يا دار اهلك بالسلامة عادوا
يا دار اهلك بالسلامة عادوا المؤلف: جبران خليل جبران |
يا دار اهلك بالسلامة عادوا
لا النفي أنساهم ولا الإبعاد
بشراك أن كان الذي أملته
والكائدون تميزوا أو كادوا
ذادوا جسوما عن تحية ركبهم
هل عن تحيته النفوس تذاد
زارته قبل عيوننا آمالنا
وتقدمت أبدانها الاكباد
اليوم عيد في الكنانة كلها
هيهات تدرك جاهه الأعياد
كان الصفاء به بتم لأهلها
لو لم يشب ذاك الصفاء حدا
فلحكمة يخشى الجبابر بأسها
ويخاف لفتة عدلها الحسا
ضدان جاءا في مقام واحد
لم تجتمع في مثله الأضداد
بالساعة البيضاء حين تبلجت
أذن المهيمن أن يلم سواد
فبدا على الحالين شعب آخذ
بأجل قسط منها وبلاد
أرت النهاية في تجلة أمة
لملوكها ما أخلصوا وأفادوا
أهلا وسهلا بالذين ركابهم
حراسه الأرواح والأجناد
مهما يكن فرح فليس ببالغ
فرح اللقاء وما به ميعاد
كيف اغتباط عشيرة أولتهم
محض الولاء وما يظن معاد
ظلت على رعي الذمام مقيمة
وتغير الآناء والآراد
لقلوبها أرب وحيد شامل
ومآرب الناس العداد عداد
والقوم إن صدقوا الهوى أيمانهم
فمرادهم أبد الأبيد مراد
أهلا وسهلا بالألى لهمو على
قرب وبعد ذمة ووداد
النازلين من السواد بحيث أن
فات العيون فللقلوب سواد
الشائقين نهى العباد وما رأى
منهم سوى الأثر الجميل عباد
لا بل رآهم كل راء فضلهم
فيما كسوا أو أطعموا أو شادوا
من كل مفخرة تصور حسنهم
فيراه في تصويرها الأشهاد
الشمس في أوج السماء ورسمها
في الماء يدنيه السنى الوقاد
ولها بتعداد الأشعة في الندى
صور يضيق بحصرها التعداد
في كل صنع يجتلى صناعه
وبجودها تتمثل الأجواد
شرفت أم المحسنين مباءة
هش النبات وبش جماد
وازينت بك بعد أن خلفتها
وكأن زخرفها عليه رماد
فإذا نظرت فكم جديد حولها
تزهى به الأغوار والأنجاد
ألنيل ضحاك إليك بوجهه
بشرا وقد يلفى شجاه بعاد
والروض مهدية إليك سلامها
فتسمعي ما يحمل الإنشاد
ألبلبل المحكي يوقع لحنه
والطير مجمعة تقول يعاد
أي الجزاء يفي بما لك من يد
بيضاء ليس يفي بها الإجماد
بل من طوالع للسعود بعثتها
في كل موقع شقوة ترتاد
ومن مفاخر في البلاد ثوابت
أخلدتها ولمثلها الإخلاد
تبنين للوطن الرجال وإنما
هم في مدارس شدتها أولاد
ومن الرمال تصاغ أصلاد الصفا
وبهن تحمي الوادي الأطواد
لله بين بني نوالك فتية
طلبوا الفنون فأتقنوا وأجادوا
زادوا كنوز الشرق من تحف بما
في الغرب قصر دونه الأنداد
وأتوا ضروبا من بدائع حذقهم
خلابة لم يأتها الأجداد
فاليوم تجمل في فخار بلادهم
مستحدثات العصر والأبلاد
وسوى المدارس كم بيوت عبادة
أسست حيث تشتت العباد
ومضايف وملاجيء ومواصف
تشفى بها الأرواح والأجساد
تلك الفضائل نولتك مكانة
في الناس قبلك نالها أفراد
واستعبدت لك يا مليكة معشرا
حرا يشق عليه الاستعباد
يا خير منجبة لأسنى من نما
في النبعتين أعزة أمجاد
للمالكين السائدين بني الأولى
ملكوا زمام العالمين وسادوا
لو صوروا شخص الكمال لكنته
وبحسن فعلك حسنه مزداد
ما غبت عنا كيف غيبة من لنا
في كل مكرمة بها استشهاد
ذكراك في أفواهنا يحلو لنا
تردادها ان أسأم الترداد
وحياض رفدك لم تشح ولم يزل
عنها كعهدك يصدر الورا
عيشي طويلا وابسطي الظل الذي
هو رحمة ونزاهة ورشاد
إني رفعت تهانئي وقبولها
هو من لدنك السعد والإسعاد
حررتها وسواد عيني يشتهي
لو كان منه للسطور مداد