مجلة المقتبس/العدد 67/مخطوطات ومطبوعات
→ ابن زيدون وابن جهور | مجلة المقتبس - العدد 67 مخطوطات ومطبوعات [[مؤلف:|]] |
أخبار وأفكار ← |
بتاريخ: 1 - 9 - 1911 |
تاريخ اليعقوبي
مجلدان في 940 صفحة طبع بمطبعة بربل في ليدن سنة 1883
من جملة الكتب العربية الذي نشرها الأستاذ هوتسما أحد علماء المشرقيات هذا السفر النفيس لابن واضح من أهل القرن الثالث للهجرة وقد عني بطبعه عناية أخوانه المشتغلين بإحياء آثار الشرق الإسلامي فجاء وافياً بالمرام ساداً ثغرة مهمة في تاريخ الإسلام وقد وشحه باختلاف النسخ وشفعه بفهرس لأسماء الرجال وفهرس بأسماء البلدان التي ورد ذكرها في متن الكتاب ليتيسر الانتفاع به على الطالب في الحال. والنسخة التي ظفر بها الناشر ناقصة من أولها وفيها نقص من بعض فصولها لا يحول دون الانتفاع منها بدأ فيها المؤلف بذكر شيث بن آدم وبعد أن ذكر على عادة أكثر مؤرخي العرب تاريخ الأنبياء تتعرض للكلام على ملوك الإسرائيليين وملوك الموصل ونينوى وملوك بابل والهند واليونانيين والروم وفارس وملوك الجربي والصين ومصر من القبط والبربر والأفارقة والحبشة والسودان ومملكة البجة وملوك اليمن وملوك الشام وملوك الحيرة من اليمن وحرب كندة وأديان العرب وحكامهم وأزلامهم وشعرائهم وأسواقهم وبهذا ينتهي المجلد الأول ويبدأ المجلد الثاني بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام وبتاريخ الإسلام وخلفائه إلى أيام أحمد المعتضد على الله بعبارة سهلة موجزة. وإليك مثالين من الكتاب تعرف بهما طريقة ابن واضع قال في أسواق العرب:
كانت أسواق العرب عشرة أسواق يجتمعون بها في تجاراتهم ويجتمع فيها سائر الناس ويأمنون فيها على دمائهم وأموالهم فمنها دومة الجندل يقوم في شهر ربيع الأول ورؤساؤها غسان وكلب أيُّ الحيين غلب قام ثم المثقر بهجر يقوم سوقها في جمادى الأولى تقوم بها بنو تيم رهط المنذر بن ساوى ثم صحار يقوم في رجب في أول يوم من رجب ولا يحتاج فيها إلى خفارة ثم يرتحلون من صحار إلى ريا بعشرهم فيها الجلندي وآل الجلندي ثم سوق الشحر شحر مهرة فيقوم سوقها تحت ظل الجبل الذي عليه فرهود النبي ولم تكن بها خفارة وكانت سهرة تقوم بها ثم سوق عدن يقوم في أول يوم من شهر رمضان بعشرهم بها الأبناء ومنها كان يحمل الطيب إلى سائر الآفاق ثم سوق صنعاء يقوم في النصف من شهر رمضان بعشرهم بها الأبناء ثم سوق الرابية بحضرموت ولم يكن يصل إليها إلا بخفارة لأنها لم تكن أرض مملكة وكان من عز فيها بز وكانت كندة تخفر فيها ثم سوق عكاظ بابلي نجد يقوم في ذي القعدة وينزلها قريش وسائر العرب اأن أكثرها مضر وبها كانت مفاخرة العرب وحمالاتهم ومهادناتهم ثم سوق ذي المجاز وكانت تتحل من سوق عكاظ وسوق ذي المجاز إلى مكة لحجهم وكان في العرب قوم يستحلون المظالم إذا حضروا هذه الأسواق فسموا المحلين وكان فيهم من ينكر ذلك وينصب نفسه لنصرة المظلوم والمنع من سفك الدماء وارتكاب المنكر فيسمون الذادة المحرمين فأما المحلون فكانوا قبائل من بني أسد وطيء وبني بكر بن عبد مناة ابن كنانة وقوم من بني عامر بن صعصعة وأما الذادة المحرمون فكانوا من بني عمرو بن تيم وبني حنظلة بن زيد مناة وقوم من هذيل وقوم من بني شيبان وقوم من بني كلب بن وبرة فكان هؤلاء يلبسون السلاح لدفعهم عن الناس وكان العرب جميعاً بين هؤلاء تضع أسلحتها في الأشهر الحرم. . . وكانت العرب تحضر سوق عكاظ وعلى وجوهها البراقع فيقال أن أول عربي كشف قناعه ظريف بن غنم العنبري ففعلت العرب مثل فعله.
أما المثال الثاني فنقتبس منه بعض الجمل فقط دلالة على حرية المؤلف ورداً على من يقول أن مؤرخي بني العباس اضطرتهم السياسة أن يحملوا على بني أمية إرضاء لبني هاشم مع أن أولئك المؤرخين من طعنوا الطعن المبرح بالعباسيين أنفسهم وهم معاصرون لهم كل ذلك بفضل الحرية التي تمتع بها العلم في القرون الأولى لبني العباس قال المؤلف بعد أن ذكر طرفاً من سيرة المتوكل على ما هي معروفة ومن قبض عليهم واستصفى أموالهم من عماله. وفي هذه السنة أمر المتوكل بلبس أهل الذمة الطيالسة العلية وركوبهم البغال والحمير بركب الخشب والسروج التي فيها الاكر ولا يركبون الخيل والبراذين وأن يصيروا على أبوابهم خشباً فيها صور الشياطين. وقال: وأمر المتوكل في هذا الوقت أن لا يستعان بأحد من أهل الذمة في شيء من عمل السلطان وأن تهدم الكنائس والبيع المحدثة ومنعوا من العمارة وكتب بذلك إلى الآفاق. ولعل ما دعا المتوكل إلى تشديد الوطأة على أهل الذمة الانتقام منهم عما كان يأتيه ملوك الروم من غزو الأطراف فقد ذكر ابن واضح في ترجمة المتوكل أيضاً أنه لما وجه عنبسة بن إسحاق الضبي لم يقم فيها إلا شهوراً حتى أناخت الروم على دمياط في خمسة وثمانين مركباً فقتلوا خلقاً من المسلمين وأحرقوا ألفاً وأربعمائة منزل وسبوا من المسلمات ألفاً وثمانمائة وعشرين امرأة ومن نساء القبط ألف امرأة ومن اليهود مائة امرأة وأخذ السلاح الذي كان بدمياط والسقط وتهارب الناس فغرق في البحر نحو ألفين وأقاموا يومين وليلتين ثم انصرفوا. ومع هذا وجه طاغية الروم برسل وهدايا وكانت يسيرة فبعث إليه بأضعافها.
وترى من خلال السطور أن المؤرخ يكاد يصرح بسوء حالة المتوكل خصوصاً في سخطه على بعض عماله وتعذيبهم ومما قال فيه: وبنى المتوكل قصوراً وأنفق عليها أموالاً عظاماً منها الشاه والعروش والشبذار والبديع والغريب والبرج وأنفق على البرج ألف ألف وسبعمائة ألف دينار. قال وعزم المتوكل على المسير إلى دمشق ووصف له برد هواها وكان محروراً فكتب إلى محمد بن أحمد بن مدبر يأمره باتخاذ القصور وإعداد المنازل وكتب في إصلاح الطرق وإقامة المنازل والمرافد وسار من سر من رأى يوم الاثنين لعشر بقين من ذي القعدة سنة 243 ونزل دمشق يوم الأربعاء لثمانٍ بقين من صفر سنة 344 فنزل تلك القصور فأقام ثمانية وثلثين يوماً وبلغه عن بعض الموالي من الأتراك أمر كرهه فشخص عن دمشق إلى العراق ولم يسافر في ولايته غير هذه السفرة إلا في نزهة ولم ير في سفرته هذه شيئاً ولا نظر في مصلحة أحد وأصابت الشام كله زلازل حتى ذهبت اللاذقية وجبلة ومات عالم من الناس حتى خرج الناس إلى الصحراء وأسلموا منازلهم وما فيها واتصل ذلك شهوراً من سنة 245 وانتقل المتوكل إلى موضع يقال له الماحوزة على ثلثة فراسخ من قصر سر من رأى وبنى هناك مدينة سماها الجعفرية وحفر فيها نهراً من القاطول ونقل الكتاب والدواوين والناس كافة إليها وبنى فيها قصراً لم يسمع بمثله وذلك في المحرم سنة 246.
ومما رواه المؤلف في سيرة المأمون وحريته وعلمه أن بشر بن الوليد الكندي قاضيه ببغداد كان قد ضرب رجلاً قرف بأنه شتم أبا بكر وعمر وأضافه على جمل فلما تقدم المأمون (بغداد وكان متغيباً عنها في الشام) أحضر الفقهاء فقال إني قد نظرت في قضيتك يا بشر فوجدتك قد أخطأت بهذا خمس عشرة خطيئة ثم أقبل على الفقهاء فقال: أفيكم من وقف على هذا قالوا وما ذاك يا أمير المؤمنين فقال: يا بشر بما أقمت الحد على هذا الرجل قال: بشتم أبي بكر وعمر قال: لا قال: فوكلوك قال: لا قال: فللحاكم أن يقيم حد القرفة بغير حضور خصم قال: لا قال: وكنت تأمن أن يهب بعض القوم حصته فيبطل الحد قال: لا قال: فأمهما كافرتان أم مسلمتان قال: بل كافرتان قال: فيقام في الكافرة حد المسلمة قال: لا قال: فهبك فعلت هذا بما يجب لأبي بكر وعمر من الحق أفيشهد عندك شاهداً عدل قال: قد زكى أحدهما قال: فيقام الحد بغير شاهدين عدلين قال: لا قال: ثم أقمت الحد في رمضان فالحدود تقام في شهر رمضان قال: لا قال: ثم جلدته وهو قائم فالمحدود يقام قال: لا قال: ثم شبحته بين العقابين فالمحدود يشبح قال: لا قال: ثم جلدته عريان فالمحدود يعرى قال: لا قال: ثم حملته على جمل فأطفته فالمحدود يطاف به قال: لا قال: ثم حبسته بعد أن أقمت عليه الحد فالمحدود يحبس بعد الحد قال: لا قال: لا يراني الله أبوء بإثمك وأشاركك في جرمك خذوا عنه ثيابه واحضروا المحدود ليأخذ حقه منه فقال له من حضر من الفقهاء: الحمد لله الذي جعلك عاملاً بحقوقه عارفاً بأحكامه تقول الحق وتعمل به وتأمر بالعدل وتؤدب من رغب عنه إن هذا يا أمير المؤمنين حاكم اجتهد في رأيه فأخطأ فلا تفضح به الحكام وتهتك به القضاء فأمر به فحبس في داره حتى مات.
والكتاب كله فوائد غزيرة يشف عن علم صاحبه وناشره فيا حبذا لو صحت العزائم في الشرق لإعادة طبعه على صورة أحسن تسهيلاً لاقتنائه لأن معظم الكتب التي نشرها علماء المشرقيات قصدوا بها فائدة بلادهم أو فكراً خاصاً لهم ولذلك يقللون من النسخ المطبوعة منها ما أمكن بحيث يتعذر على ابن المشرق ابتياعها لغلاء أثمانها بالنسبة لما ألف من رخص الكتب في بلاده وكثيراً ما يتطلبها فلا يظفر بها بنسخة لأنها تفقد في مدة قليلة ولا يصل خبرها إلى الشرق إلا وتكون قد نفدت أو كادت.
تقويم البلدان
قلنا غير مرة أن علماء المشرقيات من الفرنسيس قصروا في العهد الأخير عن اللحاق برصفائهم من الألمان وأن ما ينشرونه اليوم من الكتب العربية دون ما كان أسلافهم ينشرون في النصف الأول من القرن التاسع عشر وكتاب تقويم البلدان تأليف السلطان الملك المؤيد عماد الدين اسمعيل صاحب حماه أكبر شاهد على صحة هذا القول فقد طبعه في باريز بدار الطباعة السلطانية سنة 1840 المسيو رينود والبارون دميسلان بمناظرة سلفستر دي ساسي شيخ المستشرقين في فرنسا الذي أفضل كثيراً على العرب والعربية بما نشره من آثار السلف.
وتقوم البلدان الجغرافية العامة كما يفهم من اسمه عظيم الفائدة من وجوه أقلها أن المؤلف كان من يعد الطبقة الراقية بين علماء القرن الثامن مدقق في كل ما خطته يده من المصنفات فهو في ملوك الطوائف المتأخرين بعلمه وفضله بمنزلة المأمون من خلفاء العباسيين.
ظفر الناشر أن كتابه هذا بنسخة صححت على المؤلف وكتب عليها بقلمه بعض التعليقات أو هي نسخة المؤلف فجاءت والعناية قد بذلت بها من أصح ما طبع علماء المشرقيات.
اعتمد المؤلف على ما كتبه ابن حوقل والإدريسي وابن سعيد وعلى كتابي العزيزي واللباب ونقل عنهم حتى في جغرافية بلاده وكان أبو الفدا طاف سورية ومصر وقسماً من بلاد العرب من الحجاز وبلغ الفرات فعد كلامه ثقة فيما كتبه والغالب أنه تحدى بطليموس في تقسيماته الجغرافية قال في مقدمته: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله حمداً يليق بجلاله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وبعد فإني طالعت الكتب المؤلفة في البلاد ونواحي الأرض من الجبال والبحار وغيرها فلم أجد فيها كتاباً موفياً بغرضي فمن الكتب التي وقفت عليها في هذا الفن كتاب ابن حوقل وهو كتاب مطول ذكر فيه صفات البلاد مستوفياً غير أنه لم يضبط الأسماء وكذلك لم يذكر الأطوال ولا العروض فصار غالب ما ذكره مجهول الاسم والبقعة ومع ذلك لا تحصل به فائدة تامة وكتاب الشريف الإدريسي في المسالك والممالك وكتاب ابن خرداذبة وغيرها وجميعهم حذوا حذو ابن حوقل في عدم التعرض إلى تحقيق الأسماء والأطوال والعروض وأما الزيجات والكتب المؤلفة في الأطوال والعروض فإنها عرية عن تحقيق الأسامي وعن ذكر صفات المدن وأما الكتب المؤلفة في تصحيح الأسماء وضبطها مثل كتاب الأنساب للسمعاني والمشترك لياقوت الحموي وكتاب مزيل الارتياب عن مشتبه الأنساب وكتاب الفيصل كلامهما لأبي المجد إسمعيل بن هبة الله الموصلي فإنها اشتملت على ضبط الأسماء وتحقيقها من غير تعرض إلى الأطوال والعروض ومع الجهل بالأطوال والعروض بجهل سمت ذلك البلد فلا يعرف الشرقي منها ولا الغربي ولا الجنوبي ولا الشمالي.
ولما وقفنا على ذلك وتأملناه جمعنا في ها المختصر ما تفرق في الكتب المذكورة من غير أن ندعي الإحاطة بجميع البلاد أو بغالبها فإن ذلك أمر لا مطمع في الإحاطة به فإن جميع الكتب المؤلفة في هذا الفن لا تشتمل إلا على القليل إلى الغاية فإن إقليم الصين مع عظمته وكثرة مدنه لم يقع إلينا من أخباره إلا الشاذ النادر وهو مع ذلك غير محقق وكذلك بلاد البلغار وبلاد الجركس وبلاد الروس وبلاد السرب وبلاد الأولق (الأولاح) وبلاد الفرنج من الخليج القسطنطيني إلى البحر المحيط الغربي فإنها بلاد كثيرة وممالك عظيمة متسعة إلى الغاية ومع ذلك فإن أسماء مدنها وأحوالها مجهولة عندنا لم يذكر منها إلا القليل النادر وكذلك بلاد السودان من جهة الجنوب فإنها أيضاً بلاد كثيرة لجنوس مختلفة من الحبش والزنج والنوبة والتكرور والزيلع وغيرهم فانه لم يقع إلينا من أحبار بلادهم إلا القليل النادر وغالب كتب المسالك والممالك إنما حققوا بلاد الإسلام ومع ذلك فلم يحصوها عن آخرها ولكن كما قيل ما لم يعلم كله لا يترك كله فإن العلم بالبعض خير من الجهل بالكل وقد جمعنا في هذا المختصر ما تفرق في كتب عديدة على ما سنقف عليه إن شاء الله عند ذكرها وحذونا في تأليفه حذو ابن جزلة في كتاب تقويم الأبدان في الطب وسمينا كتابنا هذا تقويم البلدان.
بدأ المؤلف بكر الأرض والأقاليم السبعة والأبحار والأطوال والخلجان والبحيرات والأنهار والجبال قال في الكلام على ترتيب كتابه: أما ترتيبه فانه مجدول على وضع التقاويم وقد ذكرنا فيه الإقليم الحقيقي والإقليم العرفي في بيتين والمراد بالإقليم الحقيقي أحد الأقاليم السبعة المقدم ذكرها والعرفي كل ناحية أو مملكة تشتمل على عدة كثيرة من الأماكن والبلاد مثل الشام والعراق وغيرهما. قال وقد جعلنا في الجدول بيتاً لضبط الأسماء فإن في هذه الأسامي أسماء أعجمية لا يهتدي إليها بغير ضبط وكذلك في الأسماء المشهورة أسماءٌ قد غيرتها العامة تارة بتغيير الفتحة إلى الكسرة أو الضمة وبالعكس وتارة بزيادة الحروف في الكلمة وتارة بالتنقيص مثل ما يقولون في تبريز توريز وتستر شثتر ومثل ما يقولون تدمر بضم التاء وهي بالفتح فلذلك احتجنا إلى ضبط الأسماء وذكرنا في الهامش من فوق وتحت كلاماً على ذلك الإقليم وتحديده وذكر بعض مسافاته ونحو ذلك وأما ترتيب الأماكن وتقديم بعضها على بعض في الذكر فانه أمر لم يتهيأ لنا فيه ترتيب يرضينا فتبعنا فيه ابن حوقل وابتدأنا بجزيرة العرب لكون بيت الله الحرام وقبر نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام فيها.
ومع أن مؤلفنا اعتذر بتعذر الوصول إلى أحبار بلاد الإفرنج فقد ذكر منها جملة صالحة فذكر منها مملكة بولية على بحر الروم عند فم جون البنادقة من غربية وهي تقابل مملكة الباسليسة التي من البر الآخر وملك بولية كان يقال له في زمانه الريدشار وذكر بلاد فلفرية والمرا (المورة) والملغجوط وافلرنس والتسقاله (إيطاليا) واستنبرى والروس وافرنسة وألمانية وذكر مدينة باريز فقال: مدينة بريس قاعدة فرنسا وهي ثلاث قطع كما هي مدينة الباب فالوسطى التي في الجزيرة لفرنسيس سلطان الفرنج والجنوبية للجند والشمالية لسائر قوامسهم وتجارهم ورعيتهم وذكر عن ابن سعيد بلاد الباشقرد وهم ترك جاورا الألمانيين على عهد متواثق وهم مسلمون من جهة فقيه تركماني نصرهم بشرائع الإسلام وأكثر عمائرهم على نهر دوما وعلى جنوبيه قاعدتهم قرات وهي مما دخله التتر وخربوه وأهلكوا أهله وفي شرقيها بلاد الصنقر (المجر) اخوة الباشقرد تنصر والمجاورة الألمانيين ولهم مدائن وعمائر على النهر الكبير مستعجمة وقاعدتهم مدينة ترتبوا وذكر بلاد اللنبردية وجنوة وبيزة والبندقية ورومية وبرشان (قاعدة امة البرجان) قال فيهم وكان لهم شهرة وبأس قديم الزمان فاستولت عليهم الألمانية وأبادوهم حتى لم يبق منهم أحد ولا بقي لهم أثر وذكر مدن أثينة وقسطنطينية وتسمى بوزنطيا وماقذوينية وصقجي وابروز وطرنو وبلاد (بلغار) وطلوزة قال ابن سعيد وفي شرقي بردال مدينة طلوزة يقال أن لصاحبها الفرنجي في الجبال التي في شمالية وشرقيه ما ينيف على ألف حصن وهو قريب من صاحب فرنسة والنهر في جنوبيها يصعد منه مراكب البحر المحيط إليها بالقصدير والنحاس اللذان يجلبان من جزيرة أنكطرة وجزيرة أرلندة وتحمل على الظهر إلى تربونة ومنها تحمل في مراكب الفرنج في الإسكندرية. وذكر مدينة مرشيلية ومدينة سبقلوا في شمالي جبل جرواسيا قال فيها نقلاً عن ابن سعيد أنه يصنع فيها السيوف الألمانية المشهورة ولها معدن حديد بحبلها ويقال أن في مكانٍ منه معدن حديد مسموم يصنع منه السيوف والخناجر لا يبيح الملوك انتسابها لغيرهم وفي شرقيها وسمت عرضها مدينة نفصين (هصن؟) وهي مخصوصة بعلماء ألمانية وحكمائهم. وذكر عراز ولو شيرة وسنقو ومشقة وبرغاذما. ومن هذه المدن ما دثر الآن أو تغير اسمه.
وقصارى القول أن كتاب أبي الفدا من أصدق كتب الجغرافية العربية التي ألفت في القرون الوسطى وكأنها ألفت في هذا القرن لم يفض صاحبها إلا فيما علم فكان حجة ثبتاً في كل ما روى تكاد لا تقرأ له خرافة ينكرها طبعك وتنافي ارتقاء العصر الحاضر فيا حبذا لو صحت همة أحد لطبعه فإن نسخة فقدت ولا تكاد توجد إلا في مكاتب الخاصة ودور الكتب العامة.