| وا حرّ قلباه ممن قلبه شبم المؤلف: أبو الطيب المتنبي |
| وَا حَـرَّ قَلبـاهُ مِمَّـن قـَلْـبُهُ شَبـِمُ | ومَـن بِجـِسمـي وَحـالي عِنْـدَهُ سَقَـمُ |
| ما لي أُكَتِّـمُ حُبّـاً قد بَـرَى جَسَـدي | وتَدَّعِـي حُـبَّ سَيـفِ الدَولـةِ الأُمَـمُ |
| إِنْ كـانَ يَـجمَـعـُنـا حُبٌّ لِغُـرَّتـِهِ | فَلَـيتَ أَنَّـا بِقَـدْرِ الحُـبِّ نَقـتَسِـمُ |
| قـد زُرتُـه وسُيـُوفُ الهـِنـدِ مُغمَدةٌ | وقـد نَظَـرتُ إليـهِ والسُـيُـوفُ دَمُ |
| وَ كـانَ أَحـسَـنَ خـَلـقِ الله كُلِّهـِـمِ | وكانَ أَحْسَنَ مـا في الأَحسَـنِ الشِيَـمُ |
| فـَوتُ العَـدُوِّ الِّـذي يَمَّمْتـَهُ ظَفَـرٌ | في طَـيِّـهِ أَسَــفٌ في طَـيِّــهِ نِـعَــمُ |
| قد نابَ عنكَ شَدِيدُ الخَوفِ واصطَنَعـَتْ | لَكَ المَهابةُ مـا لا تَصْنـعُ البُـهَـمُ |
| أَلزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئاً لَيـسَ يَلْزَمـُهـا | أَنْ لا يُـوارِيَـهُـم أرضٌ ولا عَـلَــمُ |
| أَكـلما رُمتَ جَيشاً فانثَنـَى هَرَبـاً | تَـصَـرَّفَـتْ بِـكَ في آثـارِهِ الـهِمَـمُ |
| عـلَـيـكَ هَـزمـُهـُمُ في كُـلِّ مُعْتَـرَكٍ | وما عَلَيكَ بِهِمْ عـارٌ إِذا انهَزَمـوا |
| أَمـا تَرَى ظَفـَراً حُلواً سـِوَى ظَفـَرٍ | تَصافَحَت ْفيهِ بيـضُ الهِـنْدِ والِلمَـمُ |
| يـا أَعـدَلَ النـاسِ إِلاَّ في مُعامَلَـتي | فيكَ الخِصـامُ وأَنـتَ الخَصْـمُ والحَكَـمُ |
| أُعِيـذُهـا نَظَــراتٍ مِنْـكَ صادِقـَـةً | أَنْ تَحْسَبَ الشَحمَ فيمَـن شَحْمُـهُ وَرَمُ |
| وما انتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظـرِهِ | إِذا استَوَتْ عِنـدَهُ الأَنوارُ والظُلَمُ |
| سَيَعْلَـمُ الجَمْـعُ مِمَّـن ضَـمَّ مَجْلِسُنـا | بِأنَّني خَيْرُ مَـن تَسْـعَـى بـِـهِ قـدَمُ |
| أَنـا الَّذي نَظَرَ الأَعمَـى إلى أَدَبـي | وأَسمَـعَـتْ كَلِماتـي مَـن بـِـهِ صَمَـمُ |
| أَنـامُ مِـلءَ جُفُـوفي عـن شَوارِدِهـا | ويَسْـهَـرُ الخَلْـقُ جَرَّاهـا ويَختَـصِـمُ |
| وَجَـاهِـلٍ مَــدَّهُ في جَهـلِـهِ ضـَحِكـِي | حَـتَّـى أَتَـتْـهُ يَـدٌ فَـرَّاسـةٌ وفَـمُ |
| إِذا رَأيـتَ نُيُـوبَ اللّيـثِ بـارِزَةً | فَـلا تَظُـنَّـنَ أَنَّ اللَيـثَ يَبْـتَـسِـمُ |
| ومُهجةٍ مُهجتـي مِن هَــمِّ صـاحِبِهـا | أَدرَكْـتُهـا بـِجَـوادٍ ظَـهْـرُهُ حَـرَمُ |
| رِجلاهُ في الـرَكضِ رِجْلٌ واليَـدانِ يَدٌ | وفِعْلُهُ مـا تُريـدُ الكَـفُّ والقَـدَمُ |
| ومُرهَفٍ سِـرتُ بَينَ الجَـحْـفَـلَيـنِ بـِهِ | حتَّى ضَرَبْتُ ومَـوجُ المَـوتِ يَلْـتَـطِـمُ |
| الخَيْلُ واللّيلُ والبَيداءُ تَعرِفُـنـي | والسَيفُ والرُمْحُ والقِرطاسُ والقَلَمُ |
| صَحِبتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ مُـنْفـَرِداً | حتَّـى تَعَـجَّـبَ منَّي القُـورُ والأَكَـمُ |
| يـا مَن يَعِزُّ عَلَينـا أن نُفارِقَهـم | وَجداننـا كُـلَّ شَيءٍ بَعـدَكـُمْ عَـدَمُ |
| مـا كانَ أَخلَقَنـا مِنكُم بِتَكـرِمـة | لَـو أَن أَمرَكـُمُ مـِن أَمـرِنا أَمـَمُ |
| إِن كـانَ سَرَّكـُـمُ ما قـالَ حاسِدُنا | فَـمـا لِجُـرْحٍ إِذا أَرضـاكُـمُ أَلـَمُ |
| وبَينَنـا لَو رَعَيْتُـمْ ذاكَ مَعـرِفـةٌ | إِنَّ المَعـارِفَ في أَهلِ النُهـَى ذِمـَـمُ |
| كَم تَطلُبُـونَ لَنـا عَيبـاً فيُعجِزُكم | ويَكـرَهُ الله مـا تـأْتُـونَ والكَـرَمُ |
| ما أَبعَدَ العَيْبَ والنُقصانَ من شَرَفي | أَنا الثُرَيَّا وَذانِ الشَيبُ والـهَرَمُ |
| لَيتَ الغَمـامَ الذي عِندِي صَواعِقُـهُ | يُـزِيلُـهُـنَّ إلى مَـن عِنـدَه الدِيـَمُ |
| أَرَى النَـوَى يَقْتَضِيني كُــلَّ مَرْحَلـةٍ | لا تَستَقِلُّ بـِها الوَخَـّادةُ الرُسـُـمُ |
| لَئِـن تَرَكْـنَ ضُمَيـراً عن مَيامِنِنـا | لَيـَحْـدُثَـنَّ لِمـَنْ ودَّعْتـُهُـمْ نَــدَمُ |
| إذا تَرَحَّلْتَ عن قَـومٍ وقد قَــدَروا | أَن لا تُفـارِقَهم فالـراحِـلُونَ هُـمُ |
| شَـرُّ البـِلادِ مَكـانٌ لا صـَديـقَ بـهِ | وشَرُّ ما يَكْسِـبُ الإِنسـانُ مـا يَصِـمُ |
| وشَــرُّ ما قَنَصَتْــهُ راحَـتـي قَنـَصٌ | شُهْبُ البُـزاةِ سَواءٌ فيـهِ والرَخَـمُ |
| بأَيَّ لَفْـظٍ تَقُـولُ الشِعْـرَ زِعْنِـفـةٌ | تـجـُوزْ عِنـدَكَ لا عـُرْبٌ وِلا عـَجـَـمُ |
| هـذا عِـتابــكَ إِلاَّ أَنـَّـهُ مـِقـَـةٌ | قـد ضُمـِّـنَ الـدُرَّ إِلاَّ أَنَّـهُ كَـلِـمُ |