يا مُشرِقَ البحرِ الخِضَمِّ بمائِهِ
يا مُشرِقَ البحرِ الخِضَمِّ بمائِهِ المؤلف: سبط ابن التعاويذي |
يا مُشرِقَ البحرِ الخِضَمِّ بمائِهِ
إسْلَمْ فقدْ هلَكَ الحَسودُ بدائِهِ
أَلْحَامِلَ الْعِبْءَ الثَّقِيلَ بِكَاهِلٍ
قُلَلُ الْهِضَابِ الشُّمُّ مِنْ أَعْبَائِهِ
ومُنيرَها رأْدَ النهارِ وقدْ دجَتْ
بِثَوَاقِبِ الْعَزَمَاتِ مِنْ أَرْآئِهِ
ومُبيدَ شَملِ المالِ حتى خِلتَهُ
أَمسى يُنافسُهُ على عَلْيائِهِ
لَمَّا طَمَا بَحْرُ الْعِرَاقِ مُزَمْجِراً
ثانية ً مُتَخَمِّطاً بغُثائِهِ
ألقى على الأرضِ الفضاءِ جِرانَهُ
حَتَّى کلْتَقَتْ حِيتَانُهُ بِظِبَائِهِ
وَرَمَى التِّلاَعَ بِمِثْلِهَا مِنْ مَوْجِهِ الْـ
ـطَّامِي وَغَادَرَ أَرْضَهُ كَسَمَائِهِ
يطأُ الشواهقَ والإكامَ بخَطْوِهِ
ويَجُرُّ بالبَيداءِ فضْلَ رِدائِهِ
أخجلَتْهُ بنَوالِك الغَمْرِ الذي
غَمَرَ الْبِلاَدَ فَجَاشَ لاِسْتِحْيَائِهِ
حَتَّى لَقَدْ ظَنَّ الْعَدُوُّ بِجَهْلِهِ
مما رأى أنْ لستَ من أَكْفائِهِ
أردَيْتَهُ بالرأيِ قبلَ نِزالِهِ
وقذفْتَهُ بالرُّعبِ قبلَ لِقائِهِ
وَرَدَدْتَهُ وَزَئِيرُ بَأْسِكَ خَارِقٌ
سمْعَيْهِ من قُدّامِهِ وورائِهِ
وَلَّى عَلَى الأَعْقَابِ يَجْمَعُ نَفْسَهُ
كَالأُفْعَوَانِ کنْسَلَّ مِنْ خِرْشَائِهِ
يا بحرُ كيفَ طلبْتَ شأْوَ محمّدٍ
مَهْلاً فَلَسْتَ الْيَومَ مِنْ نُظَرَائِهِ
هذا الذي أمسى الأنامُ بجُودِهِ
أَسْرَى وَظَلُّوا الْيَوْمَ مِنْ طُلَقَائِهِ
فهمُ وقد حضرَ النفوسَ حِمامُها
عُتَقَاؤُهُ وَهُمُ عَبِيدُ عَطَائِهِ
إنْ يكفروكَ فلستَ أوّلَ مُنعِمٍ
نَالَتْ يَدُ الْكُفْرَانِ مِنْ نِعْمَائِهِ
يَا مَنْ يُطَارِحُهُ الْعَلاَءُ تَحَذِّياً
بِفِعَالِهِ وَتَشَبُّهاً بِسَخَائِهِ
ما أنتمُ ممّنْ يسُدُّ مَسَدَّهُ
يَوْماً وَلاَ تُبْلُونَ مِثْلَ بَلاَئِهِ
أنّى لكمْ بوَقارِهِ وسَدادِهِ
وَوَفَائِهِ وَإبَائِهِ وَمَضَائِهِ
يا من كَفاني رَيبَ دهري أنّني
أمسَيْتُ بينَ الناسِ من شُعرائِهِ
ضَاهَيْتَ نُوحاً فِي النَّجَاة ِ بِفُلْكِهِ
وَشَرِكْتَ رُوحَ اللَّهِ فِي إحْيَائِهِ
مُتَقَيِّلاً كِسْرى وليسَ بمُنكَرٍ
لَكَ مَا أَتَيْتَ وَأَنْتَ مِنْ أَبْنَائِهِ
مَا مَاتَ مَنْ أَصْبَحْتَ وَارِثَ مَجْدِهِ
يَوْماً وَلاَ مَنْ كُنْتَ مِنْ خُلَفَائِهِ
فَهَنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَطِيَّة ٌ
للهِ منكَ تُعَدُّ من آلائِهِ
دافعْتَ دونَ حَريمِهِ وبلادِهِ
وَعِبَادِهِ وَحَمَلْتَ مِنْ أَعْبَائِهِ
لم يَدْعُ نصرَكَ في مَقامِ كريهة ٍ
إلاَّ وَقُمْتَ مُلَبِّياً لِدُعَائِهِ
فلَيَحْمِدَنَّ اللهَ ما أمسيْتَ منْ
أَعْضَاءِ دَولَتِهِ وَمِنْ خُلَصَائِهِ
آلَ المُظفَّرِ أنتمُ النجمُ الذي
لا يهتدي البازي بغيرِ ضِيائِهِ
فالمجدُ مُشرِقَة ٌ بكمْ هَضَباتُهُ
وَالْمُلْكُ مَنْصُورٌ عَلَى أَعْدَائِهِ
والدِّينُ مرفوعُ العِمادِ بمجدِهِ
وَبِتَاجِهِ وَسِهَامِهِ وَبَهَائِهِ
قومٌ إذا اعتلَّ الزمانُ فعندَهمْ
تَدْبِيرُ طَبٍّ عَارِفٍ بِدَوَائِهِ
وَإذَا السِّنُونُ تَتَابَعَتْ بِجُدُوبِهَا
جادُوا وقد بخِلَ السَّحابُ بمائِهِ
يَفْدِيكُمُ فِي الْمَجْدِ كُلُّ مُقَصِّرٍ
في نفْسِهِ كَلٌّ على آبائِهِ
ما زِلتُمُ تُعطونَ وهْوَ مُبَخَّلٌ
حَتَّى لَهِجْتُ بِمَدْحِكُمْ وَهِجَائِهِ
فلْتَشْكُرَنَّكُمُ قوافي الشِّعرِ ما
اختلفَ الزمانُ بصُبحِهِ ومَسائِهِ