يا من يحن إلى نجد وناديها
يا من يحن إلى نجد وناديها المؤلف: ابن زمرك |
يا من يحن إلى نجد وناديها
غرناطة قد ثوت نجد بواديها
قف بالسبيكة وانظر ما بساحتها
عقيلة والكثيب الفرد جاليها
تقلدت بوشاح النهر وابتسمت
أزهارها هي حلي في تراقيها
وأعين النرجس المطلول يانعة
ترقرق الطل دمعا في مآقيها
وافتر ثغر أقاح من أزاهرها
مقبلا خد ورد من نواحيها
كأنما الزهر في حافاتها سحرا
دراهم والنسيم اللدن يجبيها
وانظر إلى الدوح والأنهار تكنفها
مثل الندامى سواقيها سواقيها
كم حولها من بدور تجتني زهرا
فتحسب الزهر قد قبلن أيديها
حصباؤها لؤلؤ قد شف جوهرها
والنهر قد سال ذوبا من لآليها
نهر المجرة والزهر المطيف به
زهر النجوم إذا ما شئت تشبيها
يزيد حسنا على نهر المجرة قد
أغناه در حباب عن دراريها...
يدعى المنجم رائيه وناظره
مسميات أبانتها أساميها
إن الحجاز مغانيه بأندلس
ألفاظها طابقت منها معانيها
فتلك نجد سقاها كل منسجم
من الغمام يحييها فيحييها
وبارق وعذيب كل مبتسم
من الثغور يجليها مجليها
وإن أردت ترى وادي العقيق فرد
دموع عاشقها حمرا مجاريها
وللسبيكة تاج فوق مفرقها
تود در الدراري لو تحليها
فإن حمراءها والله يكلؤها
ياقوتة فوق ذاك التاج يعليها
إن البدور لتيجان مكللة
جواهر الشهب في أبهى مجاليها
لكنها حسدت تاج السبيكة
إذ رأت أزاهره زهرا يجليها...
بروجها لبروج الأفق مخجلة
فشهبها في جمال لا تضاهيها
تلك القصور التي راقت مظاهرها
تهوى النجوم قصورا عن معاليها
لله لله عينا من رأى سحرا
تلك المنارة قد رقت حواشيها
والصبح في الشرق قد لاحت بشائره
والشهب تستن سبقا في مجاريها
تهوي إلى الغرب لما غالها سحر
وغمض الفجر من أجفان واشيها
وساجع العود في كف النديم إذا
ما استوقفت ساجعات الطير يغريها
يبدي أفانين سحر في ترنمه
يصبي العقول بها حسنا ويسبيها
يجسه ناعم الاطراف تحسبها
لآلئا هي نور في تلاليها
مقاتل بلحاظ قوس حاجبها
ترمي القلوب بها عمدا فتصميها
فباكر الروض والأغصان مائلة
يثني النفوس لها شوقا تثنيها
لم يرقص الدوح بالأكمام من طرب
حتى شدا من قيان الطير شاديها
واسمعتها فنون السحر مبدعة
ورق الحمام وغناها مغنيها
غرناطة آنس الرحمن ساكنها
باحت بسر معانيها أغانيها
أعدى نسيمهم لطفا نفوسهم
فرقة الطبع طبع منه يعديها
فخلد الله ايام السرور بها
صفرا عشياتها بيضا لياليها
وروض المحل منها كل منبجس
إذا اشتكت بقليل الجدب يرويها
يحكي الخليفة كفا كلما وكفت
بالجود فوق موات الأرض يحييها
تغني العفاة وقد أمت مكارمه
عن السؤال وبالإحسان يغنيها
لها بنان فلا غيث يساجلها
جودا ولا سحبه يوما تدانيها
فإن تصب سحبه بالماء حين همت
بعسجد ولجين صاب هاميها
يا ايها الغوث أنت الغوث في زمن
ملوكه تلفت لولا تلافيها
إن الرعايا جزاك الله صالحة
ملكت شرقا وغربا من يراعيها
إن الخلائق في الاقطار أجمعها
سوائم أنت في التحقيق راعيها
فكل مصلحة للخلق تحكمها
وكل صالحة في الدين تنويها
إذا تيممت أرضا وهي مجدبة
فرحمة الله بالسقيا تحييها
يا رحمة بثت الرحمى بأندلس
لولاك زلزلت الدنيا بمن فيها
في فضل جودك قد عاشت مشيختها
في ظل أمنك قد نامت ذراريها
في طول عمرك يرجو الله آملها
بنصر ملكك يدعو الله داعيها
عوائد الله قد عودت أفضلها
لتبلغ الخلق ما شاءت أمانيها
سل السعود وخل البيض مغمدة
واضرب بها فرية التثليث تفريها
لله أيامك الغر التي اطردت
فيها السعود بما ترضى ويرضيها
لله دولتك الغراء إن لها
لكافلا من إله العرش يكفيها
هيهات أن تبلغ الأعداء مأربة
في جريها وجنود الله تحميها
هذي سيوفك في الأجفان نائمة
والمشركون سيوف الله تفنيها
سريرة لك في الإخلاص قد عرفت
حسنى عواقبها حتى أعاديها
لم يحجب الصبح شهب الأفق عن بصر
إلا وهديك للأبصار يبديها
يا ابن الملوك وأبناء الملوك إذا
تدعو الملوك إلى طوع تلبيها
ابناء نصر ملوك عز نصرهم
وأوسعوا الخلق تنويها وترفيها
هم المصابيح نور الله موقدها
تضيء للدين والدنيا مشاكيها
هم النجوم وأفق الهدي مطلعها
فوزا لمهديها عزا لهاديها
هم البدور كمال ما يفارقها
هم الشموس ظلام لا يواريها
قضت قواضبها أن لا انقضاء لها
وأمضت الحكم في الأعدا مواضيها
وخلدت في صفاح الهند سيرتها
وأسندت عن عواليها معاليها
وأورثتك جهادا أنت ناصره
والأجر منك يرضيها ويحظيها
كم موقف ترهب الأعداء موقفه
والخيل تردي ووقع السمر يرديها
ثارت عجاجته واليوم محتجب
والنقع يؤثر غيما من دياجيها
وللأسنة شهب كلما غربت
في الدار عين تجلت من عواليها
وللسيوف بروق كلما لمعت
تزجي الدماء وريح النصر يزجيها
أطلعت وجها تريك الشمس غرته
تبارك الله ما شمس تساميها
من أين للشمس نطق كله حكم
يفيدها كل حين منك مبديها
لك الجياد إذا تجري سوابقها
فللرياح جياد ما تجاريها
إذا انبرت يوم سبق في أعنتها
ترى البروق طلاحا لا تباريها
من أشهب قد بدا صبحا تراع له
شهب السماء فإن الصبح يخفيها
إلا التي في لجام منه قيدها
فإنه سامها عزا وتنويها
أو اشقر مر عن شقر البروق وقد
ابقى لها شفقا في الجو تنبيها
أو أحمر جمره في الحرب متقد
يعلوا لها شرر من بأس مذكيها
لون العقيق وقد سال العقيق دما
بعطفه من كماة كر يدميها
أو أدهم ملء صدر الليل تنعله
أهلة فوق وجه الأرض يبديها
إن حارت الشهب ليلا في مقلده
فصبح غرته بالنور يهديها
أو اصفر بالعشيات ارتدى مرحا
وعرفه بتمادي الليل ينبيها
مموه بنفار تاه من عجب
فليس يعدم تنويها ولا تيها
ورب نهر حسام رق رائقه
متى ترده نفوس الكفر يرديها
تجري الرؤوس حبابا فوق صفحته
وما جرى غير أن البأس يجريها
وذابل من دم الكفار مشربه
يجني الفتوح وكف النصر تجنيها
وكم هلال لقوس كلما نبضت
ترى النجوم رجوما في مراميها
أئمة الكفر ما يممت ساحتها
إلا وقد زلزلت قسرا صياصيها
يا دولة النصر هل من مبلغ دولا
مضين أنك تحييها وتنسيها
أو مبلغ سالف الأنصار مألكة
والله بالخلد في الفردوس يجزيها
أن الخلافة أعلى الله مظهرها
أبقت لنا شرفا والله يبقيها
يا ابن الذين لهم في كل مكرمة
مفاخر ولسان الدهر يمليها
أنصار خير الورى مختار هجرته
جيران روضته أكرم بأهليها
أسمتهم الملة السمحاء تكرمة
أنصارها وبهم عزت أواليها
ففي حنين وفي بدر وفي أحد
تلفى مفاخرهم مشهورة فيها
ولتسأل السير المرفوع مسندها
فعن مواقفهم تروى مغازيها
مآثر خلد الرحمن أثرتها
ينصها من كتاب الله قاريها
من الكلام ووحي الله تاليها
له الجهاد به تسري الرياح إلى
ممالك الأرض من شتى أقاصيها
تحدى الركاب إلى البيت العتيق به
فمكة عمرت منه نواديها
بشائر تسمع الدنيا وساكنها
إذا دعا باسمك الأعلى مناديها
كفى خلافتك الغراء منقبة
أن الإله يوالي من يواليها
وقد أفاد بنيه الدهر تجربة
أن السعود تعادي من يعاديها
إذا رميت سهام العزم صائبة
فما رميت بل التوفيق راميها
شكرا لمن عظمت منا مواهبه
وإن تعد فليس العد يحصيها
عما قريب ترى الأعياد مقبلة
من الفتوح ووفد النصر حاديها
وتبلغ الغاية القصوى بشائرها
فقد أظلت بما ترضى مباديها
فأهنأ بما شئت من صنع تسر به
وانو الأماني فالأقدار تدنيها
مولاي خذها كما شاءت بلاغتها
ولو تباع لكان الحسن يشريها
أرسلتها حيثما الارواح مرسلة
نوادرا تنشر البشرى أمانيها
جاءت تهنيك عيد الفطر معجبة
بحسنها ولسان الصدق يطريها
البشر في وجهها واليمن في يدها
والسحر في لفظها والدر في فيها
لو رصع البدر منها تاج مفرقة
لم يرض در الدراري أن تحليها
فإن تكن بنت فكري وهو أوحدها
نعماك في حجرة كانت تربيها
في روض جودك قد طوقتني مننا
طوق الحمام فما سجعي موفيها
ولو أعرت لسان الدهر يشكرها
لكان يقصر عن شكر شوفيها
بقيت للدين والدنيا إمام هدى
مبلغ النفس ما ترجو أمانيها
والسعد يجري لغايات تؤملها
ما دامت الشهب تجري في مجاريها