الرئيسيةبحث

محلى ابن حزم - المجلد الخامس/الصفحة السادسة والخمسون

أحكام العـــدة

2009 - مسألة: والأمة المعتدة لا تحل لسيدها حتى تنقضي عدتها ; لقول الله تعالى: {ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا} والسر النكاح والسر أيضا ضد الإعلان، وكلاهما ممنوع بنص الآية، ولا خلاف في هذا.

2010 - مسألة: ولا عدة من نكاح فاسد. برهان ذلك: أنها ليست مطلقة، ولا متوفى عنها، ولم يأت بإيجاب عدة عليها قرآن، ولا سنة، ولا حجة في سواهما.

2011 - مسألة: ولا عدة على أم ولد إن أعتقت أو مات سيدها، ولا على أمة من وفاة سيدها، أو عتقه لها ; لأنه لم يوجب ذلك قرآن، ولا سنة، ولهما أن ينكحا متى شاءتا ; لأنه لا عدة عليهما وما كان ربك نسيا إلا أنها إن خافت حملا تربصت حتى توقن بأن بها حملا، أو أنها لا حمل بها. وقد اختلف في هذا: فقول أول: كما أنا حمام أنا عباس بن أصبغ، أنا محمد بن عبد الملك بن أيمن أنا محمد بن إسماعيل الصائغ أنا عبد الله بن بكر السهمي أنا سعيد يعني ابن أبي عروبة عن مطر الوراق عن رجاء بن حيوة عن قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص قال: لا تلبسوا علينا سنة نبينا ﷺ عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها عدة الحرة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن عمرو بن العاص قال: في المعتقة عن دبر إذا كان سيدها يطؤها وإن لم تلد فعدتها إذا مات عنها أربعة أشهر وعشر. أنا محمد بن سعيد بن نبات أنا أحمد بن عبد البصير أنا قاسم بن أصبغ أنا محمد بن عبد السلام الخشني أنا محمد بن المثنى أنا عبد الرحمن بن مهدي أنا سفيان الثوري عن ثور بن زيد عن رجاء بن حيوة أن عمرو بن العاص قال: عدة أم الولد ثلاثة قروء. وبه إلى عبد الرحمن بن مهدي أنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو قال: إن عمر بن عبد العزيز، والزهري، قالا جميعا: عدة أم الولد من وفاة سيدها أربعة أشهر وعشر.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عدة أم الولد من وفاة سيدها أربعة أشهر وعشر، فإن كانت أمة يطؤها ولم تلد له فمات فتستبرأ بشهرين وخمس ليال.

ومن طريق حماد بن سلمة أخبرنا حميد قال: سألت الحسن البصري عن عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها قال: تعتد أربعة أشهر وعشرا.

وبه إلى حميد عن عمارة عن سعيد بن جبير قال: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر. وبه إلى حماد أخبرنا قيس عن مجاهد في أم الولد إذا توفي عنها سيدها قال: تعتد أربعة أشهر وعشرا. وبه إلى حماد أنا داود، هو ابن أبي هند عن سعيد بن المسيب قال: في أم الولد يتوفى عنها سيدها عدتها أربعة أشهر وعشر.

ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا حمام بن يحيى قال: سئل قتادة عن عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها فقال: قال سعيد بن المسيب، وخلاس بن عمرو، وأبو عياض: عدتها عدة الحرة أربعة أشهر وعشر.

ومن طريق حماد بن سلمة أنا محمد بن عمرو عن عبادة بن نسي: أن عبد الملك بن مروان كتب إليه في أم ولد تزوجت قبل أن تمضي لها أربعة أشهر وعشر، أن يفرق بينهما ويعزرهما. وهو قول محمد بن سيرين والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه. وقول ثاني يجعل عدتها في العتق والوفاة ثلاثة قروء:

روينا من طريق عبد الرزاق، عن ابن المبارك عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن علي بن أبي طالب قال: عدة السرية ثلاث حيض.

ومن طريق سعيد بن منصور أنا يزيد بن هارون عن حجاج بن أرطاة عن الشعبي عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، قالا جميعا في أم الولد: عدتها إذا مات عنها سيدها ثلاثة قروء.

ومن طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج عن عطاء فيمن أعتق سرية وهي حبلى قال: تعتد ثلاث حيض وهي امرأة حرة وقاله أيضا عمرو بن دينار.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق الشيباني عن الحكم بن عتيبة قال: الأمة يصيبها سيدها فلم تلد له فأعتقها فعدتها ثلاثة أشهر.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم النخعي قال: عدة السرية إذا أعتقت أو مات عنها سيدها ثلاث حيض

وهو قول سفيان، وأبي حنيفة، وأصحابه، والحسن بن حي، واستحب لها الإحداد. وقول ثالث: كما روينا من طريق حماد بن سلمة أرنا داود بن أبي هند عن الشعبي: أن ابن عمر قال في عدة أم الولد إذا أعتقها سيدها في مرضه ثم توفي: فإنها تعتد ثلاث حيض، فإن لم يعتقها فحيضة واحدة. وقول رابع:

روينا من طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا داود عن الشعبي، عن ابن عمر قال: تعتد حيضة واحدة يعني أم الولد قال هشيم: وأنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: عدتها حيضة واحدة قال إسماعيل بن أبي خالد: وهو قول أبي قلابة.

وروينا من طريق مالك عن يحيى بن سعيد قال: سمعت القاسم بن محمد، وذكر أن ابن يزيد بن عبد الملك فرق بين رجال ونسائهم وكن أمهات أولاد فتزوجن بعد حيضة أو حيضتين ففرق بينهم حتى يعتددن أربعة أشهر وعشرا فقال القاسم: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة. وروي أيضا عن مكحول وهو قول الشافعي: وأبي عبيد. وقول خامس: عدتها حيضة، فإن لم تحض فثلاثة أشهر، وهو قول مالك.

قال أبو محمد: لقد كان يلزم الحنفيين والمالكيين القائلين: إن المرسل كالمسند أن يقولوا بما روينا عن عمرو بن العاص. ومن العجب قولهم في قول سعيد بن المسيب في دية أصابع المرأة هي السنة: إن هذا إسناد تقوم به الحجة، ولم يقولوا ذلك في قول عمرو بن العاص في عدة أم الولد: لا تلبسوا علينا سنة نبينا ﷺ . فيا ليت شعري من أولى بمعرفة رسول الله ﷺ وأولى أن يصدق عمرو بن العاص صاحب رسول الله ﷺ أو سعيد بن المسيب والعجب أنهم يدعون العمل بالقياس وهم قد قاسوا العقد الفاسد المفسوخ الذي لا يحل عندهم إقراره على النكاح الثابت الصحيح في إيجاب العدة فيهما، ولم يقيسوا أم الولد المتوفى عنها على الزوجة المتوفى عنها. والعجب من احتجاج الحنفيين بأن الله تعالى لم يجعل عدة الوفاة إلا على الزوجة ولم يحتجوا على أنفسهم بأن الله تعالى لم يجعل العدة بالأقراء، وبالشهور، إلا على مطلقة ولكنهم قوم لا يفقهون.

قال أبو محمد: لو صح خبر عمرو مسندا لسارعنا إلى القول به وفيه أيضا مطر وهو سيئ الحفظ.

وأما قول مالك فما نعلم له سلفا إذ عوض من حيضة واحدة ثلاثة أشهر بلا برهان.

قال أبو محمد: لم يوجب الله تعالى قط عدة إلا على زوجة متوفى عنها، أو مطلقة، أو مخيرة إذا أعتقت فاختارت فراق زوجها وما كان ربك نسيا، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه وقياس من ليست زوجة على زوجة باطل بكل حال وبالله تعالى التوفيق.

2012 - مسألة: وعدة الأمة المتزوجة من الطلاق والوفاة كعدة الحرة سواء سواء، ولا فرق، لأن الله عز وجل علمنا العدد في الكتاب فقال: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}. وقال تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا}. وقال تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}.

قال أبو محمد: وقد علم الله عز وجل إذ أباح لنا زواج الإماء أنه يكون عليهن العدد المذكورات فما فرق عز وجل بين حرة، ولا أمة في ذلك وما كان ربك نسيا. ونعوذ بالله تعالى من الأستدراك على الله عز وجل، والقول عليه بما لم يقل، ومن أن نشرع في الدين ما لم يأذن به الله. وقد اختلف في هذا: فروينا من طريق الحجاج بن المنهال أنا حماد بن زيد عن عمرو بن أوس الثقفي أن عمر بن الخطاب قال: لو استطعت أن أجعل عدة الأمة حيضة ونصفا لفعلت فقال له رجل: يا أمير المؤمنين فاجعلها شهرا ونصفا.

ومن طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: جعل لها عمر حيضتين يعني الأمة المطلقة.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عمر بن الخطاب قال: ينكح العبد اثنتين، ويطلق تطليقتين، وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تحض فشهرين وقال: فشهرا ونصفا.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن المغيرة عن إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود قال: يكون عليها نصف العذاب، ولا يكون لها نصف الرخصة.

ومن طريق حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر قال: الحر يطلق الأمة تطليقتين، وتعتد حيضتين.

ومن طريق ابن وهب عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب أخبرني قبيصة بن ذؤيب أنه سمع زيد بن ثابت يقول: عدة الأمة حيضتان.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: ينكح العبد اثنتين، وعدة الأمة حيضتان قال معمر: وهو قول الزهري.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن سعيد بن المسيب عدة الأمة حيضتان قال معمر: وهو قول الزهري.

ومن طريق عبد الرزاق عن داود بن قيس قال: سألت سالم بن عبد الله بن عمر عن عدة الأمة قال: حيضتان، وإن كانت لا تحيض فشهر ونصف.

ومن طريق ابن وهب عن أسامة بن زيد عن زيد بن أسلم: عدة الأمة حيضتان.

ومن طريق ابن وهب أخبرني رجال من أهل العلم أن نافعا، وابن قسيط ويحيى بن سعيد، وربيعة، وغير واحد من أصحاب رسول الله ﷺ والتابعين: عدة الأمة حيضتان.

ومن طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان، وقتادة، وداود بن أبي هند قال حماد: عن إبراهيم النخعي، وقال قتادة عن الحسن، وقال داود: عن الشعبي، قالوا كلهم: عدة الأمة حيضتان.

ومن طريق ابن وهب أخبرني هشام بن سعد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال: عدة الأمة حيضتان: قال القاسم: مع أن هذا ليس في كتاب الله عز وجل، ولا نعلمه سنة عن رسول الله ﷺ ولكن قد مضى أمر الناس على هذا.

ومن طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج عن عطاء في عدة الأمة صغيرة أو قاعدا. قال: عمر بن الخطاب: شهر ونصف.

ومن طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن سعيد بن المسيب، وأبي قلابة أنهما قالا جميعا: الأمة إذا طلقت وهي لا تحيض تعتد شهرا ونصفا.

ومن طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال: عدة الأمة التي طلقت إن شاءت شهرا ونصفا، وإن شاءت شهرين، وإن شاءت ثلاثة أشهر.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري: عدة الأمة شهران لكل حيضة شهر.

ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار قيل له: إن ابن جريج يقول عن عطاء في عدة الأمة التي لا تحيض خمس وأربعون ليلة، فقال عمرو: أشهد على عطاء، أنه قال: عدتها شهران إذا كانت لا تحيض.

وقال أبو حنيفة، وأصحابه، وسفيان الثوري، والحسن بن حي، والشافعي، وأصحابه: عدة الأمة المطلقة التي لا تحيض: شهر ونصف وقالوا كلهم: عدتها حيضتان إلا الشافعي فإنه قال: طهران، فإذا رأت الدم من الحيضة الثانية فهو خروجها من العدة.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عبد الكريم البصري عن مجاهد قال: عدة الأمة التي لا تحيض ثلاثة أشهر.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد قال: قال الحسن: عدة الأمة التي لا تحيض ثلاثة أشهر.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن صدقة بن يسار قال: خاصمت إلى عمر بن عبد العزيز في أمة لم تحض فجعل عدتها ثلاثة أشهر.

ومن طريق ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة قال في الأمة حاضت أو لم تحض أو قعدت: ينتظر بها ثلاثة أشهر لا نعلم براءتها إلا براءة الحرة هاهنا قال ابن وهب: وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب، وابن شهاب، وبكير بن الأشج، وغيرهم: أن عدة الأمة التي يئست من المحيض والتي لم تبلغ ثلاثة أشهر. وهو قول مالك، وأصحابه، والليث بن سعد.

قال أبو محمد: وروي، عن ابن عمر، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وربيعة، ويحيى بن سعيد، وابن قسيط من طرق ساقطة عدة الأمة من الوفاة شهران وخمس ليال وصح ذلك عن عطاء، وقتادة، والزهري

وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، ومالك، وأصحابهم.

وروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال: ما أرى عدة الأمة إلا كعدة الحرة إلا أن تكون مضت في ذلك سنة، فالسنة أحق أن تتبع. وذكر عن أحمد بن حنبل: أن قول مكحول إن عدة الأمة في كل شيء كعدة الحرة وهو قول أبي سليمان، وجميع أصحابنا.

قال أبو محمد: احتج من رأى أن عدتها حيضتان بما روينا من طريق أبي داود هو السجستاني أنا محمد بن مسعود أنا أبو عاصم، عن ابن جريج عن مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة أم المؤمنين عن النبي ﷺ قال: طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان. وبما ناه حمام بن أحمد، أخبرنا يحيى بن مالك بن عائذ أنا عبد الله بن أبي غسان أنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي أنا محمد بن إسماعيل بن سمرة أنا عمر بن شبيب المسلي أنا عبد الله بن عيسى عن عطية، عن ابن عمر عن رسول الله ﷺ، أنه قال: طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان.

قال أبو محمد: ما تعلقوا من الآثار إلا بهذا وهذان الخبران لا يسوغ للمالكيين، ولا للشافعيين الأحتجاج بهما ; لأنهما مبطلان لمذهبهما ; لأن الطلاق عندهما للرجال، والأقراء: الأطهار، فإن صححوهما لزمهما ترك مذهبهما في ذلك، وإن أبطلوهما فقد كفونا مؤنتهم في هذين الخبرين.

وأما الحنفيون فإنهم احتجوا بهما وهما ساقطان لأن أحدهما من طريق مظاهر ابن أسلم وهو في غاية الضعف والسقوط. والعجب أن الحنفيين من أصولهم أن الراوي إذا خالف خبرا رواه أو ذكر له فلم يعرفه فإنه دليل على سقوط ذلك الخبر: احتجوا بذلك: في خبر اليمين مع الشاهد. وبالخبر الثابت من مات وعليه صيام صام عنه وليه. وفي الخبر الثابت أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل، وفي الخبر الثابت في رفع اليدين عند الركوع والرفع منه. وفي الخبر الثابت في غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا. ثم يتعلقون بهذا الخبر الساقط الذي لا خير فيه، وقد صح عن القاسم بن محمد كما ذكرنا آنفا أن الحكم بأن عدة الأمة حيضتان لم يأت به سنة عن رسول الله ﷺ . ويردون الأخبار بأنها زائدة على ما في القرآن: كما فعلوا في الخبر الثابت بالمسح على العمامة ثم يحتجون بهذين الخبرين الساقطين وهما مخالفان لما في القرآن حقا، فاعجبوا لعظيم تناقض هؤلاء القوم. والخبر الثاني من طريق عمر بن شبيب المسلي، وعطية وهما متفق على ضعفهما فلا يحل الأخذ بهما ولو صحا لما سبقونا إلى القول بهما وقالوا: وهو قول جمهور السلف الصالح من الصحابة، والتابعين.

قال أبو محمد: وهذا أيضا لا يمكن المالكيين، ولا الشافعيين الأحتجاج بهذا ; لأنهم مخالفون لكل من جاء عنه في ذلك قول من الصحابة، رضي الله عنهم، ; لأن الثابت عن عمر بن الخطاب، وابنه، وزيد بن ثابت، والمأثور، عن ابن مسعود: أن عدة الأمة حيضتان وهذا خلاف قول المالكيين، والشافعين، وإذا جاز عندهم أن يخطئ الصحابة في مئية الأقراء من الأمة فلا ننكر على من قال بذلك في كمية عدتها. وأما الحنفيون فإنما صح ذلك عن عمر، وابنه، وزيد، فقط.

وأيضا فإن عمر قد بين أنه رأي منه، ولا حجة في رأي وقد صح عن عمر، وابنه، وزيد: التحذير من الرأي، ولا حجة في رأي أحد، وعمر يقول: لو استطعت أن أجعل عدتها حيضة ونصفا لفعلت. وما ندري كيف هذا وأي امتناع في أن يقول: إذا رأت جمهور الحيضة وفورها قد أخذ في الأنحطاط فقد حلت ; لأنه بلا شك قد مضى نصف الحيضة. وقد قلنا: لا حجة في أحد دون رسول الله ﷺ .

وقد ذكرنا فيما خلا من المسائل في كتابنا هذا قبل هذه المسألة ما قالوه مما خالفوا فيه بآرائهم جمهور الصحابة، رضي الله عنهم، بل كل من روي عنه في ذلك قول مما لا يعرف أن أحدا قاله قبلهم كثير جدا: كقولهم فيما يحل به وطء الحائض إذا رأت الطهر. وكقولهم في صفة الإحداد وغير ذلك كثير جدا وقد قلنا: لا حجة في قول أحد دون القرآن والثابت عن رسول الله ﷺ . واحتجوا بأنه لما كان حد الأمة نصف حد الحرة وجب أن تكون عدتها نصف عدة الحرة.

قال أبو محمد: وهذا قياس والقياس كله باطل، ثم لو صح القياس لكان هذا منه أفسد قياس وأشد بطلانا لما نبينه عليه إن شاء الله تعالى. والعجب فيما روي ولم يصح، عن ابن مسعود أيجعلون عليها نصف العذاب، ولا يجعلون لها نصف الرخصة وإن هذا لبعيد عن رجل من عرض الناس فكيف عن مثل ابن مسعود رضي الله عنه لأنه يقال لقائل هذا القول ومصوبه: ما نحن جعلنا عليها نصف العذاب، ولا نحن نجعل لها نصف الرخصة، بل الله تعالى جعل عليها نصف العذاب حيث شاء، ولم يجعل لها نصف الرخصة وما كان ربك نسيا. ثم هبك لو جعلنا نحن عليها نصف العذاب وكان ذلك مباحا لنا أن نجعله فمن أين وجب علينا أن نجعل لها نصف الرخصة إن هذا لعجب لا نظير له.

وأما فساد هذا القياس فإن قياس هذه العدة على حد الزنى فاسد ; لأنه لا شبه بين الزنى الموجب للحد وبين موت الزوج وطلاقه، والقياس عندهم باطل إلا على شبه بين المقيس والمقيس عليه فصح على أصولهم بطلان هذا القياس، فكيف عند من لا يجيز القياس أصلا والحمد لله رب العالمين. ثم فساد آخر وهو أنهم أوجبوا القياس على نصف الحد في الأمة وهم لا يختلفون في أن حد الأمة في قطع السرقة كحد الحرة، فمن أين وجب أن تقاس العدة عندهم على حد الزنى دون أن يقيسوه على السرقة ثم هلا قاسوا عدة الأمة من الطلاق والوفاة بالأقراء وبالشهور على ما لا يختلفون فيه من أن عدتها من كل ذلك إن كانت حاملا كعدة الحرة، فلئن صح القياس يوما فإن قياس العدة من الوفاة والطلاق على العدة من الوفاة والطلاق لا شك عند من عنده أدنى فهم أولى من قياس العدة على حد الزنى فلاح فساد قياسهم في ذلك، كظهور الشمس يوم صحو والحمد لله رب العالمين. ثم العجب كله من قياس مالك عدة الأمة من الوفاة على عدتها عنده بالأقراء، ثم لم يقس عدة الأمة بالشهور من الطلاق على عدتها بالشهور من الوفاة، بل جعل عدة الأمة بالشهور من الطلاق كعدة الحرة، ولا فرق وهذه مناقضات، وأقوال فاسدة، لا تخفى على ذي حظ من فهم. ثم عجب آخر وهو أنهم جعلوا عدة الأمة من الوفاة نصف عدة الحرة من الوفاة شق الأنملة ثم اختلفوا فجعل أبو حنيفة، والشافعي عدة الأمة بالشهور من الطلاق نصف عدة الحرة بالشهور من الطلاق، وجعل مالك عدة الأمة من الطلاق بالشهور كعدة الحرة من الطلاق بالشهور سواء سواء. ثم جعلوا ثلاثتهم عدة الأمة بالأقراء ثلثي عدة الحرة بالأقراء، فهل في التلاعب أكثر من هذا مرة نصف عدة الحرة، ومرة مثل عدة الحرة، ومرة ثلثي عدة الحرة كل هذا بلا قرآن، ولا سنة، ولا قياس يعقل. وكل هذا قد اختلف فيه السلف، وقبل وبعد فعلى أي شيء قاسوا قولهم في عدتها بالأقراء ثلثي عدة الحرة وحسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله كثيرا على توفيقه إيانا للحق وتيسيره للصواب. ولقد كان يلزمهم إذ قاسوا عدة الأمة على حدها أن لا يوجبوا عليها إلا نصف الطهارة، ونصف الصلاة، ونصف الصيام: قياسا على حدها، والذي يلزمهم أكثر مما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق.


2013 - مسألة: وتعتد المطلقة غير الحامل، والحامل المتوفى عنها من حين يأتيها خبر الطلاق، وخبر الوفاة، وتعتد الحامل المتوفى عنها من حين موته فقط.

برهان ذلك: قول الله عز وجل: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا}. وقوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}. وقال تعالى: {فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} فلا بد من أن يفضون إلى العدة من الوفاة والقروء، وعدة الأشهر بنية لها، وتربص منهن، وإلا فذلك عليهن باق.

وأما الحامل فإن الله تعالى يقول: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} فليس هاهنا فعل أمرن بقصده والنية له، لكن المطلقة الحامل خرجت من ذلك مما ذكرنا قبل من أنه لا يكون طلاق الغائب طلاقا أصلا حتى يبلغها فأغنى ذلك عن إعادته. وبقيت المتوفى عنها على وضع الحمل إثر موت الزوج وبالله تعالى التوفيق. وفي هذا خلاف قديم صح، عن ابن عمر، وابن عباس: أنها تعتد من يوم مات، أو طلق. ورويناه، عن ابن مسعود من طريق ابن أبي شيبة أنا أبو الأحوص سلام بن سليم عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود. وصح أيضا عن سعيد بن المسيب، والنخعي، والشعبي، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأبي الشعثاء جابر بن زيد، والزهري وسليمان بن يسار، وأبي قلابة، ومحمد بن سيرين، وعكرمة، ومسروق، وعبد الرحمن بن يزيد، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأصحابهم. وقال آخرون غير ذلك: كما ناه محمد بن سعيد بن نبات أنا أحمد بن عون الله أنا قاسم بن أصبغ أنا محمد بن عبد السلام الخشني أنا محمد بن بشار بندار أنا أبو داود الطيالسي أنا شعبة عن أبان بن ثعلبة عن الحكم بن عتيبة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي بن أبي طالب في المتوفى عنها قال: عدتها من يوم يأتيها الخبر.

ومن طريق وكيع عن أبي الأشهب عن الحسن البصري قال: تعتد من يوم يأتيها الخبر.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري، ومعمر، قال سفيان عن يونس بن عبيد، وقال معمر عن أيوب، ثم اتفق يونس، وأيوب كلاهما عن الحسن في الطلاق والموت: تعتد من يوم يأتيها من زوجها الخبر. زاد أيوب في روايته: ولها النفقة، قال معمر: وقاله قتادة.

ومن طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن خلاس بن عمرو قال: تعتد من يوم يأتيها الخبر. وقال آخرون: من يوم تقوم البينة:

كما روينا من طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن سعيد بن المسيب، وأبي الشعثاء جابر بن زيد، وأبي قلابة، قالوا كلهم في امرأة جاءها طلاق أو موت قالوا: تعتد من يوم قامت البينة.

ومن طريق ابن أبي شيبة أنا أبو خالد الأحمر، والثقفي هو عبد الوهاب بن عبد المجيد قال أبو خالد عن داود عن سعيد بن المسيب، والشعبي، وقال عبد الوهاب عن يزيد عن مكحول، قالوا كلهم في الرجل يطلق أو يموت: إذا قامت البينة فتعتد من يوم يموت، وإن لم تقم لها بينة فمن يوم يأتيها الخبر.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري، قال: قال حماد بن أبي سليمان، ومنصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي، قال: ما أكلت بعد موته وهي لا تدري بموته فهو لها ما حبست نفسها عليه. وصح عن الشعبي: أنه يؤخذ منها إلا قدر ميراثها.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر قال: لا يتوارثان، ولا رجعة له عليها في قول الفريقين جميعا قاله قتادة عن علي، وابن مسعود.

قال أبو محمد: لم يدرك قتادة عليا، ولا ابن مسعود، ولا وجدنا ذلك عن غيره والذي نقول به: إنهما يتوارثان، وله الرجعة عليها ما لم يبلغها طلاقه بالثلاث، ولا ترد ما أكلت في الطلاق ; لأنها زوجته ما لم يبلغها أو يأتيها الخبر.

وأما في الموت فبخلاف ذلك، وترد ما أكلت ; لأنها أكلت مال الورثة أو مال الغرماء، ولا حق لها عندهم إنما حقها في مال الزوج، فما دام المال ماله فحقها فيه باق وبالله تعالى التوفيق.


2014 - مسألة: وإذا تنازع الزوجان في متاع البيت في حال الزوجية أو بعد الطلاق، أو تنازع أحدهما مع ورثة الآخر بعد الموت، أو ورثتهما جميعا بعد موتهما، فكل ذلك سواء، وكل ذلك بينهما مع أيمانهما، أو يمين الباقي منهما، أو ورثة الميت منهما، أو أيمان ورثتهما معا وسواء في ذلك السلاح، والحلي، وما لا يصلح إلا للرجال، أو إلا للنساء، أو للرجال والنساء، إلا ما على ظهر كل واحد منهما فهو له مع يمينه. وقد اختلف السلف في هذا على أقوال:

فقول كما روينا من طريق عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري، أنه قال في تداعي الزوجين: البيت بيت المرأة، إلا ما عرف للرجل.

ومن طريق معمر عن أيوب السختياني عن أبي قلابة في ذلك مثل قول الزهري.

ومن طريق عبد الرزاق أنا معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن الحسن البصري قال: للمرأة ما أغلق عليها بابها إذا مات زوجها.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: ليس للرجل إلا سلاحه وثياب جلده.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: أما ما أحدث الرجل من متاع فهو له إذا أقام عليه البينة.

ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا منصور عن الحسن في رجل طلق امرأته أو مات عنها وقد أحدثت في بيته أشياء فقال الحسن: لها ما أغلقت عليه بابها، إلا سلاح الرجل ومصحفه.

وقالت طائفة: غير هذا: كما روينا من طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا منصور، عن ابن سيرين قال: ما كان من صداق فهو لها وما كان من غير صداق فهو ميراث. وقال ثالث كل شيء للرجل إلا ما على المرأة من الثياب أو الدرع، والخمار وهو قول ابن أبي ليلى.

وقول رابع كما أنا محمد بن سعيد بن نبات أنا أحمد بن عبد الله بن عبد البصير أنا قاسم بن أصبغ أنا محمد بن السلام الخشني أنا محمد بن المثنى ثنا الضحاك بن مخلد هو أبو عاصم عن سفيان الثوري عن عبيدة بن مغيث عن إبراهيم النخعي، أنه قال في الرجل إذا مات فادعت المرأة متاع البيت أجمع قال: إن كان من متاع الرجل فهو للرجل.

وأما ما كان من متاع النساء فهو للمرأة وما كان مما يكون للرجل وللمرأة فهو للباقي منهما، فإن كان فرقة وليس موتا فهو للرجل.

وقول خامس كما روينا من طريق سعيد بن منصور أنا سويد بن عبد العزيز قال: سألت ابن شبرمة عن تداعي الزوجين فقال: متاع النساء للنساء، ومتاع الرجال للرجال وما كان من متاع يكون للرجال والنساء فهو بينهما وسألت ابن أبي ليلى عن ذلك فقال مثل قول ابن شبرمة وزاد: في الحياة والموت.

ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا من سمع ابن ذكوان المدني، وعثمان البتي يقولان: ما كان للرجال والنساء فهو بينهما. وهو قول عبيد الله بن الحسن، والحسن بن حي وأحد قولي زفر وأوجبوا الأيمان مع ذلك كله.

وقول سادس كما روينا من طريق سعيد بن منصور أنا هشيم، عن ابن شبرمة، وابن أبي ليلى، قالا جميعا: ما كان للرجال فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان مما يكون للرجال والنساء فهو للرجل وهو قول الحكم

وهو قول مالك الفرقة والموت سواء في ذلك عنده ويحلف كل واحد منهما في كل ذلك.

وقول سابع كما روينا من طريق سعيد بن منصور أنا هشيم: أخبرنا من سمع الحكم بن عتيبة، وسعيد بن أشوع يقولان: ما كان للرجال فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان للرجال والنساء فهو للمرأة وبهذا يقول هشيم.

وقول ثامن كما روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة أنا غندر عن شعبة عن حماد أنه سئل عن متاع البيت قال: ثياب المرأة للمرأة، وثياب الرجل للرجل، وما تشاجرا فيه ولم يكن لهذا، ولا لهذا بينة فهو للذي في يديه.

وقال أبو حنيفة: إن كان أحد الزوجين مملوكا والآخر حرا، فالمال كله لمن كان منهما حرا مع يمينه، وكذلك قال أبو يوسف، ومحمد، إلا أن يكون العبد مأذونا له في التجارة فهو كالحر في حكمه في ذلك. ثم اختلفوا فقال أبو يوسف: فإن كانا حرين، أو مكاتبين، أو مأذونين لهما في التجارة، أو أحدهما حرا والآخر مكاتبا، أو مأذونا له في التجارة، أو مسلمين، أو أحدهما، فإنه يقضى للمرأة بمثل ما تجهز به إلى زوجها، فما بقي بعد ذلك، فسواء كان مما لا يصلح إلا للرجال، أو لا يصلح إلا للنساء، أو يصلح للرجال والنساء: فكل ذلك للرجل مع يمينه في الفرقة والموت.

وقال أبو حنيفة في كل هؤلاء: ما كان من متاع الرجال فهو للرجل مع يمينه، وما كان من متاع النساء فهو للمرأة مع يمينها هذا في الفرقة والموت، وما صلح للرجال والنساء فهو للرجال مع يمينه في الفرقة وهو للباقي منهما أيهما كان ووافقه على كل ذلك: محمد بن الحسن إلا في الموت، فإنه جعل ما يصلح للرجال والنساء للرجل، أو لورثته مع يمينه أو أيمانهم. وقول تاسع كما قلنا نحن وهو قول سفيان الثوري، والقاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود القاضي، وشريك بن عبد الله القاضي، والشافعي، وأبي سليمان وأصحابهما، وأحد قولي: زفر بن الهذيل، وقول الطحاوي.

قال أبو محمد احتج من قال بأن ما صلح للرجال فهو للرجل، وما صلح للنساء فهو للمرأة. بما رويناه من طريق سعيد بن منصور أنا سويد بن عبد العزيز الدمشقي أنا أبو نوح المدني من آل أبي بكر قال: أنا الحضرمي رجل قد سماه عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله ﷺ: متاع النساء للنساء، ومتاع الرجال للرجال.

قال أبو محمد: هذا خبر موضوع مكذوب لا يحل لأحد أن يرويه إلا على بيان وضعه: سويد بن عبد العزيز مذكور بالكذب وأبو نوح لا يدري أحد من هو والحضرمي مثل ذلك. ثم لو صح لكان غير حجة لهم ; لأن ظاهره أن لكل أحد متاعا الذي بيده ; لأنه لم يقل فيه: إن اختلف الزوجان، ولا قال فيه: ما صلح للرجال، ولا ما صلح للنساء وإنما فيه: متاع النساء، ومتاع الرجال، والمتاع: هو متاع المرء الذي في ملكه سواء صلح له أو لم يصلح له وإذا لم يخص به اختلاف الزوجين، فليس لأحد أن يخص هذا الباب دون اختلاف الأخ والأخت فبطل تمويههم بهذا الخبر المكذوب.

قال أبو محمد: ولا يختلف المخالفون لنا من الحنفيين، والمالكيين في أخ وأخت ساكنين في بيت، فتداعيا ما فيه أنه بينهما بنصفين مع أيمانهما، ولم يحكموا في ذلك بما حكموا به في الزوجين.

وكذلك لم يختلفوا في عطار، ودباغ، أو بزار، ساكنين في بيت: في أن كل ما في البيت بينهما مع أيمانهما ولم يحكموا أن ما كان من عطر فللعطار، وما كان من آلة الدباغ فللدباغ، وما كان من آلة البز فللبزاز فظهر تناقضهم، وفساد قولهم بيقين، وأنه ظن كاذب، وقد قال رسول الله ﷺ: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث.

برهان صحة قولنا: أن يد الرجل، ويد المرأة على ما في البيت الذي يسكنانه، أو دار سكناهما أي شيء كان فليس أحدهما أولى به، فهو لهما إذ هو بأيديهما مع أيمانهما. ولا ننكر ملك المرأة للسلاح، ولا ملك الرجل للحلي، وبالله تعالى التوفيق. قالب:محلى ابن حزم - المجلد الخامس/أحكام العدة