إميل سيوران (1911-1995) ولد في قرية رازيناري, إحدى قرى ترانسيلفانيا الرومانية. نشأ في مناخ لا يمكن إلا أن يجذر لديه روح المفارقة التي طبعت كتاباته فيما بعد . فقد كان والده الطائفة الأرثودكسية بالقرية ، وكانت أمه لا تفي سوء ظنها بكل ما يتعلق بالدين و اللاهوت, إلا أنه و بالرغم من عيشه تحت ظل هذا التناقض الغريب إلا أنه ظل يحمل عن طفولته إنطباعاً فردوسيا, فقد عاش تلك الفتره على إيقاع الطبيعة متمليا الخضرة و منصتا إلى حكاوى الرعاة . قام بتأليف 15 كتابا إلى جانب المخطوطات التي عثر عليها بعد وفاته .
اضطر للرحيل سنة 1921 إلى سيبيو المدينة المجاوره ،حيث المعهد الثانوي ، وحيث أصبح والده رئيس الكنيسة . اضطر ثانية للرحيل إلى بوخارست لدراسة الفسلفة و هنالك عرف لأول مره أول عوراض المرض الذي سيرافقه كثيرا و هو الأرق .و قد عانى من جراء ذلك كثيراً حتى فكر في الإنتحار ، غلا أنه سرعان ما حول ليالي الأرق تلك إلى وسيلة للمعرفة . كان في سن الثانية و العشرين وقتئذ . و ألف وقتها كتابه الأولى على ذرى اليأس الذي نشر عام 1934.
بعد سيبيو انتقل إلى برلين حيث أقام فتره للدراسة ثم فرغ لتدريس الفلسفة بمعهد براسلوف وو قتها نشر العديد من المقالات و أيضا كتابه الثاني ( كتاب الخدع) باللغة الرومانية أيضا .إلا أنه في نهاية 1937 وقبل صدور كتابه (دموع و قديسين) تحصل على منحه من معهد بوخاريست الفرنسي و ارتحل على الفور وقتها . سنة 1947 عرض مخطوط كتابة (رسالة في التحلل) على دار غاليمار للنشر فقبلت الدار نشره إلا أنه استعاد المخطوط و أعاد الإشتغال على الكتاب ، و لم ينشره إلا بعد سنتين . وقوبل الكتاب بحفاوة نقدية إلا أن التوزيع كان محدوداً جدا . وظلت تلك حال كتبه طوال 30 عاماً ، ربما لأنه كان نقيض سارتر سيد المشهد وقتها . ثم مالبث الأمر أن تغير لنقيضه سنة 1965 حيث صدر كتاب ( رسالة في التحلل ) ضمن سلسة كتب الجيب ذات الإنتشار الواسع . ظل سيوران يمتنع عن الجمهور و يرفض الجوائز و يبتعد عن وسائل الإعلام مكتفيا بالكتابة . إلا أن هناك أمر أثر في كتابات سيوران و في حياته و في نظرته للعالم و علاقته مع الآخرين ، و قابله أغلب التكتم و الإنكار و هو علاقته بالفاشيّه و بـ هتلر شخصيا . كان في الثانية و العشرين و قتئذ و قد برر مواقفه في أكثر من مناسبة ، بالطيش و عدم النضج . إلا أن نصوصه التي نشرت بعد موته تشير إلى غير ذلك .
توفي سيوران بعد أربعة و ثمانين عاما بباريس إثر مرض عضال . و قد ظلت ترجماته للعربية محتشمة أو غير قادره على إيصاله بالشكل الملائم ، وهي في الأغلب مقتطفات في المجلات و الصحف ، فيما عدا ( توقيعات ) الذي ضم مختارات من ثلاثة كتب لسيوران . و كتاب ( المياة كلها بلون الغرق ) أول كتاب ترجم للعربية كاملا .
مقدمة كتاب المياة بلون الغرق من ترجمة آدم فتحي 2003 ، بتصرف .
إضافه للكتب التي ذكرت في المقال لديه :