الرئيسيةبحث

يدعوك معتل وأنت بعيد

يدعوك معتل وأنت بعيد

يدعوك معتل وأنت بعيد
المؤلف: جبران خليل جبران



يدعوك معتل وأنت بعيد
 
بالأمس كنت تعوده وتعيد
عز العزاء على السقيم يلج في
 
نسماته التصويب والتصعيد
أأبا المروءة إن خطبك خطبها
 
أو لم تفارقها وأنت شهيد
تشفى الجسوم وبعد نأيك أنفس
 
لا النوح يشفيها ولا التنهيد
رزأتك طائفة يحار محبها
 
أنى يعزيها وأنت فقيد
كانت بعهدك أسرة قومتها
 
فنمت وما بفروعها تأويد
وبكى بك الأردن أحصف عامل
 
لرقيه ما يستزاد يزيد
راع تخير خطة فغدا بها
 
ومثاله بين الرعاة فريد
علامة بحاثة متضلع
 
من دأبه التصويب والتسديد
في كتبه للعرب تاريخ به
 
يجلى العتيد ولا يغيب عهيد
ترثي صروح الخير بانيها الذي
 
لم يدخر فيها له مجهود
والى رعايتها وفي أيامه
 
لم يبطل التأسيس والتشييد
فاليوم إن لم يبكه عقب له
 
فمن الأولى ربى بكاه عديد
كم نشأ النشء الضعيف ورصانه
 
فأعد جيل للبلاد جديد
ترثي الحصافة والثقافة والتقى
 
من عاش لا ذم ولا تفنيد
هيهات أن تنسى مناقبه التي
 
في كل ناد فاح منها عود
أين الصداقة لا مداجاة بها
 
والجود أنفع ما يكون الجود
آداب حبر ملكته بلينها
 
ما ليس يملك والمراس شديد
أخلاق حر لا يخالف عهده
 
وعن السبيل القصد ليس يحيد
تلك الفضائل بلغته مكانة
 
عزت وكان بها له تمهيد
أدناه عبد الله منه فبات في
 
نعمى وطالعه لديه سعيد
هل مثل عبد الله في أهل النهى
 
ملك بصير بالأمور رشيد
بحسامه وبرأيه بلغ الذرى
 
فخرا فما يسمو إليه نديد
وببأسه في الحرب أثبت أنه
 
بطل الجهاد الباسل الصنديد
كائن له ولآله دين على
 
أوطانهم والعالمون شهود
لو لم ينل اسمى الفخار بنفسه
 
لكفاه آباء سموا وجدود
يا أيها المحبون ذكرى بولس
 
هذا التحدث بالحميد حميد
هل ضم حفل من أكابر أمة
 
ما ضم منهم حلفه المشهود
وبه الائمة والولاة وكل من
 
في قومه هو سيد وعميد
وافوا ليقضوه الوداع فما ترى
 
إلا وفود تلوهن وفود
في المسلمين وفي النصارى ماله
 
إلا ولي صادق وودود
يا من نودعه أنجزع للنوى
 
والأمر أمر الله حين يريد
من خص مثلك بالمروءة عمره
 
فلذكره الإكرام والتخليد
جزعت لعبد الله ينعى ببكرة
 
ولا عوض عنه وليس له ند
تفرد في مصر أديبا وعالما
 
فوا حربا أن يهوي العلم الفرد
فجعنا به لا يحمد العيش بعده
 
فرحماك يا ربي له ولك الحمد