الرئيسيةبحث

يُلْحَى الزَّمانُ وما عَلَيْهِ مَلامُ

يُلْحَى الزَّمانُ وما عَلَيْهِ مَلامُ

يُلْحَى الزَّمانُ وما عَلَيْهِ مَلامُ
المؤلف: ابن سهل الأندلسي



يُلْحَى الزَّمانُ وما عَلَيْهِ مَلامُ
 
يَجْني القضا وتُعنَّفُ الأيامُ
أعيا البسالة َ والحذارَ حبائلٌ
 
سيّانِ فِيها الأُسْدُ والآرامُ
يودي الردى بمسالمٍ ومحاربٍ:
 
يُقوي الكِناسُ وتُقْفرُ الآجامُ
قلْ للمنونِ لئن عظمت خطيئة ً
 
فلقدْ أصابَ سدادكِ المعتامُ
أنى اهتديتِ إلى حظية ِ سؤددٍ
 
قدْ ضلَّ عنها الصبحُ والإظلامُ
محجوبة ُ الشخص الكريمِ وفضلها
 
كالفجرِ لا يلقى عليهِ لثامُ
لو رامَها غيرُ القضاءِ لكان في
 
أسدِ الهياجِ تخمطٌ وعرامُ
ولكان في حَدَقِ الرّماحِ تشاوُسٌ
 
ولألْسُنِ البيضِ الرِّقاقِ خصامُ
ها إنّهُ الرُّزءُ الذي ثَقُلَتْ بِهِ
 
نوبٌ وخفتْ عندهُ الأحلامُ
هَيْهاتِ ما برقُ الجوانحِ خُلَّبٌ
 
فيهِ ولا مُزْنُ الجفونِ كَهامُ
أمّا العزاءُ فقد غَدا متنكّراً
 
فكأنما حسناتهُ آثامُ
يا برة ً لما انطوى إحسانها
 
تاقَتْ إليْهِ الصُّحْفُ والأقْلامُ
ترضى نفوسٌ أن تكون لكِ الفِدا
 
فتذودَ عنكَ وإنها لكرامُ
لو أنَّ شمسَ الأفقِ دونكِ أدرجت
 
ما كانَ حقُّ المجدِ فيكِ يقامُ
أوحشتِ شهرَ الصومِ حتى قد بَدَتْ
 
لبثَّ فيهِ وللأسى أعلامُ
فعلى النسيمِ منَ الكلالِ كآبة ٌ
 
أضحَتْ يُنافِسُها العُلُوَّ شَمامُ
سيسيرُ هذا الشهرُ قبلَ أوانهِ
 
إذ لَمْ يسعْهُ لما صنعتِ مقامُ
كم جدتِ بالمعروفِ وهو متممٌ
 
هبة ً وقمتِ اللّيْلَ وهو تمامُ
من يُنجدُ الأُمّالَ بعدَكِ أَنجدتْ
 
زفراتهمْ ولدمعِهِمْ إتهامُ
وأراكِ نمتِ عن العُفاة ِ وطالمَا
 
عدتِ الخطوبُ فسهدتكِ وناموا
عاشَتْ بكِ العلياءُ دهراً في غنًى
 
فاليومَ صبحَ ربعها الإعدامُ
و اليومَ عادَ الدهرُ في إحسانهِ
 
و استرجعتْ معروفها الأيامُ
يا ديمة ً في التربِ غارت بغتة ً
 
و ذوو الأماني واقفونَ حيامُ
صرنا نشيمُ لها البوارقَ في الثرى
 
و البرقُ من جهة ِ السماءِ يشامُ
كانَتْ رءوماً بالصَّنيعِ تَربُّهُ
 
فالمرماتُ لفقدها أيتامُ
للولا ضريحكِ ما علمنا حفرة ً
 
أضحتْ ينافسها العدوَّ شمامَ
ما ضرَّها أنْ لَمْ يكُنْ مِسكاً ولا
 
دراً، حصى حلتْ به ورغامُ
وقفَ الأكابرُ من ثنائِكِ موقفاً
 
فضلتْ وجوههمُ بهِ الأقدامُ
سَبَقَتْ خُطاكِ إلى الجِنانِ وسائلٌ
 
أثنى عَلَيْها اللَّهُ والإسْلامُ
مدتْ إليكِ الحورُ من أبصارها
 
واسْتَقْبلَتْكِ تحيّة ٌ وسَلامُ
لم تُضْجَعي في لحدك الزَّاكي الثرَى
 
إلا وهنَّ للانتظارِ قيامُ
خلّفْتِ حينَ ذهبتِ خيرَ ابنٍ كما
 
يبقى الرَّبيعُ إذا استهلَّ غَمامُ
ذاكَ الهمامُ القردُ لكن ثنيتْ
 
سمة ُ الوزارة ِ فيهِ فهي تؤامُ
شَرُفَتْ بآلِ خلاصٍ الرُّتَبُ العُلا
 
فهمُ نفوسٌ والعلا أجسامُ
قُل للدجون أو الحروبِ تصدَّعي
 
فأبو عليٍّ كوكبٌ وحسامُ
فالخطبُ لا يعيي مروءة َ ماجدٍ
 
ركناهُ نبعٌ والخطوبُ ثمامُ
لو تطبعُ الأسيافُ من عزماتهِ
 
لم يُغْنِ أبناءَ الوغى اسْتِسلامُ
ذللٌ مواهبهُ ولكنْ دمعهُ
 
في الحادثاتِ أعزُّ ما يُسْتامُ
إن قاسمتهُ الكلمَ أنفسنا فكم
 
شُفِيَتْ لَنا بِندى يديهِ كِلامُ
أو شاطَرَتْهُ السُّهدَ أعيُننا فَما
 
زالتْ تعزُّ بعدلهِ وتنامُ
لا يُبكِهِ الدّهرُ الخؤونُ بحادثٍ
 
فَالدّهْرُ عَنْهُ ضاحِكٌ بَسّامُ
أتروعهُ الدنيا بنثرِ منظمٍ
 
ووجودُهُ أمنٌ لها ونظامُ!!