يا من يقيمون لاستقلالهم عيدا
يا من يقيمون لاستقلالهم عيدا المؤلف: جبران خليل جبران |
يا من يقيمون لاستقلالهم عيدا
لن تسرفوا فيه تعظيما وتمجيدا
ولن توفوه حقا من مواجبه
لو جزتم الحد تزيينا وتشييدا
أوحى إليكم هوى لبنان عاطفة
لم تبق في الأرض تقريبا وتبعيدا
ففي النوى تستقي منه نواظركم
طيبا وأسماعكم تروى أغاريدا
لله لبنان ما أبهاه من جبل
يمشي به الحسن تصويبا وتصعيدا
ترابه يخرج الأزهار مونقة
وماؤه قرقف ينشي الأماليدا
لا يستعيض به الجنات بائسه
وقد يكون عن الأقوات مصدودا
أحمدت همتكم برا به ورضي
عنه وما زال راعي العهد محمودا
لكنين موجس خوفا لغاشية
تبث في جذلي حزنا وتنكيدا
أخشى شظايا أراها من تفرقكم
إن تصدق الصحف ترجيعا أو ترديدا
فإن تكونوا كما تبدي فوا حربا
أن تكذبوا الله والأوطان تعييدا
بعض الأسى إن طغى يدعونه طربا
وللأذى نوبة يدعونها عيدا
ترون لبنان إن عقته فتيته
إلا العيون تباكت والجلاميدا
إني أعيذ وفاء تجهرون به
كما أعيذ أولي الرأي الأماجيدا
لا يعصم العيد أوطانا ممزقة
ولا تقي الزينة القوم الأبابيدا
بلادكم فاجعلوها نصب أعينكم
وأيدوها على الأحداث تأييدا
ولا تضنوا عليها باتحادكم
فإن خير الهوى ما كان توحيدا
هذا كتابي تنبيها لطائفة
منكم تؤودها الأحقاد تأويدا
أما الأولى منحوا لبنان حبهم
ولم يبيدوه بالأغراض تبديدا
فليمجد الجبل الحر المنيع بهم
وليشتمل ظله الأمصار والبيدا
وليرفع الجيد كل من بنيه كما
يرونه رافعا فوق الربى جيدا
وليعلم الناس في أقصى البسيطة ما
قد أحرزوه له عزا وتوطيدا
تدبروا قصدكم والله يمنحكم
في نهج تحقيقه قصدا وتسديدا