→ أحكام الرجعة | ابن حزم - المحلى أحكام الرجعة (مسألة 1989 - 1991) ابن حزم |
أحكام العدة ← |
أحكام الرجعة
1989 - مسألة: ومن الرجعة من طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين فاعتدت ثم تزوجت زوجا وطئها في فرجها ثم مات عنها أو طلقها ثم راجعها الذي كان طلقها ثم طلقها لم تحل له إلا حتى تنكح زوجا آخر يطؤها في فرجها إن كان طلقها قبل ذلك طلقتين فإن كان إنما طلقها طلقة واحدة فإنه تبقى له فيها طلقة هي الثالثة.
وقالت طائفة: إن الذي تزوجها بعد طلاق الأول قد هدم طلاقه كما يهدم الثلاث، فإنه يهدم ما دونها فممن روي عنه القول الأول: كما روينا من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب: أن أبا هريرة قال فيمن طلق امرأته طلقة فاعتدت، ثم تزوجت، ثم طلقها الثاني، فتزوجها الأول فطلقها طلقتين: أنها قد حرمت عليه ووافقه على ذلك علي، وأبي بن كعب.
ومن طريق عبد الرزاق عن مالك، وسفيان بن عيينة، كلاهما عن الزهري قال: سمعت سعيد بن المسيب، وحميد بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار، كلهم قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت عمر يقول: أيما امرأة طلقها زوجها طلقة أو طلقتين ثم تزوجت غيره فمات أو طلقها ثم تزوجها الأول فإنها عنده على ما بقي من طلاقه لها.
ومن طريق حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عمران بن الحصين مثله وصح أيضا: عن ابن عمر في أحد قوليه عن حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه.
وروي أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ونفر من الصحابة، رضي الله عنهم، وهو قول الحسن، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن حي، ومحمد بن الحسن، ومالك، والشافعي، وأبي سليمان، وأصحابهم.
وروينا القول الثاني من طرق، منها ما رويناه من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن ابن طاووس عن أبيه، عن ابن عباس قال: نكاح جديد، وطلاق جديد وعن ابن عمر في أحد قوليه من طريق عبد الرزاق، ووكيع، قال وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ; وقال عبد الرزاق: عن معدن بن طاووس عن أبيه، ثم اتفقا، عن ابن عمر، قال: نكاح جديد، وطلاق جديد. ورويناه أيضا، عن ابن مسعود وهو قول عطاء وشريح، وإبراهيم، وأصحاب ابن مسعود، وعبيدة السلماني، وأبي حنيفة، وزفر، وأبي يوسف.
فنظرنا فيما احتج به أهل هذه المقالة فلم نجد لهم أكثر من أن قالوا: إننا لم نختلف أن نكاح زوج آخر يهدم الثلاث، ولا شك في أنه إذا هدمها فإنه قد هدم الواحدة من جملتها، والاثنين من جملتها ومن المحال أن يهدمها متفرقة.
قال أبو محمد: فقلنا: لم يهدم قط طلاقا، إنما هدم التحريم الواقع بتمام الثلاث مفرقة أو مجموعة فقط، ولا تحرم بالطلقتين، ولا بالواحدة بهدمه. وقلنا لهم: أنتم قد حملتم العاقلة نصف عشر الدية فأكثر، ولم تحملوها أقل من نصف العشر، ولا شك أنها إذا حملت نصف العشر فقد حملت في جملته أقل منه فقالوا: إنما حملناها ما ثقل .
فقلنا: ومن لكم بأن نصف العشر فصاعدا هو الثقل دون أن يكون الثلث هو الثقل أو الكل.
وأيضا فرب جان يعظم عليه ويثقل ربع عشر الدية، لقلة ماله، وآخر تخف عليه الدية كلها لكثرة ماله. ثم السؤال باق عليكم، إذ حملتموها ما ثقل، فالأولى أن تحملوها ما خف وكل هذا لا معنى له، إنما الحجة في ذلك قول الله تعالى: {فإن طلقها} يعني في الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فلا يجوز تعدي حدود الله تعالى والقياس كله باطل وبالله تعالى التوفيق.
1990 - مسألة: وقد قلنا: إن المطلقة طلاقا رجعيا فهي زوجة للذي طلقها ما لم تنقض عدتها، يتوارثان، ويلحقها طلاقه، وإيلاؤه، وظهاره، ولعانه إن قذفها، وعليه نفقتها، وكسوتها، وإسكانها. فإذ هي زوجته فحلال له أن ينظر منها إلى ما كان ينظر إليه منها قبل أن يطلقها، وأن يطأها، إذ لم يأت نص بمنعه من شيء من ذلك وقد سماه الله تعالى " بعلا " لها، إذ يقول عز وجل: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}.
قال أبو محمد: فإن وطئها لم يكن بذلك مراجعا لها حتى يلفظ بالرجعة ويشهد، ويعلمها بذلك قبل تمام عدتها، فإن راجع ولم يشهد فليس مراجعا لقول الله تعالى: {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم} فرق عز وجل بين المراجعة، والطلاق والإشهاد، فلا يجوز إفراد بعض ذلك عن بعض، وكان من طلق ولم يشهد ذوي عدل، أو راجع ولم يشهد ذوي عدل، متعديا لحدود الله تعالى.
وقال رسول الله ﷺ: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
فإن قيل: قد قال الله عز وجل: {وأشهدوا إذا تبايعتم}.
وقال تعالى في الدين المؤجل: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان}. فلم أجزتم البيع المؤجل وغيره إذا لم يشهد عليه
وقال تعالى: {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}. فلم أجزتم الدفع إلى اليتيم ماله إذا بلغ مميزا دون إشهاد
قلنا: لم نجز دعواه للدفع لا حتى يأتي بالبينة، وقضينا باليمين على اليتيم إن لم يأت المولى بالبينة على أنه قد دفع إليه ماله، ولكن جعلناه عاصيا لله تعالى إن حلف حانثا فقط. كما جعلنا المرأة التي لم يقم للزوج بينة بطلاقها، ولا برجعتها: عاصية لله عز وجل إن حلفت حانثة، عالمة بأنه قد طلقها أو راجعها.
وأما إجازتنا البيع المؤجل وغيره، وإن لم يشهدا عليه فلقول رسول الله ﷺ " أنهما بالخيار ما لم يتفرقا فإذا تفرقا أو خير أحدهما الآخر فاختار البيع فقد تم البيع " أو كما قال عليه الصلاة والسلام مما قد ذكرناه في " كتاب البيوع " من ديواننا هذا وغيره بنصه، وإسناده، والحمد لله رب العالمين. وهو في كل ذلك عاص لله عز وجل إن لم يشهد في البيع المؤجل، وغيره، وفي دفع المال لليتيم إذا بلغ مميزا، وفي طلاقه، وفي رجعته، إذا لم يفعل كما أمره الله عز وجل. وقد اختلف الناس في الوطء في العدة، أيكون رجعة أم لا نعم، وفيما دون الوطء: فروينا عن الحكم بن عتيبة وسعيد بن المسيب أن الوطء رجعة وصح هذا أيضا عن إبراهيم النخعي، وطاووس، والحسن، والزهري، وعطاء. ورويناه عن الشعبي
وروي، عن ابن سيرين، وهو قول الأوزاعي، وابن أبي ليلى.
وقال مالك، وإسحاق بن راهويه: إن نوى بالجماع الرجعة فهي رجعة، وإن لم ينو به الرجعة فليس رجعة، قالا جميعا. وأما ما دون النكاح فليس رجعة، وإن نوى به الرجعة.
قال أبو محمد: هذا تقسيم لا حجة على صحته أصلا وقال الحسن بن حي، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة: الجماع رجعة نوى به الرجعة أو لم ينو، وكذلك اللمس. قال سفيان، وأبو حنيفة: إذا كان لشهوة، وإلا فلا. قال أبو حنيفة: والنظر إلى الفرج بشهوة رجعة. قال: فلو قبلته لشهوة، أو لمسته لشهوة وأقر هو بذلك فهي رجعة فلو جن فقبلها لشهوة فهي رجعة، فلو جامعته مكرهة فهي رجعة، ولا يكون ما دون الجماع بإكراه رجعة.
قال أبو محمد: هذه الأقوال في غاية الفساد ; لأنها شرع في الدين بغير قرآن، ولا سنة صحيحة، ولا سقيمة، ولا قياس له وجه، ولا رأي له في السداد حظ، ولا سبقه إليها أحد نعلمه. وقال جابر بن زيد، وأبو قلابة، والليث بن سعد والشافعي: الوطء فما دونه لا يكون رجعة نوى به الرجعة أو لم ينو، ولا رجعة إلا بالكلام.
قال أبو محمد: لم يأت بأن الجماع رجعة: قرآن، ولا سنة، ولا خلاف في أن الرجعة بالكلام رجعة، فلا يكون رجعة إلا بما صح أنه رجعة، وقال تعالى: {فأمسكوهن بمعروف} والمعروف ما عرف به ما في نفس الممسك الراد، ولا يعرف ذلك إلا بالكلام، وبالله تعالى التوفيق. وقد قال قوم: إن معنى قول الله تعالى: {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف} إنما معناه: مقاربة بلوغ الأجل.
قال أبو محمد: وهذا خطأ وباطل بلا شك ; لأنه إخبار عن الله تعالى بأنه أراد ما لم يخبرنا، عز وجل، وبأنه أراده، ولا أخبرنا به رسول الله ﷺ . وقد قال تعالى: {وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}. وأيضا فلو كان ما قالوا لكان لا إمساك إلا قرب بلوغ أقصى العدة وهذا ما لا يقولونه، لا هم، ولا غيرهم.
قال أبو محمد: معناه بلا شك: فإذا بلغن أجلهن أجل عدتهن.
برهان ذلك: أن من أول العدة إلى آخرها وقتا لرده إياها ولأمساكه لها، ولا قول أصح من قول صححه الإجماع المتيقن من المخالف والموالف.
قال أبو محمد: وأما قولنا: إنه إن راجع ولم يشهد، أو أشهد ولم يعلمها حتى تنقضي عدتها غائبا كان أو حاضرا وقد طلقها وأعلمها وأشهد، فقد بانت منه، ولا رجعة له عليها إلا برضاها بابتداء نكاح بولي، وإشهاد وصداق مبتدأ سواء تزوجت أو لم تتزوج دخل بها الزوج الثاني أو لم يدخل فإن أتاها الخبر وهي بعد في العدة فهي رجعة صحيحة.
برهان ذلك: قول الله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم}، وقال تعالى: {ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن} وهذا عين المضارة،
وقال رسول الله ﷺ: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد، فمضارته مردودة باطل.
وأيضا فإن الله تعالى سمى الرجعة إمساكا بمعروف، قال تعالى {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف} فالرجعة هي الإمساك، ولا تكون بنص كلام الله تعالى إلا بمعروف والمعروف هو إعلامها، وإعلام أهلها، إن كانت صغيرة أو مجنونة فإن لم يعلمها لم يمسك بمعروف، ولكن بمنكر، إذ منعها حقوق الزوجية: من النفقة، والكسوة، والإسكان، والقسمة فهو إمساك فاسد باطل ما لم يشهد بإعلامها فحينئذ يكون بمعروف.
وكذلك قال الله عز وجل: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}.
قال أبو محمد: إنما يكون " البعل " أحق بردها إن أراد إصلاحا بنص القرآن ومن كتمها الرد، أو رد بحيث لا يبلغها، فلم يرد إصلاحا بلا شك، بل أراد الفساد، فليس ردا، ولا رجعة أصلا. وقد اختلف الناس في هذا على خمسة أقوال:
فالقول الأول كما روينا من طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة: أن عمر بن الخطاب قال في امرأة طلقها زوجها، فأعلمها، ثم راجعها ولم يعلمها حتى تنقضي عدتها: فقد بانت منه.
ومن طريق سعد بن منصور أنا المعتمر بن سليمان عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي قال: قال عمر بن الخطاب إذا طلق امرأته فأعلمها طلاقها، ثم راجعها فكتمها الرجعة حتى انقضت العدة: فلا سبيل له عليها.
ومن طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج أخبرنا عمرو بن دينار أخبرني أبو الشعثاء جابر بن زيد، قال: تماريت أنا ورجل من القراء الأولين في المرأة يطلقها الرجل ثم يرتجعها، فيكتمها رجعتها فقلت أنا: ليس له شيء فسألنا شريحا القاضي فقال: ليس له إلا فسوة الضبع.
ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا يونس بن عبيد، عن ابن سيرين قال: سأل رجل عمران بن الحصين فقال: إنه طلق ولم يشهد، وراجع ولم يشهد فقال له عمران: طلقت بغير عدة، وراجعت في غير سنة، فأشهد على ما صنعت.
ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أخبرني عبيدة عن الحسن بن رواح قال: سألت سعيد بن المسيب عن رجل طلق سرا، وراجع سرا فقال: طلقت في غير عدة، وارتجعت في عماء، أشهد على ما صنعت.
ومن طريق سعيد بن منصور أنا هشيم أنا منصور عن الحسن قال: إذا طلق امرأته ثم راجعها في غيب أو مشهد، ولم يعلمها بالرجعة حتى انقضت العدة، فلا سبيل له عليها فهذا قول. وقول ثاني رويناه من طريق ابن وهب عن مالك قال: بلغني أن عمر بن الخطاب قال الذي يطلق امرأته وهو غائب ثم يراجعها، ولا يبلغها مراجعته، وقد بلغها طلاقه: أنها إن تزوجت ولم يدخل بها زوجها الآخر، أو دخل: فلا سبيل إلى زوجها الأول إليها.
وقال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي فيها وفي المفقود.
ومن طريق ابن وهب أخبرني يونس، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: مضت السنة في الذي يطلق امرأته ثم يراجعها فيكتمها رجعتها حتى تحل فتنكح زوجا غيره: فإنه ليس له من أمرها شيء، ولكنها من زوجها الآخر. قال ابن وهب: وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، ونافع مثله وصح أيضا من طريق ابن سمعان عن الزهري مثل ذلك، إذا كانا في بلد واحد. وقال ثالث من طريق ابن وهب، قال مالك: الأمر لي لا اختلاف فيه: إنه إذا دخل بها زوجها الآخر قبل أن يدركها الأول فلا سبيل له إليها وذلك الأمر عندنا في هذا وفي المفقود يعني: في الذي طلقها وأعلمها ثم راجعها وأشهد ولم يبلغها. قال ابن القاسم: ثم رجع مالك عن ذلك وقال: زوجها الأول أحق بها قال ابن القاسم: أما أنا فأرى أنها إن دخل بها زوجها فلا سبيل له إليها، فإن لم يدخل بها فهي للأول.
قال أبو محمد: إنما أوردنا هذا لنرى المشغبين بقول مالك: " الأمر عندنا، والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا " حجة، وإجماع، لا يحل خلافه. وهذا مالك قد رجع عن قول ذكر أنه الأمر عندهم، والأمر الذي لا اختلاف فيه: فحسبهم وحسبكم.
وروينا من طرق عن عمر كلها منقطعة ; لأنها عن إبراهيم عن عمر أو عن الحسن بن مسلم عن عمر، أو عن سعيد بن المسيب عن عمر، أو عن أبي الزناد: أن عمر قال فيمن طلق امرأته ثم سافر وأشهد على رجعتها قبل انقضاء العدة لا علم لها بذلك حتى تزوجت: أنه إن أدركها قبل أن يدخل بها فهي امرأته، وإن لم يدركها حتى دخل بها الثاني فهي امرأة الثاني، حكم بذلك في أبي كنف وهو قول الليث، والأوزاعي. وقول رابع رويناه: من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج عن عطاء فيمن طلق ثم ارتجعها وأشهد فلم تأتها الرجعة حتى تزوجت قال: إن أصيبت فلا شيء للأول فيما بلغنا يقال ذلك، فإن نكحت ولم تصب فالأول أحق بها. وبه يقول عبد الكريم. وقول خامس رويناه من طريق وكيع عن شعبة عن الحكم بن عتيبة قال: قال علي بن أبي طالب: إذا طلق الرجل امرأته ثم راجعها ولم يعلمها: فهي امرأته إذا أشهد.
ومن طريق سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن الحكم بن عتيبة عن علي بن أبي طالب، أنه قال فيمن طلق امرأته ثم غاب، فكتب إليها برجعتها، فضاع الكتاب حتى انقضت عدتها، فإن زوجها الأول أحق بها دخل بها الآخر أو لم يدخل.
ومن طريق حماد بن أبي سليمان، وقتادة عن علي مثله. ومن طريق إبراهيم عن علي في أبي كنف مثله. وهو قول الحكم بن عتيبة. ثم وجدناه متصلا عن علي كما أنا محمد بن سعيد بن نبات أنا عياش بن أصبغ أنا محمد بن قاسم بن محمد أنا محمد بن عبد السلام الخشني أنا محمد بن المثنى أنا عبد الأعلى أنا سعيد، هو ابن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس بن عمرو أن رجلا طلق امرأته، وأعلمها، وأرجعها، وأشهد شاهدين وقال: اكتما علي، فكتما، حتى انقضت عدتها، فارتفعوا إلى علي بن أبي طالب فأجاز الطلاق وجلد الشاهدين واتهمهما.
قال أبو محمد: ثم نظرنا في هذه الرواية، فوجدناها لا حجة فيها لمن ذهب إلى هذا القول; لأنه ليس فيها إلا إجازة الطلاق، لا إجازة الرجعة.
قال أبو محمد: ليس إلا هذا القول، أو الذي تخيرناه، وما عداهما فخطأ لا إشكال فيه ; لأن زواجها أو دخوله بها، أو وطأه لها، لا يفسخ شيء من ذلك نكاحا صحيحا، وبالله تعالى التوفيق، وإنما هو صحة الرجعة أو فسادها، وبقول علي الذي ذكرنا يقول سفيان الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وأبو سليمان، وأصحابهم.
1991 - مسألة: ونجمع هاهنا ما لعلنا ذكرناه مفرقا هو: أنه لا يكون طلاق لا يملك فيه المطلق الرجعة ما دامت في العدة إلا طلاق الثلاث مجموعة، أو مفرقة وطلاق التي لم يطأها المطلق سواء طلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا إلا أنه دون الثلاث إن رضي هو وهي فلهما ابتداء النكاح بولي، وإشهاد، وصداق وهذا حكم الفسخ كله.
وأما طلاق الموطوءة واحدة، أو اثنتين: فللمطلق مراجعتها أحبت أم كرهت بلا صداق، ولا ولي، ولكن بإشهاد فقط وهذا ما لا خلاف فيه، وبالله تعالى التوفيق.