الرئيسيةبحث

نازلا نازلا من صحارى السماء

نازلا نازلا من صحارى السماء

نازلا نازلا من صحارى السماء
المؤلف: بدر شاكر السياب


نازلا نازلا من صحارى السماء

من عصور جليديّة من قبور

نام فيها الهواء

أيها الثلج يا حشرجات الدهور

و انتحاب المساكين في كل كهف يغور

في جبال السنين

كن لهيبا على أوجه العابرين

قنّع الخوف فيها بلون الرجاء

    أيّها الثلج رحماك إني غريب

    في بلاد من البرد و الجوع سكرى

    إن لي منزلا في العراق الحبيب

    صبيتي فيه تعلك صخرا

    آه لولاك يا داء ما عفت داري

    ما تركت الزهور التي فتحت في جداري

    و العصافير في ركن بيتي لهن اختصام

    مر يوم فشهر فعام

      و الزمان ارتماء بدون انتهاء

      تزفر الأرض عنه و تبكي السماء

      رب هل لي إلى منزلي من رجوع

      كم أمد الذراع و أهدم سقف الضلوع

      لا أمسّ المدى أو أصيب الزمانا

      فهو شيء على الروح يسعى هباء و ظلمة

      ليت عصر النبوّات لم يطو حلمه

      وشت المعجزات الحواشي فكانت و كنا

        ليتني العازر انفضّ عنه الحمام

        يسلك الدرب عند الغروب

        يتمهّل لا يقرع الباب من ذا يؤوب

        من سراديب للموت عبر الظلام

        لن تصدّق أنّي ستهوي يداها

        عن رتاج و تصفرّ لي وجنتاها

        ثم تركض مذعورة تشدّ بخيط الدروب

        نحو قبري و تطويه حتى تمسّ الضريح الحطام

          إيه إقبال لا تيأسي من رجوعي

          هاتفا قبل أن أقرع الباب عادا

          عازر من بلاد الدجى و الدموع

          قبليني على جبهة صكّها الموت صكّا أليما

          حدّقي في عيون شهدن الردى و المعادا

          عدت لن أبرح الدار حتى لو أنّ النجوما

          دحرجت سلّما من ضياء و قالت

          تخطّ السديما