الإقليم الخامس - الجزء الأول | نزهة المشتاق في اختراق الآفاق الإقليم الخامس - الجزء الثاني المؤلف: الإدريسي |
الإقليم الخامس - الجزء الثالث |
تضمن هذا الجزء الثاني من الإقليم الخامس بلاداً من قواعد الروم في أقاليم شتى فمنها قطعة من إقليم قاورش وإقليم بربنصة كله وفيه من البلاد أربونة ومنت بشلير وسنجيلي وبزارش وأفينون وبلنسية وبيانة وليون وفيه من بلاد غشكونية طلوشة وأوش ومرلانش ويجاور هذه إقليم قاورش وفيه من البلاد آجن وقاورش لا غير. ويلي هذا الإقليم من جهة المشرق إقليم بوي وإكلرمنت ويتصل بهذه في الشرق إقليم برغونية الإفرنجيين وفيه من بلادها بسنيس ونيفارش ومثكون وبجانب هذا الإقليم إقليم برغونية اللمانيين وفيه من القواعد جنبرة ولزنة وأغشت. وفيه أيضاً قطعة من إقليم صوابة وفيه من أمهات البلاد إشكنجة وإكريزا وألمة وإلى جانبه إقليم قرنطارة وما يتصل به من سواحل بحر البنادقة وأرض أكيلاية وهناك بيصرة وقصطلو وربنة وقمالقة وكراديس وإسطاجانكو. وفي هذا الجزء أيضاً بلاد كثيرة من ساحل بحر الروم فيها إلى ربونة ومنت بشلير وسنجيلي وإيرش وبنقلة وسفونة وجنوة وبيشة ولكة ولونة وفيه جمل من بلاد دسقانية وما جاورها من أطراف بلاد أنكبردة وما اتصل بها من أرض البنادقة والإفرنجيين وما يتلو ذلك في جهة الغرب من بلاد أنبردية مثل طرون وساوسة وإيبورية وغامنديو ومديلان وبابية ومنتو وفرارة وبلونية وفيه بعض بلاد قلورية وما اتصل بها من ملف وسرنتة وبنبنت وسنتنجلو. وكل هذه البلاد والأقاليم التي ذكرناها يجب علينا أن نرسم حدودها ونصف معالمها وطرقاتها ومجهول جهاتها وجملاً من أوصافها ومحاسنها حسب ما سبق لنا من ذلك. فنقول إن مدينة طلوشة التي في إقليم بربنصة هي مدينة حسنة نبيلة لها قرى ومزارع وأقاليم جملة ومن طلوشة إلى مدينة أربونة الساحلية سبعون ميلاً ومن طلوشة أيضاً إلى قرقشونة مع الجبل الحاجز المسمى جبل البرتات ستون ميلاً ومن طلوشة إلى مدينة بزارش شرقاً مع شمال ثمانون ميلاً ومدينة بزارش مدينة حسنة ذات سور حصين وزراعات كثيرة وقرى وهي من إقليم بربنصة. وكذلك من طلوشة إلى بوي مائتا ميل وثلاثون ميلاً وبوى مدينة صالحة المقدار كثيرة الديار عامرة الأقطار كثيرة المزارع والغلات وهي من إقليم إكلرمنت وهذا الإقليم يحيط به من جهة الشرق إقليم بربنصة ومن جهة الغرب إقليم قاورش ومن جهة الشمال إقليم بري. ومن طلوشة أيضاً إلى مرلانش مائة وعشرون ميلاً وبينهما مدينة أوش متوسطة ومدينة مرلانش مدينة كبيرة عامرة الجهات كثيرة العمارات متصلة الخيرات وهي من عمالة عشكونية وكذلك من مرلانش إلى مدينة شنت جوان التي في سفح الجبل ثمانون ميلاً ومن مرلانش أيضاً إلى آجن شرقاً مع شمال خمسون ميلاً وكذلك من مرلانش إلى آش ثمانون ميلاً وكذلك من آش إلى آجن ستون ميلاً. ومدينة آجن مدينة صغيرة متحضرة كثيرة الحنطة وافرة الزراعات حسنة الجهات وهي من إقليم قاورش وقاورش مدينة من قواعد بلاد الروم ذات عمارات كثيرة ومياه غزيرة وكروم وفواكه ومنها إلى مدينة آجن المتقدم ذكرها ستون ميلاً ومن قاورش إلى برغش ثمانون ميلاً وبرغش مدينة كبيرة جداً وقد سبق ذكرها. ومن مدينة بوي المتقدم ذكرها إلى مدينة بيانة التي على نهر رودنو ثمانون ميلاً وكذلك من مدينة بوي أيضاً إلى مدينة ليون على نهر رودنو سبعون ميلاً ومدينة بيانة في شرقي الوادي ومدينة ليون في غربيه وكلاهما مدينة صغيرة لكنهما حواضر ذوات أسواق وبيع وشراء ويتصل بينهما عمارات في جهة الشرق إلى جبل منت جون وقرى ومزارع ومياه ناشغة غزيرة. ومن بوي إلى إكلرمنت ستون ميلاً وإكلرمنت مدينة جليلة عامرة كثيرة الخصب ومن مدينة بيانة إلى ليون ثلاثون ميلاً ومن مدينة ليون إلى نيفارص مائة ميل وثلاثون ميلاً وكذلك من ليون إلى مدينة بسنيس ثمانون ميلاً وكذلك من مدينة إكلرمنت إلى قاورش ستون ميلاً ومن إكلرمنت أيضاً إلى مدينة نيفارش ثمانون ميلاً ومن إكلرمنت أيضاً إلى منت لشون شمالاً ستون ميلاً وهي مدينة صغيرة متحضرة فرجة الجهات كاملة الخيرات وهي من إقليم بري. وكذلك من مدينة منت لشون إلى مدينة ليموجش غرباً ستون ميلاً ومدينة ليموجش قاعدة إقليم أنجو وتنسب أعمالها وقراها إليها وهو إقليم منفرد بذاته جنوبه أرض إكلرمنت وشماله أرض نيفارش وشرقيه بري وغربيه أرض برغش وليموجش مدينة حسنة حصينة ذات خيرات وافرة وقرى عامرة وزراعات طائلة وكروم كثيرة متصلة ومن نيفارش إلى ليموجش ستون ميلاً وكذلك من منت لشون إلى برجش بري ثلاثون ميلاً في الجنوب ومن منت لشون إلى نيفارص شرقاً ثلاثون ميلاً. ومدينة برجش قاعدة أرض بري وإقليمها يسمى بري وليس بإقليم بري إلا مدينة برجش ومدينة منت لشون ولبري قرى عامرة وخيرات وافرة وحروث وكروم وخير وخصب زائد وبرجش من أكبر بلاد الإفرنجيين وإقليم بري منفرد بذاته يحيط به من جنوبه أرض إكلرمنت وبشماله إقليم طرش ومن غربيه أرض بيتارش وبشرقيه أرض برغونية الإفرنجيين ومن مدينة برجش إلى نيفارص ثمانون ميلاً. ونيفارص مدينة جليلة نبيلة فيها رجال أنجاد وهي من غرر البلاد ذات قرى عامرة وجبايات وافرة ومنها إلى دجون شرقاً ثلاثون ميلاً وكذلك من نيفارص أيضاً إلى لنكة ستون ميلاً ومن نيفارص إلى إطرويش ستون ميلاً ومن دجون إلى لنكة سبعون ميلاً ومن مشكون إلى ليون تسعون ميلاً ومشكون مدينة حسنة عامرة القطر كثيرة الخير متصلة الزراعات والكروم والجنات. ومنها إلى مدينة بسنيس خمسة وأربعون ميلاً وبسنيس مدينة متحضرة على طرف الباب القاطع في الجبل المسمى منت جون وهو باب عظيم طوله بين الجبلين ثمانون ميلاً وقيل مائة ميل وعلى فم هذا الباب من جهة بلاد أنبردية مدينة إيبورية وهذا الجبل جبل عظيم حاجز بين بلاد بربنصة وبرغونية الإفرنجيين وبرغونية اللمانيين وصوابة وقرنطارة وكل هذه الأقاليم من الجبل في الجهة الغربية وبين ما خلفه من جهة الشرق من بلاد أنبرضية وبلاد جنوة وبيش ورومة وما اتصل بها من بلاد أنكبردة وفيه من الأبواب أربعة أبواب يدخل منها ويخرج عليها إلى بلاد الروم من كلتا الناحيتين وهو جبل عظيم جداً صعب الإرتقاء إلى ذروته عريض الجرم وتخرج منه أودية كثيرة وسنذكرها بعد فراغنا من سائر البلاد التي في غربي الجبل على التوالي إن شاء الله.
فنقول إن إقليم برغونية الإفرنجيين يحيط به من جهة جنوبه جبل منت جون ومن شرقيه برغونية اللمانيين ومن غربيه بري وبعض إقليم بربنصة ومن شماله إقليم إفرنسية وفي برغونية الإفرنجيين من قواعد البلاد بسنيس ومشكون ودجون ونيفارش وأشتيون وإطرويش ولنكة. فأما مدينة بسنيس فقد سبق ذكرها ومنها شرقاً إلى مدينة مشكون خمسة وأربعون ميلاً ومدينة مشكون رحبة الفناء واسعة الأرجاء ولها أسواق محدقة ومعايش مرفقة وأسواقها متحركة ومزارعها وعماراتها مشتبكة ومن مشكون إلى جنبرة أربعون ميلاً وجنبرة مدينة على نهر رودنو وفي شرقيه وهي تتاخم بلاد برغونية اللمانيين ولها قرى عامرة وعمارات متكاثرة وكذلك من مشكون إلى مدينة دجون ستون ميلاً ومدينة دجون في وسط براح من الأرض حسنة الرقعة مباركة البقعة ذات معايش وأرزاق كثيرة ومن مدينة دجون إلى مدينة لنكة سبعون ميلاً. ومدينة لنكة مدينة رفيعة أقطارها واسعة ولها زراعات وكروم ومياه جارية وخيرات طائلة ومن مدينة لنكة إلى مدينة إطرويش ستون ميلاً وإطرويش مدينة قائمة الذات فرجة الجهات جامعة لضروب من الخيرات وصنوف من البركات ومن مدينة إطرويش إلى أرليانش من بلاد إفرنسية ستون ميلاً ومن إطروش أيضاً إلى نيفارش المتقدم ذكرها ستون ميلاً ومن نيفارش إلى لنكلة ستون ميلاً وكذلك من لنكة إلى بسنيس ثمانون ميلاً ومن نيفارش إلى مدينة دجون خمسة وثلاثون ميلاً وكذلك من مدينة مشكون إلى مدينة ليون من أرض بربنصة خمسة وثلاثون ميلاً ومن نيفارش أيضاً إلى أشتيون أربعون ميلاً وكذلك من أشتيون إلى طرويش مثلها ومن أشتيون إلى أرض بري وقاعدتها برجش أربعون ميلاً. وأرض برغونية الإفرنجيين أرض كثيرة القرى والمنافع متصلة الكروم والمزارع وأهلها رجال حروب وأرباب همم وقلوب وأهلها صميم الإفرنج وسلاطينها أكبر السلاطين. ويتصل بإقليم برغونية الإفرنجيين برغونية اللمانييت ومن بلادها أغشت وجنبرة ولزنة وبزنشون وبردون وهي من أخصب البلاد أرضاً وأوسعها خيراً وأكثرها عامراً وملك اللمانيين يقيم بها ويتردد في بلادها ويحيط بها من جنوبها جبل منت جون ومن شرقيها بلاد اللمانيين ومن غربيها بلاد برغونية الإفرنجيين ومن شمالها إقليم لهرنكة. فأما مدينة أغشت فهي مدينة في سفح الجبل المسمى منت جون وهي مطلة على أرضها بهجة بقعها كثيرة مرافقها ونفعها وبها مياه ناشغة وعمارات متسعة ومنها إلى جنبرة خمسة وأربعون ميلاً ومدينة جنبرة مدينة عامرة الديار واسعة الأقطار متحصنة على ضفة نهر رودنو وبشرقيه ومن مدينة جنبرة إلى مدينة ليون مائة ميل وقد سبق ذكرها ومن جنبرة أيضاً إلى مدينة لزنة شرقاً خمسة وثلاثون ميلاً. ولزنة على بركة عظيمة تجتمع بها مياه نابعة من جبل منت جون فيكون منها وادي رودنو المتقدم ذكره وحولها مزارع منتشرة وكروم عظيمة وأرض منجبة كريمة ومنها إلى بزنشون ستون ميلاً شمالاً مع تشريق يسير ومن بزنشون إلى مدينة لنكة المتقدم ذكرها من برغونية الإفرنجيين ستون ميلاً وسنذكر باقي برغونية اللمانيين فيما يأتي بعد في الإقليم السادس بحول الله تعالى. ويتصل ببرغونية اللمانيين طرف أرض ضيقة من أرض اللمانيين وبها بزلة ومدينة بزلة على غربي نهر رين وهي مدينة حسنة ذات سور تراب كثيرة القرى والمزارع رحبة الأفنية جمة المنافع وسنذكرها مع جملة بلاد اللمانيين بحول الله تعالى. ويتصل بأعلى أرض اللمانيين أرض صوابة ويحيط بجنوبها الجبل ومن شرقيها أرض ببير وبغربيها أرض اللمانيين ومن بلاد صوابة أسكنجة وأكريزا وألمة وأوزبرك فأما أسكنجة فإنها مدينة في سفح الجبل ويخرج من جبلها وملكهم يسكنها وهو صاحب أجناد وأسطول وهذه المدينة يحيط بها البحر من كل جهة.
ومنها إلى أطربلة ثلاثة وعشرون ميلاً وأطربلة مدينة كبيرة عامرة جداً ولهم مراكب غزوانية كثيرة ولها قرى ومزارع ونهر صغير ومنه شربهم ومن أطربلة إلى مدينة برونص ثمانية عشر ميلاً وهي مدينة كبيرة عامرة بها بيع وشراء وديوان وجبايات ولهم مراكب كثيرة يسافر فيها. ومنها إلى كرادس ثمانية وثلاثون ميلاً وهي مدينة كبيرة بها بشر كثير وجمع غزير ولهم مراكب كثيرة واردة وصادرة. ومن كرادس إلى إصطاجانكو خمسة أميال وهي مدينة متحضرة كبيرة القطر عامرة بالأجناد والعمال والرجال والتجار والصناع وهي حصينة على نهر كبير يأتي إليها من مسافة قريبة لكنه كبير ومنه شربهم وهذه المدينة على آخر طرف جون البنادقة وآخر بلاد البنادقيين وفرضة بلاد إيكلاية وفيها أسطول يغزي. فهذه جملة ما في أسفل هذا الجزء ونبتدئ الآن بذكر البلاد الساحلية التي على ساحل بر الشام ونصفها بلداً بلداً وقطراً قطراً بعون الله تعالى وقوته. فنقول إن من مدينة أربونة إلى مدينة منت بشلير ثمانية وثلاثون ميلاً ومدينة منت بشلير بعيدة عن البحر على ثمانية عشر ميلاً منه وهي عامرة كثيرة العمارة مقصد للوارد والصادر ومنها إلى أرلش على البحر عند موقع نهر رودنو يوم وكذلك أيضاً كل منت بشلير إلى شنت جيلي يوم وكذلك شنت جيلي إلى أرلش ستة أميال. وأرلش وشنت جيلي هما على نهر رودنو ومدينة شنت جيلي على اثني عشر ميلاً من البحر وهي في الضفة الشرقية من النهر وهي مدينة عامرة الجفن رائقة الحسن كثيرة المياه والأشجار غزيرة الفواكه والثمار ومن شنت جيلي إلى مشيلية على البحر خمسة وعشرون ميلاً ومشيلية مدينة صغيرة متحضرة ولها كروم ولها زراعات وهي في سند تراب مطل على البحر ومن مشيلية إلى إيرش أربعون ميلاً ومدينة إيرش على قرب من البحر وهي مدينة ذات سور حصين وموضع حسن كثير الشجر بادية الحضر كثيرة الخيرات. ومن إيرش إلى البنقلة خمسة وثلاثون ميلاً وهو حصن منيع ومعقل رفيع وهو مطل على مزارع متصلة وخيرات مجملة ومنه إلى مدينة شغونة خمسة وثلاثون ميلاً وهي مدينة حسنة رائقة المكان كثيرة الخصب والأشجار ومن شغونة إلى جنوة خمسة وعشرون ميلاً. ومدينة جنوة قديمة أزلية البناء حسنة الجهات والأفناء بنيانها شاهق السمو وهي وافرة الثمر كثيرة المزارع والقرى والعمارات وهي على قرب نهر صغير وأهلها تجار أملئاء مياسير يسافرون براً وبحراً ويقتحمون سهلاً ووعراً ولهم أسطول مخيف ولهم معرفة بالحيل الحربية والآلات السلطانية ولهم بين الروم عزة أنفس.
ومن مدينة جنوة إلى فترة سبعون ميلاً وحصن فترة حصن عظيم كبير عامر مشيد ومنه إلى لونة اثنا عشر ميلاً وهي مدينة على البحر ولها مزارع وقرى ومنها إلى بيش أربعون ميلاً.
ومدينة بيش من قواعد بلاد الروم مشهورة الذكر كبيرة القطر عامرة الأسواق والديار بعيدة الأفناء والأقطار كثيرة البساتين والجنات متصلة الزراعات أمورها شامخة وأخبارها هائلة ومعاقلها شاهقة وأرضها خصيبة ومياهها مغدودقة وآثارها عجيبة ولأهلها مراكب وخيل واستعداد لركوب البحر وقصد البلاد وهي على نهر يأتي إليها من جبل بناحية أنكبردة وهو نهر كبير عليه الأرحاء و البساتين. ومن مدينة بيش إلى مرسى الخنزيرية ستون ميلاً وعليه حصن منيع ومن المرسى إلى جبت بكة خمسون ميلاً ومن حصن جبت بكة إلى موقع وادي مدينة رومة المسمى طنابري خمسون ميلاً. ومن أخذ طريق البر من بيش سار من بيش إلى مدينة لونة أربعون ميلاً وهي على البحر ومنها في البرية إلى بستركن ثم إلى مدينة سنقليلية إلى جبل أنواط ثم إلى رومة لأن البحر يتجون بين جنوة وبيش ثم ينعطف إلى حصن أرجنتار إلى جبت بكة إلى رومة وبين رومة والبحر اثنا عشر ميلاً. ومدينة رومة ركن من أركان النصارى وذلك أنها كرسي من كراسيهم وبأنطاكية كرسي وبالإسكندرية أيضاً كرسي وببيت المقدس كرسي لكنه محدث لم يكن في أيام الحواريين فاتخذ بعدهم لتعظيم بيت المقدس.
ومدينة رومة مدينة عظيمة الدور يذكر أن محيطها تسعة أميال ولها سوران من حجر وعرض السور الداخل اثنا عشر ذراعاً وسمكه اثنان وسبعون ذراعاً وعرض السور الخارج ثمانية أذرع وسمكه اثنان وأربعون ذراعاً وفيما بين السورين نهر مغطى ببلاطات نحاس طول البلاطة منها ستة وأربعون ذراعاً. وسوقها معترض ما بين الباب الشرقي إلى الباب الغربي وهناك أسطوانات حجر في نهاية من الغلظ طول كل عمود منها ثلاثون ذراعاً ومما يلي جانبي العمود الأوسط منها عمودان من نحاس أصفر رومي وقصبة العمود وقاعدته ورأسه مفرغ منه وعليها حوانيت تجار. وفي مقدم هذه الأسطوانات والحوانيت نهر يشقها من المشرق إلى المغرب قاعه كله مفروش بصفائح النحاس لا يستقر به شيء يرسى فيه وبهذا النهر تؤرخ الروم فيقولون من تأريخ عام الصفر والمراكب تدخل مدينة رومة على هذا النهر بأوساقها فتأتي المراكب بما فيها حتى تقف على حوانيت التجار. وفي داخل المدينة كنيسة عظيمة بنيت على اسم بطرس وبولس الحواريين وهما فيها في قبرين وطول هذه الكنيسة ثلاث مائة ذراع وعرضها مائتا ذراع وارتفاع سمكها مائة ذراع وأركانها من نحاس مفرغ وسمكها كذلك مغطى بالنحاس الأصفر وبرومة ألف ومائتا كنيسة وأسواقها وشوارعها مفروشة نهر تسين على مقربة من ناظمة فيلتوي إلى جانب الشرق الشمال فيمر حتى يجتمع مع نهر بادي فيمران معاً ويصيران نهراً واحداً ثم ينقسمان قسمين فيمر أحدهما من بابية إلى مدينة منتوا وهي في الضفة الشرقية منه وهي مدينة كبيرة ومنها ينحد إلى مدينة فرارة وهي في الضفة الغربية ثم ينقسم أسفلها قسمين فينحدر أحدهماً إلى خليج البنادقة. والقسم الثاني يخرج من أسفل بابية مغرباً ثم ينقسم قسمين فيمر الواحد مشرقاً إلى مدينة برونة وهي في غربي النهر ثم يصب في البحر والقسم الثاني يمر غير بعيد إلى مدينة أكرمونة وهي في الغربي من هذا القسم إلى مدينة باذوة ثم يمر حتى يصب في البحر. وبين فرارة وبرونة مرحلة كبيرة وبين باذوة والبحر ثلاثة أميال. فالطريق من جنوة إلى رومة على البر من جنوة إلى لكة يومان وهي مدينة قديمة أزلية عجيبة البناء قائمة الأشكال عامرة الأسواق نافقة المصنوعات. ومن مدينة لكة إلى مدينة افلورنسة سبعون ميلاً وهي مدينة عامرة الأسواق على ضفة الجبل وعلى مقربة من نهر بيش ومنها إلى سنقليلية يومان وهي مدينة متحضرة ذات أسواق وصناع وأموال. ومن سنقليلية إلى جبل أنواط خمسة عشر ميلاً ومنه إلى رومة خمسة عشر ميلاً. والطريق أيضاً من مدينة جنوة إلى أنقونة التي على بحر البنادقيين من مدينة جنوة إلى لونة على البحر أربعون ميلاً ومن لونة إلى لكة خمسون ميلاً ولكة كما وصفناها مدينة قديمة أزلية عامرة بأسواق وصناعات. ومن لكة إلى مدينة افلورنسة سبعون ميلاً ومن شاء سار من لكة إلى بستركم شرقاً خمسة وعشرين ميلاً وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وسوق عامرة وبيع وشراء وموضعها على باب من الجبل تدخل منه إلى أرض أنبرضية. ومن مدينة بستركم إلى افلورنسة خمسون ميلاً ومنها إلى سنقليلية ستون ميلاً وسنقليلية مدينة كبيرة عامرة في مستو من الأرض ومنها إلى مدينة ستريان سبعون ميلاً بين شرق وشمال وهي مدينة كبيرة ومنها إلى منت تين سبعون ميلاً وهي مدينة صغيرة متحضرة وفي شرقيها مدينة كلوسي ومنها إلى أرتشين خمسون ميلاً.
وأرتشين مدينة في مستو من الأرض عامرة القطر حصينة خصيبة وعلى أميال منها في غربيها نهر بيش وهو يسقي أكثر أرضها ومن أرتشين إلى مدينة شنت ياني خمسة وعشرون ميلاً ومنها إلى مدينة ببنوا أربعون ميلاً وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى مدينة قشطالي خمسة وعشرون ميلاً ومنها إلى آسية على نهر خمسة وعشرون ميلاً.
وآسية مدينة حسنة ومنها إلى مدينة أزموم خمسة وعشرون ميلاً ومن أزموم وهي على النهر منها إلى أنقونة أحد عشر ميلاً وأنقونة على البحر البنادقي. ومن أراد ربنة الساحلية خرج من مدينة بيش أو من مدينة جنوة وسار على الطريق الذي وصفناه الآن إلى مدينة قشطالي ثم يتوغل جبل بردون مع الشمال إلى مدينة سمنجلوا خمسة وعشرين ميلاً. ومن سمنجلواً إلى مدينة شنت لو خمسة عشر ميلاً وهي مدينة في سفح الجبل ومنها إلى ربنة خمسة وأبعون ميلاً. وربنة متوسطة بلاد البنادقيين كما قدمنا وصفها وأيضاً فإن من مدينة جنوة الساحلية على الطريق القصد إلى ربنة الساحلية مائتان وثمانون ميلاً. وصفة الطريق من رومة مساحلاً إلى مدينة ريو التي على مجاز جزيرة صقلية. فمن رومة إلى أسطونة ثلاثون ميلاً ومن أسطونة إلى أنجة عشرة أميال وأنجة مرسى مستراح كثير الماء ومنه إلى جبل جرنجوا ويروى جرجير ويقال له قيطنة العرب وهو نهر كبير ثلاثون ميلاً ومنه إلى مدينة طرجينة ستة أميال. فمن وادي رومة إلى طرجينة ستة وسبعون ميلاً وطرجينة مدينة حسنة خصيبة عامرة آهلة ومرساها حرج لا خير فيه ومن طرجينة إلى مدينة غيطة أربعة وعشرون ميلاً. ومدينة غيطة مدينة كبيرة القطر كثيرة الأهل وموضعها قرطيل منقطع عن البر ولها مرسى حسن مأمون مشتى وهو يوجد في البر والبحر وتتحصن فيه العساكر وبه إنشاء المراكب الكبار والصغار. ومن مدينة غيطة إلى غرليان وهو موقع ساسة خمسة عشر ميلاً وهو نهر جار كبير تدخله المراكب وعلى الوادي هناك برجان ومنه إلى حلق وادي جلاج اثنا عشر ميلاً وهو على إبلاية مكشوف ولا يحمل المراكب الكبيرة ومنه إلى موقع نهر قبوة ستة أميال وهو إبلاية أيضاً لا ستر فيه. ومن وادي قبوة إلى بطرية اثنا عشر ميلاً وهي قرية ومرسى لا يستر ومنها إلى مدينة كومة ستة أميال وكومة مدينة صغيرة تبعد عن البحر يسيراً ومنه إلى مرسى مسينة اثنا عشر ميلاً وهو مرسى مأمون قليل الماء وتتحصن فيه العساكر والرجال أعني عساكر البر والبحر. ومن مسينة إلى قشتلي وهو حصن عامر كالمدينة الصغيرة وهو في طرف جون ثمانية أميال ومن قشتلي ماراً إلى مدينة نابل الكتان اثنا عشر ميلاً. ونابل الكتان مدينة حسنة أزلية عامرة ذات أسواق نافقة السلع وافرة البضائع والأمتعة ومنها إلى مرسى اسطابة ثلاثون ميلاً وهو جيد الإرساء وفيه الماء الكثير وهو حلق واد جار عذب على آخر جون ومن قصد منه ملف سار في البر ماضياً إلى ملف خمسة عشر ميلاً. وبين اسطابة ونابل جبل النار وهو موضع لا يتوصل إلى بركانه لأنه دائم الدهر يرمى بالنار والصخر ومن أراد الساحل سار من اسطابة مساحلاً إلى مدينة سرنت ثلاثين ميلاً. ومدينة سرنت في قرطيل خارج في البحر وهي مدينة عامرة حسنة الديار كثيرة الخيرات والأشجار عليها خندق وعر لاترسى به المراكب تشتية بل تجر فيه وبها إنشاء للمراكب. ومن مدينة سرنت إلى رأس منتيرة اثنا عشر ميلاً ومنها إلى بسطانة خمسة عشر ميلاً وهو مرسى صغير ومنه إلى مدينة ملف الساحلية ثمانية عشر ميلاً وهي مدينة عامرة يرسى بها متحصنة من جهة البر سهلة من جهة البحر إذا حوربت أخذت وهي قديمة أزلية ذات سور جيد وأهلها بشر كثير مياسير. ومن مدينة ملف إلى موقع وادي باذروا عشرة أميال وهو مستراح للأساطيل حسن وعلى أعلى هذا الوادي مستراح يسمى باذروا وبه يسمى الوادي وهو موضع حصين لا يتوصل إليه إلا من بابين وفيه الماء والحطب ومن هذا الوادي إلى سلرنو ميلان. ومدينة سلرنو مدينة جليلة ذات أسواق عامرة ومرافق عامة وحنطة وحبوب ومنه إلى وادي سيلسة وهو مرسى ضيق ستة أميال ومنه إلى وادي أسيلو اثنا عشر ميلاً وهو واد كثير الماء تدخله المراكب وفي ضفتيه شعار وسباخ لا يتوصل إليه ترسى بداخله المراكب والأساطيل في أمن ومنه إلى جون غروبلي إلى جزيرة بغوضة بقرب البر عشرون ميلاً ولا مرسى بها. ومن جزيرة بغوضة إلى جون الواديين عشرون ميلاً ومنه إلى قشتال دمار عشرة أميال ومن قشتال دمار إلى مولبة ثلاثة عشر ميلاً ويأتيها وادي شنت سيمري فيصب بها ومنه إلى بلي قشطرو أربعة وعشرون ميلاً وهو حصن كبير عامر وإلى جانبه مع الشمال نهر ومنه إلى أطربس المعروف بمرسى رأس بلي قشطرو ستة ميال. ومن هذا الرأس إلى قسطركلي ثلاثة عشر ميلاً ومن قسطركلي إلى دسقالية اثنا عشر ميلاً ودسقالية حصن كبير ومنه إلى رأس جرلة تسعة أميال ورأس جرلة أيضاً نهر تدخله المراكب المخفة. ومن رأس جرلة إلى المنتية ثمانية وثلاثون ميلاً والمنتية مدينة حسنة متحضرة في جون أولبة ومن مدينة المنتية إلى شنت فيمي أربعة عشر ميلاً إلى موقع نهر قزليت إلى وادي مخاطة ميلان. ومن وادي مخاطة إلى أنجيطلوا وهو حصن كبير معمور ثلاثة عشر ميلاً ومن أنجيطلو إلى بيبوني اثنا عشر ميلاً ومنه إلى أتربية اثنا عشر ميلاً ومن أتربية إلى باتقانو ويروى قامو بالميم ستة أميال. فذلك من مدينة منتية إلى رأس باتقانو خمسة وستون ميلاً. ومن رأس باتقانو إلى ريو ستون ميلاً ومن رأس باتقانو إلى باتقانو ستة أميال ومن الرأس إلى أتربية ستة أميال وهي مدينة حسنة مشهورة من قواعد بلاد الروم ومن أتربية إلى نقوطرة اثنا عشر ميلاً ومن الفارو إلى ريو اثنا عشر ميلاً. وسنذكر هذه البلاد وما جاورها من بلاد البرية في المصورة الثالثة. وبقي لنا أن نذكر بلاداً تحصلت في هذا الجزء مما يلي مدينة سلرنو فمنها مدينة بنبنت وأبلينه فمن مدينة سلرنو إلى مدينة أبلينه أربعة وعشرون ميلاً في جهة الشمال ومن مدينة بنبنت إلى سلرنو ستون ميلاً ومن أبلينة إلى جيبطيرة عشرون ميلاً ومن جيبطيرة إلى سلرنو ثلاثون ميلاً ومدينة بنبت مدينة قديمة أزلية عامرة وأبلينه مدينة صغيرة كالحصن ومن بنبنت في جهة الغرب إلى مدينة سرح ثمانية عشر ميلاً ومن منت سرح إلى أرجنت اثنان وثلاثون ميلاً. وأرجنت مدينة حسنة ذات عمارة وحالة صالحة ومن أرجنت إلى قبوة ثلاثون ميلاً وقبوة على نهر كبير يأتي إليها من جبال في ناحية بنبنت ومن مدينة قبوة إلى أجرسة ثمانية أميال ومن أجرسة إلى نابل اثنا عشر ميلاً وقد أكملنا ما تضمنه هذا الجزء والحمد لله. نجز الجزء الثاني من الإقليم الخامس ويتلوه الثالث منه إن شاء الله.