الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 85/مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت

مجلة المقتبس/العدد 85/مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت

مجلة المقتبس - العدد 85
مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 1 - 2 - 1914


قليل من الناس بل من غلاة الكتب من يعرف من أمر هذه الخزانة الغنية الموجودة في المدينة المنورة شيئاً لعدم وجود فهرس مطبوع لها حتى أنك لا تجدها في ترجمة حياة صاحبها في كتاب قاموس الأعلام المؤلفة شمس الدين بك سامي الألباني كأنها ليست من الأعمال التي تجدر بالذكر أو أن يكون المترجم عرض بها فرفعوا قلم المراقبة في عهد السلطان السابق وقد كنا في عداد جاهليها إلى أن كتبت مجلة المقتبس بعض أسماء المخطوطات فيها وفي مكاتب المدينة المنورة نقلاً عن الشيخ جمال الدين القاسمي في الصفحة 718من السنة الرابعة ثم عادت فنشرت قائمة أخرى بتوقيع إبراهيم أفندي حمدي خربطلي في الصفحة 379 من السنة الرابعة.

والذي زادنا تعريفا بها هو وصف صديقنا المتقبس لها في رحلته إلى طيبة إذ يقول وأحسنها أي خزائن كتب المدينة المنورة وربما كانت خير مكتبة في البلاد العثمانية كلها بنظامها وانتقاء أمهاتها هي مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت أفندي ففيها نحو عشرة ألاف مجلد كتبت بخطوط المشهورين من الخطاطين كأن تجد الكتاب ذا العشرين جلداً مكتوباً بخط مشرق بديع في مجلد أو مجلدين وفي هذه المكتبة من التسهيل على المطالعين والعناية براحتهم مالا تكاد تجد مثله في دار الكتب الخديوية بمصر لعهدنا وما ذلك إلا لكثرة ريعها وإنفاقها في سبله واختيار القيمين عليها وادرار المشاهرات الكافية عليهم.

فلما قصدت إلى البلد الطيب صيف السنة الفائتة كان غابة مارميت إليه بعد زيارة الحجرة المعطرة زيارة هذه المكتبة فأخذني الدليل من زقاق ضيق عن يسار باب السلام وما كدنا نجتاز منعطفا هناك حتى كنا أمام دار المكتبة وهي ذات طابقين ومبنية من الجرار الحجر الأسود خلافاً لأكثر دور المدينة المبنية من اللبن فدخلناها من باب امتلأت حوله أصاحي الرياحين والأزهار واجتزناه إلى الغرفة الكبرى المتخصصة بحفظ الكتب فألفينا بعض المطالعين والنساخ يطالعون وينسخون كأن على رؤوسهم الطير إلا حركة خفيفة تنبعث مرة بعد أخرى من أهواء المهواة التي بأيديهم دفعاً لشدة حمارة القيظ.

ولما استتب بنا الجلوس أتى إلينا حافظ الكتب بفهارس المكية الخطية وطلب غلينا معرفة اسمنا فلسمنا بطاقتنا وصرنا نطالع الفهارس المرتبة على أنواع العلوم والفنون والمنسقة تنسيقاً جميلاً يدل على ذوق سليم مما يعد عنواناً على نظام هذه المكتبة كما تراه في المث المحرر أدناه تقلاً على أحد الفهارس.

نمرة 175

اسم الكتاب تذكرة الشعراء المسماة بجمع الخواص

المؤلف الصادق الكيلاني

خط تعليق

سطر 19

أوراق 105

جلد 1

جدول خالي

ملاحظات بالتركي

وبعد هنيهة قدم علينا مدير المكتبة عبد القادر أفندي حوار وغدا يرشدنا إلى أمهات الكتب النفسية الموجودة في الكتب فاطلعنا على تفسير انكشاف للزمخشري وبهامشه الكشف على الكشف وقد كتب التفسير أولاً بمجلد واحد بخط مشرق جميل وجداول مذهبة ثم أضيف إليه الهامش بإلصاقه على جوانب المتن الثلاثة إلصاقاً يكاد لا يظهر إلا على الناقد البصير وقد قيل أن هذا التفسير كلف صاحب المكتبة ثلاث مئة جنية مما يدل على مبلغ تأنق الرجل في انتقاء كتبه.

وأرونا أيضاً كتاب تقويم الأبدان في الطب لابن جزله البغدادي وقد نسخه ناسخه سنة 297 أي منذ نيف وألف سنة كما أننا رأينا ديوان شعر بالفارسية اسمه غزليات شاهي كتب سنة 655 بحروف من ورق قطعت تقطيعا بديعاً وألصقت على صحائف من الورق الملون فجاءت غاية في الدقة.

وقيل لنا أن فيها محاضرات ومحاورات الإمام السيوطي بخط يده إلا أن الوقت لم يتسع معنا لمطالعته وترى جميع الكتب مجلده تجليداً متيناً ومحفوظة ضمن غلافات من جلد أيضاً مصفوفة في القماطر بنظام معجب ومطرب والمجلد يشهدها كل يوم وبصلح ما فسد منها أما المكتبة فقد أسست سنة 1260 كما هو مؤرخ في سقف قاعتها وهي السنة التي أقيل فيها من المشيخة ولعل لإقالته علاقة بتأسيس المكتبة وأوقف عليها من الكتب في اللغات الثلاث العربية والتركية والفارسية 5135 مجلد وورد إليها بعد تأسيسها إلى يوم الناس هذا 401 فيكون مجموع كتبها اليوم 5536 مجلداً وزهاء ألفي رسالة محررة على هوامش هذه الكتب وبينها نذر يسير باللغة الهندية أردو.

وقلة الكتب الواردة عليها التي لا يزيد معدلها السنوي على سبعة كتب تؤيد ما قلناه آنفا من أن عارفي مكتبة عارف قلائل جداً.

ولقد اقترحنا على المدير أن يطبعوا فهرساً للمكتبة وينثروة بين الناس ويحذوا حذو المكاتب الراقية فيطلب من مؤلفي الكتب ومترجميها نسخة من كتبهم لتوضع في المكتبة وتعم الفائدة لاعتقادنا أن هذه الطبقة المنورة لا تضن على تلك المكتبة ببنات أفكارها ونتاج قرائحها فاستحسن منا هذا الاقتراح ولكنه اعتذر عن تقريره لأنه من خصائص متولي الوقف يحيى أفندي قاضي مصر السابق الذي يتوقع منه كل محب للعلم والأدب أن يحل هذا الاقتراح محله ويعمل على تعريف الناس بهذه الخزانة النافقة فإن عمال المكتبة الكثيرين هم كفء ويكفؤون للقيام بأعمالها كما ستراه.

المشاهرة العدد العنوان

قرش صحيح

700 1 مدير

700 1 حافظ كتب أول

600 1 حافظ كتب ثاني

550 1 حافظ كتب ثالث

500 1 حافظ كتب رابع

500 1 مجلد

500 1 بواب

500 1 سقا

500 1 كناس

5050 المجموع

وللمرحوم أوقاف أخرى في المدينة تأتي من عاصمة السلطنة مع مرتبات المكتبة بواسطة الخزانة النبوية إليك بيانها:

المشاهرة العدد الموقوف عليه

قرش صحيح

600 2 قارئ الشفافي الحرم النبوي

600 2 قارئ دلائل الخيرات النبوي

12 1 سقافي الحرم

900 1 امرأة الواقف المقيمة في المدينة

2112 المجموع

ومما قلله لنا مدير المكتبة أن المرحوم كان ينوي إبلاغ كتب المكتبة إلى عشرة ألاف مجلد كانت تحت يده إلا أنه لم يتمكن من تحقيق أمنيته لأنه حين عزم على الحضور إلى المدينة المنورة يصحب بقية كتبه عاجلته المنية في دار الملك فبيعت كتبه فيها مع تركته بأبخس الأثمان ومنها كتاب الأغاني الذي بيع بخمسة عشر جنيها ثم باع من اشتراه من آخر بستين جنيها وطبع بعد ذلك عن تلك النسخة وانتشر بين القراء ويقولون أنه لو تمكن من جلب تلك الكتب وإضافتها إلى المكتبة لكانت اليوم من أحفل وأغنى مكاتب الشرق على أنها الآن تضم بين جدارها ألوفاً من الأمهات التي تفتقر إلى رجالات علم وعمل ليمثلوها للطبع ويبرزوها من خدرها وبعد أن قضينا بالمكتبة ما تيسر لنا من الوقت عدنا إلى الحرم النبوي من طريق آخر لا يبعد بضعة أذرع ودخلناه من باب جبريل.

حيفا: فلسطين // عبد الله مخلص