الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 92/حرب القرن العشرين

مجلة المقتبس/العدد 92/حرب القرن العشرين

بتاريخ: 1 - 9 - 1914


دم صبغ الثرى أم أرجوان ... وسد الأفق سحب أم دخان

وشهب في الفضا انتشرت تهاوي ... كما انتثرت من العقد الجمان

وعرس ما تهادى الناس فيه ... المسرة والهنا أم مهرجان

وحرب في السما والأرض قامت ... لها سوق بها نفذ الطعان

أجل يوم تداعى الناس فيه ... لملحمة بها افتقد الجنان

فليس يرى بها إلا دماء ... وأعناق تقطع أوبنان

وأشلاء يفصلها حسام ... وأكباد يخيط بها سنان

أرانا الهول لم يشبهه هو ل ... زمان ليس يشبهه زمان

فللحرب الزبون به اعتزاز ... ولكن فيه للسلم امتهان

به جبن الكمي كما تسامى ... على البطل الكمي به الجبان

وأفحم خططه البلغاء حتى ... جفا اللسن البليغ به البيان

وعدن به الأوانس من قواف ... أوابد لا يراض لها حران

وكم هجر الصهيل به حصان ... ومزقت الحجاب به حصان

وفي الغبراء قامت معمعان ... وفي الخضراء قامت معمعان

وجن الناس في طعن وضرب ... كأن الناس ليس لهم جنان

وقد ألغوا لظي الهيجاء حتى ... كأن لظى معاركها جنان

ونصل السيف تصقله قيون ... لهم كالعود تجلوه القيان

كأن الحرب معبود فنسر ... له الخطي والغصب المدان

كان معارك الهيجاء مصلى ... وهمهمة الرجال بها أذان

ولاذ المالكون بسقي جو ... وماء تستسر وتستبان

وفيها الأنس قد برزت لأنس ... وفيها قد سطا بالجان جان

وفي رهج الكفاح الشمس غابت ... وفي البارود غاب الزبرقان

تلاعب في كلى وهام ... قناً وظبى وألحانا وحان

كأن نفوسنا أكر دحاها ... لعبث في ألفضاء الصولجان

زمان كل ما فيه هزال ... خلا أن الخطوب به سم هو أن كل عيش فيه حتى ... هو أنا والهواء به هو أن

كأن له ديوناً ليس تقضي ... وأنفسنا على الدين الرهان

نقاد بحكمه طوعاً وكرهاً ... وما غير الهوان لنا عنان

وللعقل الذكي به اعتقال ... وللمال الصفي به احتجان

ويخطئ قصده ذواللب فيه ... ويدرك ما يحاوله الهدان

وبكر للحوادث جاء فيها ... لها بنفوسنا حرب عوان

فلم تر قط عين الدهر حرباً ... تماثلها ولا بصر الزمان

عجائبها تطيش بها عقول ... وهن بكل حادثة رزان

فدع أثراً يكذبه عيان ... وخذ خبراً يصدقه العيان

إذا خاض الوغى دب وحوت ... ونسر قل متى يلفى الأمان

تفانى الناس إرهاقاً وقتلاً ... ومن هذين لم يخل مكان

وكم عطف (الهلال) على البرايا ... وما أجدى التعطف والحنان

بدا بدراً ومذ ساموه نقصاً ... تعطف مثل ما انعطف السنان

تألبت الملوك على مليك ... تدين له الملوك ولا يدان

وإن تعاون الأملاك جهل ... على ملك بخالقه يعان

سرت بفيالق (الحلفاء) روح ... بها ضعف العدو وما استكانوا

فروا (للاتفاق) هشيم جمع ... كما يذري على الريح الدخان

تبدد شملهم تبديد عقد ... تبدده الولائد والحسان

إذا جهلوا لسان الحرب يوماً ... فما غير البنادق ترجمان

وللألمان فيها معجزات ... بمحكم أيها الدنيا تزان

لهم فيها كما في العلم نجم ... له في كل محمدة قران

مشوا فيها بكل قريع حرب ... يخف إذا مشى فيها إبان

لقد رضعوا ثدي الحرب حتى ... كأن دم الكماة لهم لبان

إذا خفقت بنود في الثريا ... فنسرهم هناك له معان

فسل فالكاربات تجيبك عنهم ... بأنهم الجحاجحة الرزان وفي فرسوفيا نبأ عظيم ... لهم ترويه ألسن واللقان

وهل ألفرس كانت في الصياصي ... من الألمان حوزتها تصان

إذا نزل القضاء فلا حصون ... مشيدة تفيد ولا حصان

ولولا بأسهم لم يروا رلو ... عجائبها ولم ينطق لسان

وأصدق ما روى عنها لسان ... المدافع والمثقفة اللدان

كأن حصونها كانت كعاباً ... محجبة ففارقها الصيان

مشوا والموت في حلف وثيق ... وتدمير الحصون له ضمان

أسلمهم علوم واقتصاد ... وحربهم فتوح واضطعان

أم التمسوا الأمان من المنايا ... وشنات المنايا والأمان

فخاضوا الحرب وهي لهم سلام ... وشبوا النار وهي لهم جنان

أعصر (الكهرباء) حفظت عهداً ... ولكن فيه أهل العصر خانوا

أضأت لهم طريق العز عفواً ... فهانوا إذ بغايته استهانوا

أتلك نتائج (العشرين قرناً) ... فنون للفناء بها افتنان

إذا ترضى به توراة موسى ... وإنجيل ابن مريم والقرآن

وكم بسياسة الغربي أضحى ... لأهل الشرق في الغرب افتتان

ما هي لووعوا إلا خداع ... وكذب أورياء أورهان

إذا لأن السياسيون قولاً ... فما لان ألفعال ولا استلانوا

روى التاريخ أهوالاً ولكن ... كهذي الحرب لم يرو الزمان

النبطية (جبل عامل): سليمان ظاهر