هَل لِسانَ أَقوالِهِ الإِلهامَ
هَل لِسانَ أَقوالِهِ الإِلهامَ المؤلف: شكيب أرسلان |
هَل لِسانَ أَقوالِهِ الإِلهامَ
أَم بَيانَ آياتِهِ الأَحكامَ
فَتَبارى الأَلفاظُ شَأوَ المَعاني
وَيوفي حَقَّ الثَناءِ الإِمامَ
وَغَدَت لَهجَةَ الثَناءِ عَلَيهِ
مِثلَما دامَ لِلصَلاةِ إِقامَ
قَعَدَت نَهضَةَ البَلاغَةِ عِنهُ
وَدَنَت عَن خَيالِهِ الأَوهامَ
قَعَسَ في الصَفيحِ مِن أَطلَسِ ال
عِزِّ تَهاوَت مِن دونِهِ الأَفهامَ
إِنَّما وَصَفَهَ عَلى فاتِحِ الأَفكا
رِ في الذَروَةِ الَّتي لا تُرامِ
كُلُّ طَرفٍ لِفِكرِ عِندَ كَليلٍ
كُلَّ طَرفٍ لِلجَريِ فيهِ كَهامِ
قَصُرَ الوَصفُ دونَ مَن يَفضَحُ الوَص
فَ وَعِندَ الفِعالِ يَخفى الكَلامِ
يَنبُذُ الشِعرَ وَالشُهودَ الرِياضِيّ
ياتِ عَدا وَالحَجَّةِ الأَرقامِ
إِن ما سالَ في ثَناهُ يَراعٌ
لا َما سَحَّ مِن يَدَيهِ غَمامِ
وَفِعالُ الضِرغامِ أَوقَعَ في النَف
سِ مِنَ القَولِ إِنَّهُ الضِرغامِ
كُلُّ يَومٍ لَهُ صَنائِعٌ تَترى
في البَرايا لِباسُهُنَّ الدَوامِ
تَكفُلُ الناسَ مِثلَما يَكفُلُ الغَب
راءَ غَيثٌ لَهُ عَلَيها اِنسِجامِ
طَوقُ الخَلقِ جودُهُ وَنَداهُ
فَهيَ في مَدحِهِ لَعَمري حَمامِ
وَجَديرٌ أَن تَنطِقَ الطَيرَ وَالوَح
شَ فَيَتلو الصَدّاحُ فيهِ البَغامِ
نَسَخَت عِندَهُ المُلوكُ وَأَمسى
خَبَراً مِن أَخبارٍ كانَ الكِرامِ
ما رَأى مِثلَهُ الزَمانُ عَظيماً
صِبيَةً عِندَهُ الرِجالُ العِظامِ
جاءَ مِن ضَئضَئِّ الخِلافَةِ فَرداً
هُوَ مِن مَعشَرِ المُلوكِ السَنامِ
فَرعُ عُثمانٍ وَكَفى المَجدُ وَالأَح
سابُ وَالمَكرُماتِ وَالأَحلامِ
دَولَةٌ حَجَّةَ الزَمانِ عَلى الخَل
قِ بِها دونَ مُريَةٍ إِلزامِ
لَيسَ لِلشَرقِ غَيرَها فَبَنو المَش
رِقَ طَراً بِدونِها أَيتامِ
قَد أَامَت سَرادِقَ العِزِّ يَعلي
هِ الوَشيجُ الرِماحُ وَالأَقلامِ
فَوقَهُ رايَةَ الهِلالِ مُنيراً
يُدَبِّرُ الظُلمَ عِندَها وَالظَلامِ
يَنضَوي تَحتَها النُقّادُ مَعَ الأُس
دِ وَتَرعى الذِئابُ وَالآرامِ
مَجدُ عُثمانَ لَيسَ غَيرَكَ مَجدٌ
كُلَّ مَدحٍ مِندونَ مَدحِكَ ذامِ
لَم تَزَل شامِخاً بِأنفٍ عَزيزٍ
وَلَكُم أَعطُسُ المُلوكَ الرِغامِ
لا تَرى دَولَةٌ هُزالاً وَضَعفاً
حَولَها المُسلِمونَ وَالإِسلامِ
وَعَلى رَأسِها خَليفَةُ عَصرٍ
دَهرُهُ تابِعٌ لَهُ وَغُلامِ
لَم يَزَل قائِماً لَدَيهِ بِأَبوا
بٍ عَلَيهِنَّ لِلجِباهِ اِزدِحامِ
حَيثُما تَهطَعُ المُلوكُ وَتَعنو
تَحتَ تيجانِها الطَلى وَالهامِ
مَوقِفٌ تَخَشَّعَ النَواظِرَ فيهِ
وَتُسَوّى الرُؤوسُ وَالأَقدامِ
قَد حَباهُ عُثمانَ أُسّاً مَتيناً
مِثلَ البَيتِ عِندَهُ وَالمقامِ
شابَ قَرنُ الزَمانِ وَهوَ مَكينٌ
وَتَخَطَّت مِئاتِها الأَعوامِ
وَغَدا آلفاً سِهامَ اللَيالي
فَلِذا لا تَنالُ مِنهُ السِهامِ
إيهٍ عَبد الحَميدِ إِنَّ زَماناً
أَنتَ فيهِ عَبّاسُهُ بَسّامِ
أَوَّلُهُ نَصرُكَ العَزيزُ وَأَيدٌ
وارو مِصراً لَهُ إِلَيكَ أَرامِ
أَشخَصَت نَحوَكَ العُونُ حَيارى
أُمَمُ الخافِقينَ وَالأَقوامِ
وَتَصَبّى القُلوبَ مِنكَ خِلالَ
يُحرِمُ العِشقَ دونَها وَالهَيامِ
أَقبَلَ العَصرَ يَرتجيكَ وَفي اليُم
نى كِتابٌ وَفي الشَمالِ حُسامِ
حَبَّذا الدَولَةُ الَّتي صار فيها
تَوأَمَينِ العُلومِ وَالأَعلامِ
هُوَ ذا الشَرقُ في حِماكَ لَكَ الأَم
رُ جَميعاً وَفي يَدَيكَ الزِمامِ
هَزَّهُ هَزَّةً تَثوبُ بِها الرو
حُ وَتَحيى الآمالُ وَهيَ رِمامِ
أَرهَفَ الحَدَّ لِلخُطوبِ فَما يَن
فَعث مَعَ هَذِهِ اللَيالي اِحتِشامِ
لَم تَزَل أَرضَنا مَآسِدٌ بِاللَهِ
وَمَأَوى رِجالَنا الآجامِ
إِنَّ لِلشَرقَ هِبَةً بَعدَ نَومٍ
أَزعَجَتهُ خِلالَهُ الأَحلامِ
هِبَةً تَبعَثُ الحَمِيَّةً في النا
سِ كَما يَبعَثُ الخِمارُ المَدامِ
يَسَألُ الغَربَ عِندَها الشَرقُ هَل جا
ءَكَ روحٌ تَحيا بِهِ الأَصنامِ
تُرسِلُ الكَهرَباءَ فيها شُعاعاً
وَيَرى لِلبُخارِ فيها رِكامِ
وَتَشِبُّ النيرانُ في كُلِّ أَرضٍ
فَتَعودُ النيرانُ وَهيَ سَلامِ
إِنَّما تُثلِجُ الصُدورَ بِسِلمٍ
حَيثُما يوقِدُ الصُدورَ ضِرامِ
يا إِمامَ الهُدى هَنيئاً وَأَولى
أَةن يَهنا بِالعيدِ عَنكَ الأَنامِ
إِن أُحاوِلُ عَلى عُلاكَ ثَناءً
فَهوَ مِمّا قَضى عَلَيَّ الذِمامِ
أَو أُعارِضُ فَتى القَريضِ فَما عا
رَضَ وَردَ الحَدائِقِ القَلامِ
ذا مَجالٍ رَضيتُ فيهَ مِنَ السَب
قِ بِعَزمٍ لَهُ يُثنِهِ الأَحجامِ
وَإِذا كانَ بَدعُ وَصفِكَ سَمطاً
جاءَ عَفواً مِنَ القَريضِ النِظامِ
إِنَّ يَوماً بِهِ الجُلوسُ تَجَلّى
هُوَ يَومٌ خِدامُهُ الأَيّامِ
كَفَّرَ الدَهرُ فيهِ عَن كُلِّ ما جَرَّ
فَلَم يَتَّجِه عَلَيهِ مَلامِ
جاءَ خِتاماً لِطارِقاتِ اللَيالي
فَاِختِلافاتِها إِلَينا لِمامِ
لَيسَ يَلحى عَلى أَواليهِ عَصرٌ
بِمَعاليكَ طابَ مِنهُ الخِتامِ