الرئيسيةبحث

ال جبرتي

بسم الله الرحمن الرحيم

المختصر في تاريخ الجبر

لما بعث الله سبحانه وتعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسولا للعالمين قبل أكثر من أربعة عشر قرنا ليدعو الناس إلى الإسلام الذي ينضوي تحت لوائه في عصرنا الحاضر واحد بليون ونصف مسلم ، تحمل نبينا محمد (ص) هذه الرسالة وبدأ يدعو قومه بأرض الحجاز إلى الإسلام فتصدى له ق ومه إلا نفر قليل استجاب لهذه الدعوة . في هذا الوقت العصيب كان الشعب الجبرتى بأرض الحبشة من أوائل من استجابة للدعوة وأمن بربه وأيد هذا الدين وذالك عندما وصلته رسالة الإسلام من قبل القرشين الذين هاجروا إلى أرضه فكان بحق درعا لرسالة رسولنا محمد (ص) وملجأ لعقيدته . وعندما أرادت مشية الله أن ينتشر هذا الدين في جميع أنحاء العالم ، يثبت التاريخ بأن الشعب الجبرتى إيمانا منه بعظمه هذه الرسالة أخذ يساهم بقلب صادق وعقيدة راسخة في نشر هذا الدين . ويشهد التاريخ أن الشعب الجبرتى كان يهيمن علي أوسع رقعة من أرض الحبشة ضمن الإمارات السبعة وكان له وكان له عدا كثيرا من الجنود . وقد ناضل هذا الشعب نضالا مريرا من أجل نشر الإسلام وحقق نجاحات كبيرة في هذا المجال . وعلاوة على ذالك يشهد التاريخ بأنه نظرا للصراع العنيف الذي كان يدور بين الديانتين الإسلامية والمسيحية في أرض الحبشة منذ عهد الحطات (ملوك مسيحين ) وحتى وقت قريب فقد تعرض الشعب الجبرتى ولا يزال يتعرض إلى الاضطهاد والتعسف وهذا لم ينحصر حدوثه في أثيوبيا فحسب بل تغلغلت جذوره إلي إريتريا حيث كانت ولا تزال تمارس الممارسات التعصبية تظهر جليا للجميع . إن البلدان التي تعرف حاليا بإريتريا وأثيوبيا والصومال وكذا السودان لم يطلق عليهم هذه الأسماء المميزة إلا منذ حوالي مائة عام ، وكانت من قبل تعتبر أرضا واحدة تسمى أرض الحبشة, وعليه فإننا مضطرون للعيش ضمن الحدود التي رسمتها الدول الأجنبية ومع ذالك فان التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الجيران سواء في محيط البلدة أو الوطن أو المنطقة أمر ضروري . وهذا لا يعني بالضرورة أن يكون علي حساب كرامة الإنسان وعرضه واسمه . بل ينبغي أن تصان كرامة وحقوق الأفراد والجمعيات والقوميات وتتحقق المساواة ويسود العدل مع قيام كل فرد بواجبه . صحيح أنه قد تسعى دولة لتطغى علي أخرى كما أن قومية تحاول أن تستعلي علي أخرى بل يتعدى الأمر إلى أخطر من ذالك حينما تستخدم شتى الوسائل لسلب حقوق الأخريين والتعتيم على دورهم وقهرهم ثم إزالتهم من الوجود نهائيا . هذا وقد أصبحت هذه الأمور مألوفة في هذا العصر الذي نعايشه وبالتالي يتعين على المرء أن يناضل من أجل إثبات كيانه متسلحا بالشجاعة والإقدام والأناة . وفي الختام أود أن أذكر بأنه سبق أن قام كتاب عديدون من الغربيين والعرب بالكتابة عن تاريخ الجبرتة أو أرض الحبشة ولكن مؤلفاتهم كانت بعيدة عن الموضوعية وتكتنفها الأهواء والأغراض . فأما هذا الكتيب الموجز فلم ينأ عن الحقيقة المدعمة بالأدلة . ودون أدنى شك سيجد فيه الجبرتى بصفة خاصة ما يمهد لهم الطريق إلى معرفة هويتهم . =الموقع الجغرافي, التعداد, اللغة, العادات, والأحوال الاجتماعية الوعي و التصور السياسي والاقتصادي= أن من يطلق عليهم "الجبرتة"يوجدون ضمن شعوب ستة أقطار من أقطار العالم ، وهى إريتريا ، وأثيوبيا ، واليمن ، والصومال ، وسلطنة عمان ، والمملكة العربية السعودية . وهذا البحث يسلط الضوء علي الجبرتة الإريتريين فقط . وبالرغم من أن كلمة "جبرتى" تحمل في ثناياها معاني متباينة فان ما ذكره مؤلف كتاب "جواهر الإحسان في تاريخ الحبشان " يشير إلى أن كلمة جبرتى مشتقة من الكلمة العربية جبر التي تعنى فيها (أصلح وأرضى وساعد وألزم ). ولما كان الجبرتة ممن يناصرون الرسول (ص) ويلتزمون بدينه فان كلمة الجبرتى تعني أيضا نافع يعول عليه. ونحن نرى أن هذا يؤكد أصالة الكلمة ويجعلها مطابقة للمعني الأخير. إن كلمة أو مسمى "الجبرتى " قد توارثته أجيال بعد أجيال وقد نقل إلينا عبر التأريخ الشفوي القديم من قبل أجدادنا القدامى وأهم من ذالك نجده مسطورا في تاريخ الإسلام وفي أحاديث نبينا محمد (ص). فإننا نؤمن به كحقيقة تاريخية .وتشير كتب التاريخ الموثوق بها إلى أن النجاشي أرماك الثاني أصحمة أو الأصحم الذي كان يحكم أرض الحبشة في عهد الرسول (ص) ، قد أستقبل المهاجرين الأوائل من المسلمين الذين هجروا الجزيرة العربية ودخلوا بلادنا حفاظا علي دينهم وأرواحهم استقبالا حسنا ونفعهم كثيرا ، ثم بعد تبادله الرسائل مع النبي (ص) أرسل بعثة ملكية إلى أرض الحجاز(غرب ويشهد التاريخ بأنه عندما مثل أفراد البعثة أمام رسول الإسلام نبينا محمد (ص) أستقبلهم بالبشاعة والترحاب البالغ ثم قال "هؤلاء هم الجبرتى" إي هؤلاء هم النافعون الذين يعول عليهم . وكانت كلمة "الجبرتى" منذ ذالك الحين وحتى عصرنا الحاضر تطلق أبناء الذين يذهبوا إلى الجزيرة العربية قادمين من شمال الحبشة . ويشير التاريخ قبل الميلاد قامت هجرات من القبائل العربية السبئية بعد انهيار سد مأرب إلى سواحل البحر الأحمر . فاستقرت هذه القبائل . وطبيعياً ان تتفاعل تفاعلاً اجتماعياً وحضارياً تميز بظهور حضارات جديدة ونشوء مجتمع متطور زراعياً في المرتفعات الاريترية . انتشار الإسلام في داخل الأجزاء الجنوبية والجنوبية الشرقية من بلاد الحبشة ، يشير التاريخ إلي أن المسلمين الذين كانوا يأتون إلى الجزيرة العربية قادمين من هذه الأجزاء كان العرب يطلقون عليهم أيضا بصفة عامة "الجبرتى" وذالك لعدم تمكنهم من تمييزهم عن مسلمي شعب شمال الحبشة. وان إطلاق الجبرتي لمختلف مسلمي الحبشة الذين يقطنون في كل من سرايه العرب وغيرهم ومن أمم أخرى في عصرنا الحاضر كاسم مميز لهذه الشعوب الناطقة باللغة التجرنية . الهدارب تحضن أبناء الهدارب في الحدود الشمالية وأطراف الساحل و أجزاء الشمال الشرقي حتى وسط بركة وهكذا تتوزع أيضا بقية القوميات الإرترية حسب المناطق التي تقطنها . وبما إن اسم الجبرته عام إلا انه يمكن تعريف الجبرته حسب مناطق إقامتهم حيث نقول جبرتى سراية ، جبرته حماسين ، جبرته اكلي غوزاي وهكذا دواليك . وبالرغم من الاختلاف في مناطق إقامتهم وإلا انهم من المؤكد بأنهم متحدون في العادات والتقاليد والتاريخ وأسلوب التحدث والظروف الاجتماعية والنظرة الفكرية كما ا نهم يتصفون بشعور وموقف ذهني واحد . وإذا ما نظرنا إلى ما ذكرناه أعلاه من الناحية التاريخية فان الشعب الجبرتي بصفة عامة تتسم ملامحه بوحدة المظهر. وعلي الرغم من أغلب الجبرتة من المسلمين العرب الذين قدموا إلى الحبشة ومن أبناء الحبشة السابقين في الإسلام وكما ينحدر عدد قليل منهم من نصارى هداهم الله إلى الإسلام في فترات متفاوتة وهذه حقيقة لا تنكر . وقد تناسل جزء القليل منهم أيضا من (قوميات /جنسيات ) أخرى سواء في إريتريا أو خارجها عن طريق المصاهرة وبحكم الجوار والاختلاط بالجتمع الجبرتى . فعلي سبيل المثال نرى كثير من أسر جبرتية نشأت في المنخفضات الإريترية الشرقية و الغربية بالتزاوج مع أبناء تلك المناطق صارت نمط حياتهم وأحاسيسهم وملامحهم لا تختلف عن سائر أبناء الجبرتة . وهنا يجدر بنا أن نشير إلى ما قاله عالم إيطالي أن تأمل مليا طبيعة الجبرتة ومدى التأثر بها " أنه في حالة ما تزوج الجبرتة فتات قومية أخرى فإنها تصبح جبرتية مباشرة " وكذالك " إذا ما تزوج رجل من مجتمع أخر بفتاة جبرتية فانه يصبح أيضا جبرتي" واستطرد العالم الإيطالي قائلا " ومن هنا نستخلص بأن عادات وتقاليد الجبرتة ذات تأثير بالغ " وبمعني آخر يعتبر المجتمع الجبرتى بوتقة ينصر كل من دخل فيها ويتحول إلى شخص ذو طبائع جبرتي . يروى لنا التاريخ علي أن أعداد كبيرة من أهل الحبشة قد دخلوا في الإسلام في القرن السابع الميلادي عندما هجر بعض المسلمون الأوائل من الجزيرة العربية إلى الجزء الشمال من البلاد الحبشة وكان بينهم النجاشي أرماك الثاني نفسه وقد أكد هذا المؤرخ المشهور الذي في ذالك العصر وهو ابن هاشم في كتابه التاريخي الذائع الصيت " سيرة الرسول (ص) كما أكد ذلك مؤرخون آخرون كبار مثل الطبري وابن الأثير وغيرهم حقيقة دخول النجاشي أرماك الثاني في الدين الإسلامي . علاوة علي ذلك فان كتب التاريخ تروى بأن جعفر بن أبى طالب قائد مجموعة المهاجرين المسلمين الأوائل قد أكد للرسول (ص) عندما عاد إلى بلادة بأن النجاشي أرماك الثاني قد أسلم علي يديه ونطق بشهادة .