وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه المؤلف: المتنبي |
وَفاؤكُما كالرَّبْع أشْجاهُ طاسمه
بأنْ تُسعِدا والدّمْعُ أشفاهُ ساجِمُهْ
وما أنَا إلاّ عاشِقٌ كلُّ عَاشِقٍ
أعَقُّ خَليلَيْهِ الصّفِيّينِ لائِمُهْ
وقَدْ يَتَزَيّا بالهَوَى غَيرُ أهْلِهِ
ويَستَصحِبُ الإنسانُ مَن لا يُلائمُهْ
بَليتُ بِلى الأطْلالِ إنْ لم أقِفْ بها
وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التُّرْبِ خاتمُهْ
كَئيباً تَوَقّاني العَواذِلُ في الهَوَى
كمَا يَتَوَقّى رَيّضَ الخَيلِ حازِمُهْ
قِفي تَغرَمِ الأولى من اللّحظِ مُهجتي
بثانِيَةٍ والمُتْلِفُ الشّيْءَ غارِمُهْ
سَقاكِ وحَيّانَا بكِ الله إنّمَا
على العِيسِ نَوْرٌ والخدورُ كمائِمُهْ
وما حاجةُ الأظعانِ حَوْلَكِ في الدّجى
إلى قَمَرٍ ما واجدٌ لكِ عادِمُهْ
إذا ظَفِرَتْ منكِ العُيونُ بنَظرَةٍ
أثابَ بها مُعيي المَطيّ ورازِمُهْ
حَبيبٌ كأنّ الحُسنَ كانَ يُحِبّهُ
فآثَرَهُ أوْ جارَ في الحُسنِ قاسِمُهْ
تَحُولُ رِماحُ الخَطّ دونَ سِبائِهِ
وتُسبَى لَهُ منْ كلّ حَيٍّ كرائِمُهْ
وَيُضْحي غُبارُ الخَيلِ أدنَى سُتُورِهِ
وآخِرُها نَشْرُ الكِباءِ المُلازِمُهْ
وما اسْتَغْرَبَتْ عَيني فِراقاً رأيْتُهُ
ولا عَلّمَتْني غَيرَ ما القلبُ عالمُهْ
فَلا يَتَّهِمْني الكاشِحونَ فإنّني
رَعَيتُ الرّدى حتى حَلَتْ لي علاقمُهْ
مُشِبُّ الذي يَبكي الشّبابَ مُشيبُهُ
فكَيفَ تَوَقّيهِ وبانِيهِ هادِمُهْ
وتَكْمِلَةُ العَيشِ الصِّبا وعَقيبُهُ
وغائِبُ لَوْنِ العارِضَينِ وقادِمُهْ
وما خَضَبَ النّاسُ البَياضَ لأنّهُ
قَبيحٌ ولكِنْ أحْسَنُ الشَّعرِ فاحِمُهْ
وأحسَنُ مِنْ ماءِ الشّبيبَةِ كُلّهِ
حَيَا بارِقٍ في فازَةٍ أنا شائِمُهْ
عَلَيها رِياضٌ لم تَحُكْها سَحابَةٌ
وأغصانُ دَوْحٍ لمْ تُغَنِّ حَمَائِمُهْ
وفَوْقَ حَواشي كلّ ثَوْبٍ مُوَجَّهٍ
من الدُّرّ سِمْطٌ لم يُثَقّبْهُ ناظِمُهْ
تَرَى حَيَوانَ البَرّ مُصْطَلِحاً بِهِ
يُحارِبُ ضِدٌّ ضِدَّهُ ويُسالِمُهْ
إذا ضَرَبَتْهُ الرّيحُ ماجَ كَأنّهُ
تجولُ مَذاكيه وتَدأى ضَراغِمُهْ
وفي صورةِ الرّوميّ ذي التّاجِ ذِلّةٌ
لأبْلَجَ لا تيجانَ إلاّ عَمائِمُهْ
تُقَبّلُ أفْواهُ المُلُوكِ بِساطَهُ
ويَكْبُرُ عَنها كُمُّهُ وبَراجِمُهْ
قِياماً لمَنْ يَشفي مِنَ الدّاءِ كَيُّهُ
ومَن بَينَ أُذْنَيْ كلّ قَرْمٍ مَواسمُهْ
قَبائِعُها تَحْتَ المَرافِقِ هَيْبَةً
وأنْفَذُ ممّا في الجُفُونِ عَزائِمُهْ
لَهُ عَسكَرَا خَيْلٍ وطَيرٍ إذا رَمَى
بها عَسكَراً لم يَبقَ إلاّ جَماجمُهْ
أجِلّتُها مِنْ كلّ طاغٍ ثِيابُهُ
ومَوْطِئُها مِن كلّ باعٍ مَلاغمُهْ
فَقَدْ مَلّ ضَوْءُ الصّبْحِ ممّا تُغيرُهُ
ومَلّ سَوادُ اللّيلِ ممّا تُزاحِمُهْ
ومَلّ القَنَا ممّا تَدُقّ صُدورَهُ
ومَلّ حَديدُ الهِنْدِ ممّا تُلاطِمُهْ
سَحابٌ مِنَ العِقبانِ يزْحَفُ تحتَها
سحابٌ إذا استَسقتْ سقتها صَوارِمُهْ
سلَكتُ صُروفَ الدّهرِ حتى لقيتُهُ
على ظَهرِ عَزْمٍ مُؤيَداتٍ قَوائِمُهْ
مَهالِكَ لم تَصْحَبْ بها الذئبَ نَفسُه
ولا حَمَلَتْ فيها الغُرابَ قَوادِمُهْ
فأبصَرْتُ بَدراً لا يَرَى البدرُ مِثْلَهُ
وخاطَبْتُ بحْراً لا يرى العِبرَ عائِمُهْ
غَضِبْتُ لَهُ لمّا رَأيْتُ صِفاتِهِ
بلا واصِفٍ والشِّعرُ تهذي طَماطِمُهْ
وكنتُ إذا يَمّمْتُ أرضاً بَعيدَةً
سرَيتُ فكنْتُ السرّ واللّيلُ كاتمُهْ
لقد سَلّ سيفَ الدّولَةِ المَجدُ مُعلَماً
فلا المَجدُ مخفيه ولا الضّرْبُ ثالمُهْ
على عاتِقِ المَلْكِ الأغَرِّ نِجادُهُ
وفي يَدِ جَبّارِ السّماواتِ قائِمُهْ
تُحارِبُهُ الأعداءُ وهْيَ عَبيدُهُ
وتَدّخِرُ الأمْوالَ وهْيَ غَنائِمُهْ
ويَستَكبرُونَ الدّهرَ والدّهْرُ دونَهُ
ويَستَعظِمونَ المَوتَ والموْتُ خادمُهْ
وإنّ الذي سَمّى عَلِيّاً لَمُنْصِفٌ
وإنّ الذي سَمّاهُ سَيفاً لَظالمُهْ
وما كلُّ سَيفٍ يَقْطَعُ الهَامَ حَدُّهُ
وتَقْطَعُ لَزْباتِ الزّمانِ مَكارِمُهْ