تبدأ هذه القصة عندما جاء رجل من الكفار إلى يهودي في المدينة المنورة يقول له إن محمد يقول أنه نبي مرسل برسالة ، ونحن لا نصدقه فكيف نجادله ونعرف أنه نبي .فقال لهم اليهودي :"سلوه عن قصة أهل الكهف ، فإن أخبركم بذلك فهو نبي فأتبعوه." سأل الكفار الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن القصة ، فنزل جبريل وقص القصة على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد ظن الكفار أنهم سيعجزوا الرسول بالسؤال عن هذه القصة ، فرد عليهم بقصتهم كما وردت في القرآن الكريم وقال :
كان في بلدة قديمة تدعى أفسوس كان أهلها يعبدون الأصنام ويكفرون بالله ،وازداد السوء في المدينة عندما وصل إلى حكم ملك ظالم كافر و يدعى دقيانوس كان جائرا يعذب المؤمنين بالله عز وجل و يقتل كل من يترك عبادة الأصنام ، وفي يوم من الأيام خرج أهل ( أفسوس ) في يوم عيدهم يحتفلون بأوثانهم ، ويتقربون إلى أصنامهم جاهلين بأن تلك الأصنام لا تنفعهم بشيء .لكن فتى من أشرافهم لم يكن مقتنعا بما يفعله قومه ، بل كان يكره عبادة الأصنام ، وكان يعبد الله الواحد سرا ، وكان يذهب متخفيا إلى مكان بعيد ليجلس تحت شجرة يسبح الله على عظيم خلقه .وبعد وقت قصير انضم إليه جماعة من الفتيان المؤمنين بالله وكانوا من أشراف الناس فجلسوا يتحدثون عن سوء عقيدة قومهم واتفق الفتية على أن يكتموا أمر إيمانهم بالله وأن يجتمعوا خفية بين وقت وآخر ليتفكرون في خلق الله ويسبحونه ويطلبون المعونة منه عز وجل و الرحمة .وفي يوم من الأيام سمعوا بأن الملك علم بأمرهم وتوعد بقتلهم وأمر جنده بالبحث عنهم في كل مكان ، تحير الفتية ماذا يفعلون !قرروا الثبات على دين الله و الصمود ضد الكفار و بعد أيام أحضر الملك الفتية في قصره و قال غاضبا : كيف تتركون دين الملك و عبادة الأصنام هل جننتم ؟ فقالوا كلا إنما نعبد الله الواحد الخالق الرازق ، فهذه الأصنام لا تخلق ولا ترزق !!فازداد غضب الملك وهددهم بالقتل في الغد إن لم يرجعوا إلى دينه.تشاور الفتية و المؤمنين ماذا يفعلون ثم قرروا الفرار بدينهم إلى كهف في الجبل ، وهناك يعبدون الله كما يشاءون دون أن يصيبهم الملك وجنوده بأذى ، جمعوا زادهم و متاعهم و توجهوا نحو الجبل فرآهم كلب وكان اسمه قطمير في الطريق فرافقهم و صار يحرسهم . و صل الفتية متعبين إلى الكهف فتناولوا طعامهم ثم اضطجعوا قليلا ليريحوا أنفسهم وإذا بهم ينامون نوما عميقا ، فيمر عليهم عام إثر عام وهم راقدون لا يستيقظون .حفظ الله أجسام الفتية من التغيير مع مر السنين بأن جعلهم يتقلبون نحو اليمين وأخرى نحو الشمال و كلبهم باسط ذراعيه عند باب الكهف نائما ، يرعبون بمنظرهم كل من ينظر إليهم أو يقترب منهم ، ومضى على نوم الفتية في الكهف 300 سنة (وقد ورد في القرآن "ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعا وهذا يعني أن القرآن أشار إلى التقويمين الهجري والميلادي معا فقد لبثوا في الكهف 300 سنة ميلادية و309 سنة هجرية (السنةالميلادية تزيد عن الهجرية 11:12 يوم × 300 سنة÷365 = 9 سنوات)، ثم استيقظوا وهم جياع متعبون من طول النوم فأخذوا يسألون بعضهم البعض ، كم نمتم ؟ قالوا: نمنا يوما أو بعض يوم !لكنهم رأوا شعورهم و أظافرهم قد طالت فقالوا : ربكم أعلم كم لبثتم في هذا الكهف نياما ، فليذهب واحد منا إلى المدينة ليشتري لنا طعاما و ليكن حذرا لكيلا يعرفه أحد ، فيشكيه إلى الملك فيأخذه ، ويقتله .خرج واحد منهم إلى المدينة ، وهو حذر فدخل مدينة ( أفسوس ) ، فرأى المدينة قد تغيرت أبنيتها ، و تبدلت أحوالها و رأى وجوها لا يعرفها صورا لم يألفها من قبل فتحير في أمره و اضطرب في مشيته ، فانتبه له الناس فتقدم نحوه رجل ، وقال له : أغريب أنت عن هذا البلد؟. قال : لا لست غريبا . قال الرجل فلم تنظر هنا وهناك وتبدو متحيرا ؟ . قال الفتى : إنني لا أجد مكانا لبيع الطعام فدهش الرجل منه ، لكنه أخذ بيده إلى بائع طعام. أخرج الفتى المؤمن دراهمه ، وأعطاها للتاجر ليعطيه بعض الطعام فدهش التاجر لأن الدراهم قديمة ، منذ أكثر من 300 عام ، و قد نقش عليها اسم ملك قديم اسمه ( دقيانوس ) فظن أنه عثر على كنز ، فنادى جيرانه واجتمع الناس بدهشه حول الفتى فتعجب من نظرتهم إليه و دهشتهم من دراهمه ، فقال لهم مم تتعجبون وهذه الدراهم يتعامل بها الناس كل يوم ؟! أليست مثل الدراهم الفضية التي تتعاملون بها ؟!! فقالوا له : هذه الدراهم منذ زمن الملك (دقيانوس ) الذي مات منذ حوالي 300 سنة,دهش الفتى المؤمن و قال : هل قلتم إن الملك ( دقيانوس ) مات منذ 300 سنة ؟!! قالوا : نعم لكن لماذا تتعجب ؟أخذ الفتى يخبر الناس عن قصته و أصحابه مع الملك الظالم ، فذهل القوم عندما علموا أن هذا الفتى هو أحد الفتية الأشراف ، الذين هربوا منذ تسع و ثلاثمائة سنة من حكم ملكهم الكافر .و عندما هم الفتى بالذهاب إلى صحبه قال له الناس : لا تخف فإن الملك الذي يجلس الآن على عرشه هو عبد مؤمن بالله الواحد الأحد ، كما تؤمنون أنتم ، ثم أخبرهم الفتى عن مكان الكهف ، وسبقهم إلى هناك ، فحدث أصحابه بما رآه وما سمعه وإذ بالملك يزورهم ويصافحهم و يعانقهم, و بعد حديث طويل دعاهم ليقيموا في قصره ، فقالوا : بل نبقى هنا حتى يقضي الله فينا أمره .وما هي إلا لحظات حتى شاء الله عز وجل أن يختارهم إلى جواره ، وأن يشملهم برحمته ، فوقعوا الفتية أمواتا على الأرض فدعا الملك و صحبه لهم بالمغفرة و الرحمة ، ثم أمر الملك بأن يدفنوا في كهفهم، وأن يسد باب الكهف. ثم تنازع الناس و اختلفوا ، هل يبنون على فتية الكهف بنيانا يتذكرونهم أو يبنون قرب كهفهم مسجدا ؟!!ثم استقر رأيهم على أن يبنوا أمامهم مسجدا, وصار الناس يعبدون فيه الله وحده لا شريك له . و صار الناس يتذكرون قصة أصحاب الكهف ، أولئك الفتية المؤمنين الشجعان ، و أيقن الناس بأن الله خلق الإنسان قادر على أن يخلقه مرة ثانية بعد موته ، كما أحيى الله هؤلاء الفتية بعد 309 سنة .