أبرتهايد هو نظام الحكم والسياسة العنصرية التي اتبعتها حكومة الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا من عام 1948 حتى عام 1990. استندت هذه السياسة على مباديء الفصل العنصري بين المستوطنين البيض الحاكمين وبين السكان السود أصحاب الأرض الأصليين، وتفضيل الإنسان الأبيض على الإنسان الأسود في جميع المجالات. جاءت الكلمة من لغة "الأفريكان" ( لغة المستوطنين البيض ذوي الأصول الهولندية) ومعناها الفصل. وقد رفضت كافة لغات العالم استقبال هذه الكلمة بترجمتها، وبقيت كما هي "أبرتهايد" تعبر عن حالة متفردة من العنصرية الرسمية الصريحة المترجمة حقوقيا بالنصوص. بدأ نظام الأبرتهايد كسياسة رسمية ومعلنة عام 1948 مع وصول "الحزب الوطني" اليميني الأفريكاني الأبيض إلى الحكم، والذي كان من بين أهدافه استمرار حكم العرق الأبيض في جنوب أفريقيا. عام 1990 ترأس الحكومة البيضاء "فردريك دي كلارك" الذي فاجأ العالم بإعلانه أن سياسة الأبرتهايد قد فشلت. قام بإلغاء جميع قوانين الأبرتهايد العنصرية التي تفرق بين المواطن الأبيض والمواطن الأسود. وسمح بتجديد عمل "الكونغرس الوطني الأفريقي" وأطلق سراح زعيمه نلسون مانديلا، وسمح بقيام الأحزاب السياسية. قام كلارك بالتنسيق مع نلسون مانديلا لإجراء انتخابات حرة يشارك فيها، ولأول مرة، كل الأعراق في البلاد. فاز حزب "الكونغرس الوطني الأفريقي" بأغلبية ساحقة في الانتخابات التي تمّت عام 1994. انتقل الحكم بطريقة سلمية وهادئة، وأصبح نلسون مانديلا الأسود رئيس حكومة جنوب أفريقيا. أنشأ مانديلا لجنة "الحقيقة والمصالحة" للتحقيق في مظالم الأبرتهايد وفي نفس الوقت منح العفو للبيض المسؤولين عن هذه المظالم بعد أن يبدوا الندم على أفعالهم.
يرتكز نظام الأبرتهايد على الأسس التالية:
1) نشاط استيطاني ضمن مشروع كولونيالي انفصل عن الدولة أو الدول الاستعمارية الأم. 2) تَشكل جماعة قومية من خلال هذا الاستيطان تؤكد على تميزها “العرقي الأرقى” عن السكان الأصليين، بحيث تعبر الدولة عن سعي هذه الجماعة إلى الحرية والاستقلال، رغم أنها تشكل أقلية من ضمن سكان هذه الدولة. 3) نظام حقوقي من الفصل العنصري يبقي “العرق الأدنى” في نطاق الدولة، ولكنه يحرمه من حرية التنقل، ومن حق الاقتراع، فأبناء العرق الأدنى السكان الأصليون هم نظريا مواطنون ولكنهم في الواقع رعايا الدولة خاضعون لها، والدولة ليست تعبيرا عن تطلعاتهم، ثقافتهم، بل هي أداة لسيطرة “العرق الأرقى” عليهم. 4) سيطرة نخب “العرق الأرقى” على مقدرات البلاد الاقتصادية وثرواتها، بما في ذلك الأرض.. أثمن الثروات إطلاقا. 5) ثقافة سياسية ودينية منتشرة ترتكز على نظريات عرقية تتبناها الدولة والكنيسة، وتشكل تبريرا نظريا وأخلاقيا لنظام الفصل العنصري. لم تطالب غالبية السكان في جنوب أفريقيا بالانفصال عنها كدولة وإقامة دولة أخرى، كما لم تطالب بطرد الأقلية البيضاء التي انفصلت ثقافيا وسياسيا عن دولتها الأم فقد كانت معركة الغالبية في جنوب أفريقيا ضد الفصل العنصري ولا يمكن أن يكون الانفصال علاجا للفصل أو ردا عليه.