الرئيسيةبحث

محلى ابن حزم - المجلد الخامس/الصفحة التاسعة والخمسون

الحضانة

2019 - مسألة: وإذا بلغ الولد أو الأبنة عاقلين، فهما أملك بأنفسهما، ويسكنان أينما أحبا، فإن لم يؤمنا على معصية من شرب خمر، أو تبرج، أو تخليط، فللأب أو غيره من العصبة، أو للحاكم، أو للجيران أن يمنعاهما من ذلك، ويسكناهما حيث يشرفان على أمورهما، وقد ذكرنا قول أبي حنيفة، والحسن بن حي بمثل هذا.

برهان صحة قولنا: قول الله عز وجل: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها}. وتصويبه عليه الصلاة والسلام قول سلمان أعط كل ذي حق حقه. ولا معنى للفرق بين الذكر والأنثى في ذلك، ولا لمراعاة زواج الأبنة ; لأنه شرع لم يأذن به الله تعالى وقد تزوج وهي في المهد وقد لا تتزوج وهي بنت تسعين سنة. ورب بكر أصلح وأنظر من ذوات الأزواج وبضرورة الحس يدري كل أحد أن الزواج لم يزدها عقلا لم يكن، ولا صلاحا لم يكن.

وأما إذا ظهر من الذكر أو الأنثى تخليط أو معصية فالمنع من ذلك واجب: لقول الله تعالى: {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله}، وقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}. وقوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}.


2020 - مسألة: وإن كان الأب، والأم محتاجين إلى خدمة الأبن أو الأبنة الناكح أو غير الناكح لم يجز للأبن، ولا للأبنة الرحيل، ولا تضييع الأبوين أصلا، وحقهما أوجب من حق الزوج والزوجة فإن لم يكن بالأب والأم ضرورة إلى ذلك فللزوج إرحال امرأته حيث شاء مما لا ضرر عليهما فيه.

برهان ذلك: قول الله عز وجل: {أن اشكر لي ولوالديك} فقرن تعالى الشكر لهما بالشكر له عز وجل. وقوله تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} فافترض الله عز وجل أن يصحب الأبوين بالمعروف وإن كانا كافرين يدعوانه إلى الكفر ومن ضيعهما فلم يصحبهما في الدنيا معروفا. وقوله تعالى: {وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}. وقد ذكرنا آنفا قول الرجل لرسول الله ﷺ: من أحق الناس بحسن الصحبة قال: أمك ثم أمك ثم أباك. وقوله عليه الصلاة والسلام عقوق الوالدين من الكبائر، وقد اختلف قوم فيما ذكرنا واحتجوا بأخبار ساقطة: منها خبر رويناه من طريق الحارث بن أبي أسامة عن يزيد بن هارون عن يوسف عطية عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رجلا غزا وترك امرأته في علو وأبوها في سفل وأمرها أن لا تخرج من بيتها فاشتكى أبوها فاستأذنت رسول الله ﷺ في أمره فقال لها: اتقي الله وأطيعي زوجك ثم كذلك إذ مات أبوها ولم تشهده، فقال رسول الله ﷺ إن الله غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك. يوسف بن عطية متروك الحديث، ولا يكتب حديثه.

ومن طريق مسدد عن عبد الواحد بن زياد عن ليث بن أبي سليم عن عطاء، عن ابن عمر سئل رسول الله ﷺ عن حق الرجل على زوجته فقال كلاما منه: أن لا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة الله وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع إلى بيتها أو تتوب، قيل: يا رسول الله وإن ظلمها قال: وإن ظلمها. ليث ضعيف، وحاش لله أن يبيح رسول الله ﷺ الظلم، وهي زيادة موضوعة ليست لليث بلا شك.

ومن طريق قاسم بن أصبغ، أخبرنا ابن أبي العوام ثنا عبيد بن إسحاق هو العطار أنا حيان بن علي العنزي عن صالح بن حيان، عن ابن بريدة عن بريدة أن رسول الله ﷺ قال: لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لامرت المرأة أن تسجد لزوجها تعظيما لحقه.

ومن طريق وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ بن جبل عن رسول الله ﷺ مثله حرفا حرفا، ليس فيه " تعظيما لحقه ".

ومن طريق خلف بن خليفة عن حفص ابن أخي أنس بن مالك عن أنس عن رسول الله ﷺ: لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لامرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها.

ومن طريق أبي داود أنا عمرو بن عون، أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك بن عبد الله القاضي عن حصين عن الشعبي عن قيس بن سعد عن رسول الله ﷺ: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لامرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق. أنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الجسور أنا أحمد بن الفضل الدينوري أنا محمد بن جرير الطبري أنا إبراهيم بن المستمر أنا وهب بن جرير بن حازم أنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن سراقة بن جعشم أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لامرت المرأة أن تسجد لزوجها.

قال أبو محمد: كل هذا باطل: أما حديث بريدة ففيه عبيد بن إسحاق يعرف بعطار المطلقات كوفي يحدث بالباطل ليس بشيء وهو الذي أسند " معلمو صبيانكم شراركم " وهذا هو الكذب البحت، لصحة قول رسول الله ﷺ: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.

وأما حديث معاذ فمنقطع ; لأن أبا ظبيان لم يلق معاذا، ولا أدركه.

وأما حديث أنس ففيه حفص ابن أخي أنس، ولا يعرف لأنس ابن أخ اسمه حفص، ولا أخ لأنس، إلا البراء بن مالك من أبيه. وعبد الله بن أبي طلحة من أمه، ولا يعرف لواحد منهما ولد اسمه حفص وخلف بن خليفة ليس بالحافظ.

وأما حديث سراقة بن جعشم فمنقطع ; لأن علي بن رباح لم يدرك سراقة قط.

وأما حديث قيس بن سعد ففيه شريك بن عبد الله القاضي وهو مدلس يدلس المنكرات عمن لا خير فيه إلا الثقات.

ومن طريق أحمد بن شعيب أنا شعيب بن شعيب بن إسحاق أنا عبد الوهاب حدثني شعيب بن إسحاق أنا الأوزاعي أخبرني يحيى هو ابن سعيد الأنصاري أن بشير بن يسار أخبره أن عبد الله بن محصن أخبره عن عمة له أنها ذكرت زوجها لرسول الله ﷺ فقال لها عليه الصلاة والسلام: انظري أين أنت منه فإنه جنتك أو نارك.

ومن طريق أحمد بن شعيب أنا قتيبة بن سعيد،، ومحمد بن منصور، وأحمد بن سليمان،، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، ويونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال قتيبة: أنا الليث بن سعد وقال محمد بن منصور: أنا سفيان بن عيينة

وقال أحمد بن سليمان أنا يعلى، ويزيد، وقال ابن المثنى، وابن بشار:، أخبرنا يحيى بن سعيد القطان وقال يونس، أخبرنا ابن وهب أنا مالك وقال ابن عبد الحكم أنا شعيب بن الليث أنا الليث وقال يونس أنا خالد عن سعيد بن أبي هلال ثم اتفق الليث، وسفيان، ويعلى، ويزيد ويحيى، ومالك، وابن أبي هلال، كلهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن بشير بن يسار عن حصين بن محصن عن عمة له عن النبي ﷺ بمثله. وهكذا رويناه من طريق حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن حصين بن محصن فهذا كله لا يصح، لأن عبد الله بن محصن، وحصين بن محصن مجهولان، لا يدري أحد من هما.

ومن طريق أحمد بن شعيب أنا محمود بن غيلان أنا أبو أحمد هو الزبيري أنا مسعر، هو ابن كدام عن أبي عتبة عن عائشة أم المؤمنين قالت سألت النبي ﷺ أي الناس أعظم حقا على المرأة قال: زوجها قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل قال: أمه.

قال أبو محمد: أبو عتبة مجهول لا يدرى من هو والقرآن كما أوردنا، والثابت عن رسول الله ﷺ كما صدرنا به يبطل هذا.

ومن طريق أحمد بن شعيب أنا أحمد بن عثمان بن حكيم الكوفي أنا جعفر بن عون حدثني ربيعة بن عثمان عن محمد بن يحيى بن حبان عن نهار العبدي مدني لا بأس به عن أبي سعيد عن النبي ﷺ قال: حق الزوج على زوجته لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت حقه. ربيعة بن عثمان مجهول.

ومن طريق خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة الودود الولود العئود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها، ثم تقول: والله لا أذوق عضما حتى ترضى. هذا خبر لا بأس به وهكذا في كتابي " عضما " بالضاد، وهو عظم القوس، ولا مدخل له هاهنا.

ومن طريق أحمد بن شعيب أرنا عمرو بن منصور أنا محمد بن محبوب أنا سرار بن مجشر بن قبيصة البصري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه. قال أحمد بن شعيب، سرار بن مجشر ثقة هو ويزيد بن زريع مقدمان في سعيد بن أبي عروبة هكذا سرار بالسين وراءين بينهما ألف .

قال أبو محمد: هذا حديث حسن، والشكر لكل محسن واجب.

ومن طريق أحمد بن شعيب أنا عمرو بن علي، أخبرنا يحيى، هو ابن سعيد القطان، أخبرنا ابن عجلان أنا سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ: أنه سئل عن خير النساء فقال: التي تطيع زوجها إذا أمر، وتسره إذا نظر، وتحفظه في نفسها وماله. هذا خبر صحيح، وقد صح

ما روينا من طريق مسلم أنا محمد بن المثنى أنا محمد بن جعفر أنا شعبة عن زبيد اليامي عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب عن رسول الله ﷺ قال: لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف.

وأما السلف: فروينا من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج قلت لعطاء: رجل غاب عن امرأته ولم تكن استأذنته في الخروج أتخرج في طواف الكعبة، أو في عيادة مريض ذي رحم، أو أبوها يموت فأبى عطاء أن تخرج في شيء من ذلك. قال ابن جريج: وأقول أنا: تأتي كل ذي رحم قريب.