يا شعر المؤلف: أبو القاسم الشابي |
ياشعر أنت فم الشعور ، وصرخة الروح الكئيب | {{{2}}} |
ياشعر أنت صدى نحيب القلب ، والصب الغريب | {{{2}}} |
ياشعر أنت مدامع علقت بأهداب الحياة | {{{2}}} |
ياشعر أنت دم ، تفجر من كلوم الكائنات | {{{2}}} |
ياشعر ! قلبي ـ مثلما تدري ـ شقي ، مظلم | {{{2}}} |
فيه الجراح ، النجل ، يقطر من مغاورها الدم | {{{2}}} |
جمدت على شفتيه أزراء الحياة العابسه | {{{2}}} |
فهو التعيس ، يذيبه نوح القلوب البائسه | {{{2}}} |
ابدا ينوح بحرقة ، بين الأماني الهاويه | {{{2}}} |
كالبلبل الغريد مابين الزهور الذاويه | {{{2}}} |
كم قد نصحت له بأن يسلو ، وكم عزيته | {{{2}}} |
فأبى وماأصغى إلى قولي ، فما أجديته | {{{2}}} |
كم قلت : صبرا يافؤاد ! ألا تكف عن النحيب ؟ | {{{2}}} |
فإذا تجلدت الحياة تبددت شعل اللهيب | {{{2}}} |
ياقلب ! لاتجزع أمام تصلب الدهر الهصور | {{{2}}} |
فإذا صرخت توجعا هزأت بصرختك الدهور | {{{2}}} |
ياقلب ! لاتقنع بشوك اليأس من بين الزهور | {{{2}}} |
فوراء أوجاع الحياة عذوبة الأمل الجسور | {{{2}}} |
ياقلب ! لاتسكب دموعك بالفضاء فتندم | {{{2}}} |
فعلى ابتسامات الفضاء قساوة المتهكم | {{{2}}} |
لكن قلبي وهم مخضل الجوانب بالدموع | {{{2}}} |
جاشت به الأحزان ، ّا طفحت بها تلك الصدوع | {{{2}}} |
يبكي على الحلم البعيد بلوعة ، لاتنجلي | {{{2}}} |
غردا ، كصداح الهواتف في الفلا ، ويقول لي : | {{{2}}} |
طهر كلومك بالدموع ، وخلّها وسبيلها | {{{2}}} |
إن المدامع لاتضيع حقيرها وجليلها | {{{2}}} |
فمن المدامع ماتدفع جارفا حسك الحياه | {{{2}}} |
يرمي لهاوية الوجود بكل مايبني الطغاه | {{{2}}} |
ومن المدامع ماتألق في الغياهب كالنجوم | {{{2}}} |
ومن المدامع ماأراح النفس من عبء الهموم | {{{2}}} |
فارحم تعاسته ، ونح معه على أحلامه | {{{2}}} |
فقد قضى الحلم البديع على لظى آلامه | {{{2}}} |
ياشعر ياوحى الوجود الحي يا لغة الملائكة | {{{2}}} |
غرد فأيامي أناتبكي على إيقاع نايك | {{{2}}} |
ردد على مسمع الدجى أنات قلبي الواهية | {{{2}}} |
و اسكب بأجفان الزهور دموع قلبي الدامية | {{{2}}} |
فلعل قلب الليل أرحم بالقلوب الباكية | {{{2}}} |
ولعل جفن الزهر أحفظ للدموع الجارية | {{{2}}} |
كم حركت كف الأسى أوتار ذياك الحنين | {{{2}}} |
فتهالت أحزان قلبي في أغارد الأنين | {{{2}}} |
فلكم أرفت مدامعي حتى تقرحت الجفون | {{{2}}} |
ثم التفت فلم أجد قلبا يقاسمني الشجون | {{{2}}} |
فعسى يكون الليل أرحم فهو مثلي يندب | {{{2}}} |
وعسى يصون الزهر دمعي فهو مثلي يسكب | {{{2}}} |
قد قنعت كف المساء الموت بالصمت الرهيب | {{{2}}} |
فغدا كأعماق الكهوف بلا ضجيج أو و جيب | {{{2}}} |
يأتي بأجنحة السكون كأنه الليل البهيم | {{{2}}} |
لكن طيف الموت قاس و الدجى طيف رحيم | {{{2}}} |
ما للمنية لا ترق على الحياة النائحة | {{{2}}} |
سيان أفئدة تئن أو القلوب الصادحه | {{{2}}} |
ياشعر هل خلق المنون بلا شعر كالجماد | {{{2}}} |
لا رعشة تعرو يديه إذا تلمقه الفؤاد | {{{2}}} |
أرأيت أزهار الربيع و قد ذوت أوراقها | {{{2}}} |
فهوت إلى صدر التراب وقد قضت أشواقها | {{{2}}} |
أرأيت شحرور الفلا مترنمابين الغصون | {{{2}}} |
جمد النشيد يصدره لما رأى طيف المنون | {{{2}}} |
فقضى و قد غاضت أغادير الحياة الطاهره | {{{2}}} |
وهوى من الاعصان ما بين الزهور الباسره | {{{2}}} |
أرأيت أم الطفل تبكى ذلك الطفل الوحيد | {{{2}}} |
لما تناوله بعنف ساعد الموت الشديد | {{{2}}} |
أسمعت نوح العاشق الولهان ما بين القبور | {{{2}}} |
يبكي حبيبته فيا لمصارع الموت الجسور | {{{2}}} |
طفحت بأعماق الوجود سكينة الصبر الجليد | {{{2}}} |
لما رأى عدل الحياة يضمه اللحد الكنود | {{{2}}} |
فدفقت لحنا يردده على سمع الدهور | {{{2}}} |
صوت الحياة بضجة...تسعى على شفة البحور | {{{2}}} |
ياشعر!أنت نشيد أمواج الخضم الساحرة | {{{2}}} |
الناصعات الباسمات الراقصات الطاهرة | {{{2}}} |
السافرات الصادحات مع الحياة إلى الأبد | {{{2}}} |
كعرائس الأمل الضحوك يمسن ما طال الأمد | {{{2}}} |
ها إن أزهار الربيع تبسمت أكمامها | {{{2}}} |
يرنو إلى الشفق البعيد تغرها أحلامها | {{{2}}} |
في صدرها أمل يحدق نحو هاتيك النجوم | {{{2}}} |
لكنه أمل ستلحده جبابرة الوجوم | {{{2}}} |
فلسوف تغمض جفنها عن كل أضواء الحياة | {{{2}}} |
حيث الظلام مخيم في جو ذياك السبات | {{{2}}} |
ها إنها همست بآذان الحياة غريدها | {{{2}}} |
قتلت عصافير الصباح صداحها و نشيدها | {{{2}}} |
ياشعر !أنت تشيد هاتيك الزهور الباسمة | {{{2}}} |
يا ليتني مثل الزهور بلا حياة واجمه | {{{2}}} |
إن الحياة كئيبة مغمورة بدموعها !! | {{{2}}} |
و الشمس أضجرها الأسى في صحوها وهجوعها | {{{2}}} |
فتجرعت كأسا دهاقا من مشعشعة الشفق | {{{2}}} |
فتمايلت سكرى إلى كهف الحياة ...و لم تفق | {{{2}}} |
يا شعر !أنت نحيبها لما هوت لسباتها | {{{2}}} |
ياشعر انت صداحها في موتها و حياتها | {{{2}}} |
انظر إلى شفق السماء يفيض عن تلك الجبال | {{{2}}} |
بشاعة الخلاب يغمرها ببسمات الجمال | {{{2}}} |
فيثير في النفس الكئيبة عاصفا لا يركد | {{{2}}} |
و يؤجج القلب المعذب شعلة لا تخمد | {{{2}}} |
ياشعر أنت جمال أضواء الغروب الساحره | {{{2}}} |
ياهمس أمواج المساء الباسمات الحائره | {{{2}}} |
يا ناى أحلامي الحبيبة يا رفيق صبابتي | {{{2}}} |
لولاك مت بلوعتي و بشقوتي و كآبتي | {{{2}}} |
فيك انطوت نفسي و فيك نفخت كل مشاعري | {{{2}}} |
فاصدح على قمم الحياة بلوعتي يا طائري | {{{2}}} |