مجلة المقتبس/العدد 75/يا شرق
→ تاريخ الحضارة | مجلة المقتبس - العدد 75 يا شرق [[مؤلف:|]] |
أدب الدارس والمدرس ← |
بتاريخ: 1 - 5 - 1912 |
لا الصبر ينفعه ولا الجزع ... قلب يكاد شجاه يطلع
يا ليل هذا ساهر قلق ... يرعى النجوم وقومه هجعوا
هل فيك ذو شجن يشاركني ... أشكو له ما بي فيستمع
سرت الهموم فقمت أدفعها ... وإذا هموم ليس تندفع
حلت بصدري لا تفارقه ... إن ضاق عنها فهي تتسع
من بات تدمع عينه أسفاً ... فأنا فؤادي بات يدمع
أشفقت من دهري عَلَى أملي ... واليوم أنظر كيف ينقطع
ويلي عليه وهو يخدعني ... أدري حقيقته وأنخدع
يا شرق لج بك العداة هوى ... يا شرق أغراهم بك طمع
عاشوا يؤلف بينهم وطن ... فتخالفوا فيه وهم شيع
يتفرقون عَلَى مذاهبهم ... وعلى الإخاء الناس تجتمع
جهلوا فأخضعهم تعصبهم ... والله لو علموا لما خضعوا
أنذرتهم يوماً صوادعه ... لو مست الأفلاك تتصدع
واريتهم زمناً ألم بهم ... يبري لهم السهام وينتزع
هنأتهم بالأمس إذ نهضوا ... واليوم أرثيهم وقد وقعوا
أهديتهم ودي فما قبلوا ... أخلصتهم نصحي فما اتبعوا
والشيء يرخص حين تبذله ... والشيء يغلو حين يمتنع
ماذا عَلَى الأقدار لو نزعت ... عن حربها فعداتها نزعوا
واسترجعت عهد الصفاء لهم ... وإذا تشاء فذاك يرتجع
قد أجهدتهم وهي عادمة ... وأظنها يوماً سترتدع
أبني بلادي قد مضت أمم ... هذا طريقهم الذي اشترعوا
إنا حللنا في منازلهم ... وقد انتجعنا حيثما انتجعوا
ولئن بطرنا مثلما بطروا ... فلسوف نصرع مثلما صرعوا
إن تصبروا فلطالما صبروا ... أو تجزعوا فلشد ما جزعوا
لم تعدنا حال لهم عرضت ... فحياتهم وحياتنا شرع أبداً تعيش عَلَى مغالبة ... الدهر يخفضنا ويرتفع
ونراه يبتدع الخطوب لنا ... حتى تفانت عنده البدع
لم تنتفع بتجارب سلفت ... وأخال لسنا بعد ننتفع
أشياخنا يمشي بهم كلف ... وشبابنا يجري بهم ولع
يتحاربون عَلَى فؤادهم ... والحرب تأخذ ضعف ما تدع
ماذا لهم لله درهم ... الناس قد عفوا وهم جشعوا
إن القصور بهم مقتعد ... مثل القبور بهن مضطجع
أبني المسيح وأحمد انتبهوا ... ودعوا رجالاً منكم هجعوا
جاؤوا الورى والأمر ملتئم ... ثم انتثنوا والأمر متصدع
لم يرض أحمد والمسيح بما ... صنعوا فلا ترضوا بما صنعوا
أرواحكم من بعضها قطع ... وجسومكم من بعضها بضع
لا تحسبن خلافكم ورعاً ... إن ائتلافكم هو الورع
الملك تعليه مدارسه ... تلك المساجد فيه والبيع
ويحب تموز (لعاشره) ... لا تذكر الآحاد والجمع
لمن الطلول كان عرصتها ... للموت منحرث ومزدرع
آياتها ورسومها درست ... وخلا بها مشتى ومرتبع
سكانها عن محلها نزعوا ... ولطالما في خصبها رتعوا
أسلافها في غابها أمنوا ... وبنوها في سوحها فزعوا
شمخ الزمان بهم وقد شمخوا ... واليوم يخشع إذ هم خشعوا
وقد زل عنه الصفو أجمعه ... وانتاب فيها الأزلم الجذع
كم عاش في آجامها بطل ... كالليث لا وإن ولا طلع
ثبت نجرد في مفاضته ... يلفي الدجا درعاً فيدرع
يلقى الردى والبيض مصلته ... وأسنة الخطى تشترع
والخيل غضبها في أعمتها ... والنطق منطبق ومنقشع
تمشي اللواحظ منه في ملك ... يسو الجلال به فيتضع حتام هذا الجهل مطرد ... ولي م ذاك ألغي منبع
وكأن ريب الدهر في يده ... سيف عَلَى الأعناق يلتمع
ما يرتجي الأحرار من زمن ... يزداد تيهاً كلما ضرعوا
أوفي عَلَى المضمار مرتقباً ... يتسابقون به ويقترع
إن بلغوا غاياتهم هنئوا ... أو قصروا من دونها فجعوا
هل تحت هذا الأفق من أمم ... جرعت كؤوسهم التي جرعوا
أحشاؤهم حرى فما ابتردوا ... وكبودهم ظمأى فما انتقعوا
إنا لأقوام لنا همم ... للمجد تدفعنا فتندفع
العمر أهون أن يضيق بنا ... والموت للأحرار متسع
القاهرة
ولي الدين يكن