يا أُختَ غُصنِ البانةِ المياسِ
يا أُختَ غُصنِ البانةِ المياسِ المؤلف: مصطفى لطفي المنفلوطي |
يا أُختَ غُصنِ البانةِ المياسِ
تَختالُ عُجبا في رياضِ الآسِ
وشبيهةَ الظبياتِ في نظراتها
ما بين ذاتِ خِباً وذاتِ كِنَاسِ
وكثيرةَ الفتكاتِ في ألحاظِها
وشديدةَ الحُجَّابِ والحُرَّاسِ
هل تَحفَظى وُدى فلستُ مُضيعاً
أو تذكرى عَهدي فلستُ بِناسي
أيامَ أغصانِ الوِصَالِ نَواضِرٌ
غَنَّاءُ في رَوضٍ من الإِيناسِ
وجناتُ حُسنُكِ رَوضَتي ورياضُ خَدِّ
كِ جَنَّتي ورحيقُ ثَغركِ كاسي
ماذا عليكِ لو انتظرتِ مُتَيّماً
يومَ النوى بالأربعِ الأدراسِ
أحسبتِ بأساً في وقُوفِك ساعة
ما في وقوفكِ ساعةً من باسِ
وارحمتاهُ لمهجتي من غادةٍ
لم تُبقِ غيرَ تردُّدِ الأنفاس
تسبى النُّهى بنواظرٍ فتانةٍ
تدعُ المتيمَ فاقدَ الإحساسِ
تسطُو بها لكن بغيرِ مُهنَّدٍ
وتغضُّها لكن بغيرِ نُعاس
شمسٌ تَهَادى بين أترابٍ لها
فإذا جلسنَ فزينةُ الجلاسِ
مشغوفةٌ بهواى إلا أنها
مشغوفةٌ بتمنعٍ وشُماسِ
لم آل جهداً في اختلاسِ فؤادِها
حتى أطاعت بعدَ طولِ مِرَاسِ
أتظنُ أني لا أتيه كما تتي
هُ أو انني مُستَسِلمٌ للياسِ
وعلامَ تُبدى تِيهَهَا هل شاهدت
يومَ الوصولِ شمائِلَ العباسِ
مِلكق تودُّ النيراتُ لو انها
تحكيه في بِشرٍ وفي إِيناسِ
ملكٌ يسيرُ السعدُ حولَ رِكابهِ
فكأنَّه من جُملةِ الحُرّاسِ
يحكى ليُوثَ الغابِ في وَثَباتِها
وثباتِها لكن بغيرِ قِياسِ
وإذا دَجَت ظُلَمُ الخطوبِ أنارَها
برويّةٍ تحكي ذكاءَ إياسِ
وسياسةٍ وفَراسةٍ وكياسةٍ
عَظُمَت على الحُكماءِ والسُوَّاسِ
سَهلُ الخليقةِ في جليلِ مهابةٍ
ثَبتِ العزيمةِ في احتدامِ الباسِ
وأكادُ لولا عَزمُه يومَ الوغى
أدعُوه بالبسامِ لا العبّاس
يا ابنَ الأُولى غَرسُوا حدائِقَ مجدِهم
كي تجتَنى منها أجلَّ غِراس
بَلَّغتَ مصرَ مَرامَها وكسَوتها
من فيضِكَ المَأمُولِ خَيرَ لِباسِ
وأقمتَ للملكِ الرفيعِ عمادَه
عَدلاً فأصبحَ ثابتَ الآساس
وجريتَ في نهجِ الهدايةِ مِثلما
تُجرى نظامَ المُلكِ بالقِسطاسِ
دُم يا ابن توفيقٍ لمصرَ مُوفَّقاً
حتَّى تُطهرَها من الأدناسِ
وأَحِلَّها المهدَ الوثيرَ ودَاوِها
مِمّا بها فَلأنتَ أحكمُ آسِ
فَلَمِصرُ مِصرُكَ عن أبيك وِرَاثةً
وافته عن أجدادِك الأكياسِ
لِلَّهِ يومَ بدا هِلالُكَ سَاطِعاً
فِيها فأغناها عن النِّبراسِ
وافترَّ ثَغرُ الثَّغرِ مُبتسماً وغُص
نُ الرمل مالَ بِعِطفِهِ الميّاس
ولسانُ أفئدةِ الوفودِ مُرَتِلٌ
آيَ الهَنَا من سائرِ الأجناسِ
لا غروَ أن رَقَصَت بذاكَ قلوبُهم
وأدارُ كاساتِ السرورِ الحاسي
فهلالُ وجهِك يوم هَلَّ أقامَ بَي
نَ قلوبهم عُرساً من الأعراسِ
لِمَ لا يُسَرُّ الناسُ يومَ يرونَه
وهلالُ وجهِكِ رحمةٌ للنَّاسِ