مجلة المقتبس/العدد 65/أخبار وأفكار
→ بين بلاد الآراميين والفينيقيين | مجلة المقتبس - العدد 65 أخبار وأفكار [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 1 - 7 - 1911 |
مطبعة بدون حبر
بالاتفاق وقع اختراع هذا الاختراع كما وقع اختراع كثير غيره فقد أراد مهندس إنكليزي منذ إحدى عشرة سنة أن يأخذ قطعة من النقود فتدحرجت على المنضدة فضغط عليها بدون اختيار على ورق ندي كان موضوعاً على صفحة من المعدن جعلت على موصل كهربائي غير منفرد فدهش لما رأى صورة القطعة قد طبعت طبعاً صريحاً على الورق بلون أسمر وكان الرجل ممن يحسنون معرفة الكهربائية فأخذ يبحث علمياً عن سبب هذا الطبع بالعرض فصرف عشر سنين في تطبيق هذا الاختراع على طبع الحروف وقد ذكرت إحدى المجلات العلمية المهمة أنه قد نجح مؤخراً في اختراعه فاستعاض عن الورق الندي بورق جاف مبلل بمواد كيمياوية تخلط مع الورق عندا يعمل وهذا الاختراع نافع جداً في طبع الكتب المهمة.
عميان الأميركان
في نيويورك سبع مدارس للعميان الفتيان يقرأ فيها الفتيات والصبيان مع المبصرين على معلمات يلقين عليهم دروساً واحدة معينة فيسأل الأعمى والبصير على السواء ولا فرق في تعليمهم إلا في الكتب والكتابة لأن العمي يقرؤون في كتب كتبت بحروف بارزة على أصول برابل وقد وقع تعديلها منذ أواخر سنة 1909 فقربت فائدتها وأصبحت ثمراتها مضمونة قريبة فيتعلم الولد الأعمى كما يتعلم البصير ويشترك في الألعاب الرياضية والأعمال الصناعية ويحصل على معلومات أرقى مما كان يتعلم سابقاً من ثل صنع السلال والأكياس والمكانس والجوارب كما هو الحال في مدرسة العميان في مصر بل قد أخذوا يعلمونهم ما يكونون به مستخدمي تليفون وكاتبين على آلة الاختزال يتوصلون إلى الكتابة بآلة عادية وإلى الاختزال بقلم رصاص بسيط ويعلمونهم الموسيقى والبيانو والكمنجة وغيرها من آلات الطرب فيصبحون قواماً بهذا الباب ويتمرن الفتيات منهم على الخياطة وتفصيل الفساطين والأردية وعمل الأزياء والطبخ. والعميان موضع عناية خاصة من الجميع فيأخذون بأيديهم ويقودونهم إلى بيوتهم ومتى أتموا دروسهم يتكفل القوم لهم بإيجاد أعمال في التجارة والصناعة ويرسلون بأذكاهم عقلاً إلى الكليات يأخذون من علومها م طاب لهم بحيث يخرجون ليكون منهم موظفون. فاللهم هي للمبصرين منا أسباباً كهذه حتى إذا كشفت أبصارهم وبصائرهم يفكرون في تعليم العمي.
إعانة البائسين
كان في فرنسا في آخر سنة 1908 (512000) إنسان محتاج للإعانة منهم (354000) شيخ تجاوز السبعين و (100. 000) عليل و (58. 000) مريض مرضاً عضالاً ومعظم هؤلاء البائسين ابعث إليهم نظارة الأعمال والإحسان الاجتماعي مرتباتهم إلى بيوتهم وتختلف من 5 إلى 30 فرنكاً في الشهر و (39) ألفاً منهم تؤويهم في أماكن إقامتها لهم كالمتشفيات وغيرها يصرف عليهم في السنة أربعة ملايين ليرة تدفع الحكومة نصفها والنصف الآخر جمعية الإحسان وفي فرنسا الآن (16118) مكتباً لجمع الإحسان غير جمعيات الحكومة تغيث زهاء مليون من السكان.
سويسرا والغرباء
تحاول جمعية الاتحاد الوطني في سويسرا أن تحل مسألة الغرباء في بلادهم لأنهم داهموها ولا سيما في البلاد الواقعة على التخوم بحيث كادت تصبح منهم في أمر مريع فقد بلغ عدد الغرباء في تلك الجمهورية الجميلة 565. 025 شخصاً وسكان البلاد 3. 750. 000 أي أن في سويسرا 151 غريباً عن كل ألف وطني سويسري وفي بعض الأماكن يكون عدد الأجانب 40 في المائة والغرباء في لوغانوا أكثر من السكان الأصليين وقد قررت الجمعية أن تعتبر سويسرياً كل من يخلق في أرض سويسرا من الأولاد بعد الآن. ومعلوم أن لغات سويسرا هي الألمانية والإفرنسية والإيطالية يتكلم بالأولى 69 شخصاً في المائة وبالثانية 21 وفي الثالثة ثلاثمائة ألف شخص فقط وفيها 56 ألف في المائة يدينون بالمذهب البرتستانتي و42 في المائة كاثوليك.
الا لكحول في أميركا
في أميركا كما في أوربا جمعيات كثيرة لمقاومة المسكرات فقد وفقت إحدى جمعياتها إلى إرجاع ثلثمائة ألف رجل فقط عن عادة تناول المسكرات القبيحة ومن الغريب أن ثلاثين ألفاً منهم أسسوا لأنفسهم جمعية وقاموا ينادون بالإقلاع عن الكحول وجمعيتهم هي الجمعية الوحيدة التي كان أعضاؤها كلهم من السكيرين قبل سنين.
عمران الولايات المتحدة
وافق مجلس النواب الأمريكي على ميزانية سنة 2912 فكانت 5. 127. 448. 305 فرنكاً أو نحو 250 مليون ليرة عثمانية أي نحو تسعة أضعاف الميزانية العثمانية ومن هذا المبلغ 305 ملايين لاستهلاك الدين العام و 710 ملايين للأعمال العامة منها 245 مليوناً لفتح برزخ باناما و 632 مليوناً وكسر للبحرية وزهاء 466 مليوناً للبرية. ومنذ مئة سنة لم تكن ميزانية هذه الجمهورية سوى 42 مليون فرنك أو أقل من مليون ليرة عثمانية منها 16 مليون للجيش و 8. 500. 000 للبحرية و16 مليوناً للدين ولكن سكان الولايات المتحدة لم يكونوا على ذاك العهد سوى سبعة ملايين نسمة فزادوا اليوم 13 ضعفاً في مئة سنة وزادت نفقات الحكومة ثمانين ضعفاً عما كانت.
حكاية العناصر
كتب جان فينو رئيس تحرير المجلة الباريزية مبحثاً في هذا المعنى جاء فيه أن اختلاط الألسن والشعوب في برج بابل ليس إلا ألعوبة للأولاد بجانب تأليف الأمم الحديثة فإنك ترى في البودقة الواسعة التي تخلق فيها الأوطان والشعوب الفروق الفيسيولوجية تنحل بسرعة مدهشة كما تنحل العقول الآتية من أطراف الكرة كلها لأن سهولة المواصلات ونشر التجارة بين الأمم وانتشار الأفكار واشتراك الكافة بها كل هذا آخذ بتقريب الأميال والحواس المدبرة للإنسانية وكل يوم يكثر اجتماع الناس ويتناول المجموع كمية أكثر من البلاد والعباد.
والغالب قد انقضى دور القائلين بعلو عنصر على آخر وانحطاط عنصر عن أخيه فإن يابان قد ساوت غيرها من أمم الغرب بعد أن عقدت المعاهدات مع شعبين هما في مقدمة شعوب الحضارة الإنكليز والفرنسيين وأصبحت الصين دستورية في حكومتها وستعود إلى سكانها أخلاقهم الحربية فيضطر الناس إلى احترام ألوانهم ومعتقداتهم والزنوج سائرون على سنة النشوء بسرعة تلقي الاضطراب في نفوس أشياع المتوهمين بالعناصر والألوان وقد ارتقى الزنوج في الولايات المتحدة منذ ستين سنة ارتقاء أنسى أن أصلهم أفريقي ولكن لا يمحو سيئات جنون البشر قروناً قرن في التعقل ولا بد أن تظل الحروب الآن بين أبناء آدم إذ تصبغ أديم الأرض بالدماء بضعة أجيال أخرى ويبقى للبلاد العظيمة من حيث حضارتها الحق أن تكون قوية لئلا تفقد في حروب الغد تراثها من الحكمة والجمال.
وإنَّا إذا أطلقنا اليوم كلمة عنصر فذلك لأنها أصبحت مشابهة لكلمة بلاد أو سكان البلاد فليس معنى قولنا عنصر الفرنسيين أنه كلهم من أصل غالي كما يدعي بعضهم بل قد امتزج بهم نحو ستين عنصراً وشعباً أقانت في فرنسا أو اجتازت بها فمنهم الاكيتون والبلجيكيون والغاليون والليكوريون والسميريون والنوتونيون والسويفيون والألمانيون والسكسونيون والفانداليون والسمرتيون والسبكيون والفسكونيون والفينيقيون الذين أكثروا من المستعمرات ومن جملة مستعمراتهم مدينة نيم وهي أجل مدنهم ثم العرب والسلافيون والفيندليون والتفاليون والروثنيون والاغاتيرسيون والبورغونديون والبلاسجيون والصليبيون والثيرنيون والاتروسكيون واليهود المراكشيون والأندلسيون الذين زحزحهم ديوان التفتيش عن أرضهم وديارهم ثم أن الفرنسيس الويغريون والمغول والهونسيون والاوز والخزر والابر والكومانيون وغير ذلك العناصر والشعوب مثل البولونيين والهلفتيين (السويسريين) والايبريين (الإسبانيين) وغير ذلك وربما بعض الزنوج.
فوحدة الدم ليس بينها وبين ما تمتاز به أمة من الصفات الأخلاقية والعقلية بل أن امتزاج دم الشعوب بعضها ببعض تزيد في قيمة الشعوب والعناصر وما يدعيه بعضهم من أن العنصر الألماني كان اليوم أرقى من العنصر الفرنساوي لأنه حفظ في دمه شيئاً كثيراً من أصله وهو غلط ووهم لأن العنصر الآري والمدنية الآرية والجنس الآري لم توجد بل هي اختراع يكفي في تزييفه بأن قال بعضهم أن الآريين أتوا من الشرق وقال آخرون أن آسيا وغيرهم من الهند وآخرون من بكتريانيا وغيرهم من البلاد الواقعة بين بلاد أورال وبحر الشمال وادعى بعضهم أن الآريين أتوا من جنوبي غربي سبيريا وغيرهم أنهم من أواسط ألمانيا وغربيها وآخرون أنهم من الشمال وأكد غيرهم أن الآريين هم أوربيون حقاً هذه أقوال علماء اللغة فمنهم من يزعم أن الآريين أتوا من جنوبي غربي أوربا ومنهم من يقول بل من أواسط آسيا وغيرهم أنهم من الغولفا وآخرون من بحر البلطيق. وهكذا اختلف أولئك المشتغلون في ألوان الآريين وجماجمهم وقاماتهم ومدنيتهم وكيف مدنوا غيرهم وما كان عملهم وأظنهم لا يزالون مختلفين في الآريين قروناً بعد لأن الأوهام كالأكاذيب قد تطول حياتها ولا تأتي عليها الشدائد لتنسفها.
وما قيل في العنصر الفرنسوي يقال في العنصر اللاتيني على الجملة فإن الفرنسيس والطليان والأسبان والبرتغاليين والرومانيين والأرجنتينيين والبرازيليين وغيرهم من الشعوب الأخرى في أميركا الوسطى كل هذه الشعوب ليست من أصل واحد بل تختلف أصولها باختلاف سحناتها وما السحنات هي التي تربي الأرواح بل أرواحنا هي التي سحناتنا وماهيته الرؤوس التي هي تجمع بين الشعوب وتوجد بينها رابطة القرابة بل حالتهم المتشابهة في الاستمتاع بالحياة والعذاب بها.
ولقد كان يظن بعضهم أنه يقتضي مرور عشرة أجيال حتى يختلط شعب بآخر وتذهب من بينهما الفروق ولكن مثال الولايات المتحدة أمامنا لا يحتاج إلى عرض فكلما كانت الأمة قوية رحب صدرها وسهل عليها أن تدرس فيها الصفات الأجنبية ومنذ بضعة قرون لا تجد عنصراً خالصاً من الامتزاج بغيره ولا شعوباً تألفت من وحدات متشابهة معلومة.
وما الألمان في الحقيقة ونفس الأمر سوى البولونيين والأوبورترتيين والفانديين وغيرهم من القبائل والشعوب السلافية وهم الذين ساعدوا على تأليف ذاك العنصر بل قد قال نبتسش الفيلسوف الألماني وكان من أصل بولوني أن الجرمانيين الحقيقيين قد نزحوا إلى الخارج وأن ألمانيا الحالية في مرحلة تقدمها العالم السلافي.
ومثل ذلك يقال في الطليان فليسوا أبناء الرومان في الحقيقة بل فيهم أجناس كثيرة امتزجت دماؤهم بدمائهم فقد دخل فيهم السيسكانيون والليبورنيون وهم من الشعوب الأفريقية والبلاسجيون ومن تفرع منهم والاتروكسيون والسلافيون والسليتون واللونكبارديون والبيزانطينيون والفاليون والمصريون وايونان والأسبان والصقالبة واليهود والنورمانديون والعرب والبروتون والجرمان وغيرهم من العناصر والشعوب كالعنصر السامي وغيره فأين الدم الإيطالي الصرف.
وإن إنكلترا على اعتزالها في جزائرها لم تنج من اختلاط غيرها بها ففيها دم زنجي ودم أفريقي وفيها السرماني والجرماني والأبيري دع عنك الفرنسيس والألمان وغيرهم ممن امتزجوا بالدم الإنكليزي حديثاً. والإسرائيليون الذين يفاخرون بطهارة دمهم لا يستطيعون إلا أن يغضوا أبصارهم حياءً أمام الحقيقة التاريخية فقد كانوا قليلاً عددهم عندما وصلوا إلى فلسطين فامتزجوا بالعرب والفيلستينيين والهيتيين وغيرهم من القبائل وأعطوا دمهم إلى كثير من الأمم وتناولوا منها دمها حتى أن شعباً تركياً برمته اسمه الشازار قد دان باليهودية وانتشرت شريعة موسى في العالم وأدخلت في مجموعها من كل العناصر.
فالشعوب كالأفراد ليست كبيرة بأصولها التاريخية ولا معنى لاسمها وعددها ما دام الشك يتطرق إليهما والذي يهم في الأمم كنزها العقلي والأخلاقي وفضائلها الغيرية التي طبعت عليها أرواحهم ونور عقولهم الذي يطوف الأقطار والأمصار. وما من شعب يسمو على آخر وينحط عنه من حيث تركيبه بل أن هناك شعوباً تقل مدنيتها أو تكثر وتحسن المأتى أو لا تحسنه في جهاد الحياة والواجب على أمة تريد أن تمزج غيرها بها أن توجه عنايتها إلى أفكار الشعوب وتستميل أرواحهم. وما سعي روسيا في جعل جميع رعاياها روساً وسعي جرمانيا في جعل أهلها كذلك وسعي العثمانية في تتريك عناصرها وكل ما تعمد إليه هذه الدول من وسائل القضاء على القوميات إلا عقيمة باطلة فقد اضمحلت بوهيميا تحت السلطة النمساوية قروناً كثيرة وأخرج شعبها من عداد الأحياء ودثرت لغتها وآدابها ولكن الشعلة الضئيلة الوطنية بقيت حية تحت جبال من الرماد ولما سكنت العاصفة عاد التشك وأظهروا ذات يوم أنفسهم وعنصرهم ومقاومتهم للألمانية أكثر من ذي قبل. وجزيرة كريت الصغيرة الباسلة التعسة ستنضم عما قريب إلى يونان على الرغم من عناد الحكومة العثمانية (؟) وعمى رجال السياسة وكذلك الحال في بولونيا وفنلندا. وإن الاستيلاء على الشعوب استيلاءً وحشياً قد مضى وانقضى فالواجب استمالة القلوب واستتباع الأرواح وأن الأمل الذي يدفن في أعماق القلوب أقوى من طرقات المطارق على أجسامنا فالأمم تحيا ما دامت لا تريد أن تموت.
الصحافة الإنكليزية
زاد في الخمسين سنة الأخيرة نفوذ الصحافة اليومية وقوتها في المجتمعات الحديثة بحيث أصبحت إحدى الأدوات الهائلة التي ما قط استعلمت لخدمة المطامع والحاجات البشرية. فقد أصبحت السياسة والأعمال ونشر الأفكار العالية والدفاع عنها وخدمة المصالح المالية والاحتيال لها العضد العام والعامل الأكيد. فهي للمؤرخ الاجتماعي بانتشارها العجيب ودخولها يكثر في جميع أعمال الحياة الاجتماعية ذات فائدة قوية ومن تأمل آثار الصحافة في بلد وأسلوبها ومراميها يتأتى له أن يحكم حكماً معقولاً صحيحاً جداً على مميزات تلك الأمة الاقتصادية والأخلاقية وعلى درجة عقولها وضعفها وقوتها وإيغالها واسترسالها وعلوها ونزولها في سلم الاجتماع. وعلى كل جريدة أن ترضي الأميال لتحيا وتعيش وتخاطب عقل قرائها وما مجموع صحافة كل أمة إلا أثر من آثار ترقيها.
وما من مبحث أفيد وأعلق بالأذهان في هذا الشأن أكثر من الارتقاء الذي حدث في الصحافة الإنكليزية فإنها مثلت الأطماع والعظمة وكل ما فكرت فيه إنكلترا واهتزت. وصحافتها أسمى من صحافة منافسيها بما فيها من الحياة واتساع العمل وكمال الأسلوب وجلاء المبادئ التي تديرها والبحث فيها درس لا نظير له للمؤرخ والصحافي. ويرجع ارتقاء الصحافة الإنكليزية إلى أسباب عديدة منها ما هو آت من عنصر الإنكليز وعقله ومنها يرجع إلى ضرورات مادية حاضرة فالصحافة الإنكليزية لا تضاهيها صحافة مثلها بمعداتها وتنظيمها المادي المنقطع القرين وما مثلها صحافة تشخص على ما يجب روح بلادها وتؤثر مثل تأثيرها في الفكر العام والمصالح العامة ولم تبرح منذ قرن تدير دفة السياسة البريطانية وتوحي إليها الخطط الواجب ابتاعها وأن إنكلترا لمدينة بقيام ملكها ومجدها لرجال صحافتها لما تنبأوا به عن جرأة لمستقبل بلادهم ولما فطروا عليه من الوطنية العاقلة على نحو ما هي مدينة بجندها ورجال سياستها.
ولقد كانت منافسة صحافتها على شدتها تظل دائماً إلى الأدب شكلاً ومعنى وما قط عمدت إلى الابتذال لأنها لا تراه كذلك ولا ترى الشتائم حجة ففي كل حوار كانت تعرض الشيء ونقيضه بعدل يدهش كل من لا يعرف أخلاق الإنكليز السياسية. وقد اجتهدت الصحافة الإنكليزية زهاء قرن إلى عهد ظهور الصحف التجارية بأن وضعت نصب عينيها في كل حال المصلحة العامة قبل المصالح كلها. ومهما كان من حالة الأحزاب التي تنسب إليها جرائدهم فمديروها لا يبيعون جرائدهم من الحكومة فليس لحكومة إنكلترا نفقات سرية تصرفها للجرائد ولا في نظاراتها موظفون يعهد إليهم أن يعطوا الصحف إيضاحات فجرائدهم لا تنطق بلسان الحكومة ولا هي غير رسمية ولا نصف رسمية.
والفضل في ارتقاء صحافة إنكلترا رخص أسعارها وقبل صدور جريدة الديلي ميل منذ 14 سنة لم يكن في إنكلترا جريدة يزيد ما يطبع منها 250 ألف نسخة ولا تباع النسخة بأقل من عشرة سنتيمات. وجريدتا الديلي تلغراف ووالبال مال غازت وهما للطبقة العالية والوسطى لم يقرب المطبوع منهما من هذا القدر وعلى ما بذلتاه من العناية ظلتا واقفتين. وجريدتا التيمس والستندارد اللتان بمركز أدبي راق كان يتأتى لهما زيادة المطبوع منهما لو صحت عزيمتهما عليه ولكنهما لم يريا حاجة ولا رغبة في ذلك فكانتا تتحكمان في إعلاناتهما بقدر ما تستطيعان ولم تجد حاجة للاستكثار من القراء أن تسرا مع الأذواق الجديدة أو تمسا مبدئيهما وخطتيهما وإذ كانت هاتان الجريدتان تصف حروفهما بالأيدي وتطبعان على عدة ورقات من 12 إلى 32 ورقة على ورق جيد قد يقع ثمنه قبل طبعه أغلى من القيمة التي يباع بها من الجمهور لم يكن أمامهما لكثرة المطبوع منهما إلا الإعلانات تتحكمان فيها تحكماً يسد به العجز في ميزانيتهما.
ولما ظهرت الصحف التي تباع بخمسة سنتيمات على ورق رخيص مطبوعة ومصفوفة بآلات كاملة اتجهت الصحافة وجهة ثانية وتعدل بها الرأي العام والسياسة البريطانية وتأثرت الصحف القديمة في منافسة الصحف الحديثة كل التأثر وكانت تميل إلى رأي المحافظين ويقرؤها أهل الطبقة العالية أو الوسطى بخلاف الجديدة التي كانت ذات آراء متقدمة وقراءة كثيرين من العامة وخلفت جريدة الديلي ميل جريدة الايكو فظهرت الصحف الحديثة في مظهر أحسن من مظهر القديمة حسنة التحرير وافرة الأخبار كالصحف القديمة فلم تلبث أن أحرزت ثقة السواد الأعظم وإيثارها لها واقتطعت ألوفاً من قراء منافسيها حتى عجزت كثيرات من هذه عن المقاومة فانقطعت عن الصدور واضطرت أخرى مثل الديلي نيوز والديلي كرونيل أن تتخذ الأساليب الجديدة وتعدل خطتها وتنزل أمانها فجددت بذلك شبابها وأظهرت الجرائد العظمية كالتيمس والستاندارد والمورنن بوست والغلوب شيئاً من العناد وأخذن يعشن بشهرتهن القديمة وثروتهن التالدة وذلك بفضل إخلاص قرائهن الدائم لهن ولكن التيمس والستاندارد وهما مثال التدقيق المفرط والتقاليد المجسمة عادتا فجذبتا الضرورات التجارية ومالتا إلى تكثير المطبوع من لإعدادهما والميل بصحيفتيهما نحو الديمقراطية في مظهرها وبالصحافة الرخيصة تسربت إلى الجمهور أفكار جديدة نبهته إلى الحياة السياسية وقوت عزيمته فصحت إرادته على الانتفاع بها فهبط نفوذ الإشراف والطبقات الوسطى القديمة وارتفع نفوذ الاشتراكية السياسية وتحطمت الأحزاب القديمة بحيث عجزت عن البقاء أو كادت ودعت الصحف الجديدة إلى معاضدة العملة وبالغت وأكثرت في الدفاع عن قوانين التضامن والمعونة حتى كادت تضر بمصلحة الوطن كل ذلك لتستميل قلوب القوم وتستكثر من القراء وكان في مقدمة الجرائد المسموعة الكلمة في هذا الباب الساهرة على إرضاء الجمهور بالتنزل إلى درجة أفكاره جرائد الدايلي مايل والدايلي اكسبرس والمورنن ليدر التي أخذت بعد قليل من صدورها تطبع مئات الألوف.
وجريدة الديلي ميل هي التي أحدثت هذا التبدل في مظهر الصحافة الإنكليزية وأفكارها وصاحبها واسمه الفرد هرمسورت يدير اليوم بنفسه أو بواسطة رجاله معظم المشروعات الصحافية في إنكلترا. بدأ مديراً لجريدة أسبوعية أسست سنة 1888 وكانت أوشكت أن تكون إلى خطر بصنيع القائمين عليها فأورثها في أقل من سنة حياة خارقة للعادة بحيث بلغ المطبوع منها 78 ألفاً بعد أن كان 13 ألفاً وذلك بأن فتح سباقاً بين القراء ينال فيه جوائز مالية كل من يوفق إليها كأن يضع لهم سؤالاً وهو من يقدر كم دخل مصرف إنكلترا من النقود المعدنية والذي يحزر يكون له راتب يتقاضاه طول حياته قدره ليرة كل أسبوع فاهتم الجمهور لهذه المسابقة وكانت النتيجة بعد أقل من ثلاثة أسابيع أن ارتفعت المبيعات من جريدته الأسبوعية من 78 ألفاً إلى 200 ألف.
وهكذا جرى الصحافي في كل المشروعات التي قام بها بالإيداع في الأسلوب والتيقظ والبذل في سبيل إنجاحها ولما أصدر جريدة الديلي ميل في 4 أيار سنة 396 لم يبع منها نسخة بل أرسلها إلى الوكلاء وجعلها في المستودعات وكان يطبع منها كل يوم مائتي ألف على أسلوب كل مستحدث ولم يكتب له النجاح بعد شهر من صدور جريدته إلا لأنه عرف حاجات الجمهور ورغائبه فقد كان القوم قبله يتلون الجريدة ليقفوا على رأيها في الحوادث والرجال ويأخذوا منها وذلك بأثمان تختلف من العشرة إلى العشرين إلى الثلاثين سنتيماً يبذلونها ولا يخافون أما اليوم فإنهم يبتاعون الجريدة للوقوف على ما يجري مثل الأنباء الخارجية والحوادث المختلفة وأخبار المحاكم والآراء في الأزياء والرياضات مهما يهتم له جمهور الناس ويميل إليه أكثر من جميع المناقشات الفكرية يريد أن يتناول معلومات بأرخص الأثمان وقد نشأ هذا النشوء في الأفكار في حالة الحياة الجديدة وما تتطلبه من السرعة والمضاء ومن انتشار التعليم العام وكان الفضل لصاحب الديلي ميل الذي لاحظ ذلك قبل غيره وعرف من أين تؤكل الكتف فيه ففي جريدته مثال جديد من الفواصل بين الحوادث واختصار في النصوص وقليل من الإنشاء المكلف المدبج وكثير من الحوادث فتقدر بنظرة خفيفة أن تطلع في خمس دقائق على كل ما حدث ونقل في جريدته المقالات الافتتاحية وتكثر فيها الحياة والعنوانات تلفت النظر أبداً واللهجة أقرب إلى العامية والطبيعة والرسائل البرقية والنظرات الإجمالية مختصرة على الجملة والحوادث كثيرة فالقارئ يتلوها بسرعة غير محتاج إلى تأمل وغاية ما يلزمه قليل من الانتباه فجريدته ولا جرم جريدة رجل العمل المستعجل الجريدة التي تقرأ في المركبة والحافلة والسكة الحديدية والمرء مأخوذ بعمله وبعبارة أصح جريدته حديثة النشأة فهي تحوي جميع الأخبار التي تنشرها الصحف القديمة بتأسيسها ولكنها أجمل في الأسلوب وأقل كلفة على الجيوب أي أن ثمنها نصف ثمن أرخص الجرائد القديمة.
وأما التيمس فقد أنشئت سنة 1785 وهي صاحبة المقام الذي لا يبارى بين صحف العالم بسعة واردها وكثرة أخبارها وصحتها وشدة استقلالها وحسن تلقي آرائها وكانت في أحرج ساعات إنكلترا صوت هذه الدولة وفكرها وهي من حيث الماديات لا تجارى كبيرة الحجم تطبع على ورق ذي 16 إلى 24 صفحة حجم كل منها أربعة أمتار مكعبة وقد حسبوا ما تحتاجه إدارتها كل صباح من الورق فكان عرضه مترين وطوله خمسمائة كيلو متر وورقها جميل متين وحروفها دقيقة حسنة التنسيق والوضع آية في تصحيحها وقد راهن أحد اللوردات على مائة جنيه بأن يخرج لها خمسين غلطة فأحدق في ستة أعداد منها حتى أحصى لها ثلاث غلطات مطبعية وفي إدارتها أربعون شخصاً إذا وقعت لأحدهم أدنى غلطة يطرد من وظيفته ويؤكدون أن أحد كبار مديريها قد أجلس في قاعة الانتظار أحد زوار إنكلترا أكثر من ساعة بينا كان يفتش عن كاتب مقالة مسؤول عنها نسي أن يضع علامة الاستفهام بيد أن قراء التيمس إذا عثروا على غلطة مطبعية لا يلبثون أن يشعروا الإدارة في الحال. ولكثرة عناية التيمس في مستنداتها ومراعاتها الذمة في نقولها وتجويد إنشائها أصبحت المجموعة التي تنشرها إدارتها كل سنة في الأحكام الصادرة أشبه بمجموعة دالوز في القوانين لا يعتمد في التاريخ إلا عليها. وأسرة ولتر هي مالكتها وقد أصبحت منذ سنة 1908 لنقابة خاصة يرأسها أحد أبناء مالكيها الأول ولكن ألفرد هرمسورت صاحب الديلي ميل وكندي جون هما يدها العاملة وروحها المدبرة.
وتجيء بعد التيمس جريدة الديلي تلغراف أنشئت سنة 1855 وشهرتها عظيمة وهي بإعلاناتها أشهر جريدة في إنكلترا بل في أوربا وتأثيرها الأدبي والسياسي أقل من التيمس ولكن أخبارها كثيرة واسعة النطاق وهي التي اشتركت مع جريدة نيويورك هرالد وبعثت هنري ستانلي للمرة الثانية للبحث ع داود ليفنكستون الذي اهتمت له إنكلترا وكان من ذلك افتتاح الكونغو وأصقاع البحيرات العظمى في أواسط أفريقية. وجريدة المورنن بوست أول الصحف اليومية بإنكلترا أنشئت سنة 1772 وهي لسان حال المنورين والإشراف تدعو إلى التوسع في الاستعمار وتخالفها الديلي نيوز وهي تدافع عن المسائل المهمة فقد دافعت عن إيطاليا ويونان وبلغاريا وأرمينية وارلندا وحملت على عدائهن حملات منكرة وهي الصحيفة الوحيدة التي لا تنشر أخبار المسابقات والرياضات. وجريدة الديلي كرونيل هي الجناح الأيمن للأحرار والستاندارد أسست عام 1827 مقبولة جداً في عاصمة الإنكليز وبين الأشراف المتوسطين وأشراف الأرياف. وجريدة المورنن ليدر غريبة مقبولة من العامة بترتيبها ووضعها وكثرة مكاتيبها في الخارج كثرة لا تضاهيها فيها جريدة اللهم إلا التيمس والديلي تلغراف. ثم تجيء الصحف الأسبوعية التي تصدر يوم الأحد فمنها جريدة النيواوف دي ورلد وجريدة اللويد وكل منهما يطبع مليوناً وأربعمائة ألف نسخة.
بين هذه الصحف نشر صاحب الديلي ميل جريدته فنطر نظرة بليغة فيمن تقدمه فلم ير أن يسبقهن في إنشاء جريدته ولا في رخصها ورأى أن إصدارها قبل ميعاد الصحف مما يهيئ لها قراء كثيرين خارج لوندار فقد كانت صحف هذه العاصمة تطبع بين الساعة الثانية والثالثة بعد نصف الليل وتسافر الساعة الخامسة في القطارات فتصل إلى الأماكن التي تبعد مائة كيلو متر عن لندرا وقت الفطور وإلى الأماكن البعيدة ثلثمائة واثنين وعشرين كيلو متراً حوالي الظهر فاكترى صاحب الديلي ميل قطارات خاصة لجريدته تسافر إلى الجهات المختلفة فتوزع جريدته إلى أيعد الأماكن قبل أن يتناول المطالعون جرائد ولاياتهم نفسها مخافة أن يكتفوا بهذه عن مطالعة الصحيفة اللندنية وكان لذلك يطبع جريدته قبل ساعة ثم قبل ساعتين من طبع رصيفاته وبذلك استغنى كثير من القراء خارج لندن عن سائر صحفها وبعض صحف الولايات وارتفع معدل ما يطبع من الديلي ميل بعد بضعة أشهر من 250 ألفاً إلى 475 ألفاً ولم يلبث أن صار 700 ألف ولم تصل إلى السنة الثالثة حتى بلغ المطبوع منها مليون نسخة وأصبحت اليوم تطبع مليوناً ومائتي ألف نسخة في حين تطبع التيمس 55 ألفاً فقط والديلي اكسبرس 700 ألف والديلي تلغراف 350 ألفاً والديلي نيوز 300 ألف والمورنن ليدر 350 والستاندارد 120 ألفاً والديلي ميرور 90 ألف وجريدة إيفنن نيوز وهي فرع للديلي ميل تصدر في المساء ويطبع منها 250 ألفاً. وقد فكر صاحب هذه الجريدة في شمال إنكلترا فرأى مدينة منشستر على ثلاث ساعات ونصف من لندار متوسطة بين بلاد إيكوسيا ونفوسها 750 ألفاً وهي مركز تجاري مهم فأنشأ فرعاً لجريدته هناك فيها جميع ما في جريدته اللندنية من الأخبار والمقالات منها ما يرسله من لندرا مع البريد ومنها ما يرسله على لسان البرق فتخرج الديلي ميل في منشستر في الوقت الذي تصدر فيه في لندن وبذلك تسنى له أن يبيع من الجريدة الثانية مائتي ألف نسخة فيكون مجموع ما يبيع من الديلي ميل 1. 400. 000 وقد أصدر فرعاً لجريدته في باريوبيبغ منه عشرين ألف نسخة كل يوم وأحبت بعض منافساته أن تحذو حذوه ولكنها لم تفلح لأنه أخذ دونها المقام الأول في القاصية كما أخذه في الدانية.
وأغرب من هذا وذاك أن صاحب الديلي ميل أصدر فرعاً من جريدته بحروف برايل الناتئة يصفها عميان ويطبعونها ويوزعونها وهي للعميان فيها الأخبار السياسية وغيرها تصدر مرة في الأسبوع في 16 صفحة وهذه الجريدة هي لخدمة الإنسانية المحضة وذكرها أجمل سطور في تاريخ الصحافة المصرية.
وبانتشار الديلي ميل إلى هذا القدر أقبل أرباب الإعلانات عليها وآثروها عل غيرها ولولا ذلك ما استطاع صاحبها أن يتكبد مثل هذه النفقات واستعمل أساليب التجارة في اصطياد المعلنين فلم يكتف كغيره من أرباب الصحف أن يقصد المعلنون إدارته بإعلاناتهم بل أخذ يبعث برسله إلى التجار يقاولونهم على إعلاناتهم. والإعلان في إنكلترا أهم أسباب التجارة بدونه تقل الأرباح كما قال بعضهم بل أن امتناع الصحف يوماً واحداً عن نشر إعلانات التجارة أصعب على الأمة من وقوف السلكك الحديدية وانقطاع الأسلاك التلفونية والبرقية ويكفي أن لندن وحدها تنفق في السنة على الإعلان فقط ملياراً ونصف مليار فرنك - انتهى ما عربناه عن المجلة الباريزية وعسى أن يكون فيه لهل الصحافة العرب غناء فيطرسون على آثار الصحافة الإنكليزية الراقية.
موظفو فرنسا
الغالب أن فرنسا أكثر بلاد الحضارة موظفين ففيها الآن 967855 موظفاً على اختلاف الطبقات وإذا أضيف إليهم موظفو الجزائر وتونس وغيرهما من المستعمرات الفرنسوية يتقاضون رواتبهم من ميزانية تلك البلاد ناهز الموظفون من الفرنسيس مليون موظف فكان لفرنسا موظف واحد لكل 38 مكلفاً يتقاضون في السنة ملياراً وخمسمائة وعشرة ملايين يضاف إليها 108 ملايين رواتب رجال الملكية و 170 مليوناً رواتب العسكرية.
بين القاهرة والرأس
عزم رجلان ألمانيان أحدهما ضابط والآخر جيولوجي أن يجتازا المسافة بين رأس الرجاء الصالح والقاهرة في السيارة (اتوموبيل) والمسافة بين البلدين عشرة آلاف كيلومتر وذلك ليتأكدا إذا كان يتأتى لهذه المركبة أن تحمل ركاباً وبضائع بين جنوبي أفريقية وشماليها وسيقطران مركبة أخرى إلى السيارة التي تقلهما وتكلف نفقات إنشائها مائتي ألف مارك على أن الخط الحديدي المنوي به ربط تينك المدينتين إحداهما بالأخرى قد تم بعضه ومؤخراً افتتح فرع من واد مدني إلى سنار وقد بلغ طوله ما مدَّ منه من الجنوب 1501 ميل (نحو 2400 كيلو متر) والفرع الجنوبي تسير قطاراته الآن من كبتون إلى المحل المسمى ستار أوف كونغو في مملكة الكونغو الحرة أي على مسافة 2312 ميلاً (نحو 3700 كيلو متر) فيبقى بعيداً عن الخطوط بعد 2060 ميلاً (3200 كيلو متر) فيكون على هذا التخطيط طول هذا الخط كله 5873 ميلاً منها 3813 ميلاً قد نجزت والقطارات تغدو فيها وتروح وستجعل لها طبقة رابعة للفقراء.
سكان طرابلس
احتفل في الشهر الماضي بافتتاح الخط الحديدي بين طرابلس والشام وحمص وطوله 100 كيلومترات يقف القطار في ثماني محطات ويقطع المسافة بين البلدين في أربع ساعات وهو من الخطوط العريضة مثل بعض الخطوط الحديدية في سورية وبهذا الخط أصبحت كثر من مدن الداخلية في سورية مرتبطة بالسواحل فأول ما ربط منها يافا بالقدس ثم تبعتها دمشق بيروت فحوران ثم خط حيفا ودمشق وحيفا درعا المدينة وربطت بيروت بحلب واليوم ربطت طرابلس بحمص وما والاها.
كتب أولاد
من مقالة لأحد العالمين من الأوروبيين أن كتاب الولد يجب أن يحوي شرطين رئيسيين أن يعجب القارئ به ويهتم له والإعجاب به يكون بما يحويه من الصور والاهتمام له يكون بما تضمنه من الموضوعات اللطيفة وهذه الصفات تحتاج لتأليف كتاب من هذا النوع إلى رجل مفنن ورجل كاتب وأن يكون كلاهما مفطورين على معرفة مخاطبة الأولاد وقلما يتوفر ذلك. وقليل في كتب الأولاد المفيد لان الأسفار التي تجعل بين الأطفال هي في العادة سقيمة الإنشاء عليلة التصوير كأن المؤلفين والمصورين يقصدون إلى إدخال السآمة على نفوس الصغار بما يكتبونه ويرسمونه على ما اتفق فالقصص التي يوردونها مملة يريدوا أن يعلموا بها بدون أن يسألوا وأن يعطوا دروساً في الأخلاق والتهذيب لا تستميل قلوبهم وليست سوى مواعظ وما أحرى تشبيهها بحقول بائرة لا تنبت فيها زهرة ولا تجد فيها ما يبعث حماسة الشبيبة نعم هي صور مضحكة يفهما الولد على حسب مداركه ولكنها لم تخرج عن كونها قصصاً عامية ينضم فيها الابتذال إلى فساد الأحكام. فارغة لا جاذب فيها تتعب قارئها إذا قرأ منها الصحف الأولى فيتخلى عنها قبل أن يتمها. فالآداب التي يدرسها الأطفال هي ولا جرم مخالفة للمقصد منها في معظم البلاد. قلنا هذه شكوى البلاد الإفرنجية من رداءة كتب الأطفال عندهم وهي ما هي فما هو الحال إذاً في مدارس البلاد العربية.
تجار الأميركان
لكل مخزن كبير في الولايات المتحدة مدرسة خاصة لتعليم مستخدميها وبائعيها تعليماً تجارياً خاصاً يدربون في الغالب كما يدرب الجند لان تجار الولايات المتحدة قد أيقنوا بأنه يصعب إيجاد مخازن كبرى إذا لم يكن فيها نظام مدقق ولذلك يدخلون الصبيان والبنات إلى هذه المدارس في الرابعة عشرة من سنهم فيعلمونهم في الصباح الحساب والإنكليزية ليجيدوا التكلم بها كما يعلمونهم الإفرنسية ويمرنونهم نصف ساعة على الألعاب الرياضية كل يوم لتكون حركاتهم منتظمة شأن المستخدم اللبق وفي النهار يشغلونهم في أعمال المحل ولكن بدون أن يختلطوا مع الزبن. وبعد تمرينهم ثلاثة أشهر على هذا النحو يبدأ بتعليمهم معرفة الأصناف التجارية وفي المساء يعلمونهم شيئاً من التعليم النظري فيدرسون مثلاً كيفية عمل البضائع ومحال عملها بحيث يستطيعون بعد أن يلقوا درساً مختصراً لمن تريد أن تبتاع زوجاً من الجوارب ويوقفونهم على علم النفس لان هذا العلم نافع لهم نفعه للقصي والعالم. وأمهر البائعين المرغوب فيهم هم أهل ارلندا.
التلغراف اللاسلكي
زيد في هذا التلغراف اختراع جديد مركوني نجح بواسطة طيارة تنقل في النهار رسائل برقية كهربائية إلى مسافة 560 كيلو متراً وكانت رسائل التلغراف اللاسلكي حتى الآن لا تنقل إلا في الليل خاصة وبهذا الاختراع الجديد يمكن إرسالها في كل ساعة وإلى كل مكان وينحل الأشكال الذي كان ناجماً عن المخابرة التلغرافية من سفينة مبحرة مع أي محطة في الشاطئ كانت.
حمى مالطية
ثبت أن الحمى تنتقل في لبن الماعز وذلك لأن الحكومة منعت الحامية هناك من إعطائهم لبناً حليباً في جملة الجراية اليومية. وكان ثبت أن لبن البقر ينقل جراثيم السل ولا يفيد فيه إلا التعقيم الشديد.