وهاجِرة ٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها
وهاجِرة ٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها المؤلف: كعب بن زهير |
وهاجِرة ٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها
لأعلامها من السَّرابِ عمائمُ
ترى الكاسعاتِ العفرِ فيها كأنما
شواها فصرها من النارِ جاحمُ
نصبتُ لها وجهي على ظهرِ لاحبٍ
طَحِينِ الحَصَى قد سَهَّلَتْه المَنَاسِمُ
تراه إذا يعلو الأحزة َ واضحاً
لمن كان يسري وهو بالليل طاسمُ
زجرت عليه حرة َ اللِّيطِ رفَّعتَ
على ربذٍ كأنهنّ دعائمُ
تَخَالُ بضَاحِي جِلْدِهَا ودُفوفِها
عَصِيمُ هِناءٍ أعْقدتْه الحَنَاتِمُ
يَظَلُّ حَصَى المَعْزاءِ بين فُروجِها
إذا ما ارْتَمتْ شَرْواتهنّ القَوَائمُ
فضاضاً كما تنزو دراهمُ تاجرٍ
يُقَمِّصُها فَوْقَ البَنانِ الأَباهِمُ
كأنِّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْباً رَبَاعِياً
تَضَمَّنَه وادِي الجَبَا والصَّرَائمُ
أَتَى دُونَ ماءِ الرَّسِّ بادٍ وحاضَرٌ
وفيها الجِمامُ الطامِياتُ الخَضارِمُ
فصَدّ فأَضْحَى بالسَّلِيلِ كأنّه
سَلِيبُ رِجالٍ فَوْقَ عَلْياءَ قائمُ
يقلب للأصواتِ والريج هادياً
تَمِيمَ النَّضِيِّ بَرَّصَتْهُ المَكَادِمُ
وغائرة ً في الحنو دارَ حجاجها
لَهَا بَصَر تَرْمِي به الغَيْبَ سَاهِمُ
ورَأْساً كَدَنِّ التَّجْرِ جَأْباً كأنَّما
رمى حاجبيهِ بالجلاميدِ راجمُ
وفوهُ كشرخِ الكورِ خانَ بأسرهِ
مَسامِيرُه فحِنْوُه مُتَفاقِمُ
كلا منخريه سائفاً ومعشراً
بما انصبّ من ماءِ الخياشيمِ راذمُ
فَهُنَّ قِيامٌ يَنتظِرْنَ قَضاءَه
وهنَّ هوادٍ للركيِّ نواظمُ
وفي جانبِ الماءِ الذي كان يَبتَغِي
به الرِّيَّ دَبَّابٌ إلى الصَّيْدِ عالِمُ
ومِنْ خَلْفِه ذُو قُتْرَة ٍ مُتَسَمِّعٌ
طويلُ الطّوى خفُّ بها متعالمُ
رَفِيقٌ بتنضِيدِ الصَّفَا ما تَفُوتُه
بمرتصدٍ وحشية ٌ وهو نائمُ
فلمّا ارتدى جلاَّ من الليل هاجها
إلأى الحائر المسجونِ فيه العلاجمُ
فلمّا دَنَا للماءِ سافَ حِياضَه
وخافَ الجبانُ حَتْفَه وهو قائمُ
فوافَيْنَه حتّى إذا ما تَصَوَّبتْ
أكارعه أهوى له وهو سادمُ
طليحٌ من التَّسعاءِ حتى كأنه
حديثٌ بحمّى أسأرتها سلالمُ
لَطِيفٌ كَصُدَّادِ الصَّفَا لاتَغُرَّه
بمرتقبٍ وحشية ٌ وهو حازمُ
أخو قُتُراتٍ لا يَزَالُ كأنّه
إذا لم يُصِبْ صَيْداً من الوَحْشِ غارِمُ
يقلِّبُ حشراتٍ ويختارُ نابلٌ
من الرِّيشِ ما التَفَّتْ عليه القَوَادِمُ
صَدَرْنَ رِوَاءً عن أسِنَّة صُلَّبٍ
يَقِئْنَ ويَقْطُرْنَ السِّمَامَ سَلاَجِمُ
وصفراءَ شكّتها الاسّرة ُ عودها
على الطلِّ والأنداءِ أحمرُ كاتمُ
إذا أُطرَ المربوعُ منها ترنّمت
كما أرزمت بكرٌ على البوّ رائمُ
فاوردها في عُكوة ِ الليليِ جوشناً
لأكْفالِها حتّى أتَى الماءَ لازمُ
فلما أراد الصوتَ يوماً وأشرعت
زَوَى سهْمَه عاوٍ من الجِنِّ صارمُ
فمرَّ على مُلْسِ النَّواشِرِ قَلَّمَا
تثبطهنَ بالخبار الجراثمُ
ومر بأكنافِ اليدينَ نضَّيهُ
ولِلْحَتْفِ أَحْياناً عن النَّفْسِ عَاجِمُ
يَعُضُّ بإِبْهامِ اليَدَيْنِ تَنَدُّماً
ولهَّف سِراً أمه وهو نادمُ
وقال ألا في خيبة ٍ أنتِ من يدٍ
وجذّ بذي إثرٍ بنانك جاذمُ
وأصْبَحَ يَبْغِي نَصْلَه ونَضِيَّهُ
فَرِيقَيْنِ شَتَّى وهو أَسْفَانُ وَاجِمُ
وصاحَ بها جأبٌ كأن نسوره
نوى ً عضَّهُ من تمرِ قرَّان عاجمُ
وقفّى فأضحى يالسِتارِ كأنهُ
خَلِيعُ رِجَالٍ فَوْقَ عَلْيَاءَ صَائِمُ
قليلُ التأني مستتبٌّ كأنه
لَها واسِقٌ يَنْجو بِها اللَّيلَ غانِمُ
فَوَرَّكَ قَدْراً بالشَّمالِ وضَلْفَعاً
وحَاذَتْهُ أعْلامٌ لها ومَخارِمُ
وأمّ بها ماء الرّسيسِ فصوّبت
لِلِينَة َ وانْقَضَّ النُّجُومُ العَوَائِمُ
فلم أر موسوقاً أقلَّ وتيرة ً
ولا واسقا ما لم تخنه القوائمُ