هَل تَعلَمُ العيسَ إِذ يَحدو بِها الحادي
هَل تَعلَمُ العيسَ إِذ يَحدو بِها الحادي المؤلف: شكيب أرسلان |
هَل تَعلَمُ العيسَ إِذ يَحدو بِها الحادي
إِنَّ السُرى فَوقَ أَضلاعٍ وَأَكبادِ
وَهَل ظَعائِنُ ذاكَ الرَكبَ عالِمَةً
إِنَّ النَوى بَينَ أَرواحٍ وَأَجسادِ
تَحَمَّلوا فَفُؤادي مُنذُ بَيَّنَهُم
في إِثرِهِم نَضوُ تَأويبٍ وَإيسادِ
يَرتادُ مَنزِلُهُم في كُلِّ قاصِيَةٍ
وَحَجبُهُ لَو دَرى أَحرى بِمُرتادِ
بَينَ الجَوانِحِ ما لَو أَنتَ جائِبُهُ
أَغناكَ عَن لَفِّ أَغوارٍ بِالبادِ
كَم بِتُّ أَنشُدُ أَحبابي وَأُنشِدُهُم
في الهِندِ يا شَدَّ ما أَبعَدَت إِنشادي
وَلَو أُناجي ضَميري كُنتُ مُسمِعَهُم
قَولي كَأَنَّهُم في الغَيبِ أَشهادي
مَن كانَ دونَ مَرامي العيسِ مَنزِعُهُ
فَلي هَوى دونَ أَمواجِ وَأَزبادِ
دونَ الخَضارِمِ إِن ضَلَّ الحَبيبُ سُرىً
فَإشن وَجدِيَ نِعمَ القائِفِ الهادي
هَوىً بِأَروَعِ لَو أَنَّ الزَمانِ دَرى
لَمّا أَحَلَّ سِواهُ الصَدرُ بِالنادي
سامي الأَرومَةِ في أَعراقِهِ نِسَبِ
في المَجدِ لا يَشتَكي مِن ضَعفِ إِسنادِ
أَرَقَّ مِن شَمأَلِ الوادي شَمائِلِهِ
وَعِندَ شَدِّ اللَيالي صَخرَةَ الوادي
مِن مَعشَرِ لَو يَقيسُ الناسِ شَأوِهِمُ
إِلى العُلا اِفتَقَروا فيهِ لِأَرصادِ
يا مَن لَنا رَدُّهُ مِن فائِتٍ عَوَضِ
يُمحي بِهِ وَزرَ أَحقابِ وَآمادِ
أَن يَحجِبوكَ فَما ضَرَّ النُجومَ دُجىً
وَلا زَرى السَيفَ يَوماً طَيُّ أَغمادِ
لا بَأسَ إِن طالَ تَجِزُّ السَعدَ مَوعِدُهُ
فَأَعذَبَ الماءَ شَرباً في فَمِ الصادي
عَسى لَياليكَ إقَد سُلَّت ضَغينَتُها
وَقَد صَفَت كَأسَها مِن سُؤرِ أَحقادِ
وَاِستَأنَفَ الدَهرُ سَلماً لا يَكدَرُها
فَالدَهرُ قَد يَرتَدي حالاتُ أَضدادِ
لَو كانَ يسعِدُ قَومَ قَدرٍ فَضَلَّهُم
ما لاقَ مِثلَكَ أَن يَحظى بِإِسعادِ