مركز إهناسيا هو من أهم مراكز محافظة بني سويف و قديماً كانت إهناسيا عاصمة مصر لذلك يأتي إليها السياح لمشاهدة المعابد و الآثار. الأسرتان التاسعة والعاشرة ( ملوك أهناسيا )
ظهرت أسرة قوية في منطقة " أهناسيا " عند مدخل منخفض " الفيوم " في محافظة " بني سويف " استطاعت تأسيس الأسرتين التاسعة والعاشرة ، وبسطت نفوذها على أقاليم مصر الوسطى وعلى الدلتا .
غير ان " أسرة أهناسيا " لم تنجح في اعادة الوحدة إلى البلاد ، وإذ نافستهم أسرة قوية ظهرت في " طيبة " ( الأقصر حاليا ) واستطاع أمراؤها القضاء على الأسرة العاشرة في " أهناسيا " ، وإقامة أسرة جديدة هي الأسرة الحادية عشرة ، التي بها يبدأ عصر الدولة الوسطى
وتروي القصة أن قرويا يسمى " خون إنبو " خرج من بلدة تسمى " غيط الملح " وهي بلدة من نواحي " الفيوم " وترك زوجته ماريا و اولادها وترك لهم جانبا مما كان يدخره من الغلال ، وحمل حميره ببضاعة متواضعة من نطرون و أعشاب و جلود و احجار كريمة ابتغاء أن يتجر بها في مدينة " أهناسيا " عاصمة الملك في عهده .
ومر في طريقه على قرية تسمى " برفيفي " كان يتولى أمرها موظف فاسد يدعى " تحوتي نخت " أو " نمتي نخت " نيابة عن موظف آخر كبير كان يرأس نظارة الخاصة الملكية ويدعى " رنسي بن مرو " ، وطمع " نمتي نخت " في تجارة القروي و حميره و أراد أن يكون له نصيب منها ، فاعترضه على طريق زراعي ضيق كان لا بد أن يمر عليه ، وأوعز إلى خادمه أن يبسط على الطريق قماشا يغطيه بالعرض ، ولما تقدم القروي على الطريق نهاه " نمتي نخت " أن يمر على قماشه المبسوط ، فاعتذر القروي وابتعد عن القماش وسار قرب الزراعة ، فنهره مرة أخرى..
وفجأة قضم أحد حمير القروي قضمة من سنابل الغلال فاعتبرها " نمتي نخت " فرصته وأصر على أن يستولي على الحمار جزاء جرمه ، فاحتج القروي وهدد بإبلاغ الأمر إلى ناظر الخاصة وصاحب الأرض ، فغضب " نمتي نخت " وأخذته العزة بالإثم واستولى على بضاعة الرجل وحميره كلها ، فبكى القروي واشتد عويله ، فنهره " نمتي نخت " في صفاقة غريبة قائلا له : " لا ترفع صوتك يافلاح ، أنت قريب من بلد السكون ... " وكان رب السكون هذا هو المعبود " أوزير " ، ويبدو أنه كان له ضريح قريب من " برفيفي " يهابه الناس ويحترمونه .
ولكن القروي لم يهتم به وقال بلهجته الريفية اللطيفة : " تضربني وتنهب متاعي وتوقف الشكوى على لساني ؟ يارب السكون أعطني إذا حاجتي حتى أبطل الصراخ الذي يغضبك .
واستمر القروي في طيلة عشرة أيام يشكو حينا و يسترحم حينا ، ولكن بغير طائل ، فاتخذ سبيله إلى العاصمة " أهناسيا " ليشكو بلاه إلى ناظر الخاصة " رنسي " فقابل القروي ناظر الخاصة ووجه اليه استعطافا رقيقا لينا حاول ان يستثير به نخوته ، وكان من قوله له : " اذا كنت حقا أبا لليتيم ، وزوجا للأرمل ، وأخا للمطلقة ، ورداء لمن لا أم له ، .......... ، وها أنذا أقول وأنت تسمع . أقم العدل أمدحك ويمدحك المادحون – أزل معاناتي فقد ثقلت ، واحمني فقد ضعت ... " .
وفعل استعطاف ومديح القروي فعله لدى ناظر الخاصة ، فأعجب به و أسرع إلى فرعونه وهو يقول : " مولاي وجدت واحدا من أولئك القرويين جيد الكلم يتحدث الصواب نهب متاعه و أتاني يتظلم إلي " .
وقص القروي قصت على الفرعون ، فكفل الملك ناظر الخاصة بأن يتكفل برزق زوجة القروي وعياله طيلة المدة التي سوف يبقى فيها في " أهناسيا " .
وتصور القروي " خون إنبو " أن الحاكم يشبه دفة السفينة التي تحدد مسيرتها ، ويشبه السند الذي يعتمد الناس عليه ، وشبه خيط الميزان في دقة تعبيره عن وزن الأمور ، وقال لناظر الخاصة و هو يشكوه إلى نفسه : " أيها الدفة لاتنحرف ، ويا أيها السند لاتميل ، ويا أيها الخيط لاتتذبذب ....... ".
وأطال القروي في شكايته ، ولما فرغ منها استدعاه ناظر الخاصة ، فتوقع الرجل أن تكون الدعوة لمقتله ، وأخذ يروض نفسه على ملاقاة الموت في شجاعة ، ولكن ناظر الخاصة " رنسي " طمأنه وأراه شكواه منسوخة على برديات جديدة أعدها ليعرضها على الفرعون شخصيا ، فلما عرضها على مولاه امره بأن يقضي في القضية بنفسه ، فقضى بتجريد " نمتي نخت " من ممتلكاته ، ووهبها للقروي فضلا عن حميره و بضاعته . ومن الجدير بالذكر أن اهناسيا تضم عددا كبيرا من القرى منها : قرية النويرة و شرهى والعواونه وكوم الرمل وسدمنت الجبل وبنى هانى ومعصرة نعسان والبدينى ومنهرو وقلها وميانه والطيور والبهسمون ومنشية طاهر ومحمد على وبراوة ومنشأة الحاج ومنهرة منشأة عبد الصمد وذكى فاضل وعزبة رمزى المسيدالابيض