مـُكران الإقليم الجنوبي بمحافظة سيستان وبلوتشستان في إيران، ويطل على بحر عمان. وإقليم مكران الإيراني جزء من بلاد مكران الممتدة بين إيران وپاكستان.
كان الاسم القديم لأرض بلوچستان هو "مـُكا"، ومع مرور الوقت تغير الاسم إلى مـُكران، وهي الآن القطاع الجنوبي من محافظة سیستان و بلوچستان. ومـُكران أصبح يطلق عليها بلوچستان منذ استقرت بها القبائل البلوشية. وترجع الآثار المكتشفة في المنطقة إلى 3000 ق.م. والبلوش يختلفون عرقياً ولغوياً عن الفرس و يتحدثون باللغة البلوشية لغتهم القومية ، غربهم، والپنجاب، شرقهم. و البلوش قومية سامية وهم السكان الأصليون لبلوشستان .
البلوش تنقسم إلى ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول في القسم الشمالي من بلوشستان الإيرانية.
والجزء الثاني في القسم الجنوبي من بلوشستان الباكستانية ـ وخاصة في مكران ـ وهي التسمية العربية للإقليم بكامله والتي درج البلوشيون على استعمالها. وهذه الزعامات تخضع كلها لما يعرف بـأولاد محمد، المؤلفة من أربعة فروع موزعة في أنحاء الجزيرة العربية. وزعامة"أولاد محمد"تشمل جزءاً كبيراً من بلوشستان كما تشمل القبائل البلوشية الموجودة في عُمان والإمارات والبريمي.
الجزء الثالث في دول الجزيرة العربية. أهمها فرع في سلطنة عُمان ، وفرع في دولة الإمارات العربية الذي يشمل القبائل الموجودة في المناطق الجنوبية الغربية من مكران، وخاصة في الساحل المطل على بحر العرب. وفرع في البحرين. وقد ارتبطت زعامته في الفترة الأخيرة بالعمل السياسي أكثر من ارتباطها بالنواحي القبلية الموجودة أصلاً. وقد انتقل في السنوات الأخيرة إلى الإقامة في المملكة العربية السعودية. أما الفرع الرابع فقد اختلط بالفروع الثلاثة عند نزوحها من بلوشستان في عهد نادر شاه في القرن التاسع عشر. فمنهم من اشترك مع سلطان عُمان أحمد بن سعيد في فتح زنجبار، ومنهم من تحالف مع آل كعب في المحمرة في عربستان. ومنهم من تعاون مع آل خليفة عندما كانوا في الكويت وعاونوهم في فتح البحرين وانتزاعها من الفرس.
والبلوش هم سكان القلاع في كل مكان. حتى صاروا يدعون بأهل القلاع. فعندما دخلوا البحرين سنة 1782 ضمن القوات التابعة لأولاد محمد والتي اشتركت مع القبائل العربية الأخرى في الاستيلاء على البحرين من قبضة الشيخ ناصر حاكم بوشهر المدعوم من حكومة فارس، احتلوا القلاع في البحرين وبقوا فيها. وفي العام 1868 ومع بداية الاحتلال البريطاني للبحرين، قامت البحرية البريطانية بقصف قلعتي أبي ماهر وعراد اللتين كان يسكنهما أولاد محمد وأتباعهم. كذلك احتلوا القلعتين الشهيرتين في مسقط ـ الميراني والجلالي ـ عندما استقدمهم السلطان أحمد بن سعيد لمعاونته في فتح أفريقيا الشرقية.
وتغيرت تحالفاتهم مع الظروف السياسية وتقلبات الزمن. وعلى الرغم من علاقتهم العُمانية القديمة، انحازوا إلى السعودية في خلافها مع عُمان حول البريمي أيام السلطان سعيد بن تيمور. أما مقاطعة جوادر الواقعة جنوب بلوشستان على ساحل عُمان فقد ظلت تابعة لسلطنة عُمان وتحت الحكم المباشر للسلطان سعيد بن تيمور والد السلطان الحالي حتى عام 1958، عندما استردتها باكستان في مقابل تعويض مالي قدره ثلاثة ملايين جنيه استرليني، بعد أن كانت مركزاً لاستيراد الرقيق وتجارة الأسلحة وتهريبها طوال النصف الأول من هذا القرن.
وقد حدث تطور خطير في كانون الثاني 1985، إذ عقد لأول مرة في تاريخ البلوش السياسي اجتماع حضره 15 زعيماً من البلوش الإيرانيين، ولم يشترك فيه أي زعيم بلوشي من مناطق أخرى. . وقد قامت السعودية بالضغط على الزعماء البلوش العرب لوقف أية اجتماعات مماثلة مستقبلاً. وكان هذا أول تحرك سياسي علني للبلوش وربما آخر اجتماع.
بلوشستان واحدة من المناطق البعيدة عن العالم التي يلجأ إليها الضعفاء هرباً من الأقوياء، فإذا هي بلد يتأرجح بين الوطن وبين القبيلة، وتحت كل مظاهر الرومانسية من مناظر البلاد الخلاّبة إلى زعماء القبائل بقاماتهم الطويلة ولباسهم المزركش، إلى أسواق المهربين والقلاع الحصينة في ممرات الجبال، تكمن مأساة الواقع المتمثل بالتخلف الاقتصادي والاجتماعي والانقسام القبلي والاضطهاد الثقافي والعرقي والسياسي عبر العصور.
تقع بلوشستان على الحدود بين باكستان وأفغانستان وإيران. ثلثا مساحتها في باكستان والثلث الآخر في إيران. بلوشستان الباكستانية تقع في أقصى غرب البلاد ويبلغ عدد سكانها حوالى ثلاثة ملايين نسمة، من أصلهم حوالى مليون من الباتان. مساحتها 135 ألف ميل مربع تجاورها بلوشستان الإيرانية التي تبلغ مساحتها 70 ألف ميل مربع، وعدد سكانها حوالى المليون. وهناك تجمع قبلي للبلوش في أفغانستان يقدر بحوالى نصف المليون. كلا الجناحين يشكلان الوطن الذي يطمح إلى الاستقلال كبلد شاسع من الوديان والهضاب الجرداء وكمجتمع بدوي ذي تنظيم قبلي.
والذي يجمع البلوش الإيرانيين إلى البلوش الباكستانيين إلى البلوش الأفغانيين ليس فقط الحلم بوطن واحد، بقدر ما هو إقصاء البلوش الإيرانيين عن مراكز السلطة في الحياة الإيرانية، ولكون البلوش أقلية من السنّة العرب في وسط أكثرية من الشيعة الفرس. يضاف إلى ذلك البلوش المتواجدون في الجنوب الغربي من أفغانستان. ويتطلع كل من البلوش الإيرانيين والبلوش الأفغانيين إلى البلوش الباكستانيين لثقلهم السياسي وتحركهم العسكري، فالولاء عند البلوش هو للعائلة وللقبيلة، لا للدولة التي رسمت حدودها قوى الاستعمار التي أرادت تقسيمهم.
سقط نظام الشاه في إيران تحت أقدام الثورة الخمينية الإسلامية، بعد أن حاول طوال حكم أسرته أن يلغي الشخصية البلوشية. وترك الشاه فراغاً لم تكن بلوشستان الإيرانية مهيأة له. وأدرك البلوش الإيرانيون أن خيارهم مع الثورة الإيرانية لا بد أن يكون خياراً تاريخياً حاسماً، إما إيجابياً بقيام كيان ذي استقلال ذاتي، لا تزال الثورة الإيرانية ترفض التسليم به وبغيره من الكيانات القومية التي تتألف منها إيران، وإما سلبياً بالخضوع لسياسة الشاه القديمة أو الاصطدام بالثورة.