مستجيرُ الهوى بغيرِ مجيرِ
مستجيرُ الهوى بغيرِ مجيرِ المؤلف: أبو فراس الحمداني |
مستجيرُ الهوى بغيرِ مجيرِ،
وَمُضَامُ الهَوَى بِغَيْرِ نَصِيرِ
مَا لِمَنْ وَكّلَ الهَوَى مُقْلَتَيْهِ
بِانْسِكَابٍ وَقَلْبَهُ بِزَفِيرِ؟!
فَهْوَ مَا بَينَ عُمْرِ لَيْلٍ طَوِيلٍ،
يَتَلَظّى، وَعُمُرِ نَوْمٍ قَصِيرِ
لا أقولُ: المسيرُ أرَّقَ عيني !
قدْ تناهى البلاءُ، قبلَ المسيرِ!
يا كثيباً، منْ تحتِ غصنٍ رطيبٍ،
يتثنى، منْ تحتِ بدرٍمنيرِ !
شَدّ مَا غَيّرَتْكَ بَعْدي، اللّيالي
يا قليلَ الوفا، قليلَ النظيرِ
لكَ وصفي، وفيكَ شعري؛ ولا أعـ
ـرفُ وصفَ المؤارة ِ العيسجورِ
وَلِقَلْبِي مِنْ حُسنِ وَجْهِكَ شغلٌ
عَنْ هَوَى قاصِراتِ تِلكَ القُصُورِ
قد منحتُ الرقادَ عينَ خليٍّ
بَات خِلْواً مِمّا يُجِنّ ضَمِيري
لا بَلا اللَّهُ مَنْ أُحِبّ بِحُبٍّ،
وَشَفَى كُلّ عَاشِقٍ مَهْجُورِ
يا أخي " يا أبا زهيرٍ " ألي عنــ
ـدَكَ عَوْنٌ عَلى الغَزَالِ الغَرِيرِ؟
إنَّ لي، مذء نأيتَ، جسمَ مريض
و بكا ثاكلٍ، وذلَّ أسيرِ
لمْ تزل مشتكايَ، في كلِّ أمرٍ،
وَمُعِيني، وَعُدّتي، وَنَصِيري
وَرَدَتْ مِنْكَ، يا بنَ عَمّي، هَدَايا
تتهادى في سندسٍ، وحريرِ
بفوافٍ، ألذَّ منْ باردِ الما
ءِ، وَلَفْظٍ كَاللّؤلُؤِ المَنْثُورِ
محكمٍ، قصَّرَ " الفرزدقُ " و" الأخـ
ـطَلُ عَنْهُ، وَفَاقَ شِعْرَ جَرِيرِ
أنتَ لَيثُ الوَغَى، وَحَتْفُ الأعَادي
وَغِيَاثُ المَلْهُوفِ وَالمُستَجِيرِ
طُلْتَ، في الضّرْبِ للطُّلى عن شَبيهٍ
وَتَعَالَيْتَ، في العُلا، عَنْ نَظِيرِ
كُنْتَ جَرّبْتَني، وَأنْتَ كَثِيرُ الـ
ـكَيْسِ، طَبٌّ بِكُلّ أمْرٍ كَبِيرِ
و إذا كنتَ، " يابنَ عمي "، قنوعاً
بِجَوَابي، قَنِعْتَ بِالمَيْسُورِ
هَاجَ شَوْقي إلَيكَ، حينَ أتَتْني:
«هَاجَ شَوْقُ المُتَيَّمِ المَهْجُورِ»