البدعة في اللغة تعني إحداث شيء (مادّي أو معنوي) لم يكن موجوداً من قبل. ومن هنا جاء وصف الله بأنه (بديع السموات والأرض)، أو وصف الشاعر أو الفنان أو العالم المخترع بأنه (مبدع). ومثلما كان الإبداع محموداً، فإن الابتداع مذموم. والمقصود به في الإسلام هو أن يؤتي بعمل (في مجال الدين على الأخص) لم يكن معروفاً من قبل في القرآن والسنة النبوية. كأن يخترع المسلم نوعاً من العبادة لم يكن موجوداً ولو بحسن نية ، أو أن يغيّر من العبادات والأحكام، فالمعروف عند عموم المسلمين أن الدين قد اكتمل قبل أن يتوفى الله محمداً، ولم يعد بحاجة إلى الإتيان بجدبد (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)- 3 سورة المائدة. ولا نقصد بالتغيير مخالفة السنة أو الأحكام الشرعية، لأن ذلك معصية صريحة. فترك الصلاة وأكل الميتة والزواج من المحارم وغير ذلك لا ينبغي أن يُنظر اليها على أنها بدعة على أساس كونها (إحداث أمر جديد)، بل هي معصية تتوفر فيها كل أركان مخالفة الأوامر والنواهي الصريحة.
بدعة محمودة، بل مسـتحبة!
على أنه ليس كل البدع محرّمة قطعاً. إذ لا يعتقد البعض في صلاة التراويح في عهد عمر بن الخطاب إلا بدعة! (رغم أن هناك من يقول أنها إنما كانت سنة غير مشهورة كان النبي يتجنبها خوفاً ان يشق بها على المسلمسن)، وما ركوب البحر في الجهاد في عهد معاوية بن أبي سفيان إلا بدعة! وما تزيين المساجد وزخرفتها كما هو الحال اليوم إلا بدعة، وما لبس البنطال والقبعة إلا بدعة! وما تناول الطعام بالملعقة إلا بدعة (لأن الرسول كان يقول: ايديكم أفضل اوانيكم)!! فهل يقتضي إنكار كل ذلك؟ يحدثنا التاريخ أن عمر بن الخطاب دخل المسجد النبوي في ليلة من ليالي رمضان فوجد الناس يصلون النوافل وهم بين قائم وقاعد وراكع وساجد ولهم دويّ كأزيز النحل، فأمرهم بأن يوحدوا صلاتهم بإمامة أحدهم. ولما كانت الليلة التالية جاء إلى المسجد فوجد الصفوف وقد استوت والناس في حركة واحدة متسقة، فقال: نعم البدعة جاء بها عمر! في حين كان عمر نفسه حريصاً على أن لا (يورّط) أمة الإسلام فيما لا قِبَل لهم به. إذ انه لما أراد نشر الإسلام خارج الجزية العربية واقتضى الأمر أن يركب المقاتلون المسلمون البحر، أمر بعض من راى البحر -وهو عمر بن العاص- أن يصفه له، فلما سمع منه وصفاً مهولا (جاء فيه: إن ركد خرق القلوب وإن تحرك أزاغ العقول) قال: والذي بعث محمدًا بالحق لا أحمل فيه مسلمًا أبدًا!. لكن معاوية رأى أن يركب المسلمون البحر.
من هنا يظهر أن بعض البدع (كالأكل بالملعقة) مقبولة رغم أنها لم ترد في القرآن والسنة، وبعضها (كالحزن الشديد على الميت) مكروهة، وبعضها مرفوضة ومحرّمة قطعاً، وكل ذلك حسب اجتهاد الائمة زماناً ومكاناً.
* ما يتعلق بالموت و الجنازة:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا قُرَّانُ بْنُ تَمَّامٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ مَاتَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ فَنِيحَ عَلَيْهِ فَجَاءَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ مَا بَالُ النَّوْحِ فِي الْإِسْلَامِ أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ عُذِّبَ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ وَفِي الْبَاب عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى وَقَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجُنَادَةَ بْنِ مَالِكٍ وَأَنَسٍ وَأُمِّ عَطِيَّةَ وَسَمُرَةَ وَأَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ عَامِلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الرَّبَذَةِ حَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ أَبِي أَسِيدٍ عَنْ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ قَالَتْ كَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَعْرُوفِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَعْصِيَهُ فِيهِ أَنْ لَا نَخْمُشَ وَجْهًا وَلَا نَدْعُوَ وَيْلًا وَلَا نَشُقَّ جَيْبًا وَأَنْ لَا نَنْشُرَ شَعَرًا
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَوْسٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ ثَقِيلٌ فَذَهَبَتْ امْرَأَتُهُ لِتَبْكِيَ أَوْ تَهُمَّ بِهِ فَقَالَ لَهَا أَبُو مُوسَى أَمَا سَمِعْتِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ بَلَى قَالَ فَسَكَتَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو مُوسَى قَالَ يَزِيدُ لَقِيتُ الْمَرْأَةَ فَقُلْتُ لَهَا مَا قَوْلُ أَبِي مُوسَى لَكِ أَمَا سَمِعْتِ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَكَتِّ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَمَنْ سَلَقَ وَمَنْ خَرَقَ
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنْ النِّيَاحَةِ
موسوعة الحديث الشريف، موقع اللإسلام