الرئيسيةبحث

أسلوب أسخيلوس


مقدمة

يعتبر أسخيلوس ( أبو المسرح اليوناني ) لأنه بطريقة أو بأخرى ساهم إسهامات جليلة في تغيير

مسار التراجيديا اليونانية .

و لد أسخيلوس ابن إيوفوريون في إليوسيس(*) سنة 525 قبل الميلاد من أسرة قديمة تسمى "

إيوباتريد" و هم سلالة قبائل أيولية (1).

ألف أسخيلوس أول مسرحياته وهو في الخامسة و العشرين عام 500 – 499 قبل الميلاد ولكنه لم يفز بالجائزة

الأولى إلا عام 484 قبل الميلاد و فاز بها ثلاثة عشرة مرة كان أخرها عن ثلاثية الأوريست ( أجامنون –

حاملات القرابين – الصافحات ) ، و من المؤكد أنه فاز بالجائزة عن مسرحية الفرس عام (472 ق.م) و

ثلاثية طيبة (467 ق.م) (2) .


يروي " باوسانياس " أن إسخيلوس بدأ كتابة التراجديات بناءاً على أمر من الإله ديونيسوس ،

الذي ظهر له في رؤيا أثناء نومه في الحقول في مرحلة طفولته و ربما يكون هذا ما دفعه إلى الكتابة في سن

مبكرة (3)


و قد كتب أسخيلوس حوالي تسعين مسرحية(**), لم يصلنا منها إلا سبعة وهم : ( المستجيرات – الفرس –

السبعة ضد طيبة – برميثيوس مقيداً – ثلاثية الأوريست ) .

و يقال أن سفوكليس تفوق عليه في إحدى مسرحياته وربما تكون هذه الهزيمة سبباً في رحيل أسخيلوس إلى

صقلية(1) .

و كانت أبرز أعمال أسخيلوس و التي كان لها إنعكاسات واضحة في مسرحياته هي مشاركته في الحروب

الميدية ، بين عامي 480 – 479 قبل الميلاد و التي أظهر فيها شجاعة و إقدام ، حتى أنه عندما توفي في جيلا

نقش على قبره " هذا القبر يغطي رفات أسخيلوس ابن يورفيون الذي ولد بأثينا و مات في سهول جيلا

الخصبة و إنه لفي إستطاعة غابات الماراثون الشهيرة المقدسة و في مقدور المديين ذوي الشعور المرسلة أن

يتحدثا عن علم مكين بجرائته و شجاعته و إقدامه في ساحة الوغى " ، وكان أريستوفانيس يلقبه بالأمير

الباكخي (2) أو محارب الماراثون(3) ، ويلاحظ انه لم يذكر اي شئ عن مقدرته الفنية و لا عن كونه أحد

عظماء التراجيديا .


و قد توفي هذا الشاعر العظيم في رحلته الثانية إلى صقلية و مكث بها عامين ( أي حتى حوالي عام 456

ق.م ) ، و بينما كان يجلس أسخيلوس ذات يوم على سفح جبل بالقرب من مدينة جيلا و كان هناك نسر يحمل

سلحفاة و كان يبحث عن صخرة ليحطم عليها فريسته ، فظن أن رأس اسخيلوس صخرة ، فألقى السلحفاة

عليه فحطمت رأسه ، وهكذا مات اسخيلوس الشاعر التراجيدي العظيم و دفن في أرض مدينة جيلا (4).


تجديدات أسخيلوس :


ليس معنى أن أسخيلوس يعتبر أباً للتراجيديا اليونانية أنه مبتدع فن التراجيديا ، لكن المقصود أنه

أعطاها شكلها الحقيقي وصورتها الحقيقية و صورتها الأخيرة فكان جديراً بأن يأخذ ذلك اللقب كما كان

هيرودوت أبا للتاريخ . وأهم ما أدخله إسخيلوس من تعديلات على التراجيديا(1) :


1. لم تكن التراجيديا قبله إلا نوعاً من الغناء القصصي تقوم به الجوقة أو الممثل الذي أضافه

ثيسبس ، لكن اسخيلوس لم يكتف بهذا الغناء بل أضاف إليه شيئاً من الحركة و شيئاً من الحوار.

2. أدخل الممثل الثاني في معظم مسرحياته بعد أن كان واحداً أيام ثيسبس .

3. راعى تدبير المسرح و تنظيمه من الناحية المادية حتى يتمكن الممثلون من محاكاة الحقيقة

4. اعتنى بملابس الممثلين و أحذيتهم مما ساعد في إعطاء التراجيديا ذلك المظهر الوقور .

5. و يرجع إلى أسخيلوس أنه حدد الأوضاع الفنية للمسرحية و قوانينها و شروطها التى أصبحت

كالدستور لمن جاء من بعده .


ثلاثية الأوريستيا :


تتكون من ثلاث مسرحيات ( أجاممنون – حاملات القرابين - الصافحات), وتتناول الأوريستيا موضوع اللعنة

المتوارثة في بيت أتريوس و أحداثها الرئيسية كالأتي(1) :

أنجب بلوبس ولدين هما أتريوس و ثيستس ، و لقد حاول ثيستس غواية زوجة أتريوس ، قام أتريوس

بالتظاهر بأنه قد غفر خطأ أخيه ، لكنه إنتقاماً من أخيه قام بدعوته إلى مأدبة ، كان أتريوس قد

ذبح فيها أبناء أخيه إلا واحداً و قدمهم أتريوس لأخيه في المأدبة ، و أكل الأب لحم أبناءه دون أن يعرف

الحقيقة و لكنه سرعان ما علمها فلعن أتريوس و ذريته وفر بإبنه الباقي هارباً .

ثم تزوج إبنا أتريوس أجاممنون و مينيلاوس من كليتمنسترا و هيلين التي قامت من أجلها الحرب الطروادية

الشهيرة و أثناء غياب أجاممنون في الحرب يعود إيجستوس ابن ثيستس ، و يتخذ كليتمنسترا عشيقة له ، و

عندما يعود أجاممنون إلى وطنه منتصراً ، فتتأمر كليتمنسترا و عشيقها لقتل أجاممنون ، و بالفعل ينجحا

في ذلك ( و هذا ما تناولته مسرحية أجاممنون ) .

و عندما يكبر أوريستس ابن أجاممنون ، يعود إلى وطنه و بالإتفاق مع شقيقته إلكترا لقتل كليتمنسترا

وعشيقها إنتقاماً لأبيه ( و هذا ما تناولته مسرحية حاملات القرابين ) ، فتطارده الأيرينيات عقاباً له

على جريمته إلى أن تتم محاكمته و تعلن براءته فترفع اللعنة من على منزل أتريوس .


مسرحية " حاملات القرابين "


تبدأ المسرحية بمشهد لمقبرة أجاممنون في وطنه أرجوس و أوريستس و صديقه بيلاديس ابن ملك فوكيس و

أوريستس يضع خصلة شعر على قبر أبيه ويبدي حزنه و أسفه :

يا أبتاه ! إصغ كن سميعي !

يا منبت الأحزان في ضلوعي

هاتان خصلتان في يدي

إبتلتا بدمع مقلتي(1)


ثم يقسم على الإنتقام و يتوجه إلى زيوس قائلاً :

فيا زيوس ! يا حمى الأنام

أشدد على قلبي للإنتقام

لوالدي الطريح في التراب

و كن حليف ضربتي و ثأري(2)


ثم ينسحب هو و صديقه بيلاد عندما يلحظون مجيء موكب من النسوة قادم عليهم ، ثم تدخل الجوقة حاملة

للقرابين هذه القرابين ما هي إلا قرابين أرسلتها كليتمنسترا ربما لأنها أحست بالندم على فعلتها ثم تدخل

الكترا لتناجي روح أبيها .

و تقوم الجوقة بإلقاء عدد من الأبيات يرون فيه عن خيانة كليتمنسترا و مليكهم أجاممنون و نجدهم

يصفونها كدليل على كذب قربانها :

هذه الكافرة عنوان الجناة

أرسلتني بالقرابين ومسفوح الصلاة

و شفعاعات الزواني تتقي بطش الإله(3)

ثم نرى قائدة الكوراس تحرضها على أن تدعو في صلاتها بالقصاص من القتلة :

قائدة الكوراس

فلتكن الصلاة بإختصار

سيان بالقصاص أو بالثأر

مطارد لاحق كالضواري

يطارد القاتل في إصرار فينتهي القاتل للدمار(1)

فتتساءل إلكترا:

و هل ترى إراقة الدماء

تحل في شريعة السماء(2)

فتجيبها قائدة الكوراس:

و كيف لا ؟ أقول لا مناص

أن يقتل القاتل بالقصاص(3)

فتصلي الكترا لأبيها و تكلمه مستعطفة إياه :

إنظر ! كلانا ( أي هي و أوريستس ) بائس طريد

منذ استبدت زوجك الغويه

باعت بنيها بيعة العبيد(4)


ثم تلاحظ وجود خصلات شعر وتتعرف عليها و تعلم أنها لأوريستس:

و هذه عجيبة العجائب

إنظرن يا إماء للذوائب

قد شابهت في لونها الغديرة(1)

قائدة الكوراس

أي غديرة جرت نضيرة ؟

تكلمي فإني في حيرة(2)

الكترا

غديرتي المرسلة الغزيرة(3)

قائدة الكوراس

إذن لعلها من عطاء

قدمه أوريست في الخفاء

قربانه للوالد الفقيد

لعله أقبل من بعيد(4)

ثم يظهر أوريست ليخبر الكترا بشخصيته الحقيقية

إني أوريست جئت من بعيد(5)

لكنها تنكره

رحماك لا تمشي على الفؤاد

يا أيها الغريب في البلاد(6)


فيتعجب أوريست قائلاً

يا عجباً حين رأيت خصلتي

قصصتها أمارة الحداد

عرفتها لأنها قد شابهت غدائر المواج فوق رأسك(1)

ثم يقول

و الآن إذ ترينني أمامك


ها أنت تنكرينني انكاراً(2)

فتتيقن إلكترا أنه أخاها

ها أنت قد عدت يا مخلصي

تلبس تاج القوة


بها تسترد قصر والدك(3)

ثم يتجه أوريست إلى زيوس قائلاً

أيا زيوس ! يا زيوس ! شاهد

و اشهد على مآلنا الحزين

انظر إلينا و ارث اليتامى(4)


ثم يدور حوار بينه وبين الجوقة عن نبؤة لوكسياس ، ثم يدور حوار أخر بين أوريستس و إلكترا و الجوقة

كأنه مرثية لأجاممنون ( يلا حظ أنه أثناء كل هذه الحوارات كان بيلاد واقفاً صامتاً و ربما كان هذا يدل

على أن أسخيلوس لم يدخل الممثل الثالث و لكن سوفوكليس هو من إبتكر هذا )

ثم في جزئين متتاليين لإلكترا و أوريست نجد الأولى تحكي ما فعلته كليتمنسترا مع أجاممنون بعد موته و في

الثانية نجد توعد من أوريستس بالأنتقام

إلكترا

آه يا ويلاه من أم الشنار !

ملأ الحقد حشاها و السعار

مللك اليونان ، مولى الإنتصار

سيد الأمجاد و الذكر استطار

كعدو مددته في إحتقار

طي لحد و نهت عنه المزار

ورعاياه كبار وصغار

حرمتهم من جانزة أو مزار

أو بكاء أو طقوس أي عار

جلل اليونان و الديار(1)

أوريستس

آه ! واه لي من شين المشين

كل ما قلت عذاب لا يهون

غير أني جئت أجتاز الحزون

و الفيافي أغسل العار المهين

بإنتقامي و بإيماني المكين(2)


ثم يعيد الكوراس على أوريستس بعض مما فعلته تلك الخائنة كليتمنسترا ، و تتابع الأبيات كأنها أكوام من

الحطب تلقى في النار ليكون القارئ في حالة تحفز دائم للمصير المشئوم لكليتمنسترا ، ثم يأتي بعد ذلك ذكر

الرؤيا التي رأتها كليتمنسترا بأنها أنجبت ثعبان حسبته ولداً فأخذته لترضعه لكنه يجرحها بأنيابه و يمص

دمائها ، لذلك أرسلت كليتمنسترا مع الجوقة هذه القرابين ، لكن أوريست يفسر الرؤيا بأنه هو الثعبان

و أنه جاء للإنتقام ، و أنها مهما فعلت فأن إرادة الألهة قد نفذت .


ثم يتلو أوريستس على أسماع إلكترا و الجوقة خطته من أجل الإنتقام

آمر أختي ، زهرة الشباب

أن تلج القصر على إستحياء

وتكتم الأسرار في الخفاء

بالمكر يوردان شط الموت

من قتلا عاهلنا في مقت

و مثلما إغتالاه شر غيلة

بالختل يقتلان أو بالحيلة

وهكذا أنفذ في الفجار

قضاء لوكسياس ذي الأسرار

و هو أبولو قارئ الغيوب

...

انا وصاحبي بيلاد

سندخل المنزل ذي العماد

...

وسوف نحكي لهجة البرانس

كأننا الأغراب بين الناس

و بالفعل يدق أوريستس و بيلاديس أبواب القصر يطلب من أصحابه و تستقبلهم كليتمنسترا و يخبرها

اوريستس المتنكر في شخصية رجل أجنبي أنه قادم من ديلوس وأنه قابل رجل يدعى ستروفيوس عرف أنه ذاهب

إلى أرجوس فطلب منه أن يحمل رسالة لأهل القصر و هي أن أوريستس ابن أجاممنون مات فهل يدفن هناك أم

يعود به إلى أرجوس .

ثم تصعد كليتمنسترا إلى جناحها الملكي وهم يذهبون إلى غرف الضيافة ثم تذهب كيليسا مربية أوريستس إلى

إيجستوس تطلب منه ان يأتي ليتحقق من أمر الغرباء بنفسه ، و بعد أن تؤكد له الجوقة ذلك يدخل إلى

القصر و بينما الجوقة تتوسل لزيوس ، إذا بصرخات إستغاثة من أيجستوس ، فتأتي كليتمنسترا و تطلب أن

يؤتى لها بالبلطة التي قتلت بها أجاممنون ، و لكن في هذه الأثناء يخرج أوريستس و سيفه مقطر بدماء

أيجستوس ، و يهم بقتل كليتمنسترا ، لكنها تخبره بأنها أمه و تتوسل إليه

فيتردد ويستشير صديقه بيلاديس الذي يذكره بأبيه و بثأر فيجهز عليها و يعلن فخوراً أنه قتلها بيد

العدالة لأنها تستحق هذه الميتة .


كليتمنسترا


أنت وليدي رضيع صدري

سوف أقيم معك طول عمري

أوريست

عجباً أتفتكين بأبي الكريم

و تأملين الأم أن تقيمي معي

لكي أقيم في الجحيم ؟

كليتمنسترا

يا ولدي ، كفى هي الأقدار

ساقت مصيره إلى الدمار

...

كليتمنسترا

أراك عازماً على إغتيالي

يا ولدي و لاح لي مآلي

أوريست


بل أنت سوف تقتلين

نفسك بالخزي ... أتفهمين ؟

ثم تحذره من إلاهات العقاب

حذار من مخالب الزبانية

حمراء تحسو دمائك القانية

تطلقها أمك بعد الموت

لكن أوريست لا يعبأ بهذا و يسوقها إلى داخل القصر ثم تفتح الأبواب الوسطى للقصر ليظهر أوريست و اقفاً

عند جثتي كليتمنسترا و أيجستوس

إنتهى عرض المسرحية و لكن إجابة السؤال هل بالفعل إستحقت كليتمنسترا لقب المرأة الخائنة ؟؟ ...

ربما يكون غياب زوجها عنها لمدة طويلة حوالي العشرة أعوام مبرراً وجيهاً لهذه الخيانة لكن يُرد على ذلك

بأن أجاممنون لم يذهب إلى طروادة ليتنزه أو ما شابه لكنه ذهب لحرب من أجل شرف اليونان كلها لذلك

عندما نجدها تقول لأوريستس مبرره قتلها لأجاممنون ...


كلتمنسترا

يا ولدي ، ما أبأس النساء

ذقن بلاء الوحدة الصماء

يعشن و الأزواج في القتال

مثل أرامل بلا رجال

فيرد أوريستس قائلاً

الزوج غائب على إضطرار

جاهد كي يسعد من في الدار


هناك أيضاً سبب ربما يبرر خيانتها أن أجاممنون إتخذ عدداً من المحظيات له أمام ناظري زوجته لكن مثل هذا

التصرف المشين لا يرخص لها قتله ...

كلتمنسترا

بل قل ،, تكلم ،, لا تكل كيلين

أذكر أباك فارغ العينين

عدد مخازيه وعد ديني

فيرد أوريستس قائلاً

اياك أن تحاسبي الأبطال

قد حملوا الأعباء و الأثقال

و أنت تقعدين رهن الدار

لا فرق بين الليل و النهار

والحقيقة أنه ليس من واجب المرأة أن تخرج للحروب و أن خروج أجاممنون للحرب و عدم خروجها لا يبرر له

إتخاذ عشيقات له و لكن هذا لا يبرر لكليتمنسترا قتل زوجها .

هناك سبب أخير قد يشفع لها قتلها لزوجها ألا وهو ذبحه لإبنتهما إيفيجنيا كقربان للإلاهة ديميتر وذلك

عندما غضبت على اليونانين قبل أن تتحرك الحملة إلى طروادة ، و لكن الأسطورة كما يرويها الأستاذ

الدكتور عبد المعطي شعراوي : " عندما حشدت جموع الإغريق للذهاب لحصار طروادة هبت رياح عاصفة و هاج

البحر و إرتفعت الأمواج هادرة و إشتدت حركات المد و الجزر و عصفت الرياح بالسفن الإغريقية و حطمت

عدداً كبيراً منها و أغرقت عدداً أخر ، و أصبح الأسطول الإغريقي في خطر عظيم إستولى الزعر على قادة

الحملة تأجل الرحيل و طالت فترة الإنتظار في الميناء ، إزدادت الخشائر يوماً بعد يوم ، لجأ القادة إلى

العراف ( كالخاس ) الذي كان يرافق الحملة ، راقب كالخاس حركات الطيور في السماء ، لاحظ مواكب النجوم

في الفضاء و إستخار الألهة ، ثم حمل النبؤة إلى القادة إن الربة الغاضبة هي أرتميس العذراء ولن تهدأ إلا

بعد أن يقوم القائد الإغريقي أجاممنون إبنته العذراء إيفيجينيا ضحية على مذبح الربة " (1) .

تعددت الأسباب التي ذكرتها الأسطورة لكن المهم ما حدث من ردة فعل لأجاممنون ، فتقول الأسطورة : "

إستنكر أجاممنون ماقاله العراف كالخاس و رفض الإستجابة لمطلب الربة إشتدت قوة الرياح و إزدادت

خسائر الإغريق و أصبحت الحملة مهدة بالفشل قبل أن يبدأ القتال ،

توسل القادة الإغريق إلى أجاممنون ، لكن أجاممنون لم يستع إلى توسلاتهم حاولوا أن يثنوه عن عزمه ، لم

تنجح محاولاتهم ، هددوه بالإنضمام إلى حلفاء أخرين و إبعاده عن الحملة فلم يخضع لتهديداتهم ، تدخل

شقيقه منيلاوس ، توسل إليه أن ينقذ شرف أخيه و أ، يعيد للأسرة كرامتها ، إستحلفه برأس والدهما

أتريوس ، إنضم إليه الماكر أوديسيوس ذكره بما سيلاقيه من المجد إذا نجحت الحملة ، فبدأ أجاممنون يشعر

بالحيرة هل يضحي بإبنته إرضاءاً لأرتميس أم يضحي بالحملة التي ستقاتل من أجل اليونان و بالمجد الذي

ينتظره إذا حقق فيها الإنتصار ، في النهاية وافق أجاممنون مضطراً غير مقتنع (1) " .

إذن فقد وافق أجاممنون على مضض و جاءت إيفيجنيا كليتمنسترا ظناً منهم أن أخيليوس القائد الإغريقي

العظيم يردي الزواج من إيفيجنيا لكن هذا كان محض خدعة حاكها القادة الإغريق ليحضروها ، فتنخرط هي

في البكاء وتثور أمها كليتمنسترا و أيضاً أخيليوس الذي لم يكن يعلم بالأمر و رفض هذه الطريقة

الرخيصة لإحضار إيفيجنيا ، المهم مرة أخرى هنا هو رد فعل إيفيجنيا فتستكمل الأسطورة : " فكانت

إيفيجنيا تنظر فيمن حولها فترى أخليوس ثائر و أمها كليتمنسترا أيضاً ثائرة و ترى القادة وحملتهم

المهددة بالفشل في البدء أعلنت رفضها ، فوقع الجميع في حيرة ماذا يفعلون فقد إزدادت سرعة الرياح و

بات أمر الحملة على المحك (2) " .

لكن ما حدث : " كانت إيفيجنيا في خضم هذه الأحداث صامتة تراقب كل شيء حولها في صمت كانت هي الأخرى

تفكر ، إنها تحب والدها حباً يفوق الحدود و تحب والدتها حباً جماً و تخلص لوطنها أشد الإخلاص و تشفق على

قادة الإغريق الذين باتت حملتهم مهددة بالفشل و لا يجدون طريقاً للخلاص ، و ظلت تفكر عليها الآن أن

تختار بين الحياة والموت ، حياتها في كفة و نجاح الحملة في كفة أخرى ، ماذا يحدث لو أنها قدمت نفسها فداء

للوطن ، بدأت تروقها الفكرة شيئاً فشيئاً ، ثم هبت قائمة بين الجموع المتراصة و صاحت بنبرات متقطعة أنها

سوف تقدم حياتها راضية فداء لوطنها الكبير سوف تصعد مذبح الربة طائعة مختارة حتى ينجح الإغريق في

الدفاع عن شرفهم و كرامتهم (1) " .

إذن فإيفيجنيا إختارت الموت راضية كما تقول الأسطورة لم تقتل مثلاً عنوة و لم تطلب من أمها الثأر من

أبيها الذي دفعها إلى الموت لا لم تطلب ذلك إذن فليس لكلتمنسترا الحق مطلقاً في خيانة زوجها و قتله و لا

مبرر لها على الإطلاق لذلك ظلت مثلاً للمرأة الخائنة .



1- أسخيلوس ، ثلاثية الأوريست ، ترجمة د. لويس عوض

2- د.فريد حسن ، التراجيديا اليونانية بين الدين والدنيا

3- د.منيرة كروان ، تأملات في الأدب الإغريقي

4- د.علي عبد الواحد وافي ، الأدب اليوناني القديم

5- د. سيد مصطفى عجاج ، محاضرات في التراجيديا اليونانية

6- د.محمد صقر ، د.عبد المعطي شعراوي ، المأساة اليونانية

7- ول ديورانت ، قصة حضارة ، مجلد حياة اليونان

8- د.عبد المعطي شعراوي ، أساطير إغريقية ، الجزء الأول ( أساطير البشر ) ، الطبعة الثالثة

9- د.شكري عبد الوهاب ، شعراء المأساة العظام ( أسخيلوس )


--The greek mido 21:15، 26 أكتوبر 2007 (UTC)

== بواسطة : أحمد محمد حماد ==