولد في المدينة سنة 85هـ، 703م، وبها نشأ، وكان فتى جميلا وقرأ على علمائها ومحدثيها.
وكان جده يسار من سبي عين التمر حين أفتتحها المسلمون في خلافة أبو بكر الصديق، سنة 12هـ، وقد وجده خالد بن الوليد في كنيسة عين التمر من بين الغلمان الذين كانوا رهنا في يد كسرى فأخذه خالد إلى المدينة.
سافر إلى الإسكندرية وحدث بها عن جماعة من علماء مصر، ومنهم عبيد الله بن المغيرة، ويزيد بن حبيب، وثمامة بن شفي، وعبيد الله بن أبي جعفر، والقاسم بن قزمان، والسكن بن أبي كريمة، والأعرج، وقد تخصص بالرواية عن هؤلاء المحدثين، وكان بحرا من بحور العلم، ذكيا حافظا.
ويعتبر أول مؤرخ عربي كتب سيرة رسول الإسلام محمد بن عبد الله وأطلق تسمية "سيرة رسول الله" على كتابه. وقضى ابن اسحاق معظم حياته في المدينة وبدأ بجمع الروايات المختلفة من مختلف المصادر الشفهية التي كانت متوفرة آنذاك ولم يكن أهتمامه الرئيسي منصبا على تدقيق صحة الروايات وإنما كان غرضه جمع كل مايمكن جمعه من معلومات عن الرسول. وفي عام 115هـ، الموافق 733م، بدأ بالتنقل من المدينة إلى الإسكندرية ثم إلى الكوفة والحيرة ليستقر في بغداد حيث وفر له الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور كل الدعم الممكن لأن يكتب عن تاريخ الرسول محمد.
ويرى بعض المستشرقين إن مدى صحة الحقائق التأريخية في كتابه قد يكون مشكوكا فيها لأنقضاء مايقارب 120 سنة بين وفاة الرسول محمد وبداية جمعه للروايات الشفهية وأيضا يشك البعض في حيادية بعض المواضيع التي قد تكون غير منصفة لبني أمية لكون الكتاب كتب في عهد الخلفاء العباسيين والذين كان لهم خلافات مع من سبقهم من الأمويين. وبما أن الكتاب أقدم ما كتب عن سيرة رسول الإسلام فقد أستند عليه كتاب السيرة الذين أتو بعده مثل ابن هشام و الطبري بالرغم من تحفظهم على بعض الروايات، علما إن ابن اسحاق نفسه ذكر في مقدمة كتابه ان "الله وحده عليم أي الروايات صحيحة"
وبغض النظر عن هذه الأنتقادات فإن الكثير من المؤرخين والمستشرقين يعتبرونه مؤرخا جيدا كان همه الرئيسى الحفاظ على أي رواية عن تاريخ رسول الإسلام.
وتوفي في بغداد سنة 151هـ، الموافق 768م، ودفن في مقبرة الخيزران.