الرئيسيةبحث

وقفت وقد مد السكون رواقه

وقفت وقد مد السكون رواقه

وقفت وقد مد السكون رواقه
المؤلف: فوزي معلوف



وقفت وقد مد السكون رواقه
 
عليها وغطاها أصيلٌ من التبر
خشوعاً كأني ساجدٌ ضمن هيكل
 
صموتاً كأني مستقلٌّ على قبر
وكلي عيونٌ معجباتٌ شواخصٌ
 
منعن على قلبي التنفس في صدري
تنقلن فيها وهي للمجد صفحةٌ
 
ذواهب من سطرٍ مجيدٍ إلى سطر
فيا لطلولٍ لا الزلازل زعزعت
 
بناها ولا الإنسان أو غير الدهر
فأبقت عليها عن قصورٍ ورهبةٍ
 
وليس لتخليد الصناعة والذكر
وأعمدة ملء الفضاء كأنها
 
بأعناقها تبغي معانقة الزهر
جبابرةٍ ترنو بكبرٍ إلى الثرى
 
وترمق وجه الأفق بالنظر الشزر
وضخم حجارٍ كالجبال إذا هوت
 
على جبلٍ شقت روابيه بالوقر
على حالق منصوبةٍ عز خفضها
 
تحير في كيفية الرفع والجر
ومتقن أصنامٍ عفا الفن قبلما
 
عفا ما بها من دقة النقش والحفر
خلت أعصرٌ كثرٌ عليها وما خلت
 
من المنظر الخلاب والرونق النضر
وزاهي نقوشٍ لو تفحصت صنعها
 
لأكبرت ما فيها من النظم والنثر
ذوي الروض مرات وأزهر بعدها
 
وما زال غضّاً ما تضم من الزهر
وأسدس من الصخر الأصم تخالها
 
تهم بوثبٍ ثم تربض عن كبر
إذا قاتها من ليث غابٍ زئيره
 
فما فاتها أن تملأ القلب بالذعر
وما راعني فيها سوى صوت بومةٍ
 
نعوبٍ على الأطلال تفحص بالظفر
وكان سكوتٌ ثم ألقى جناحه
 
فألقى على روحي جناحاً من السحر
فهامت به تطوي العصور بلحظةٍ
 
وتنشرها بين النواظر والفكر
وخيل لي أني من الحلم في دجى
 
أو أني غريقٌ في عبابٍ من السكر
فأبصرت ما حولي استعاد رواءه
 
وعاد إليه زهو أيامه الخضر
وعادت محجّاً بعلبك يؤمها
 
بنو الأرض طرّاً للعبادة والنذر
يروح ويغدو العابدون بساحها
 
يموجون موج البحر بالمد والجزر
فكدت فعجابي وشدة حيرتي
 
أخر على وجهي وأجهر بالكفر
وأنسى إلهي وهو في الغيب مضمرٌ
 
وأعبد أصناماً هناك من الصخر
ولم يمض حينٌ فاستفقت بغصة
 
أرى ما رأيت الآن أوهام مغتر
فيا لك وكراً صار للبوم مسرحاً
 
وقد كان حصناً للهزار وللنسر
ويا لك قصراً كان للفن والتقى
 
فأصبح قبراً للمناحة والذكر