مجلة المقتبس/العدد 68/أخبار وأفكار
→ أم الطفيل | مجلة المقتبس - العدد 68 أخبار وأفكار [[مؤلف:|]] |
مخطوطات ومطبوعات ← |
بتاريخ: 1 - 10 - 1911 |
الكليات الأميركية
يخاف الكثيرون من التهذيب المشترك بين الجنسين أن يخرج النساء عن طورهن برقتهن ويفيدهن قسوة وصلابة لامتزاجهن بالذكور ولكن التجارب دلت على خطأهم وفساد مزاعمهم وانتشرت طريقة التعليم المشترك في معظم الكليات الأميركية فعدد الطالبات في جامعة نيلاند ستانفورد في كاليفورنيا يناهز الخمسمائة وقد حاولوا في جامعة شيكاغو أن يفصلوا بين الذكور والإناث في سن الطلب الأول.
ولم تحافظ على القواعد القديمة سوى كلية هارفارد فإنها أصرت على إيصاد أبوابها في وجوه الطالبات وفي أميركا 321 جامعة وكلية ومدرسة عالية تقبل الطلاب والطالبات على السواء بدون أقل تمييز بين الجنسين.
والتعليم في الجامعات الأميركية يقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول فيه أساليب خاصة بكل من الجنسين: والثاني يشترك فيه الذكور والإناث بدون تفريق ولا استثناء. والثالث يشترك فيه الجنسان ويختص الإناث بفروع تساعد في حياتهن المستقبلة.
والمدارس المختصة بالإناث هي دون الجامعات في رقيها العلمي وأساليب تهذيبها وفي الولايات المتحدة الأميركية أربعمائة جامعة لكل منها رأس مال يبلغ عدة ملايين من الريالات ولها دخل سنوي لا يقل عن مليون ريال. فلا يستطيعون أن ينشئوا جامعات أنثوية تضارع الجامعات الراقية.
ونرى من جهة ثانية أنه إذا وضعت خطط التعليم في الجامعات بدون نظر إلى الفروق الجنسية لم تجد الطالبات فيها ما يسعفهن على إنجاز وظائفهن الخاصة في حياتهن العائلية وقد نظر علماء الأميركيين في هذه القضية فأدخلوا دروساً كثيرة في بعض الجامعات يلقنونها للفتيات خاصة.
وإليك مثالاً في خطة التعليم في جامعة شيكاغو:
(1) حفظ الصحة الجسدية وعلاقاته الاجتماعية والأدبية.
(2) الهيجين العمومي.
(3) علم الحياة والبكتيريولوجيا.
(4) تدبير صحة الأطفال وينطوي هذا الدرس على المواد الآتية: الوراثة والبيئة. - ارتقاء الطفل الطبيعي والعقلي والأدبي. - حفظ الصحة في سن البلوغ. - ويضاف إلى هذه المواد ملاحظات عن الطفل في المدرسة واللعب والدرس وتأثير الأموال الطبيعية في ارتقائه الأدبي والعقلي.
(5) الأسرة. - باعتبار الوجهة التاريخية والفيسيولوجية ويدرسون أيضاً أحوال الأسرة الاجتماعية والأدبية والاقتصادية.
(6) درس في الشرائع الأكثر تأثيراً في حياة الأفراد والحياة التجارية.
(7) العلم السياسي. وفيه درس تأليف الحكومات المتحدة وظائفها وإدارة المملكة ومبادئ الحقوق الأساسية.
(8) تاريخ الصناعة ولا سيما ما يتعلق منها بالنساء.
فمسألة التهذيب المشترك قد حلت في الجامعات الأميركية بحضور طالبات الدروس العالية واختصاصهن ببعض الفروع.
أساليب التعليم الجديدة
تمتاز فرنسا بارتقاء مدارسها ولا سيما معاهد التعليم الحر ويصح أن يكون في ذلك قدوة سائر الأمم إلا أنها ينقصها بعض الأوضاع التهذيبية الحديثة التي اتخذتها المدارس في أميركا وانكلترا واسكندينافيا.
اجتذبت أميركا انتباه العالم المتمدن بتعليمها المؤسس على قواعد البسيكولوجيا فجامعة كولومبيا في نيويورك وجامعة شيكاغو فيهما معاهد خاصة لدرس هذه الطريقة وإصلاح ما تظهره الأيام فيها من الخلل وارتقاء خواص الطفل الأدبية والعقلية يرجع الفضل فيه إلى ذلك الأسلوب العملي المحض الذي يرقى بالطفل سنة فسنة بل شهراً فشهراً والطلبة من الجنسين ينتابون تلك المعاهد ويشتركون في تلقي الدروس وتراقب أحوالهم الصحية وتطبع تجارب الأساتذة وأبحاثهم في مجلة خاصة تدعى أخبار أساتذة الكليةفيطبقها الطلاب والطالبات الذين سيكونون أساتذة في المدارس الابتدائية والوسطى ويرفون جل عنايتهم إلى هذه الأبحاث والاختبارات التي كان لها أثر شديد في تربية الأطفال وترقية مواهبهم.
أما في مدارس السويد فهم لا يعلقون على الذاكرة كبير أمر ولا يعنون بتلقين الطلبة دروساً يستظهرونها بل يلقون إليهم مبادئ العلوم الطبيعية والجغرافية وغيرها في شكل حكايات يرتاح إليها صغار الطلبة ويحفظون فيها مبادئ العلوم ولا يشعرون.
وهذا الأسلوب المتبع في التعليم يشابه طريقة الأميركان من وجود كثيرة وقد انتشر في ألمانيا أيضاً طريقة الاستظهار الفاشية في المدارس الشرقية وبعض أقسام أوربا وهي تؤدي إلى خلاف الغاية المطلوبة فلا توسع مدارك الطفل ولا تمرن شعوره بل تؤول إلى انحطاطها شيئاً فشيئاً ومتى دخل الطالب غمار الحياة العلمية لم يستطع الانتفاع بما تلقنه من تلك المعلومات ولا وسعه تطبيقها.
والمدارس الإنكليزية تعني بتعليم الطلاب والطالبات الأشغال اليدوية وتحاول أن تكون الواصلة بين الحياة المدرسية والحياة العملية.
وللطرق التي تجري عليها المدارس الأميركية في التربية والتعليم مزايا أخرى وهي أن الطالبات يشتركن مع الذكور في تلقي العلوم ويتقاسمون لذتها جميعاً فتتوثق بينهم صلات لا أثر للميل الجنسي فيها ومتى خرجن إلى معترك الحياة وقفن إزاء الرجال وقفة القادر المستقل الواثق بنفسه والمعتمد على حوله وهي خاصة تمتاز بها المرأة الأميركية عن شقيقتها الأوروبية لأنها اعتادت من صغرها أن تعد نفسها مساوية للرجل.
ثم أن وجود الطالبات يلطف من عواطف الذكور ويدمث من أخلاقهم فلا يشذ أحدهم عن المنهج السوي خيفة من عيون رفيقاته اللواتي يراقبنه مراقبة لها في نفسه تأثير يفوق تأثير مراقبة الأساتذة.
وانتشرت هذه الطريقة في شمالي أوروبا أي في بلاد نروج فأكسبت النساء قوة وجلداً على مشقات العيش ومباراة الذكور في الحياة العملية ومشاركتهم حتى في الأعمال السياسية فنلن حق التصويت في انتخاب بعض المجالس ونبغت منهن نساءٌ فقن الرجال في جميع الأعمال التي تعاطينها وأصبحن قدوة للنساء العاملات في الممالك الراقية.
التعليم الأدبي في اليابان
التعليم في اليابان علمي محض وليس للديانة أقل سلطة في المدرسة ففرنسا واليابان هما المملكتان الوحيدتان اللتان نشرتا أصول التهذيب اللاديني العلماني في العالم بأسره.
وفي اليابان فصل التعليم عن الديانة حسب شريعة التهذيب الصادرة سنة 1872 ولا ينحصر ذلك في المدارس العامة بل يشمل المدارس الابتدائية والثانوية حتى التي تنشئها الجمعيات الدينية إذ يحضر عليها أن تلن التعاليم الدينية وهذا الفصل بين التهذيب والديانة كان القاعدة التي جرت عليها الحكومة منذ سنة 1868 أي منذ فتحت البلاد اليابانية للأجانب.
وقبل ذلك العهد لم يكن للحكومة أيسر اهتمام بالتهذيب العام بل تركته للأفراد حاشا بعض المدارس الأريستقراطية المختصة بأبناء الموظفين ولم تكن الحكومة تدير المدارس فقد نحن اليابان في التعليم منحى المدارس الغربية منذ نشر قانون التعليم سنة 1868 وألفت فيها نظارة المعارف عقيب صدوره بسنة فلم تحجم الحكومة عن المفاداة بأعز ما لديها في سبيل الارتقاء ونشر التهذيب بين ظهراني الأمة.
وفكرة التهيب العلماني ليست من ابتداع الحكومة الجديدة بل يجدون ما يشبهها في تاريخ اليابان القديم.
فقسوس البوذيين لم يعلموا الديانة في معاهدهم ولا في مدارسهم المجاورة للهياكل والمعابد ومعظم الطلاب اليابانيين لا يزور الكنيسة المسيحية ولا الهيكل البوذي وإنما تنشئتهم على الآداب وكارم الأخلاق فالتعليم في اليابان علماني محض ليس للديانة تأثير فيه والأهلون راضون بما يعقب ذلك التعليم من النتائج ولهم كل الثقة بالأساتذة الذين يحبهم الطلبة ويحترمونهم.
ليس للحكومة اليابانية ديانة رسمية ولكنها لا تقاوم الأديان بل تترك لكل فرد حريته المذهبية.
الأمر الملكي والتهذيب -. سنة 1890 صدر الأمر الملكي وفيه مثال للتهذيب الأدبي وجب على مدارس اليابان جميعها أن تتحداه وفيه كثير من الآراء التي تتفق مع آراء الفرنساويين وبعضهم يعزو وطنية اليابان إلى ما تبثه المدارس في نفوسهم بمقتضى الأمر الملكي لكنهم واهمون في ذلك لأن حب الوطن إحدى طبائع الرجل الياباني.
والأمر الملكي قسمان أحدهما في التهذيب العام والآخر في التهذيب الوطني وإليك الواجبات التي ذكرت في الأول:
حب البنين لآبائهم. تواد الأخوان والأخوات. اتفاق الزوجين. حفظ عهود الأصدقاء.
الحشمة والاعتدال. الرغبة في خير الجميع. طلب العلوم والفنون. ترقية المواهب العقلية. الاشتراك في خدمة الأمة والوطن. احترام الشورى. طاعة القوانين. تضحية المنافع الشخصية في سبيل المملكة.
والحكومة والإنسانية هي تنطوي على جميع الواجبات ومنها تنشأ فضائل الإخلاص والشهامة والصدق والأمانة والشجاعة والوطنية وهذه هي حقيقة التهذيب الصالحة لجميع الأعصر والأمكنة تشمل الشريعة الأدبية التي يجب أن يخضع لها العالم بأسره.
والقسم الثاني يتفرع عن أحوال الشعب فقد أدبتهم بآداب خاصة وغرست في نفوسهم فضائل ينفردون بها.
الأمة اليابانية عريقة في القدم وهي تعتقد أنها أسرة كبيرة من أصل واحد يقوم الملك عليها بمثابة الوالد واعتقادها هذا سبب احترامها الشديد للإمبراطورية فحب الإمبراطور والوطن واحد في عرفهم والميكادو ممثل الوطن.
ويبالغ اليابانيون في إكرام أسلافهم وتبجيلهم ويستميتون في سبيل الوطن لأنه بلاد آبائهم وأجدادهم ومنذ ستة وعشرين قرناً أسس الإمبراطور الأول المملكة الأولى ولم تنج من الغزاة غير أن أهل البلاد اتحدوا على الذود عن حوضهم فلم يستعبدوا للفاتحين.
ولا يتيسر لمطالع أن يفهم حقيقة احترام اليابانيين للأسرة الملكية وشدة تعلقهم برب السرير ما لم يعرف مبلغ احتفاظ القوم بذكرى أجدادهم وأنساب سلالاتهم فكل فرد منهم يعرف آباءَه إلى عهد بعيد والأسرة المالكة اليوم هي نسل الحكام الذين تعاقبوا على عرش المملكة اليابانية منذ نشأتها حتى عصرنا الحاضر وكلهم من أسرة واحدة.
ويلقب الإمبراطور بابن السماء لأن الشعب يحسبه من سلالة الآلهة ولكن آلهة اليابانيين أسلافهم وأجدادهم فاحترامهم للإمبراطور فيه شيء من مواجب الدين.
وأول تمدن شاهده اليابانيون كان عند مجاوريهم الصينيين غير أنه لم يؤثر في الروح الوطنية شيئاً وكانت قاعدتهم في التهذيب الروح اليابانية ثم الحكمة الصينيةودخلت البوذية إلى اليابان في القرن السادس فكان لها في آداب اليابانيين شأن خطير.
ومنذ إصلاح سنة 1868 طرأ على اليابان تغيرات جمة بانتشار المدنية الغربية ولكن النفس اليابانية لم تفقد شيئاً من خواصها ومزاياها.
وفي كل مدرسة أوقات معينة للتعاليم الأدبية وهي لا تدرس في المعاهد الابتدائية والوسطى بل تتعداها إلى المدارس العليا والتجارية والفنية والطبية وغيرها والغاية من هذا التعليم صقل نفس الطفل وطبعه على المبادئ القويمة ويعلقون عليه شأناً جليلاً فيقولون أن ارتقاء مملكتهم وانحطاطها منوطان به إذ لهم ديانة يتأدبون بآدابها.
وعند اليابانيين سنة يدعونها سنة القربان أو البوشيدو وقد ذكرت فيها آداب هؤلاء وما يجب أن يتحلوا به من الفضائل وفي مقدمتها الإخلاص للإمبراطور وطاعته وفداء النفس من أجل الحاكم والشجاعة والإقدام ويجب عليه أن لا يعرف في حياته الخوف وأن يكون أبداً على أهبة الموت في قتال خصم من أكفائه وأن يجمع بين الصلابة والحزم والجود والسخاء فيحمي الضعفاء ويجير المساكين ويستقيم في أموره وقد خسرت البوشيدو مظهرها القديم ولكنها اكتسبت شكلاً جديداً في نفوس الشعب.
على أن التعليم الأدبي تعترضه عقبات كؤود أهمها إنفاق جل وقت الطالب في دراسته وتحصيله وتخير الأساتذة الكفاة ممن يصح اتخاذهم قدوة في الفضائل الخلقية وكثرة التبدلات في حياة اليابان الاجتماعية بانتشار المبادئ الغربية وتأصلها.
وإذا كانت اليابان قد اقتبست أصول العلوم الحديثة والفنون عن بلاد الغرب فإن التعاليم الأدبية لم تتصل بها عن ذلك الوقت وإنما هي تركة الأسلاف والأجيال القديمة يحرص اليابانيون عليها اشد الحرص ويحفظونها خالصة من شوائب الفساد علماً منهم أن مستقبل مملكتهم معقود بها.
التعليم الأهلي
ألقى في نادي المدارس العليا بمصر أحمد أفندي فهمي القطان أستاذ التربية بمدرسة المعلمين الخديوية خطاباً قال فيه:
مهما أطنبنا في شرح حسنات القرن التاسع عشر فإننا لا نشك لحظة واحدة في أن نظامات التعليم التي أوجدها ستكون إما سببا في سعادة عيش الجيل القادم ورغده أو أنها ستجلب عليه المصائب والحسرات. كان يلتفت في العصور المختلفة في البلاد المتمدنة بنوع خاص لتربية الأفراد الذين يحكمون البلاد ويديرون شؤونها في المستقبل وكان هؤلاء في العادة من نسل الحكام والأشراف وقد تكرم بعض الغيورين من وقت لآخر فسهلوا سبل التعليم لأفراد قليلين من أبناء الفقراء الذين أظهروا ذكاءً مفرطاً.
استمر الحال على هذا المنوال حتى جاء القرن الماضي فتيقظ العالم المتمدن وإدراك كل وظيفة كبيرة كانت أو صغيرة وكل مهنة مهما كانت صغيرة لابد أن يستعد لها المحترف بها وذلك الاستعداد لا يكون إلا في المدرسة - وأقصد بذلك الاستعداد أن يربي جسمه وخلقه وعقله حتى يصبح قادراً على أمرين:
الأول - أن يكافح الحياة ويصير قادراً على المعيشة وسط حبائل هذه الدنيا التي هي في تعقيد كل يوم عن سابقه.
والثاني - أن يقوم بوظيفته أو مهنته القيام الذي يليق بالعصر الذي يعيش فيه وبالوسط الذي هو فرد منه.
فما أدركت الأمم هذه الحقيقة بدأت تكون ما أسميه نظامات التعليم الأهلية - أي نظامات تضمن التعليم بجميع أدواره لجميع أفراد الأمة على اختلاف طبقاتها من غير تمييز بين وضيع ورفيع.
ظهرت الاختراعات العلمية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر فأدخلت لتحسين الزراعة والصناعة وظهر في الوقت عينه أئمة للتربية رجال رأوا أن مستقبل بلادهم الحقيقي ليس بالزراعة والصناعة فقط بل هو بالتربية فقرروا نظريات شتى وبنوا عليها أعمالهم وأكدوا وجوب تهذيب الرجل الذي سيكون مزارعاً أو صانعاً في المستقبل - وجوب تهذيبه من الوجهة الجسمية والأدبية والعقلية.
وقد قضت نفس تلك الاختراعات الصناعية على العمال بازدياد معلوماتهم حتى يصبحوا قادرين على إدارة الآلات الحديثة التي عهدت إليهم.
ولا يخفى أن الرجل الذي يقضي كل حياته في تأدية عمل بسيط - نتيجة ثابتة مدى السنين كالفلاح مثلاً - لا تأتي عليه أحوال يحتاج فيها لإجهاد فكره أو تمرين قوته الاختراعية لمقاومة طارئ هو في الحقيقة لني قع - فالطبيعة تفقد عادة إجهاد النفس وفي المعتاد يصبح في درجة من الغباوة والجهل أقصى ما يمكن أن يصل إليها إنسان فكأنه اشترى مهارته في فلاحته بثمن غال ألا وهو فقد غرائزه الأدبية والاجتماعية والحربية ولكن واآسفاه هذه هي الحالة التي يصير إليها فقراء العمال أو بالأحرى أغلب السكان من كل أمة متمدنة - إن لم تبذل حكومتها كل جهد لمداواة تلك الحال.
وبالاختصار فإن ظهور تلك الاختراعات في القرنين الماضين سبب نتيجتين:
(1) وجوب تربية الأمة بأجمعها تربية عامة خوفاً عليها من السقوط.
(2) تربية الأفراد الذين سيناط بهم إدارة تلك الأعمال سواءٌ كانت زراعية أو صناعية أو تجارية - تربية خاصة تشمل دراسات العوامل الطبيعية التي اكتشفت وقتئذٍ.
كانت إنكلترا في أول الممالك التي ظهرت فيها الاختراعات الصناعية الجديدة آخر الدول في تقرير التعليم العام فقد قررته بروسيا وسكونيا وورتمبرج في أواخر القرن الثامن عشر وفرنسا وكان لها نظام تعليم تم بكل حذافيره أيام نابليون أما إنكلترا فإنها لم تنشر المدارس الابتدائية لتعليم جميع أبناء الشعب إلا سنة 1870 - ويلتمس المؤرخون لإنكلترا العذر في تأخيرها تعميم التعليم ويقولون أن الانقلابات الداخلية التي طرأت على دار ندوتها كانت سبباً في تأخرها.
أما نحن فلم نفكر في التعليم أصلاً إلا منذ سنين قلائل مع أن مصر كما قال إسماعيل باشا الخديوي الأسبق هي جزء من أوربا فيجب علينا أن نجاري الزمن الذي نعيش فيه - يجب علينا أن نعمل لنشر التعليم بين طبقات الأمة حتى تستنير وتسير إلى الأمام بحزم وعزم ثابتين. يجب علينا ونحن جزء من أوربا أن نجاري أوربا تعليماً إن كنا نريد أن نجاريها زراعة وصناعة وتجارة.
ولقد قال أحد أئمة التربية بأميركا في زمن شبيه بزماننا.
نحن الآن نختبر أنفسنا في الحكم الذاتي - أي أن الأمة تحكم الأمة - ومن العادات المتبعة من قديم الزمان أن يكون للحكام أوفر نصيب من التعلم إذا اقتضى أن يتعلم كل فرد من أفراد شعب ديمقراطي حاكم نفسه بنفسه إذ أن الشعب هو الحاكم الحقيقي.
قال المستر روبرت في مجلس النواب الإنكليزي عقب التصديق على لائحة الإصلاح الدستوري سنة 1870: الآن وقد عيننا الشعب نواباً لتنفيذ أغراضه أو بعبارة أخرى وقد أصبح الشعب هو السيد الحقيقي فأول واجب مقدس علينا هو أن نربي جميع سادتنا.
حارب نابليون البروسيين وكسرهم في واقعة بينا فجمع ملكهم شتات شملهم وخطبهم قائلاً: أيها الجنود ثقوا أن الفرنسيين لم ينتصروا علينا في ساحة القتال إن انتصارهم الحقيقي كان في المدرسة.
قال ملك البروسيين ذلك اعترافاً منه بأن رقي التعليم الفرنسي وقتئذٍ عنه في بروسيا كان سبباً في انتصار الفرنسيين على البروسيين لذلك أفراغ البروسيون جهدهم في إصلاح التعليم بمملكتهم وحذا حذوهم جميع المملك الجرمانية الأخرى وانضمت جميعها تحت لواء الإمبراطورية الألمانية وخطا التعليم فيها خطوات واسعة ونبغ كثير من أئمة التربية في ألمانيا حتى جاءت سنة 1870 فحارب الألمانيون الفرنسيين وكسروهم وأخذوا منها الألزاس واللورين ولكنهم في الحقيقة لم يأخذوا هاتين المقاطعتين في ساحة القتال، بل اكتسبوهما في المدرسة.
إني لا أرى أن حالتنا الحاضرة تسمح لنا بمجاراة ألمانيا والسويد مثلاً في برامج مدارسها الأولية إذ هذا يحتاج لمالٍ أكثر مما يمكننا تديمه الآن - وعدد من المدرسين الأكفاء لا يمكننا الحصول عليه إلا بعد بضع سنين.
فأرى أن نتبع الخطة الطبيعية ونبدأ صغاراً ثم نرتقي مع الزمن وبعد التجارب أراني مقتنعاً بنشر التعليم بواسطة الكتاتيب في الوقت الحاضر فإن المال الذي تحتاجه مثل هذه المعاهد قليل ومدارس معلمي الكتاتيب التي أخذت تنتشر في القطر كفيلة بتخريج العدد الكافي من المدرسين ما بين فقهاء وعرفاء فيجب علينا إذن أن يكون لدينا من الكتاتيب ما يفي بحاجة هذه الأمة.
ولتنفيذ ذلك يجب على كل فرد غني أن يساعد الحكومة في إيجاد مثل هذه المعاهد وزكاة المال التي هي ركن من أركان الإسلام والتي من أجلها حارب أبو بكر الصديق رضي الله عنه المرتدين من العرب هذه الزكاة كفيلة ببناء الكتاتيب.
لذلك أقول ثانياً يجب على كل فرد غني منكم ومن جميع أبناء هذا القطر من حلفا إلى البيت الأبيض أن يقدم زكاة ماله لمواطنيه في شكل يفيد الجميع ولا أرى أفيد من إنشاء معاهد التعليم في الوقت الحاضر.
ترمي التربية الحقة إلى ثلاثة أمور تهذيب الجسم والأخلاق والعقل. فالتربية الجسمية مهمة جداً إذ يترتب عليها تخريج رجال ونساء أشداء أقوياء يقدرون على القيام بواجباتهم المختلفة ولأن العقل الحكيم في الجسم السليم.
أريد أن أرى أبناء مصر في صحة تامة وعضل متين ودورة دموية منتظمة.
أما التربية الأخلاقية فلا يشك أحد في ضرورتها وجوبها فبها وحدها يتعلم الشعب الصدق والأمانة والوفاء بالوعد والإخلاص وآداب الزيارة والأكل والطريق واحترام الغير وغير ذلك.
وبها وحدها تقل الجرائم على اختلاف أنواعها كالسرقة وكثير من المحرمات والمنكرات.
وبالتربية العقلية تتهذب قوى العقل المختلفة ما بين ملاحظة وحفظ وذكر وتخيل وتفكر وبرهنة وحكم وقياس.
فللعمل بموجب هذا التقسيم أقترح أن يكون برنامج التعليم بالكتاتيب كالآتي:
أولاً - قراءة وكتابة ومبادئ اللغة العربية إذ هذه هي الواسطة الوحيدة للوقوف على ما يجري من الحوادث في العالم على وجه عام وبالوطن على وجه خاص. وبالكتابة تدون الكتب والتواريخ وهي الواسطة في المرسلة.
ثانياً - حتى يعرف الشخص دخله ومصروفه ويعرف معنى التوفير والاقتصاد في المصروف ويعرف التاجر لدفاتره معنى والمزارع يدرك قيمة محصوله من القطن بالقنطار والجنية.
ثالثاً - دروس الأشياء وتنتخب الموضوعات من الأشياء التي تحيط بالكتاب فإن كان في القرى وجب أن تكون أكثر الموضوعات زراعية وإن كان بالمدن تحتم أن يكون أغلبها صناعية ودروس الأشياء عظيمة الفائدة جداً إذ أنها تفتق الذهن وتدعو الطالب إلى ملاحظة ما يحيط به فضلاً عن كونها تعطيه معلومات مفيدة عما يحيط به من مزروعات أو مصنوعات.
رابعاً - الخط. كي يتعود الطالب تحسين خطه ولا أرى أبداً ضرورة لتعليم الخط الثلث بمثل هذه المعاهد.
خامساً - الأخلاق. وأرى أن يكون أساسها القرآن. وذلك أنه متى كان الدرس عل احترام الوالد مثلاً وجب على المعلم أن يستشهد بالآيات الكريمة التي تأمر بذلك وهكذا في الأخلاق الأخرى.
ولسنا في حاجة لأن ندرس القرآن الشريف بأجمعه لمثل هؤلاء التلاميذ بل يكفي منه ما يتعلق بقواعد الدين والمعاملات المختلفة وذلك هو الجزء الذي يستظهر ويلاحظ في انتخاب الآيات الشريفة احتياجات التلاميذ - فلا ضرورة لإعطائهم شيئاً عن الزواج والطلاق مثلاً في سنيهم الأولى بل هم في حاجة لمعرفة قيمة الصدق واحترام الوالدين وطاعة الله ورسوله.
وأرى أن لا يكون العمل العقلي بالكتاتيب إلا في الصباح فقط وبعد الظهر يتعلم التلاميذ أشغالاً يدوية - ففي القرى يتمرنون على الفلاحة وفي المدن يتعلمون مبادئ إحدى الصنائع.
أما البنات فيجب أن يتعلمن الطباخة والأشغال اليدوية ومبادئ الاقتصاد المنزلي عامة. يجب الاهتمام بتعليم الفتاة إذ أنها ستكون أمَّاً في المستقبل فيجب أن نعدها لأن تكون أمَّاً صالحة. يجب أن نعلمها ونربيها التربية الحسنة حتى تقدر هي على تربية أبنائها الصغار قبل دخولهم المدرسة.
أرسلتني الحكومة المصرية لدراسة الأشغال اليدوية ببلاد السويد في صيف 1903 فدرست ما يتعلق منها بالتجارة على وجه خاص ثم بدأت أطوف البلاد السويدية لأرى نظامات التعليم بها وأكتب تقريراً عنها فزرت ذات يوم مدرسة للبنات في استوكهلم وكانت من أرقى مدارس البنات التي رأيتها في سياحاتي بأوربا.
كان لتلك المدرسة مطبخ بالقرب منها تتعلم فيه البنات الطبخ فيذهب عشرون منهن كل صباح على التناوب ويطبخن الطعام نحن مراقبة ثلاث معلمات متخصصات بهذا الفن وكانت كل فتاة مرتدية الثياب الخاصة بالطباخات فوطة بيضاء طويلة على صدرها وقبعة صغيرة من التيل الأبيض فوق شعرها.
وبجوار ذلك المطبخ قاعة كبيرة للأكل وبالقرب منها مصنع للأعمال اليدوية للذكور الفقراء الذين لا تقل سنهم عن اثنتي عشرة ولا تزيد عن ست عشرة. وكان هؤلاء الأولاد غالباً من المتشردين في الشوارع يؤتى بهم إما برضاهم أو بواسطة البوليس كي يتعلموا صناعة. والصنائع التي كانت تدرس بذلك المصنع هي النجارة والحدادة وعمل الأحذية والفرش سواء كانت للشعر أو للملابس أو غير ذلك.
تطبخ البنات الطعام وتحضره للغذاء في قاعة الأكل وترتب الموائد وتقف في خدمة من يحضر لتناول ذلك الغذاء - أما الآكلون فكانوا تلاميذ ذلك المصنع المجاور - يأكلون بلا ثمن ويخدمون بلا أجر وبعد ذلك يذهبون لصنعهم لمباشرة أعمالهم - وما يخرجونه من أثاث أو فرش أو غير ذلك بتهافت الناس على شرائه حباً في مساعدة ذلك المعهد والثمن يكفي للأمور الآتية:
(1) شراء ما يلزم المطبخ من سمن وخضر ولحم ووقود ورواتب معلمات الطباخة.
(2) شراء ما يلزم للمصنع من خشب وحديد وشعر وجلد ومشاهرات معلمي الصنائع.
(3) يبقى احتياطي يعطى منه 10 جنيهات بصفة مكافأة لكل تلميذ أقام سنتين بالمصنع وأتقن صناعة ما وحسنت في حقه الشهادة - يعطى ذلك المبلغ مساعدة له في الشروع في فتح دكان للنجارة أو الحدادة أو غيرهما حتى لا يعود كما كان متشرداً بالشوارع وكنت عد زيارتي لذلك المعهد أتباحث مع مديره في فوائده. فبعد أن ذكرت له ما تراءى لي من تلك الفوائد قال لي: فاتتك فائدة كبيرة فإنك تعلم أن التعلم ببلاد السويد إجباري مجاني من زمن مديد فأبناؤنا متعلمون وخدمتنا متعلمون فالجو الأدبي في منزلي نقي طاهر والجو في المدرسة كذلك نقي طاهر - فإذا خفت على آداب ولدي مثلاً فلا أخاف إلا من الشارع حيث المتشردون - فهذا المصنع وأمثاله يجمع المتشردين من الطرقات وبذلك يصير جميع جو المدينة نقياً طاهراً لا تسمع فيه لفظاً واحداً يمش شعورك إذ تشمئز منه نفسك وقد جرت لي حادثة أثناء وجودي بقاعة الطعام - وذلك أنني رأيت فتاة تبلغ من السن نحو الرابعة عشرة ذهبية الشعر زرقاء العينين معتدلة القوام بيدها ممسحة بيضاء تنظف بها أواني الأكل وأدواته قبل تقديمه للأولاد - فذهبت لمحادثتها كي أعرف إن كانت تخدم هؤلاء المتشردين اضطراراً وخضوعاً لأمر مدرستها أم ماذا؟
وقلت لها أمثلك يخدم هنا المشرد القذر؟ فرفعت عينيها الزرقاوين وهزت رأسها في وجهي وقالت بعظمة وربما كان باحتقار لي: ومعناها بالعربية أما هو سويدي فشعرت بارتياح وأدركت أن هذه الفتاة الجميلة تخدم هذا الولد القذر طوعاً ر كرهاً - تخدمه لأنه سويدي وهي سويدية.
وفي تلك اللحظة قرب مني مدير المصنع وأظهر اهتماماً زائداً بمحادثتي الفتاة ولما انتهيت أخذني على انفراد وقال لي أتعلم من اخترت لتوجيه سؤالك. قلت: لا قال هذه حفيدة الملك - حفيدة الملك أوسكارا - فدهشت دهشة شديدة ثم أفقت لنفسي مسرعاً وقلت له: إن هي إلا برهان حي تأثير حسن التربية فالتربية الحقة تلطف الشعور التربية الحقة لقرب القلوب بعضها من بعض تغرس في القلوب حب الوطن والمواطنين.
قررت إنكلترا أن يكون التعليم الإجباري من سن الخامسة إلى الرابعة عشرة ولكن ألمانيا والسويد قررتاه من السادسة إلى الرابعة عشرة فكأن الممالك الثلاث اتحدت في تحديد نهاية التعليم الإجباري ولكنها اختلفت في سن الابتداء وعندي أن يعمل بموجب نظام ألمانيا والسويد إذ يجب أن يترك الطفل عدداً من السنين يرتع ويجري ويلعب ويقوى جسمه قب دخوله في مضمار التعليم حتى يكون له من الجسم والصحة المخ ما يضمن لنا قيانه بأعماله العقلية بدون تأثير في جسمه أو إضعاف لمخه كما يحصل كثيراً للمحترفين بمهن عقلية محضة - فمن رأيي إذن أن يكون التعليم الإجباري بهذا القطر من سن السادسة إلى الرابعة عشرة.
يقضي التلميذ الثلاث سنوات الأولى بالكتاب وبعد ذلك يجب أن ينتقل إلى المدرسة الابتدائية فيمضي فيها خمس سنوات ويجب أن يكون برنامج المدارس الابتدائية على طراز يؤهل التلميذ للانخراط في سلك المدارس الثانوية إذا أراد أن يشمل برنامجها شيئاً من الصناعة والزراعة ولذا يجب أن لا يشتغل تلاميذ هذه المدارس بالمواد العقلية إلا في الصباح.
فمتى اجتمع هذان الشرطان أمكن التلميذ دخول المدارس الثانوية ومنها إلى المدارس العالية أو الجامعية.
أما إذا كان برنامجها لا يؤهل التلميذ لدخول المدارس الثانوية فنكون كأننا أغلقنا باب التعليم في وجهه عقب انتهائه من دور التعليم الابتدائي وبذا نكون قد أتينا جرماً لا يغتفر.
هذا فيما يخص طالبي التعليم المجاني إما الأغنياء فعندي أنه يجب أن يكون نظام تعليمهم كالآتي مدارس بساتين الأطفال أو الكندرجارتن. كما سماها موجدها فردريك فرويل الألماني. وهي مدارس لصغار الأطفال من سن الرابعة إلى الثامنة تقريباً وفيها ينظر للطفل كما لو كان نباتاً صغيراً يقوم بحين العناية والمدرسة هي في هذه الحال بستان والبستان هي المدرسة إذ دلت التجارب على أن النساء وحدهن هن القادرات على إدارة مثل تلك المدارس - فيرى الطفل في هذه المعاهد من الوجوه الثلاثة الجسمية والأدبية والعقلية.
وبعد أن يخرج الطفل من بستان الأطفال يجب أن ينتقل إلى مدرسة ابتدائية تؤهله للمدارس الثانوية ومنها ينتقل إلى المدارس العالية أو الجامعات.
أما الاختصاص في دراسة الزراعة أو الصناعة فيجب أن لا يأتي إلا بعد التعليمين الأولي والابتدائي على الأقل حتى تضمن لذلك المزارع أو الصانع مقداراً وافياً من الذكاء يؤهله للقيام بأعماله بفكر وروية.
أما في الوقت الحاضر الذي يكثر فيه عدد الأميين من البالغين الراشدين فيجب أن نعمل عملاً آخر بجانب عملنا الخاص بالأطفال. يجب أن نسرع في إعطاء هؤلاء المساكين شطراً من التعليم يساعدهم على ترقية أحوالهم ويمكنهم من أن يكونوا أعضاء عاملين في المجتمع الإنساني بالمعنى الحقيقي.
السينماتوغراف الناطق
اختراع جديد لأديسون لم ينجزه بعد وإنما أجرى بعض التجارب في نيويورك فاتت بنتائج موافقة ويرجو المخترع أن يتغلب على ما يعترضه من العقبات.
لغة الاسبرانتو
وضعها ذاك الطبيب الروسي لتكون كما هو معلوم اللغة التي يتفاهم بها بنو البشر وهي لتنتشر يوماً فيوماً فلجمعية الاسبرانتو الألمانية 193 فرعاً يبلغ أعضائها 6000 وللجمعية البريطانية 130 شعبة يختلف أعضاؤها بين الأربعة والخمسة آلاف. أما فرنسا فقد سبقت عامة البلاد إلى درس لغة الاسبرانتو ففيها 340 جمعية أعضاؤها عشرة آلاف وعدد جمعيات هذه اللغة في العالم بأسه يناهز الألف وستمائة.
المؤتمر النسائي السادس
اجتمع في مدينة استوكهولم برئاسة العقيلة شبمان كات فافتتحت الحفلة بخطاب ذكرت فيه انضمام بلدين إلى الاتحاد النسائي وهما سربيا وايسلاندا فبلغ مجموع البلاد المنضمة 24 وقالت إن النساء في خلال سبع سنوات الأخيرة قربن من مطالبهن في خمس عشرة أمة وفي هولاندة والسويس نلن حق الانتخاب لعضوية الكنائس وفي الدانيمارك حزن حق التصويت في المجالس العامة وفي أوستراليا ونروج وفنلاندا أو بعض أقسام أميركا الشمالية تعد النساء (منتخبات) وقد تألفت عند انعقاد هذا المؤتمر جمعية للرجال الساعين في إسعاف النساء بمطالبهن.
انتباه الصين
عين أحد أمراء الأسرة المالكة وزيراً فانتقد الناس تعيينه انتقاداً شديداً وقام الفوضيون يهددون حتى قال المارشال فوكي التتري أنه يوم الانتقام للأربعمائة مليون صيني الذين تظلمهم الأسرة المالكة. على أن الصحف الصينية تطري الأمير الوزير لأنه صرح أن الوطنيين في الحقوق سواءٌ وقد صدرت الأوامر إلى رجال السياسة والقنصليات أن يرتدوا بالملابس الأوروبية على بعض التغيير فيها وأصبح رجال الصين يؤمون بلاد أوروبا لتلقي العلوم الحديثة ولم يكونوا يجيئونها قبل ثورة البوكسر سنة 1900 وصدر الأمر بتبديل الأزياء على أثر ما كان من سخرية الأوروبيين بعظماء الصين الذين يشخصون إلى ديار الغرب ولكن نهضة الصين ترافقها جميع معايب المدنية الحديثة فالمبارزة دخلت حديثاً للبلاد وشرع الفوضويون باستعمال الديناميت.
حوض البحر الميت
يشغل البحر الميت 926 كيلومتراً مربعاً ومياه ملأى بالحمر وقد كانوا يستخرجون من جنوبه أيام عظمة بيزنطة المرمر الثمين والرخام السماقي والكبريت والنحاس والملح ومع هذه الثروة الطبيعية فقد أضرب القوم منذ عهد بعيد عن التعدين فيه حتى نال ملك الامتياز أحد موظفي الأتراك وقد أوشك أن يتنازل عن حقوقه إلى ماليين أميركيين لقاء مليون ونصف من الريالات.
الموت جوعاً
دل الإحصاء الرسمي على النتيجة المحزنة الآتية وهي أن 119 شخصاً هلكوا في إنكلترا جوعاً خلال سنة 1909 ومنهم 54 قضوا نحبهم في لندن عاصمة الدولة البريطانية وأكبر مدن العالم فاعتقد الكثيرون أن هؤلاء البائسين لم تسعفهم الجمعيات الخيرية بشيء.
العمال الليليون من أغرب ما يشاهد في نيويورك أن مائة وخمسين ألف عامل يقومون بواجباتهم ليلاً وبينهم قواد الترامواي والحوذيون والوقادون ومستخدمو البريد والتلفون وغلمان المطاعم والمسارح فدار في خلد بعضهم أن ينشئ ملهى يشتغل من الساعة الواحدة بعد الظهر إلى الرابعة والنصف لأن معظم هؤلاء يودون أن يروا شيئاً من الملاهي عند إفاقتهم الظهر قبل العودة إلى أعمالهم فأنشئ الملعب ونجح نجاحاً باهراً فاقتفى كثيرون أثر منشئيه وقاموا بأعمال أخرى من إلقاء الخطب والمحاضرات والاجتماعات الدينية.
الفنون في الدور الحجري
بينت الحفريات التي جرت سنة 1875 في وادي الفيزيران أن الإنسان في الدور الحجري كان ماهراً في الفنون فقد استطاع أن يحفر على الحجر صور الحيوانات التي عاش بينها وفي الحفر دقة غريبة ومهارة معجبة وقد وجدوا أجمل تلك الرسوم في مغارة التاميرا فرأوا صور البقر والخيول الوحشية والخنازير البرية وقد رسمت بالتراب الأحمر والأسود في مظاهر مختلفة وبمهارة فنية مدهشة واكتشفوا رسوماً أخرى في كومبارس وكلها تروق النظر بدقة صنعها ومن أجمل ممثلات الفن في العصور الحجرية الرسوم التي عثروا عليها في مغارة نيو فقد وجدوا الرسوم مخطوطة بالمراود وبمزيج من الفحم وأوكسيد المنغنزيا ورأوا في غيرها من المغاور رسوماً ونقوشاً ترد إلى ما قبل العصر الحجري وقد نقشت على العظم والعاج ثم انحطت هذه الفنون في العصور التالية لأسباب لا تزال مجهولة.
المناطيد في الحرب
يتوقعون أن يستخدموا المناطيد في اكتشاف مواضع العدو فتحقن بذلك دماء جنود الاستكشاف ويفضلون في هذه الخدمة الطيارات على المناطيد المسيرة وميزة هذه أنها تستطيع الوقوف على علو شاسع إذا كان الهواء ساخناً لتفحص الأراضي بدقة ويحاولون اليوم نقل الأثقال في المناطيد وقد استطاع المهندس بريكث أن ينقل 12 شخصاً وزنهم 633 كيلو.
إن قطعاً معدنية صغيرة تزن إحداها خمسة وعشرين غراماً إذا ألقيت من طيارة تجري على علو 1300 متر بسرعة 90 كيلو متراً تنفذ في الأجسام نفوذ قذائف البنادق وعشرة آلاف من هذه القطع لا تزن أكثر من 250 كيلو.
انتقال الطيور
عكف العلماء على دراسة هجرات الطيور وتمكنوا من معرفة أمور عنها على أنها لا تزال محاطة بالأسرار الغامضة فلم يستطيعوا أن يفسروا كيف يجتاز بعض أنواع الطيور 3850 كيلومتراً فيعبر الأوقيانوس إلى جزائرها واي وكيف ينتقل سنونو البحر كل سنة من أقاصي الشمال إلى البلاد التي حول البحر المتوسط فيقطع في ذهابه وإيابه نحو 3500 كيلومتر وقد أبدى أحد العلماء ملاحظات غريبة بهذا الصدد فقال: إن هجرات الطيور بمسافات قصيرة فارتادت الأرض وكانت المسافة تبعد كلما جربت تجربة عند ما عرفت الطيور مزايا الهجرة التي اعتادتها. أما المسالك الهوائية التي ينتخبها النازحون فلم يقروا عليها إلا بعد أن أثبت لهم الاختبار أنها أمثل الطرق إلى أماكنهم الصيفية أو الشتوية والمزية التي جعلتهم يؤثرون تلك السبل على سواها هي أنهم يجدون فيها الغذاء الكافي أثناء رحلاتهم غير مراعين في ذلك طول الطريق وقصرها قال فالقمري ذوه الرأس الأسود يمعن في جنوبي الولايات المتحدة عند نهاية نيسان حتى يبلغ المكسيك ويرافقه في رحلة السنونو الأميركي وفي أيار يعود إلى الشمال في طرق أخرى فيتدرج قسم القمري نحو ألاسكا تواً يتخطف السنونو إلى كريلاندا فتزيد مسافة ما يجتازه 3200 كيلومتر ويتقوت في رحلته بما يعرض له من الهوام الطيارة.
بحيرة تشاد
ليس هذه البحيرة الأفريقية التي يكثر الجغرافيون من وصفها مزايا غيرها من البحيرات فقد قررت بعثة بتلهو أنها أشبه بمستنقع قليل العمق يمتد على مسافة واسعة ويختلف مقدار مياهه باختلاف الفصل وكمية الأمطار ومياه تشاد نقية تقل فيها كلورات الصوديوم مما يدل على وجود مصرف خفي لها تحت الأرض وقد اكتشفوا بحيرة أخرى جفت مياهها وكانت قبلاً بمثابة مصب لبحيرة تشاد واقعة على بعد 400 كيلومتر إلى الجنوب الغربي ويزعمون أن هذه البحيرة كانت إحدى موارد النيل.
غدائر الصينيين
كان الصينيون يفاخرون بذوائبهم المسدلة على ظهورهم حتى دخلت بلادهم المدينة الحديثة فشرعوا يجزونها ولهذا التبديل نتائج اقتصادية واجتماعية خطيرة الشأن فإن الصيني كان يصرف على هندمة شعره خمس عشرة دقيقة في اليوم على الأقل وإذا حسبنا إن الرجل يجب إن يدفع للمزين خمسة سانتيمات على الأقل عرفنا المبلغ الكبير الذي يقتصده الصينيون بالإقلاع عن تلك العادة ثم إن الذوائب تخلق الثوب الذي تسدل عليه فتقل مدة بقائه عشرة في المائة فإذا وفر الصيني على الوجه عشرين سانتيماً في السنة اقتصدت الأمة نحو مائة مليون فرنك سنوياً نضيف إليها ثمن أوقات الهندمة ونفقاتها فيبلغ المجموع بضع مئات ملايين من الفرنكات فجز الغدائر في الصين عمل اجتماعي اقتصادي تربح البلاد منه أرباحا طائلة.
مستقبل الكونفوشيوسية
ارتاح اليابانيون ارتياحاً شديداً إلى تعاليم الديانة الكونفوشيوسية وفي جميع البلاد اليابانية الكبرى يلتقون في فصلي الربيع والصيف محاضرات عن الفيلسوف الصيني العظيم فيأخذ الأساتذة البارعون يسردون فضائله ومزايا تعاليمه وتلتف حولهم الجماهير الغفيرة تتلقى عنهم العقائد كما تلقاها أول أتباعه لم يطرأ عليها خلل ولا تحريف.
تاريخ الملاحة
اسم رجل الأول الذي ركب البحر غائب في ظلمات العصور ولكننا نعرف إن الإنسان اقتحم البحر على جذع شجرة واستعان على التجذيف بغصن من غصونها ثم شرع بتجريف الجذع فبدأت الزوارق الحقيقية تطفو على وجه الغمر ثم استخدم الريح في تسيير السفن وأقدم ما نعرف من السفن الشراعية مراكب البابليين التي اخترعتها مصر وفي مؤخرتها غرفة للربان على سطح مرتفع يمكن الربان من مراقبة السفينة ويأتي الفينيقيون بعد المصريين وقد نشروا تجارتهم البحرية في جميع سواحل البحر المتوسط وركب اليونانيون اللجج في القرن الثالث عشر قبل المسيح وفي مراكبهم الحربية كانت تقف المقاتلة على جسر طاف ثم تجيء المراكب الرومانية وقد أصبحت أشبه بقلاع تطفو على وجه اليم مزدانة بقطع من الرخام وتماثيل محفورة وأصنام من البرونز وفيها المكاتب الواسعة على نحو ما كانت عليه سفن كاليغولا في سفراته على سواحل كامبانيا. ومركب الفكين صلب البناء قصدوا فيه إلى مقاومة الأمواج المتضاربة في بحور الشمال ولهذا بني الفريد الكبير أسطولا لإنكلترا.
على ذلك الطرز ولكن الملاحة الحديثة في تلك البلاد ترتقي إلى عهد تيدروس وأول باخرة اجتازت بحر الظلمات الاتلانتيك سنة 1819 بنيت في أميركا ودعيت سافانا ولكن الجمهور لم يرغب في ركوب السفن البخارية ولم تزل شكوكه ومخاوفه حتى كانت سنة 1838 فاجتازت الاتلانتيك أربع سفن تجارية كبرى بدون مساعدة القلوع.
أسنان من خشب
اخترعها أحد أطباء اليابان لتقوم مقام العاجية وغيرها ولا يزال فيها بعض الخلل غيران المخترع يرجوا أن يتداركه.
الهجين العام
شرع الصينيون يفكرون في حفظ الصحة فاتخذت مراكز الإمبراطورية الوسائل الفعالة لمقاومة الطاعون وأنشئت في البلاد الإدارات الصحية.
جامعة باريز
يزداد عدد الطلاب في هذه الجامعة سنة فسنة وعدد الأجانب فيها يقارب عدد الفرنساويين ففي قسم الآداب يوجد1800 أجنبي و1147 فرنسوياً وفي قسم الطب 350 أجنبي و318 فرنساوياً ومجموع طلبتها 2121.
موسيقى المستشفيات
ألفت في باريز موسيقى خاصة بالمستشفيات تعزف لتسلية المرضى ولا سيما الناقهين منهم فأتت بنتائج حسنة حملت جميع البلاد على اقتفاء أثر فرنسا في هذا العدد فتألقت موسيقى من نوعها في بطرسبرج عاصمة البلاد الروسية.
الاتوموبيل في ألمانيا
نجحت صناعة الاتوموبيل في ألمانيا نجاحاً باهراً فزاد من عدد معاملها من 15 إلى 58 في بضع سنوات وارتقى ثمن المصنوعات من ستة ملايين مارك إلى ثمانين مليوناً.
قوة الولايات المتحدة
بات حديث الحرب شائعاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة وشرعوا يتساءلون عن مبلغ قوتها أبان الحرب فكتب كاتب أميركي يقول: عندنا جيش منظم ففي زمن الحرب نجهز الميليس والمتطوعين فيستدعي الأولين رئيس الجمهورية على إن الآخرين لا يجتمعون إلا بعد قرار المجلس والميليس أنفسهم يقسمون إلى قسمين الحرس الوطني وغير المنظم ولنا حسب تقرير سنة 1910 جيش فيه 85392 جندياً وضابطاً وليس لنا من فرق الخفر سوى فرقة المدفعية الساحلية والتابور يؤلف من 800 إلى ألف رجل فيهم المشاة والمدفعية والفرسان وليس عندنا في زمن السلم سوى 34456 جندياً وضابطاً وينبغي لنا إن نجند 7000 آخرين ليكونوا قوة سيارة ومعظم ما يبلغه عدد الميليس المنظم 119000 بين جندي وضابط إما سائره فلا يعول عليه في غمرات الحرب وإذا ضمنا إليهم المتطوعة بلغ عدد جيشنا 224000 تملك 532 مدفعاً. يقولون إن الحاجة تسن الشريعة فعلينا إن نحشد الجيوش وندعو الأمة لحمل السلاح وفي الولايات المتحدة 16 مليونا من الرجال تختلف أعمارهم بين 18و45 فإذا دعي نصف هؤلاء للتدريب كان لنا جيش يبلغ الثمانية ملايين يذود عن بلادنا غارات الأعداء ولا ينكر إن موانينا محصنة ولكن تنقصها الذخائر والمؤن.
جنازات المصريين
كان قدماء المصريين في عهد الفراعنة يعتقدون أن الأموات يعبرون إلى ما وراء جبال ليبيا حيث تموت الشمس في المساء لتعبث في اليوم التالي فكانوا يشيدون أضرحتهم في الغرب ويحسبون إن الأموات ينزلون سهل عيرو وفي إحدى أوراق البردي المكتشفة رسم الشعائر الدينية التي قاموا بها في جنازة إحدى السيدات وكانوا يحاكمون الميت محاكمة عثروا على صورتها في ورقة أخرى ويضحون عن نفس الأموات.
التلفون في الأبعاد الشاسعة
تقدمت المراسلات التلفونية تقدما غير منتظر ونجح المكتشفون بنقل الأصوات في الأبعاد الشاسعة فمدوا أسلاكا تحت البحر بين أبونس كليف قرب دوفر في انكلترا ورأس كرينة في فرنسا وقد توفرت في الأسلاك جميع الشروط المطلوبة حتى إنها فاقت عامة الجهازات المستعملة للمخاطبة عن بعد سحيق ويمكن استعمالها بين محطات لا تتجاوز المسافة بينها ألفاً وخمسمائة كيلو متر ويعتقدون إنهم يستطيعون إن يصلوا بين لوندرا وأستراخان بالتلفون فيتجاوز مدن أوربا كافة ويؤكد المهندس الانكليزي إنه بعد عشر سنوات تقدر شيكاغو إن تخاطب بطرسبرج وشركات التلغراف والتلفون في أميركا ترى إنها بالغة يوما يتسنى لها فيه الوصل بين شرقي الولايات المتحدة وغربيها بأسلاك التليفون وتعلن إنه قبل انقضاء هذه السنة يتم معظم المشروع ويسود في نيويورك ولوندرا اعتقاد بأن الاكتشافات الكهربائية ستجعل المخاطبة التلفونية ممكنة بين أي نقطة وثبت اليوم إن الأصوات المنقولة ممكنة بالجهازات الخفيفة تسمع بوضوح وجلا وعرفوا من التجارب إن ليس ثمت من فائدة في تغليف الأسلاك بالمطاط إذا لم يكن منه إضرار وفي التليفون أسرار لا تكتشف إلا تدريجيا كما هي الحال في التلغراف والفونغراف والنور الكهربائي ومحركات البخار وتوفر العمال على الإتقان يذلل كل يوم عقبات جمة حتى لنستطيع القول مع نابليون إن العالم ليس لديه مستحيل.
باريز ميناء بحرية
يفكرون اليوم بحفر قناة بين باريز والأقيانوس ويقدرون نفقاتها بنحو أربعمائة مليون فرنك ويبلغون في منزلة هذه القناة الاقتصادية والحربية غير إن باخرة واحدة تغرق فيها أيام الحرب تسدها وتجعل المرور فيها مستحيلا والقائلون بالمشروع يهيجون رغبة الناس إليه ويضربون الأمثلة إن انكلترا حفرت قناة مانشستر وألمانيا قناة كيال وإن بلجيكا تدأب لتحول عاصمتها بروكسل إلى فرضة بحرية. ولكن هذه الأفنية الأجنبية لم تكن للدول مورد غنم وفائدة لأن أرباحها ضئيلة جدا مقابل نفقاتها الفاحشة.
المرض في روسيا
نشر أحد الأساتذة في الأكاديمية الطبية إحصاء للأمراض التي تنتاب الروسيين جاء فيه إنه يمرض كل سنة منهم 17مليونا أي واحد في السنة ويحدث مليون وخمسمائة ألف وفاة. إما الإصابات فمنها ستة ملايين بالأمراض السارية يتوفى منها 12000000 وأشد تلك الأمراض فتكا الجرب والملاريا والسل الرئوي وحمى التيفوس.
التعليم في نروج
سنة 1885 أنشئ في نروج جامعة للفعلة مدت فروعها في البلاد منذ ذلك الحين فأصبح لها سبعون شعبة ونظارة المعارف تساعد هذه الجامعة والفعلة المتخرجون فيها يشهدونها بالهبات والاعطات ويبلغ عدد الحضور في جامعة كريستيانيا 42000 وهو عدد مفرط الكثرة بالنسبة لعدد الشعب وفي هذه الجامعات مكاتب للمطالعة ومعامل من الطراز الأول.
الجامعات في الدانيمارك
الدانيمارك بلاد زراعية رأى النابغون من أبنائها أن يتلطفوا بنشر المعارف في أمتهم فأنشأوا الجامعات الوطنية تلقي دروسها في الشتاء فقط إذ لا يكون للزارع وقتئذ ما يجب عليه عمله فيجتمع إليها ألوف من فتيان الدانيمارك ومزارعيهم ممن يعملون صيفا في الحقول والمزارع فيقبلون علي الطلب ويتلقون الدروس في معاهد تقوم بها جمعيات مختلفة تمدها الحومة بالمال ويقصدون من هذه الدروس إلى تعريف العامل بوسائل تحسين الزراعة فيدرسونه الكيمياء والزراعة على الأصول الحديثة ويزودونه بالمعارف التي تفيده في حياته ولا يهملون فيها التهذيب العام.
المدرسة الإفرنسية في بطرسبرج
تسعى فرنسا لنشر تهذيبها في العالم بأسره فهي لم تكتف بمن يفد عليها من الطلبة الأجانب بل عمدت إلى نشر مدارسها في البلاد فأنشأت مدرسة فلورنسة وأخرى في مدريد وسيؤسس لها مثيل في بطرسبرج عاصمة الروس وقد قال أحد كبار الفرنساويين إن وجود مثل هذه المدرسة في عاصمة شعب يبلغ عدده 160 مليوناً شديد الارتباط بالشعب الفرنساوي يكون له نتائج جلى فأصغت أمته إلى قوله ولا يلبث المشروع إن يتحقق.
دور المطالعة في أميركا
سبقت أميركا سائر البلاد في إنشاء هذه الدور وتألفت الجمعيات للإكثار منها. وعقد مؤتمر لها في فيلادلفيا سنة 1876 قرر أن تنشر دور المطالعة في عرض البلاد وطولها لتهذيب الشبان والعمال وكانوا لا يسمحون بدخولها إلا لمن ناهز الثامنة عشرة من عمره ثم خفضوا ذلك إلى الثانية عشرة فالعاشرة فالثماني وقيموا تلك الدور مكلفون بإرشاد الأطفال إلى مطالعة الكتب الأغزر فائدة لهم وقد يجيئهم الطفل طالبا كتاب قصص عن ذوي الجلود الحمراء فلا يزالون به حتى يطلب كتابا أوفر نفعا وأجزل عائدة ولم تكتف الجمعيات بذلك بل أنشأت مستودعات للكتب في الحارات المختلفة قائلة يجب علينا أن نسير إلى الفتيان والفتيات ولا ننتظر مجيئهم إلينا. وأرادت المدرسين على تسهيل المطالعة للطلاب بإعارتهم الكتب التي يرغبون فيها أو بإنشاء مكاتب صغيرة للمطالعة في مدارسهم. وما أزدهرت هذه المكاتب إلا بفضل المتبرعين لها من أنصار العلم والإنسانية والباذلين في سبيلها مبالغ جسيمة وحسبك بهبات كارنجي وغيره من كبار الأغنياء دليلاً على ما تقول وبنوا لمن بلغوا أشدهم مكاتب فيها جميع المجلات والصحف الصادرة في ذلك اليوم فيجيئها الشبان في أول أمرهم لمطالعة هاتيك الوريقات ثم يألفون المطالعة رويدا رويدا فيتشوقون إلى قراءة المصفحات النافعة الممتعة. وفي مدارس الشعب مكاتب عامة خدمت التهذيب العام أجل خدمة وعملت على ترقية روح الشعب. قلنا إن أغنياء الأميركيين تعهدوا تلك الدور بالهبات الطائلة ولقد أنشأ المستر أندروكارنجي الغني المشهور ألفا وثمانمائة مكتبة انفق عليها 51 مليون دولار ونيفا وكلها في البلاد التي يتكلمون فيها باللغة الإنكليزية فهي منتشرة في الولايات المتحدة وكندا وإنكلترا وبلاد الغال وأيرلندا وايكوسيا وزيلاندا الجديدة والهند الغربية الإنكليزية وأوستراليا وتسمانيا وأفريقية الجنوبية وغيرها.