على الرغم مــن ظهور هذا المصطلح منذ ثلاثين عاما، إلا أن التطورات الهائلة التي حدثت في تلك الفترة قد عظمت من استخدام هذا المصطلح، فضلا عن ظهور مصطلحات كالعولمة، الرقمنة وعلى الرغم من تداول هذا المصطلح إلا أنه يحمل مفاهيم غير واضحة أحيانا، وغير متفق عليها. وقد شهد العالم عبر تاريخه الطويل تطورات متلاحقة وتحولات كبيرة في طرق وأساليب الحياة والمعيشة. وقد استجدت لديه احتياجات عديدة فبعد أن كان يعتمد على الزراعة لمدة من الزمن تحول إلى الصناعة من اجل تلبية احتياجاته حيث شهدت الثورة الصناعية الكبرى الأولى في القرن الثامن عشر، الذي تميز بالتخلي عن الآلات اليدوية بعد اختراع الآلات البخارية وأساليب التعدين، وبدأت الموجة الثانية للثورة الصناعية بعد مرور عصر واحد على ذلك عندما تم استحداث الكهرباء والمحركات ذات الاحتراق الداخلي والمواد الكيميائية المستحدثة بواسطة الأبحاث العلمية وعمليات صب الصلب الفعالة، وتكنولوجيا الاتصال الأولى كنظم التلغراف والهاتف والبريد وقد أفضت الموجة الأولى إلى الثورة الزراعية والموجة الثانية إلى الثورة الصناعية التي سمحت بإتباع سبل الاستدلال والمنهجيات العلمية النسقية والمنظمة.أما العصر الحالي فهو يخضع للمعايير ويتميز بظهور تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. فسمات المجتمع وخصائصه المتغيرة، وكذلك نظامه المتغير، تؤدي على وجه التحديد وبكل وضوح إلى نشأة مجتمع المعلومات والمعرفة.
يأتي مجتمع المعلومات بعد مراحل متعددة مر بها التاريخ الإنساني، وتميزت كل مرحلة بخصائص ومميزات، حيث شهدت الإنسانية من قبل، تكنولوجيا الصيد ثم تكنولوجيا الزراعة، وبعدها تكنولوجيا المعلومات، التي رسمت الملامح الأولى لمجتمع المعلومات هذا الأخير تميز "بالتركيز على العمليات التي تعالج فيها المعلومات، والمادة الخام الأساسية به هي المعلومة، التي يتم استثمارها بحيث تولد المعرفة، معرفة جديدة. وهذا عكس المواد الأساسية في المجتمعات الأخرى، حيث تنضب بسبب الاستهلاك، أما في مجتمع المعلومات فالمعلومات تولد معلومات، مما يجعل مصادر المجتمع المعلوماتي متجددة ولا تنضب" الأمر الذي يفسر أهمية المعلومات، ومكانتها كأهم مادة أولية على الإطلاق وهوما يجعل المجتمع الجديد يعتمد في تطوره بصورة أساسية على هذا المورد ، وشبكات الاتصال والحواسيب، ويتميز بوجود سلع وخدمات معلوماتية لم تكن موجودة من قبل، إلى جانب اعتماده بصفة أساسية على التكنولوجيا " الفكرية" أي تعظيم شأن الفكر والعقل الإنساني بالحواسيب، والاتصال والذكاء الاصطناعي ونظم الخبرة.
[[ويقصد أيضا بمجتمع المعلومات]] جميع الأنشطة، والتدابير، والممارسات المرتبطة بالمعلومات، إنتاجا، ونشرا، وتنظيما، واستثمارا، ويشمل إنتاج المعلومات، أنشطة البحث والجهود الإبداعية والتأليف الموجه لخدمة الأهداف التعليمية والتثقيفية. كما أعتبر العديد من الباحثين مجتمع المعلومات كوسط اجتماعي أفضــل للمعلومات " وهو مجرد مجتمع رأسمالي، تعتبر المعلومات فيه سلعة أكثر منها موردا عاما" أي أن المعلومات التي كانت أساسا متاحة بالمجان من المكتبات العامة، والوثائق الحكومية أصبحت أكثر تكلفة عند الحصول عليها خصوصا بعد اختزالها في النظم المعتمدة على الحواسيب. وهذه النظم مملوكة في معظمها للقطاع الخاص، ويتم التعامل معها على أساس تجاري من أجل الربح. كما تم تعريف مجتمع المعلومات "كدائرة متحدة تهتم بالأوضاع العامة من حشود وروابط ومصادر متنوعة تتشكل ما بين المؤسسات والأفراد لرعاية اهتمامات المجتمع حول توفير وتبادل المعلومات، والمعرفة الهادفة إلى سرعة الحصول على المعلومات، وزيادة المعرفة". ورغم أن مفهوم مجتمع المعلومات لم يتبلور تماما في الفكر العالمي للعديد من الباحثين إلا أنهم اتفقوا على اعتباره المخاض العسير، الذي مرت به البشرية مند الستينيات بمناسبة خطاب النهايات، نهاية المكان، مصانع بلا عمال، نهاية المسافة، تعليم بلا معلميـن نهاية المدينة، مجتمع بلا نقد، نهاية الكتاب، كتابة بلا أرقام، نهاية الورق مكتبات بلا رفوف" .
في مجتمع المعلومات يشكل قطاع المعلومات المصدر الأساسي للدخل القومي والعمل والتحول البنائي ففي الولايات المتحدة فان قطاع المعلومات ينتج حوالي نصف الدخل القومي وفرص العمل ، وتظهر اقتصاديات الدول المتقدمة في اوربا ان حوالي 40 بالمائة من دخلها القومي قدانبثق من أنشطة المعلومات في منتصف السبعينات . رغم تعدد المفاهيم حول مجتمع المعلومات إلا أنه يمكن استشفاف، أن مجتمع المعلومات يتركز أساسا على إنتاج المعلومة والحصول عليها واستغلالها في خدمة أهداف التنمية والتطوير، من خلال وضع آليات وإدارة انسيابها بواسطة بنية تحتية للمعلومات وشبكات الاتصال. ويمكن القول أن أهم عناصر قيام مجتمع معلومات مبني على قيمة المعرفة وإتاحة عادلة للوصول إلى المعلومات هي تنمية الإدراك البشري ومهارة استخدام تكنولوجيا المعلومات .
لابد من وضع التخطيط الشامل ووضع آلية التنفيذ وهي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق النظام المؤسسي وتلك النظم التي تمثل مهن المعلومات وصناعة المعلومات والمستفيدين من المعلومات والبدء من وضـع آلية مشتركة تحت رعاية وإشراف مؤسسة عليا رسمية بالدولة مع مراعاة التنسيق في المهام والواجبـات والمقصود بالتنسيق وجــود تشريع قانونـي يحدد المهام والمسؤوليات بشكل يحد من الازدواجية ويعمـل على تحقيق التكامـل والتوازن من اجـل تعبيـد طريق المعلومات وربطه بالاقتصاد والتنمية وتحقيق التقدم والرفاه .
من هذا المنطلق لابد من إدماج البنية الأساسية للمعلومات NII ضمـن الاستراتيجيات التنموية بصـورة تتضمن معها ضرورة وصول خدمات المعلومات لكافة المناطق الريفية والنائية واستخدام الحواسيب في المدارس والجامعات على جميع المستويات، وانتشـار مراكـز الإنترنت العامة ووجـود اتصالات ذات سمة تنافسـية تنظيمية وتحقيق التقدم بالإصلاح الإداري المؤسسي مع تحديث الأنظمة الإدارية والإنتاجيةوإعادة هيكلة قطاع الاتصالات وربطه بالمعلومات وتحديد المؤسسات التابعة إليها وتنمية الموارد البشرية. وبالنسبة للدول النامية فالدخول إلى مجتمع المعلومات يتطلب، ضرورة نقـل وتوطين التقنيات المعلوماتية، وبالتالي توفير بنى أساسية ( تحتية وفوقية ) من اجل الاستثمار لتنمية صناعة الاتصالات والمعلومات وتخطـى الحاجز اللغوي في تقنيات المعلومات والاتصالات، مع إعداد خطة وطنية للمعلومات وتحديد أهدافها و حصر المؤسسات ذات العلاقة وتحديد المهام والواجبات والأدوار المؤدية لتحقيق الأهداف ، وذلك في إطـار وضع جدول زمني للالتزام بالتنفيذ والبدء في التنفيذ والتطبيق والمتابعة والتقييم والتعديل حسب المعطيات وتطورات عصر المعلومات ، وكل ذلك يكون بإشراف ورعاية جهة رسمية بالدولة .
ويقصد كذلك بالمجتمع المعلوماتي: اذا اردنا ان نتعرف إلى المجتمع المعلوماتي فلا بد لنا أن نتاول مواضيع عده من شأنها تسهيل الوصول إلى ما هية المجتمع المعلوماتي ولا بد من مقدمة شمولية تاتي لتعميم بعض المفاهيم والمصطلحات. باتت المعلومات هي المحرك الاول لكافة الانشطة والعمليات وهي الاساس في المرجعية التي يبنى عليها اتخاذ القرارات وعليه اهتمت كافة المؤسسالت باقتناء مصادر المعلومات وحفظها واسترجاعها في الوقت المناسب، أدت الثورة المعلوماتية المحدثة َِ جراءا لانتشار وسائل الاتصال الحديثة والتي جعلت من المجتمع مجتمعا معلوماتيا مفتوحا هذا الانفتاح العائد ....