الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 62/أخبار وأفكار

مجلة المقتبس/العدد 62/أخبار وأفكار

مجلة المقتبس - العدد 62
أخبار وأفكار
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 1 - 4 - 1911


العين الكهربائية

اخترع الأستاذ روزنك الروسي آلة تكون بمثابة عين كهربائية تظهر بها اضطرابات المعدة وأسرار أعماق البحار وأسرار البراكين بجلاء ووضوح كما تتمثل لنا إذا كانت أمام العين مباشرة وقد بناه على الاكتشاف الحديث للأشعة الكاتوديكية فينطبع الموجود بمرآة من نوع الروتاتيف وتظهر الصورة بتأثير مجرى كهربائي، ويتأتى إنزال هذه الآلة إلى قعر البحر ووسط البركان والمعدة كما ينزل المسبار لسبر الأبعاد فيها فترى الأشياء في الظلمات كما ترى في النور بل ترى بها المعادن المدفونة في بطن الأرض إذا أريد أن ينظر فيما إذا كان ثمت خطر على العملة في المناجم ويفيد هذا الاختراع فوائد كلية في الأعمال الصناعية وفي الفنون الحربية والبحرية وفي غير ذلك وبهذه الآلة تتم عدة اختراعات كانت موقوفة على مثل هذه العين الكهربائية.

تعقيم اللبن

اخترع الدكتور هرنغ من فارسوفيا آلة لتعقيم اللبن تقتل بها الجراثيم الضارة بدون أن يفقد شيئاً من خاصيته وذلك بأن يغلى من 65 إلى 70 درجة ثم يبرد بواسطة هذه الآلة التي تعقم من 200 إلى250 سنتمتراً مكعباً من اللبن والآلة المذكورة حوت الشروط اللازمة التي يحفظ بها اللبن خاصياته الطبيعية والكيماوية ولونه وطعمه ورائحته ومواده الدهنية وغيرها وبها يتأتى إبقاؤه ثمانية أيام بدون أن يحمض.

برزخ جديد

عمدت روسيا أن تفتح برزخاً يصل بحر البلطيق بالبحر الأسود وطول هذا البرزخ 2150 كيلومتراً ويقدر ما ينبغي لذلك من النفقات 450 مليون فرنك تكون السهام للروسيين فقط كما تكون جميع الأدوات اللازمة لهذا العمل روسية محضة ويقول القائمون به أنه يرجى أن يكون دخل هذا الخليج 80 مليون فرنك كل سنة.

صرعى الكتب

يذكر القراء اسم المسيو البرسيم مؤلف الكتاب (المقتبس م3 ص377 و457 و735)

الباحث العلامة الذي أثبت بأن عمرو بن العاص لم يحرق مكتبة الاسكندرية في الفتح بأم عمر بن الخطاب على ما يتهمهما بعضهم بذلك ظلما وقد كتب المؤلف الآن مبحثاً في المجلة الافرنسية قال فيه ما حاصله: شدد (جول فالي) في كتابه الأخير في كلامه على تأثيرات الكتاب السيئة فقال أنه طالما آذى قارئه بما ينبعث منه من الأفكار وخصوصاً كتب الأقاصيص والسير والغرام فلا تجد منتحراً إلا وقد سبقت له مطالعة أساليب الانتحار في كتاب ولا امرأة غادرت بيتها متهتكة إلا لأنها تلت القصص الغرامية ولا قاتلاً إلا سهلت له ما هو بسبيله مطالعة الكتب وكم أثرت الكتب في كبار الرجال فكانوا صرعاها في الحقيقة أمثال مورجة وموسه وبالزاك وساند، قال سيم أما الكتاب على التحقيق فهو كاللسان كما قال ازوب في الخير والشر هو رابطة الحياة المدنية ومفتاح العلوم به تعمر المدن وتنظم وبه يعلم الناس ويقنعون ويحكم الحاكمون والمسيطرون وبه تتم أول الفروض على المرء من حمد الله كما أنه اشر ما في العالم وأصل كل خصام وبلاء ومولد القضايا ومبعث الشقاق والحروب فإذا قيل أنه لسان حال الحق فهو أيضاً لسان حال الضلال بل النميمة والغيبة.

فالمؤلف إذاً قد غالى في وصف سيئات الكتاب فنظر إليه من وجه وترك الوجه الآخر وهو وجه الحسنات وفاته الخير الذي يسد به والعلم الذي ينشره والعزاء الذي تتعزى به النفوس والغذاء الذي تتغذى به الأرواح فقد قال سلفستردي ساسي: ما قط عراني ألم من الآلام التي تداهم القلب إلا وعالجته فزال بمطالعة ساعة وقد قال الفيلسوف شيلر يخاطب قريحته: ماذا أكون أولاك أني أجهله ولكنني أرتعش عندما أرى مئات وألوفاً من الناس حرموا منك، ولذا أتوخى هنا أن ألقي نظرة فيمن أحبوا الكتب وأولعوا بها وجعلوا فيها لذتهم بل سمرهم بحيث خصوا بها كل شيء وصرعوا بها مختارين راضين.

وكم من مولع بالكتب طال عمره كأن الكتب مما يطيل حبل الأجل فلو تتبعت سير الرجال منذ عهد ايراتوستين (276 - 195 ق. م) إلى دانيال هوية (1630 - 1721) لوجدت كثيرين من المعمرين المولعين بل المتجننين يحب الكتب ومنهم كيتي الفيلسوف والعالم تيرس والعالم كيزو واللغوي لتره والعالم ارنست لوكوفيه وغيرهم من المعمرين من أهل القرن الماضي والذي قبله وما منهم من قصرت سنه عن السبعين ومنهم من بلغ المئة وأكثر، وشيخ رجال الأدب اليوم في فرنسا المغرم بالكتب المشهور فرنسوا فرتيول بلغ السابعة والتسعين من عمره ولا يزال إلى اليوم في صحة ونشاط بين كتبه الكثيرة وأحبابه الموالين له.

وأقدم صرعى الكتب ايراتوستين الفيلسوف الجغرافي الرياضي اليوناني من أهل القرن الثالث قبل المسيح دعاه بطليموس من آثينة إلى الاسكندرية ليفوض إليه إدارة المكتبة التي أنشأها فيها وإذ كف بصره في آخر عمره آثر الموت على أن يحرم من مطالعة الكتب ويحرم من دروسه المعتادة فانتحر جوعاً، وأحدث صرعى الكتب شارل ديديه (805 - 1864) مؤلف رحلات كثيرة على الشرق كف بصره فآثر الانتحار على العيش بدون تلاوة وهذا فعل، ومثله ستانيسلاس كويارد (1846 - 1884) العالم المستشرق استاذ اللغة العربية في كوليج دي فرانس فإنه لما استحكم منه المرض فضل الانتحار على أن يعيش في راحة اضطرارية منقطعاً عن عمله، ومثله الطبيعي الباحث الألماني اميل بسلس (1847 - 1887) أضاع في غرق مجموعاته الثمينة وسطت النار بعد سنين على مكتبته وجميع مخطوطاته فرأى الانتحار أفضل من تحمل ألم تلك الرزية التي أصابته.

ومات بريان الأميركاني حزناً على كتبه الثمينة وكان أعطاها في حال غفلة لإحدى المكاتب ومات كوجه الافرنسي لأنه رأى عشرة آلاف من كتبه تنتقل إلى يد غير يده وكذلك اللغوي ريشارد برونك مات لأن الحالة المالية اضطرته أن يخرج عن ملكه بعض كتبه العزيزة، ومن الناس من حزنوا وهلكوا لما رأوا مجموعاتهم تنهب أو تعطل وكم من علماء وأدباء وخازني كتب قضوا بما وقع فوق رؤوسهم من الكتب والأسفار الثمينة الثقيلة أو وقعوا من سلم وهم بصدد وضع كتاب في بيته أو رفه أو إخراجه منه وكم من عالم أحرق كتبه بإهماله وذلك بشمعة سرى لهيبها إلى ورق أو أحرق نفسه بشمعة كما فعل تيودورمومسن المؤرخ الألماني الذي نقل النار إلى شعره الطويل الأبيض فمات من أثر حروق وكم من مولع بالكتب مثل بولارد (1754 - 1825) الذي جمع مكتبة فيها ستمائة ألف مجلد ملأ بها تسعة بيوت وأنهكه التعب في جمعها ونقلها فكانت سبب هلاكه.

ومن الناس من قضوا على أنفسهم بصنعهم وانصرافهم إلى المطالعة والاستغراق في الكتب ومن هذه الطبقة انكتيل دوبورون (1731 - 1805) المستشرق المشهور ناقل كتاب الزاند افستا الفارمي إلى الافرنجية وموجد الدروس الآسيوية في أوروبا وعارف لغاتها كلها كان مقتراً في مأكله وملبسه مستغرقاً فيما أخذ به نفسه حتى أنه لقلة هندامه ونظافته كان يظن أنه شحاذ فيعطيه بعض المارة دارهم متصدقين عليه فقضى عقيب أنهاك قوته في العمل ومن غرائبه أنه عين عضواً في المجمع العلمي ولما كان زاهداً في التشريفات ولا يغنى بغير المطالعة من أمور الحياة اضطر إلى الاستقالة، وكم من رجل حرم نفسه الطعام والأدام بل الدفء والثياب ليقتني بدريهمات يدخرها كتاباً ومنهم انطون ماكليابشي (1633 - 1714) العالم الفلورنسي المولع بالكتب كان يعيش أحقر عيشة وأمامه كنوز من المال أنفقها على خزانة كتبه في فلورنسا وكذلك يوسف اندراوس زالوسكي أسقف مدينة كيف في بولونيا 1701 - 1774 حصر كل وقته وقواه حتى جمع خزانة كتب حوت مائتي ألف مجلد فنهبها الروس سنة 1795 ومن المولعين بالكتب ومطالعتها من كانوا يكرهون أنفسهم على عدم النوم ويغسلون أرجلهم بالماء البارد وهم في أبرد الأقاليم لئلا يناموا ثم يضعون المنبه على أوقات يعينونها ومن المولعين بالكتب ومطالعتها من كانوا يكرهون أنفسهم على عدم النوم ويغسلون أرجلهم بالماء البارد وهم في أبرد الأقاليم لئلا يناموا ثم يضعون المنبه على أوقات يعينونها ومن المولعين بالكتب نابليون الأول حرم نفسه أنواع الراحة لأول أمره حتى اقتنى بعض الكتب وعلم أخاه في المدرسة ومنهم يواكيم لوول 1786 - 1861 المؤرخ البولوني العالم بالكتب والنقود نفته حكومته فنزل بروكسل عاصمة البلجيك وكان عزيز النفس لا يقبل معونة أحد وهو في فقر مدقع والفصل شتاء وهو لا مال له يبتاع به وقوداً يصطلي عليه في البرد القارس فاحتال بعض إخوانه أن يكتروا بجانب غرفته غرفة ويدخلوا أنبوب الموقدة من غرفته بعد أن أخذوا رأيه وأظهروا له أن غرفتهم لا تدفأ إلا على هذه الصورة فقال لهم اعملوا ما شئتم وهكذا توصلوا إلى تدفئته بدون أن يشعر ويدفع درهماً.

وكثير من الناس من ماتوا فوق كتبهم أو أمامها حتف أنفهم ومنهم بترارك الأديب الكبير (1304 - 1374) والفيلسوف الصقلي أنطون فلامينو من أهل القرن السادس عشر ومنهم سوليه الفرنسوي الذي آثر الوحدة على كل اجتماع وكانت حياته مثال العامل المجد وكتب بيتين لتحفرا على قبره معناهما: ولدت يتيماً وعشت وحدي في شبيبتي وكذلك في شيخوختي وهاءنذا وحدي هنا في القبر إلى اليوم سلك بحري

تقول المجلات العلمية أن السلك البحري الذي سينجز هذا الشهر بين ألمانيا وأميركا الجنوبية قد بلغ طوله 11200000 كيلو متر آخذاً من أمدان إلى تنريف فمونرونيا على شاطئ إفريقية الغربي ومن هناك إلى ليبيريا آخذاً إلى برنامبوكو فالبرازيل أما الفرع الثالث الذي يصل بين إفريقية والعالم الجديد فطوله 4500 كيلومتر.

لحم الكلاب

انتشر أكل لحم الكلاب في ألمانيا ولا سيما في إمارة ساكس ولحمها أغلى من لحم الخيل ويذبحون سبعة آلاف كلب كل سنة في تلك الإمارة لتناول لحومها.

سكان الولايات المتحدة

لم يكن للولايات المتحدة إحصاء معروف حتى سنة 1820 يدل على سكانها وحركة الهجرة إليها وقد تبين بالإحصاء أنه دخل من ذاك العهد سنة 1910 20 مليوناً من المهاجرين أكثرهم من الطليان والعناصر النمساوية المجرية، وليس الانكليز والايرلنديون والسكانداولون والألمان قلائل بعدهم، وكان سكان أميركا إلى حرب الاستقلال من أصل انكليزي خاصة وفيهم كثير من الايكوسيين والايرلنديين هربوا من بلادهم تخلصاً من ظلم الحكومة الانكليزية ثم جاء الألمان فالهو كنوت الفرنسويين والايكوسيون وزادت الهجرة عندما اشتد غلاء البطاطا في ايرلندا سنة 1347 وفي ثورة ألمانيا وكان الشمال الغربي من بلاد أوروبا أولاً هو الذي يهاجر منه المهاجرون بكثرة إلى الولايات المتحدة ثم سرت هذه البدعة إلى سكان جنوبي أوروبا وهم اليوم أكثر الأوروبيين هجرة، ومن الغريب أن البلغاريين والرومانيين والصربيين لم يهاجروا كما هاجر غيرهم من سكان أوروبا مع أنه هاجر كثيرون من أهل البوسنة وبولونيا وغاليسيا كما أخذ يهاجر اليوم كثير من أهل الممالك العثمانية ولا سيما أهل سورية وأرمينية.

انكلترا والسلام

ظهر من إحصاء حديث أن انكلترا على الرغم مما تسعى إليه في حفظ السلام قد أنفقت في القرن التاسع عشر ثلاثين مليار فرنك على حرب نابوليون والقريم وجنوبي إفريقية وخسرت سبعمائة ألف من رجالها وقد أفقدتها الهجرة منذ سنة 1820 ثمانية ملايين من الأنفس هاجروا إلى أميركا وكان في الولايات المتحدة وحدها سنة 1900 2800000 انكليزي أي أكثر من مجموع ما في أوستراليا وإفريقية الجنوبية وكندا من الانكليز.

أمة السواب

في بلاد المجر مستعمرة من السواب نزلتها منذ سنة 1716 وهو عهد تحرير الأمير اوجين لتلك البلاد من حكم العثمانيين ويبلغ عددهم اليوم مليون نسمة ويجتمعون في إقليم بانات وأسماء بلدانهم ألمانية ولكنهم قلما يتعلقون ببلادهم الأصلية وهم كالسكسونيين في ترنسلفانيا بأميركا قد أنشأوا لأنفسهم استقلالاً جديداً رقوه بنشاطهم في كل فرع من فروعه وليس لهم إلى الآن مقام رفيع في ميدان الأعمال العقلية ويكاد لا يوجد لديهم أكثر من خمسة عشر مؤلفاً وهم يفاخرون بأنه كان من شعرائهم القدماء شاعر اسمه نيقولا لونو ولهجة لغتهم كلهجة ذاك الإقليم وتآليفهم أشبه بالقصص التي كان يتلذذ بها الناس في ألمانيا منذ مئة سنة.

السويد والشرق

عثروا في السويد أثناء الحفر على كثير من الأمتعة والاعلاق يستدل من صورتها أنها شرقية أو جعلت على مثال شرقي واستنتج علماء الآثار من ذلك أنه كانت من القرن التاسع إلى القرن الحادي عشر للميلاد صلات منظمة بين السويد والعالم الإسلامي وربما مع الصين أيضاً فإن البلاد الواقعة في جنوبي السويد مملوءة بهذه النفائس والعاديات فقد عثروا فيها على 30 ألف قطعة من النقود العربية من نقود القرن الثامن إلى القرن العاشر ضربت في فارس وبين النهرين وفي غيرها من البلاد الواقعة شرقي بحر الخزر مثل المخ وسمرقند وعثروا على آثار منها الفارسي ومنها الصيني ومن جملتها كأس من الفخار مزين بالمينا استخرجوه من مدفن في غوتلاندا يشبه كأساً من القلز كتبت عليه كتابات عربية بحروف كوفية عثر عليه في سوركوت من أعمال سيبيريا.

قالت المجلة الآسيوية وجميع هذه المكتشفات ينجلى بها كلام مؤرخي العرب والروم البيزنطيين والايسلنديين الذين ذكروا مكانة التجارة السكانداوية في روسيا والمملكة البيزنطية وبلاد الإسلام وبما ظفر الباحثون في روسيا وسيبيريا بمثل هذه الذخائر وبها تسهل معرفة الطرق التجارية التي كان سلكها التجار بين السويد والشرق وإن ما عثر ما عليه أيضاً في جنزوف من الأسلحة والأدوات وأنواع الحلي ليدل على أنها سويدية الشكل ممزوجة بأصل عربي أو رومي ويرى المسيو ارن أن نهري الفولغا ودنيبر كانا هما الطريقين الأعظمين الواصلين بين بلاد السويد وفنلندا من جهة وبينها وبين بلاد الشرق من أخرى فكان يتيسر لتجار السويد أن يجتازوا الفولغا إلى حد بحر الخزر مما يوافق عليه مؤلفو العرب فقد قالوا أن الاجتماع كان في جنوبي هذا البحر فيصادفون في طريقهم في بلغار جنوبي قازان وفي اتيل جنوبي استرخان تجاراً قدموا من فارس وتركستان ليقايضوا معهم بضائعهم وكان سكان السويد يسيرون في نهر دنيبر حتى يبلغوا المملكة البيزنطية، وقد سرت التأثيرات الإسلامية إلى أعالي نهر دنيبر إذ قد ظفر الباحثون بالقرب من مدينة كيف بعقود سلكت في عدة أسلاك وهي من الصناعة الإسلامية، قلنا ولا عجب إذا عثروا هناك على آثار للعرب فقد ذكر المرحوم حسن أفندي توفيق من رجال النهضة العلمية المصرية في كتابه رسائل البشرى أنه وجد نقلاً في بعض الكتب عن القزويني في كتاب له يسمى آثار البلاد ما يستدل منه أن أبا بكر محمد الأندلسي الطرطوشي المعروف بابن أبي رندقة المتوفى في الاسكندرية سنة 520 قد ساح في أرض ألمانيا ووصف بعضاً من بلادها فوصف مدينة مينس وسماها مغناجه ووصف بعضاً من بلادها فوصف مدينة شليزفيك وسماها شلشويق وذكر لنا الأستاذ المرحوم أن أحد علماء الجغرافيا من الألمان ذكر له أنه عثر في معجم ياقوت على ذكر مدن في حدود اسكاندينافيا من شمالي أوروبا فإذا صح الأمر وكان ياقوت ذكر بعض هذه البلاد استفاد من ذلك الباحثون من أهل السويد أن طريق التجارة كان أيضاً من البحر قاصدين إلى ألمانيا فجنوبي شرقي أوروبا حتى يقاضوا تجار العرب والروم بتجاراتهم ويستدل من كلام ابن رندقة أن السياحة كانت ميسورة في ألمانيا في القرن الخامس والسادس للهجرة وهو غريب فتأمل.

يابان الحديثة

اختلفت الروايات في تقدير رقي يابان في مادياتها وقد كتب أحد العلماء في مجلة العالمين الباريزية مقالة في هذا الصدد جاء فيها أن قليلاً في الشعوب من سارت سير اليابان في رقيها بسرعة فقد أثبتت قوة بحريتها وبريتها في حربين عظيمتين خرجت منهما ظافرة وبلغت الدرجة الرابعة ببحريتها بين الدول وعادلت تجارتها الخارجية تجارة أوستراليا وكندا وأحسنت بالانتفاع جد الانتفاع من مناجمها وصناعاتها، وسككها الحديدية وأسلاكها البرقية والتلفونية كما لدولة عظمى، وتقدر ثروتها بسبعين مليار فرنك وبفضل الإدارة المنظمة بلغت ميزانيتها ملياراً ونصف مليار فرنك ولم يكن لحكومتها سنة 1868 إلى 1885 أهم الصناعات الحديثة في بلاها لتضاهي بها أهل الغرب في مدينتهم، يقولون أن آسيا متأخرة بمدنيتها خمسين سنة عن أوروبا أما المدنية في يابان فإنها أرقى من كثير من ممالك أوروبا نفسها.

التعليم في رومانيا

رومانيا مملكة من ممالك البلقان كانت تؤدي الجزية للدولة العلية من سنة 1392 إلى سنة 1716 ثم حكمتها مباشرة واستقلت نهائياً سنة 1878 منفصلة عن العثمانية في مؤتمر برلين وهي مؤلفة من إمارتي مولدافيا والفلاخ ومساحتها السطحية 139547 كيلومتراً وقد نشرت نظارة معارفها مؤخراً إحصاء بعدد الأميين والمتعلمين من أبنائها عن سنة 1909 أي لمرور 48 سنة على جعل رومانيا مملكة تبين منه أن أولاد رومانيا يجب عليهم أن يدخلوا المدرسة الابتدائية العامة من السنة السابعة إلى الرابعة عشرة وإذا رأت إدارة معارفها ضرورة تكره أولياء الأولاد أن يعلموا أطفالهم في مدارس إعدادية خاصة من سن السادسة إلى السابعة وإذا جاوز الولد الرابعة عشرة من سنه ولم يدخل مدرسة يضطر إلى دخولها ويمكث فيها سنة زيادة أما من تعلموا ما يجب تعلمه قبل أن يبلغوا الرابعة عشرة فيقضى عليهم إذا كانوا من أبناء القرى أن يواظبوا على مدارس للمراجعة، ولأولياء الأولاد أن يعلموا أولادهم في بيوتهم أو في مدارس خاصة تعترف بها الحكومة وإذا قدر لبعض الأولاد أن أخفقوا في امتحان سنتين من فحوص السنة المدرسية تقيد أسماؤهم في مدارس الحكومة على سبيل المعونة وقد بلغ عدد الأولاد الذين هم في سن الدراسة 827883 طفلاً وطفلة في القرى و 110573 في المدن وعدد مدارس القرى 4695 فيها 6460 معلماً وعدد طلابها وطالباتها 504297 منهم 333378 صبياً و 70919 ابنة وبلغ عدد مدارس المدن 378 فيها 1324 معلماً و 80654 تلميذاً منهم 46276 ذكراً وفي رومانيا 260 مدرسة خاصة فيها 24727 تلميذاً و 88 ملجأ معظمها للاسرائيليين تؤوي 3126 ولداً سنهم دون السابعة.

قالت مجلة الاقتصاديين بعد إيراد بعض ما تقدم ونفقات المعلمين في هذه المدارس تؤديها الحكومة خاصة وقد كانت سنة 1910 - 13 مليون فرنك 297271 فرنكاً ويؤخذ من إحصاء سنة 1901 أن أهالي رومانيا بلغوا 4763699 ذكوراً وإناثاً سنهم أكثر من سبع سنين منهم 1809431 يقرأون ويكتبون و 2954268 أمياً ومعدل الأميين في المدن 26 في المئة في الرجال و 48 في المئة من النساء فيها و 2105605 من هؤلاء الأميين تجاوزت سنهم الحادية والعشرين فنجوا من قانون المعارف الذي يقضي بتعليم الأولاد إلى هذه السن و 850000 أمي تختلف سنهم بين السابعة والحادية والعشرين وقد بذلت العناية من وراء الغاية منذ عشر سنين لنشر المعارف بين غير المتعلمين من الرومانيين ولكن الأمر صعب والتغلب عليه بعد الآن، قلنا أما المملكة العثمانية فلا تعرف حتى الآن عدد أمييها من متعلميها بل لا تعرف عدد سكانها لأن كل شيء فيها موكول إلى التوكل والبركة لا إلى الحساب والتقدير.

احتكار المجلات

شاعت في الولايات المتحدة إشاعة أحدثت ضجيجاً وقلقاً في عالم الصحافة وذلك أن النقابة المالية التي يرأسها المثري الشهير مورغان تريد أن تحتكر المجلات الكبرى في تلك الديار لأن أحد أعضاء هذه النقابة قد ثبت أنه ابتاع عدة مجلات وهو مدير شكرة كرول التي لها ثلاث مجلات عظمى يبلغ ما تطبعه 1700000 نسخة وقد اشترى مورغان سهاماً كثيرة من شركة أخرى يريد ضمها إلى شركة كرول ويخشى مديرو المجلات أن لا يكون هذا الاحتكار داعياً يضطرهم لا نزال أجور الإعلانات، والذي نعجب منه في الأكثر أن المطبوع من ثلاث مجلات هو هذا القدر من العدد.

سكان الهند

أفاد لسان البرق أنه بلغ سكان الهند في الإحصاء الأخير 315 مليوناً وهو نمو هائل دل على استتباب أعلام الأمن وتوفر مرافق الحياة والصحة والثروة في تلك الأقطار الواسعة.

المرأة والرجل

اقترحت مجلة أدلة الترقي الفرنسوية على أرباب الأفكار وحملة العلم والأدب في فرنسا أن يكتبوا لها آراءهم في طلب المرأة التساوي بالرجل في حقوق الانتخاب وهو المطلب الذي اشتد النساء في ألمانيا وانكلترا والنمسا وفرنسا في المطالبة به في العهد الأخير لما ظهر من اقتدارهن ومسابقتهن الرجال إلى ورود حياض العلوم والمعارف فكتب لها الكاتبون وبعض الكاتبات الشهيرات بآرائهم فكانت في الأكثر مجمعة على وجوب تساوي النساء بالرجال في هذا الشأن وأن إشراكهن الرجل في الانتخاب حسن وربما كانت آراؤهن أميز من آراء الرجال في كثير من الأحوال.

كارنيجي والسلام

بعد أن دفع المثري الأميركي كارنيجي عشرة ملايين دولار للسعي في إبطال الحروب من الأرض وتعهد بأداء أربعين مليوناً آخر قوي الأمل بأن يرفع السلام أعلامه على الأرض وقد ألفت حكومة واشنطون لجنة من 24 رجلاً من كبار ساسة الأميركان للنظر في هذا الأمر، قال كارنيجي في كتابه إلى هذه اللجنة إني أودع إليكم مبلغ عشرة ملايين دولار لتستعملوه في الإسراع بإبطال الحرب الدولية هذه الوصمة القذرة في وجه المدنية الحديثة وقد وصف أحد الألمان كارنيجي الأميركي وقال أنه رآه في السنة الماضية وهو في السن الثالثة والسبعين فرحاً مسروراً كأنه في الأربعين وقوة جسمه ناشئة من رياضته وهو حسن الظن في الأمور قوي الثقة بالمستقبل شعاره: كل شيء صائر إلى خير لأن كل أمر في تحسن اليوم بعد اليوم في هذه الدنيا وكيف لا يقول هذا وثروته تبلغ عشرة مليارات من الفرنكات هو ابن نساج ايكوسي (انكليزي) فقير جاء أميركا يبحث له عن عمل ولا تسل عن سروره يوم جاء إلى أبيه بستة فرنكات اكتسبها لأول مرة من عمله في أسبوع وهو لا يزال يذكر تلك اللذة وأن ربح بعد ذلك الملايين والمليارات ومن جملة حسنات كارنيجي أنه أسس ألفي مكتبة لأمته سبلها على المطالعة والمراجعة.

أصل المصريين

ألقى الأستاذ اليوت سميث محاضرة في مدينة مانشستر من بلاد الانكليز في أصل المصريين قال فيها: إن معرفة أصل قدماء المصريين كان موضوع بحث الكثيرين من زمن اليونان والرومان الذين دهشوا من أعمال الأمة المصرية الهائلة وعاداتها الغريبة، وقد بدأت الاكتشافات الدالة على أصل المصريين في سنة 1894 باكتشاف الأستاذ بترى مقابر بين البلاص ونقاده في شمال مدينة طيبة كان داخلها أجسام وأشياء تاريخها سابق لتاريخ الأسرات التي حكمت مصر، وقد دل ذلك الاكتشاف على أن الأجسام التي وجدت قبل ذلك لم تكن مصرية بحتة بل كانت خليطاً من أجناس مختلفة، وأخذ كثير من المؤرخين يضعون نظريات بنوها على ما عثر عليه أناس لا علم لهم بالآثار بطريقة غير منظمة وهم على غير علم بما تدل عليه من الآثار التاريخية والفوائد الخطيرة العلمية قال إن من حسن حظه أنه بدأ في بحثه في مصر من سنة 1900 وهو الوقت الذي ثبت في تمام الثبوت أن مقابر نقاده كان مدفوناً فيها أجسام من قبل بدء التاريخ وأمكن كذلك معرفة أعمار هذه المقابر معرفة تامة ومن سنة 1900 تم كثير من أعمال الحفر والتنقيب اطلع عليها بأجمعها وبحث فيها بحثاً دقيقاً، وقد دلت البراهين الثابتة على أن المدنية المصرية قبل تدوين التاريخ كانت منتشرة في أعالي فروع نهر النيل إلى بلاد الحبشة ومن هناك إلى شاطئ البحر الأحمر.

وكان من عادة المصريين قبل حكم الأسرات التي حكمتهم أن يدفنوا موتاهم واضعين رؤوسهم نحو الجنوب ولما أتت الأسرة الرابعة حدث اختلاط في الأجناس في الوجه البحري وبدأت الموتى تدفن ورؤوسها نحو الشمال، وكان المصريون يعتبرون سكان شاطئ البحر الأحمر أجدادهم ويقدسونهم ويسمونهم (بنطا) أي أنهم من دم واحد ومواطنيهم.

وقبل بناء الأهرام أخذ المصريون في الاختلاط التام بالأجناس الأخرى وقبل أن بدأ تاريخ الأسرات المالكة كان المصريون قد اكتشفوا معدن النحاس فصنعوا منه أسلحة فتحوا بها الوجه البحري ولما اتحد الوجهان (القبلي والبحري) ظهرت الأسرة المالكة الأولى وفي هذا الوقت افتتح المصريون شبه جزيرة سينا وسواحل سورية إلى أن وصلوا إلى جبل لبنان وأدخلوا في غرب آسيا فوائد النحاس واستعماله وكان هذا الاختلاط بالأمم الأخرى باعثاً على تقدم المدنية المصرية فتقدموا في ذلك العصر تقدماً باهراً، وكانوا يعبدون آله الشمس (رع) على الدوام ولم تأت الأسرة الخامسة حتى انتشرت عبادة هذا الآله انتشاراً كبيراً وربما كان ذلك راجعاً إلى تأثير فتح البلاد السورية.

وفي آخر العصر الحجري أتى إلى أوروبا أناس عن طريق آسيا الصغرى وكانوا يستعملون القلز ولهم عادات مختلفة في دفن موتاهم وقد تعقبت بقايا هذا الجنس فوجدت أنها تتصل بنفس المكان في سورية الذي كان يأتي منه المهاجرون إلى مصر في عهد بناء الهرم الأول حيث تعلموا استعمال النحاس من المصريين وكانو عبورهم من مضيق البوسفور إلى أوروبا قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة ثم اختلطوا من ذلك الوقت بمن كانوا عائشين في العصر الحجري وعلى ذلك فالجنس المسمى بالألبيين نسبة إلى الألب هم من نسل هؤلاء الأقوام الآسيويين ولما أتت الأسرة المالكة الخامسة ظهرت دلائل وجودهم في مصر الوسطى ثم في طيبة ثم أخذت تقاطيع المصريين وسحنهم تتغير تدريجياً.

وكان من عادة الأجانب في مصر أن يطلقوا شواربهم وقد اكتشفوا أجساماً من آخر الأسوة المالكة الثالثة إلى السادسة مدفونة في الجيزة وسقارة وميدوم من هذا النوع وفحصت جماجمهم والخلاصة أن قدماء المصريين قبل بدء الأسرات المالكة والجنس الذي كان على شواطئ البحر الأبيض في القسم الحديث من العصر الحجري المسمى من دم واحد، وفي حكم الأسرة الرابعة امتزج المصريون والأجانب بسبب الحركة الكبرى التي كانت في غرب آسيا وترقوا في ذلك العهد رقياً كبيراً.

لغة الاسبرانتو

اخترع طبيب العيون الروسي الدكتور زامنهوف من فارسوفيا منذ سنة 1887 لغة مساعدة دولية سماها الاسبرانتو وأقبل بعض الناس في العالم المدني على تعلمها إقبالاً جاوز حد المأمول فانتشرت في روسيا وفرنسا وألمانيا ثم تعدت إلى سائر الممالك وتجاوزت بحر الظلمات إلى أميركا وعقدت لها مؤتمرات في سنين مختلفة وعواصم مختلفة أهمها مؤتمر درسد وكان فيه 42 نائباً عن 42 أمة مختلفة لغتها عن لغة جارتها، وهذه اللغة مؤلفة من حروف لاتينية اختار لها مخترعها أبسط التراكيب وسهل التلفظ بها بحيث يتأتى لابن الغرب أن يدرسها في بضعة أسابيع وهي من أنفع ما يكون لتسهيل الصلات بين أبناء الحرفة الواحدة من مختلفي اللغات فبلغة الاسبرانتو يتفاهم الأطباء والأساتذة والمهندسون والعلماء والتجار من أي أمة كانوا وقد صار لهذه اللغة الآن مئة جريدة منها ما يكتب بها فقط ومنها ما يكتب بها وبلغة البلاد التي تصدر فيها وينشرون بها مجلة علمية تبحث في علم الإنسان والحيوان والاجتماع والنبات والطب والرياضيات ولها مجلات أخرى أدبية فنية وقد بلغ عدد جمعياتها في أميركا 280 وفي آسيا 31 وفي أوروبا 1203 وفي إفريقية وأوستراليا 39 منها 222 جمعية في ألمانيا فقط وناهيك بإقبال الألمان على كل ما يفيد وتأنيهم في الأخذ من الجديد، وقد قال من كتب عن لغة الاسبرانتو مؤخراً أنها ليست واسطة للمعاملات اليومية بين البشر بل هي الواسطة الوحيدة للقضاء على ألوف من المشكلات تنجم في الغالب من اختلاف اللغات وهي تبدو عياناً عند ما يراد الاتحاد مع أجنبي غريب في أي عمل كان فلغة الاسبرانتو لا تضر باللغات الموجودة بل أصبحت لغة ثانية لكل مدني من الناس وهذا نافع جداً للأفراد والإنسانية.

اللغة المؤقتة

تألفت في باريز جمعية عامة من الأساتذة بعثت إلى رئيس الجمهورية محضراً تصف فيه فضائل اللغة المؤقتة التي ألفتها قالت فيه أن هذه اللغة ساذجة عملية لا تكلف معانيها كبير درس وعناء وبها يتيسر لجميع سكان الأرض أن يلفظوا ويقرأوا ويكتبوا ويستمهلوا ويطبعوا ويخابروا بالبرق والتلفون بدون سابق درس في كل اللغات واللهجات مهما كانت منحطة (كلغة الجركس والداغستان مثلاً) وأن يفهموها أحسن فهم وأسرعه واكثر مما يتأتى لهم بالأساليب المعتادة، وقد ذهب هؤلاء الأساتذة إلى أن أصعب ما في اللغات التلفظ بها وإملاؤها فرأوا أن يكتب الإنسان كما يقرأ وأن يدل بحرف واحد على كل كلمة وأن كل صوت يعبر عنه بالحرف نفسه في كل اللغات التي يقع فيها ولذلك اخترعوا ألف باء مؤلفة من 45 حرفاً منها ذو علائم وإشارات وتسهيلاً لتعلم هذه اللغة اخترعوا دفاتر يشرحون في الصفحة الأولى منها قواعد تلك اللغة وأصولها وقد تركوا الثانية بيضاء لتطبيق هذه اللغة على العمل والتمرن فيها ووضعوا ملايين من هذه الدفاتر في المطاعم والفنادق ومكاتب البريد والمخازن والمحطات والمدارس ليصبو كل إنسان أن يجرب بنفسه تعلم هذه الطريقة وبذلك تتم بث دعوتها وتنتشر بين الناس أقصى الانتشار ويقول مخترعو هذه اللغة أن حسناتها إذا أضيفت إلى لغة الاسبرانتو تزيح الجهل الذي هو مبعث الحروب والثورات والشقاء الخاص والبلاء العام وأن لغتهم أداة صلة معقولة بين مطبعة غوتمبرغ مخترع الطباعة وآلة أديسون مخترع الفوتوغراف أي بين العالمين القديم والجديد.

الانكليزية الفرنسية

اخترع أحد الأساتذة لغة جديدة مزج بها اللغتين الانكليزية والافرنسية وهي نوع من لغة الاسبرانتو تنفع أبناء هاتين اللغتين فقط وقد وزع كراسة بمنافع لغته أباعها من الجمهور، فقالت عنه المجلات أن هذه هي النتيجة الأولى لاختراعه واستضحك منها كل من تلاها وهذه نتيجة ثانية، وقالوا أن هذه اللغة أشبه باللهجة الفلامندية المعقدة المعروفة في بلاد البلجيك.

التثاؤب

كثيراً ما كان الأطباء يقولون بشناعة التثاؤب حتى قال أبقراط أن التثاؤب كالشهقة بشع من صاحبه كما هو ضار في غيره وأن أحسن علاج للتوقي من التثاؤب أن يطيل المتثائب نفسه، وقد قام في العهد الأخير طبيبان في أوروبا يريان أن لا بأس بالتثاؤب وأنه نافع لأمراض الحلق ومن يحسن التثاؤب جادت رئتاه وجميع مجاري تنفسه ولكن الواجب أن يتمرن المرء على التثاؤب كما يتمرن على تنفس الهواء فيجب أن تشتغل بالتثاؤب أعصاب الصدر والحلق معاً وأن يكون عميقاً ملياً ما أمكن وأن يتثاءب المتثائب وذراعاه مبسوطتان بحيث يبدل الهواء الذي يجري في الدماغ والقلب والأحشاء كل التبدل ويكثر من إخراج النفس وبذلك قد يسهل البلع على من لا يستطيعه وتقل اضطرابات السمع على المصابين بها وهي تكون مصاحبة لزكام الحلق أما طريقة التثاؤب فسهلة للغاية وهي عبارة عن أن يتثاءب المرء ست أو ثماني مرات متوالية بالعاً ريقه بعد كل مرة قالت المجلة التي نعرب بها وإذ كان التثاؤب مما تنفر منه طباع الحضور في مجلس وقد يؤدي إلى أن يحذو حذوه غيره فالواجب على الإنسان كما قال الأخلاقي لابرو يبران يتثاءب في بيته لئلا يزعج غيره بما يكره.

غابة تحت الأرض

اكتشفت في ساندي هوك في ولاية نيوجرسي من أعمال الولايات المتحدة غابة تحت الأرض على بعد 130 متراً عمقاً بينا كانوا يحفرون آباراً ارتوازية وأشجارها عظيمة جداً قطر الواحدة نحو سبعة أمتار، والغالب أن هذه الغابة قد انهالت عليها الرمال فطمتها ويؤملون أن يعثروا في هذا المكان على كميات وافرة من العنبر الأصفر.

أجور المنازل

اشتدت وطأة الغلاء في أجور المنازل في عواصم العالم المدني فباتت فوق طاقة العاملين والمحترفين ففي إحصاء أخير أن في مدينة برلين 520441 مسكناً منها ثمانون في المئة مؤلفة من غرفتين ومطبخ وهذا مما يضر بصحة من يسكنون في مثل هذه المحال في بلد يتجاوز سكانه المليونين أي أن تسعين في المئة يسكنون في مثل هذه المساكن المتلاصقة وقد كان الرجل يسكن منذ قرن ونصف بإنفاق خمسة في المئة من دخله وارتقت الأجور سنة 1850 إلى عشرة في المئة واليوم لا يستطيع السكنى بأقل من 15 إلى 20 في المئة وربما اضطر بعض الأساتذة أن ينفقوا نحو ربع مشاهراتهم ليسكنوا بيوتاً لائقة بهم في الجملة والسبب في زيادة الأجور بدعة المضاربات في أراضي البناء في المدن، والناس في الغرب يطلبون تدخل الحكومات في مسائل الأجور وأن تنشأ لجان لتفتش المساكن.

لغة الفرنسيس

عقد مؤتمر في بروكسل للنظر في اختيار لغة دولية تقوم بالغرض المطلوب لدول أوروبا من كل وجه فكان القائلون بتفضيل اللغة الافرنسية أكثر من غيرهم وقد كان للقائمين بهذا الأمر عضد قوي من رجال الكليات في العالم ماخلا ألمانيا فإنه لم تسبق دعوتها إلى هذا الغرض أما المتأدبون والعالمون وأرباب الأعمال العقلية فقد فضلوا كلهم لغة هوغو وراسين على غيرها من لغات أوروبا.

الأولاد والكسب

نشر مجلس الصحة في كليفورنيا من الولايات المتحدة نشرة قال فيها أن تعليم الولد إلى سن العشرين يكلف في كليفورنيا 4150 دولاراً أي نحو ألف ليرة عثمانية وأن قيمة الولد في تلك السن تساوي 4000 دولار وبذلك يمكن أن يثمن الشاب في سن الثلاثين ب - 16 ألف دولار على التعديل المتوسط أي أنه يربح منه 12 ألف دولار في عشر سنين ويكون قد كلف 10150 دولاراً فيبقى الربح الصافي 5850 دولاراً ومعدل ما يكلف الولد في المدارس في الولايات المتحدة 2900 ريال فإذا حسب العاملون الدارسون من أهل كلفورنيا بلغت قيمتهم 6895000000 ريال أو نحو ضعفي سائر موارد الثروة والحكومة تفقد كل سنة مئة مليون ريال في تلك الولاية بالأمراض والموت الفجائي الذي يمكن تلافيه لو حسنت العناية بالصحة أكثر من ذلك، هذا ما يساويه سكان ولاية واحدة هناك فكم يساوي سكان ثلاثين ولاية عثمانية.

الاشتراك والبلديات كتب صاحب مجلة أدلة الترقي مقالة في الحركة الاجتماعية وتأثير اشتراك البلديات في أوروبا قال فيها أن ارتقاء الصناعات وإنشاء المعامل دعا إلى تباعد المسافات بين دور العملة ومحال أعمالهم فاستدعى ذلك تنظيم التراموايات ومدها إلى الأماكن البعيدة وإضاءة الشوارع بالأنوار الكهربائية أو الغازية ولكن رأت بعض البلديات أن التراموايات هي لشركات لا تنظر إلا إلى ربحها فابتاعتها منها ناظرة في استثمارها كما فعلت بلدية فينا إلى مصلحة الأهلين أولاً فنتجت من ذلك نتائج حسنة وهكذا نظرت المجالس البلدية في المدن الكبرى وبعض الصغرى إلى حالة المساكن فأنشأت بعضها مساكن صحية للعملة بأجور زهيدة وكانت مدينة زوريخ متقدمة على المدن عامة فخربت ربع المدينة القديمة وبنت مكانها مساكن منظمة على هندسة وشوارع حسنة وحدائق عامة وخاصة وأنشأت إدارة ترسل مقداراً من النور في السنة لكل بيت وماء سخناً للحمامات كل يوم وإذ كانت مسائل اللحم والخبز واللبن من المسائل المشكلة على الفقير أيضاً مثل مسائل البيوت الصحية الرخيصة رأت بعض بلديات ألمانيا أن تفتح على نفقتها مسالخ ومخازن لبيع اللحوم بأثمان معتدلة فتخلص العملة بذلك من احتكار القصابين وكذلك فعلت بلدية بودابست وأنشأت مخبزاً تبيع منه الخبز للعملة بأثمان حسنة بالنسبة لسائر الخبازين حتى اضطروا أن يجاروها ويرحموا الفقير، ومنحت بلدية رومية نصف مليون ليرة لإنشاء بيوت للعملة رخيصة صحية وأنشأت بلدية ميلان صيدلية ارتقت ارتقاء مدهشاً وبها انحل عقد المحتكرين من الصيادلة وتراجع أمرهم وأنشأت بلديات بعض مدن انكلترا معامل لتعقيم اللبن وبيعه من المواضع وغيرهم تبيعهم لبناً خالصاً لا غش فيه وكذلك فعلت بعض البلديات في ألمانيا وأخذت على نفسها بعض البلديات تجهيز الموتى بأثمان بخسة لإنقاذ الفقراء من مخالب الدافنين والمكفنين واشتطاطهم في الأجور وأنشأت بعض البلديات صناديق للتوفير للعملة أتت بنتائج حسنة كما أن جميع هذه الأعمال التي قامت وتقوم بها البلديات قد نفعتها مادياً كما نفعت الطبقة البائسة والمتوسطة بها وكل هذه الأعمال يقصد بها قيام الجماعة منظمين أمرهم بنظام المجالس البلدية ليدفعوا عن الفقير والعاجز بل عن مجموع أممهم غوائل احتكار الأفراد للمصالح العامة والحاجيات الضرورية ويعملوا على ما فيه مصلحة الناس عامة لا مصلحة أناس مخصوصين، وكانت انكلترا أول من فكر في مثل هذه الأعمال النافعة فعسى أن نكون نحن آخر من يفكرون في احتذاء ذاك المثال النافع والهدي الرافع.

لغة دولية مزدوجة

عرض جماعة من العلماء سنة 1900 مشروعاً نافعاً في ربط عهود الوفاق بين كل من فرنسا وانكلترا والولايات المتحدة الأميركية وهو أن تتداول حكومات هذه الممالك في عقد عهد تضطر بها كل منها أمتها أن تتعلم لغة الأخرى إجبارياً في المدارس فكما يتعلم الانكليزي والأميركي اللغة الانكليزية في مدارس بلاده يتعلم اللغة الافرنسية كذلك وكما يتعلم الافرنسي لغته في مدارسه يتعلم معها الانكليزية مضطر أيضاً وقد قال أبو عذر هذا الفكر المسيو بول شابليه أن انتشار اللغة الانكليزية قليل في قارة أوروبا اللهم إلا في بعض السواحل القليلة وهكذا في إفريقية الشمالية، والانكليزية منتشرة في أميركا الشمالية والجنوبية وشرقي آسيا ولكل لغة من هاتين اللغتين منطقة انتشرت فيها ولم تنازعها فيه الأخرى فإذا جرى وفاق من هذا القبيل تقوى كل من اللغتين قوة هائلة خصوصاً وأن لكل لغة من تينك اللغتين أناساً بل أمماً ترغب في تلقفها وتفهمها فللتجارة اللغة الانكليزية وللسياسة والسياحة والمجالس اللغة الافرنسية، ولكن جاء هذا الاقتراح في غير أوانه إذ كانت على ذاك العهد توترت العلائق بين فرنسا وانكلترا وأخرجت الثانية الأولى من فاشودة وكانت انكلترا مهتمة بحرب البوير فلما صفا جو الصلات اليوم بين الدولتين قام صاحب هذا الفكر بعرضه على الأنظار فوفق إلى إقناع أحد كبار الأغنياء في أميركا فتعهد أن ينفق على تحقيق هذه الأمنية كل ما يلزمها من المال ويقول العارفون أن هذا التدبير أفضل من اختراع اللغات الصناعية وستنتج منه نتائج كبرى عملية لتلك الأمم الثلاث من حيث الماديات والمعنويات، ونحن نقول أن هذا الفكر نافع جداً في المملكة العثمانية أيضاً ولا سبيل إلى ترقيتها إلا إذا تعلم الأتراك لغة العرب وتعلم العرب لغة الترك وبذلك يحصل التفاهم ويزول كل خلاف وهذا رأي كبار عقلاء الدولة وقد سئل عن معنى سوء التفاهم الواقع بين العرب والترك فقال لا سبيل إلى إزالته إلا إذا ترّكنا العرب وعرّبنا الأتراك.

حفظ الأسماك

اخترعوا في باريز آلة تخرج ثلجاً كالثلج الطبيعي حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل وهذه الآلة نافعة في حفظ الأسماك إذ قد ثبت أن بعض الأسماك في البحيرات والأنهار يهلك كثير منها لأن الثلوج والجليد تنقطع عنها فجأة وبهذه الآلة الجديدة ينزل الإنسان الثلج على الأماكن التي يريدها ويحفظ السمك بطعمه ولذته في الأبعاد الشاسعة وعلى متن البواخر التي تشق العباب بين قارات الأرض الخمس أياماً وليالي وباستعمالها اقتصاد عشرين في المئة من أدوات الثلج الصناعي أو الجليد المعروف في هذه الديار.

مدارس الشعب في انكلترا

نشرت مجلة التربية لمحة لأحد قدماء مديري المدارس الانكليزية في ترقي مدارس الشعب هناك منذ خمسين سنة جاء فيها أن مدارس الشعب في انكلترا تقسم إلى قسمين قسم يدعى في العادة الابتدائي والآخر الثانوي، ولفظة ثانوي مأخوذة من الافرنسية وربما كان كوندورسه هو أول من استعملها سنة 1792 فالمدارس الابتدائية يتعلم فيها أبناء العملة منذ صغرهم حتى سن الخامسة عشرة ولا يعلم فيها غالباً غير اللغة الانكليزية وهي أشبه بمدارس اختيارية أنشأتها الكنيسة وهي تنفق عليها ويرد تاريخها إلى بضعة قرون، أما برنامج دروسها فهو منظم الآن على طريقة واحدة تحت إدارة مجلس المعارف والحكومة تنفق عليها وتراقبها وتكره القوم على تعليم أولادهم فيها.

وليس لهذه المدارس مثيل في وحدتها في المدارس الثانوية أو في المدارس العالية، وقد جمعت طريقة التعليم فيها بين الطريقةالقديمة والطريقة الحديثة إذ فعلت فيها المؤثرات السياسية والاجتماعية والدينية والتعليمية واضطرت أن تخرج طلبة ينتقلون منها إلى كليتي اكسفورد وكمبردج.

يبدو لك التعليم الثانوي في انكلترا لأول وهلة مرتبكاً فله مدارس قديمة وأخرى جديدة ومدارس تنال رواتب من الحكومة وأخرى ليس لها رواتب ومدارس دينية وأخرى مدنية فقط ومدارس لها مجلس إدارة وأخرى ليس لها ذلك ومدارس تقبل أعطيات الحكومة وأخرى تستنكف من قبولها ومنها المحتفظة بالطرق القديمة في تدريسها ومنها من أتت على القديم فدكته واستعاضت عنه بالجديد من الأصول وقصارى القول أنك تجد مدارس من جميع الطبقات والدرجات والصفات ومدارس الشعب هي في الجملة التي لها مجلس إدارة وليست ملكاً لأحد وتبقي تلامذتها إلى أن يبلغوا التاسعة عشرة من أعمارهم وتبعث بقسم من قدمائهم إلى كليتي أكسفورد وكمبردج، فتخرج بهذا التعريف المدارس الخصوصية والاستعدادية والمدارس الصغرى والمدارس التجارية والصناعية والمدارس التي لا تعلم اللاتينية واليونانية والمدارس الثانوية التي أنشئت حديثاً تحت حماية الحكومة ويقصد منها أن تعم التربية العامة في الطبقات الوسطى وتعليمها تعليماً تجارياً أو صناعياً أو تخريج أساتذة للمدارس الابتدائية.

وبين مدارس الشعب والمدارس الثانوية في انكلترا اختلاف حقيقي فالأولى تكون على الأكثر داخلية وأساتذتها ممن تخرجوا في الكليات العظمى وتلامذتها يأتون من بيوت آبائهم مباشرة أو يكونون متخرجين في المدارس الاستعدادية وأجور التعليم فيها غالية ويعلمون فيها اللاتينية واليونانية ولها ارتباط كلي مع الكليات أما المدارس الثانوية فتلامذتها خارجيون والسواد الأعظم منهم يتخرجون قبل في المدارس الابتدائية وأجورها خفيفة ولا يعلمون فيها إلا قليلاً من اللاتينية ولا أثر لتعليم اليونانية فيها وقلما يبقى التلامذة فيها بعد سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة وهي تحت نظارة إدارة التربية والحكومة المحلية، وبعد فقد نشأت مدارس الشعب كما قلنا على صور شتى فمنها ما أنشأته الأديار والبيع ومنها ما أنشأه الملوك أوالأفراد أو شركات أو جمع لها المال بالاكتتاب العام فهي تسد حاجة أبناء من يديرون شؤون البلاد وقوائم دروسها تنفع من يريدون التدرج والترقي منها إلى الكليات أو إلى الجيش ويعملون الأعمال الحرة ويستخدمون في الوظائف الملكية في العاصمة والمستعمرات والهند أو في الفروع العالية التجارية والصناعية وفي هذه المدارس نحو ثلاثين ألف طالب وربما كان في المدارس التي تعد الطلبة للدخول فيها بعد نحو عشرة آلاف.

والسبب الأعظم في كون مدارس الشعب واقفة في أصولها عند حد محدود ارتباطها بالكليات ولأن مديري شؤونها وأساتذتها وتلامذتها هم من أرباب الأملاك أو الذين يتعاطون الصناعات الحرة، وأهل هذه الطبقة في انكلترا هم من المحافظين في السياسة والتربية وربما كان لهذه المدارس من قدمها مادة لبقائها حتى الآن ولذا فإن شركاتها أو جمعياتها تدعو فيها إلى التعلق بأذيال الماضي، ولشهرة المدرسة وتقاليدها وأسلوبها شأن أعظم من شأنها في التربية العملية أو التعليم الراقي.

ويعيش تلامذة هذه المدارس داخليين لا في بيت واحد متسع بل في بيوت منفصلة بعضها عن بعض يوسد أمر النظر فيها إلى أساتذة ويختلف عدد المتعلمين في كل مدرسة منها بين 12 إلى 50 وربما زاد عن هذا القدر يعيشون عيشة اجتماعية ودية ويتحابون على نحو ما يتحاب الأتراب ويتعاطفون تعاطف الأخوة ولجميع هذه المدارس الكبرى معابد يصلون فيها على وتيرة دائمة إن لم تكن متصلة بكنيسة، وللدين فيها تأثير شديد، والعامل الرئيسي في نجاح معلم في المدارس الابتدائية طريقته وأسلوبه وفي أستاذ الكلية سعة عمله وفي مدارس الشعب أخلاقه ولذلك تجد المعلمين والمتعلمين في هذه المدارس الأخيرة مرتبطين بحب مدارسهم والإخلاص لها ارتباطاً ينم عن سير المدرسة وأخلاقها وتقاليدها ومن مبادئ هذه المدارس أن تمنح تلامذتها ثقة كبرى وقد فوضت قسماً مهماً من المراقبة والنظام في بيوت المدرسة ومحال اللعب للمسنين منهم وللرياضات شأن عظيم جداً في حياة المدرسة وفي تربية الأخلاق.

وقد وصف اللورد بيكو نسفيلد هذه المدارس بقوله: إن ما يعجبني في مدارس الشعب هو أن طلبتها يعيشون في الهواء الطلق ويبرعون في جميع الألعاب الرياضية ولا يتكلمون إلا بلسان واحد وقلما يقرؤون، حقاً إن هذه الطريقة في التربية غير تامة ولكنها لم يسبق لها نظير منذ عهد اليونان.

وقال أحد علماء التربية أن مدارس الشعب كانت تنجح كثيراً في تخريج الرجال، وعلى ما دخل هذه المدارس من الإصلاحات لا تزال تنظر إليها نظراً ثانوياً ولا ترمي إلا إلى غاية واحدة وهي أن تخرج رجالاً أكفاء أمناء وطنيين مسيحيين وبعبارة ثانية أعضاء نافعين في الكنيسة والحكومة.

وإن ما دخل من الإصلاح على هذه المدارس منذ خمسين سنة وما يرجى إدخاله لا يتأتى فهمه على حقيقته إلا بالرجوع إلى تاريخها فإنا نراها إلى اليوم تدرس اللغتين الميتتين اللاتينية واليونانية بل قد جعلتهما المادة الجوهرية في التعليم الحر ويكفي أن نقول إن السبب في دخول هاتين اللغتين إلى التعليم العالي في الغرب المسيحي هو أن الكنائس كانت بجوهرها في القرون الثلاثة الأولى يونانية الأصل وكذلك اللغة والنظام والفلسفة، وباللغة اليونانية بلغت الآداب على اختلاف فروعها ما عدا الفقه أوج اكتمالها، وأصبحت اللاتينية في خلال القرون اللاحقة في جميع غربي أوروبا لغة المستنيرين من الناس وفي القرون الوسطى جعلت الكنيسة وكانت إذ ذاك القوة المريبة الوحيدة في أوروبا اللغة اللاتينية لغة عامة، وعلى عهد النهضة انتشرت الآداب واللغات الأولى انتشاراً عظيماً في إيطاليا ثم تلتها حركة الإصلاح المهمة في مدارس ألمانيا بقيام ستورم وملانكتون وكان يدافع عن اللغات الأصلية دعاة متحمسون لا مثل ايراسم فقط من رجال الأدب بل مثل لوثيروس من رجال الإصلاح الديني فإن هذا دعا رؤساء الحكام في جميع مدن ألمانيا إلى تأسيس مدارس تدرس تلك اللغات القديمة حتى قال بعضهم: يجب علينا أن نرتبط بحب اللغات ارتباطاً رائده الثبات كما ارتبطنا عن رضى بالانجيل فإنا إذا لم نحتفظ باللغات لن نحتفظ بالانجيل ولقد أثرت بانكلترا مثل هذه العوامل فكانت بعد عهد الاصلاح تعد اللغة اللاتينية لغة الكنيسة ولغة من تطمح نفسه إلى المناصب الرسمية وظلت اللاتينية لغة العلم والسياسة إلى سنة 1660 ولكن مدارس الشعب لم ترجع عن طريقتها في التعليم إلا بعد أن قامت ألمانيا وفرنسا وعنيت بإصلاح التعليم العالي لما له من الشأن في تكوين الوطنية وهذا لم يتم إلا في أوائل منتصف القرن الماضي وإلى ذاك العهد كان تلامذة تلك المدارس يكتبون باللغةاللاتينة وينظمون بها ولا يدرسون الافرنسية إلا قليلاً أما الألمانية فكانوا يجهلونها كما يجهلون العربية وكانوا يعنون عناية خاصة بتلقين مبادئ الرياضيات ولا سيما الهندسة الوصفية وكان الأساتذة يجيدون في تعلم اللاتينية واليونانية والعلوم الرياضية وهم شيوخ يدرسون هذه المواد منذ أربعين سنة أكثر من المحدثين لأن خواتيم من يمارسونها أحسن من مباديها والحال ليس كذلك في مدرسي التاريخ والأدب والعلوم والاقتصاد السياسي فإن هذه الموضوعات تضعف كلما قيلت وتنوقلت فأدرك رجال العلم إذ ذاك أن هذه المواد لا تنبه ذهن التلاميذ ولا تلتئم مع مصلحتهم لأن ليس فيها نفع عام.

دام ذلك حتى أخذت بعض الكليات بعد سنة 1867 تنفق من حسابها لتعليم بعض التلامذة فعندها اضطرت معظم مدارس الشعب إلى تقسيم تعليمها فمن التلامذة من اختاروا طريقة التعليم الحديثة بدون تعلم اليونانية وتعمقوا باللغة الافرنسية والألمانية والتاريخ وأصبحت مواد كثيرة اختيارية لمن يريد أن يتعلمها ومنهم من أخذ يميل إلى الاخصاء أي التخصص بعلم واحد ولا سيما في المدارس المهمة.

وها قد أصبحت هذه المدارس اليوم ولها معامل كيماوية ومراصد فلكية وخزائن كتب ورقي فيها تعليم الآداب الانكليزية واللغتين الافرنسية والألمانية وعدلت فيها الكتب وصرفت العناية إلى تعليم العلوم ومنها علم التربية وأصبح تعليم الموسيقى من المواد المهمة في التدريس وطلبة هذه المدارس يدخلون في مسائل اجتماعية مهمة من مثيل معاونتهم للفقراء والأخذ بناصر الضعفاء في الأحياء الفقيرة من المدن الكبرى ويتعلمون التعليم الوطني أو واجبات الوطني في المدارس المهمة ومعظم كبار الطلاب يتعلمون التعليم العسكري ليستعدوا به إلى نيل رتب الضباط في الجيش البري وكثير منهم يتعلم صناعة يدوية كالنجارة مثلاً، كل هذا والغرض اليوم من هذه المدارس لم يفت القائمين بها وهي أن تربي الأخلاق وترقي المدارك ولكنها لم تبلغ في الأمر الثاني درجة عالية وذلك ناشئ من تأخر نمو العقل في أبناء الانكليز فيظن الأساتذة أن عقول طلابهم كسلانة لا تعمل وقد قال أميرسون الفيلسوف الأميركاني: إن التربية هي ما يبقى في أطوارنا وعقولنا عندما ننسى ما علمتنا المدرسة إياه وقال الأستاذ سدلر: تشتد القوة الحيوية في التربية إلى قوة الثقة بالنفس والإخلاص في المعتقد فإذا لم يكن للمربي رسالة يريد تلقينها لعقل من يربيه وإبلاغها لروحه يتعذر وصوله إلى وضع أسس الشخصية الأدبية وهي المصادر التي هي أحسن ما في الحياة الشخصية والحياة الوطنية، فمبدأ التربية أيضاً منبعث من هذه الرسالة الروحية التي يبلغها الأستاذ وبدونها تضمحل قوتها الحيوية.

هذا ما عربناه من كلام الأستاذ الانكليزي وقد أمل لهذه المدارس نجاحاً أوكد في هذه الخمسين سنة التالية لما يعتورها من الإصلاح التدريجي فماذا يقول ابن هذه البلاد عندما يذكر ما يكتبه عنا علماء التربية والاجتماع فقد قال أحد الألمان ممن قضوا عشرين سنة في العراق أن الأمة العربية تموت الموت التدريجي لفساد طريقة التعليم فيها فاللهم قبض لمدارسنا الأهلية والرسمية والدينية من يصلحها الإصلاح الحقيقي ويعوضها من أصول التعليم المطول الممل بأصول حديثة ترقي الخلق والعقل ومن الخطط (البرنامج) المطولة التي هي طلاء ظاهر بخطط مختصرة ظاهرها كباطنها.

التربية في سويسرا

نشر الأستاذ ستودر الانكليزي مبحثاً له في التربية السويسرية وإذ كان ممن تربوا في مدارسها قديماً غدا كلامه جديراً بالثقة والنقل قال ما نعربه عن إحدى مجلات التربية الباريزية: التعليم في سويسرا على ثلاث درجات ابتدائي أو موجز وثانوي وعال وكلها ذات صبغة ديمقراطية يجلس على مقاعدها أبناء جميع طبقات المجتمع كتفاً إلى كتف وقد قضى قانون الاتحاد السويسري منذ سنة 1874 أن يكون التعليم الابتدائي إجبارياً مجانياً وتراعى حرية الوجدان فيه بيد أن تطبيق هذه القاعدة تختلف باختلاف الأقاليم فترى مدة الدروس لا تتشابه في كل إقليم وكذلك التعليم الديني يختلف بحسب البلاد، ومن أقاليم سويسرا ما يكره فيها الولد على البقاء في المدرسة من السنة السادسة إلى الرابعة عشرة ومنها ما تكون مدة الإجبار من السابعة إلى الخامسة عشرة ومنها ما يسمح للولد أن يخرج من المدرسة في الثالثة عشرة بعد أن يؤدي امتحاناً وعلى كل تلميذ أن يحمل دفتراً ينبئ بهويته، وكذلك الحال في قائمة الدروس فإنها تختلف كل الاختلاف لأن الأقاليم والبلديات لها مطلق الحرية أن توفق الدروس على حسب الأحوال المحلية بحيث يقال أن أعضاء المجالس البلدية في كل قرية لهم اليد العليا على كل ما يتعلق بالتعليم فيحددون بحسب إرادتهم أوقات العطلة ومدتها ويختارون المعلمين ويوافقون على إحداث مدارس أو أبنية جديدة ويتعهدون بالاهتمام بأنفسهم شؤون مدارسهم وتفتيش صفوفها في مدد معينة والنظر في راحة الأساتذة والتلامذة، وما من مجلس من هذه المجالس يتوقف في بذل أقصى العناية بأمور التعليم، والحكومة تؤدي نفقات المدارس الابتدائية وفي بعض الأماكن تعطي للأولاد الكتب ولوازمهم المدرسية من المدرسة كما تعلمهم مجاناً وفي أيام الشتاء يقدم للأولاد طعام الغداء بثمن زهيد جداً وأحياناً بدون ثمن.

تكاد تكون جميع المدارس من أملاك الحكومة وليس معنى ذلك بأن ليس ثمت بعض مدارس أهلية خاصة فإن بعض المدارس تتوخى في تعليمها غاية مخصوصة وبعضها تسعى إلى منافسة المدارس العامة ولكنها خاضعة لشروط فجميع الأولاد الذين يقرؤون في مدينة نوفشاتل على أساتذة خاصة أو يختلفون إلى مدارس خاصة يمتحنون كل سنة أمام لجنة من المحكمين وتجبرهم الحكومة على دخول مدرسة عامة إذا رأت أن نجاحهم في دروسهم غير مرض، وعلى كل أستاذ يعلم لنفسه تعليماً حراً أن يكون حاملاً شهادة أو يمتحن امتحاناً خاصاً في المواد التي تعادل ما يدرس في مدارس الحكومة، والمدارس الخاصة في كل طرف من أطراف سويسرا خاضعة لتفتيش الحكومة.

والتعليم الثانوي مجاني أيضاً في معظم الأقاليم ويعطى التلميذ في بعضها لوازمه من كتب وغيرها بلا عوض أما في التعليم العالي فإن التلامذة يدفعون أجوراً ولكنها طفيفة جداً والتلميذ الفقير المدقع يتعلم مجاناً إذا أراد مهما كان استعداده، وليس للكليات موارد خاصة ما خلا كلية بال وكلية أو كليتين قديمتين.

ولا يطلب من المعلم في التعليم الابتدائي أن يميز بعض التلامذة إذا رأى فيهم نبوغاً إذ ينظر إلى الأولاد كلهم نظراً واحداً ولا تفادى بمصلحة السواد الأعظم من أجل مصلحة طبقة مختارة لأن الأمة تتألف خاصة من أرباب العقول المتوسطة لا من النوابغ.

المدارس الداخلية غير معروفة في سويسرا وما خلا بعض مدارس المعلمين فالحكومة ليس لها إلا مدارس خارجية لأن عمل الأبوين في تربية الأولاد مما لا يقبل المناقشة في سويسرا على أن الحكومة قد جعلت من حقها مراقبة الأبوين اللذين يقضى عليهما أن يطعما أولادهما ويلبساهم على ما ينبغي ومن حقها أيضاً أن تقتص من الآباء المتساهلين في العناية بأولادهم وتكرههم أن يؤدوا عنهم ما يقوم بكفايتهم من الرزق.

وكانت العناية بالرياضات قليلة في مدارس سويسرا ويهتم المعلمون اهتماماً شديداً بذاكرة الولد لأنهم ينظرون إلى التعليم بأنه غاية لا واسطة أما اليوم فقد أدخلوا الألعاب الرياضية والتمارين اليدوية والحمامات المدرسية والأعمال الزراعية وقللوا مدة الدروس.

عدلوا بعض قوانين التعليم في سويسرا منذ بضع سنين ناظرين فيها إلى ترقية الأخلاق باعتبارها الغاية الرئيسية في التربية ورأوا أن التعليم الديني هو العامل الأعظم في تهذيب الأخلاق وإذ كان من الواجب مراعاة حرية الوجدان عملاً بالدستور السويسري رأت بعض الأقاليم أن تجعل التوراة أساس التعليم أو تدريس الأخلاق الطبيعية وخصصت ساعات معينة لدرس المعتقدات الدينية، ورأى المصلحون في الأيام الأخيرة أن يرفع من التعليم تعلم الدساتير والقواعد والحقائق المجردة التي كان يقضى على التلميذ استظهارها ويعمد إلى إرادة الطفل وبحثه الخاص فقط، وقد جعلت ولاية تسين أول بند من قانونها المدرسي أن الغاية من التربية أن يخرج الطفل إنساناً يفكر ويعمل وعليه تبعة ما يعمل، تريد بذلك إبعاد الطفل عن درس الأساليب التي تبعد الذهن عن التصور النافع أو التي لا غاية لها لأن استظهار كمية من الألفاظ لا علاقة بينها وبين الاختبار الشخصي فيقوم مقامها ألفاظ تطلب معاونة الولد وتخوله حريته في العمل والتصور، فسويسرا لا تكتفي بأن تعلم أبناءها القراءة والكتابة والحساب بل هي تنظر إلى التعليم نظراً أبعد تريد تربية الصحة والأخلاق وأن تبعد عن المتعلم كل ما يضر بخلقه وتهذيبه.

وقد كثرت في سويسرا منذ بضع سنين مدارس الزراعة والتجارة والصناعة على اختلاف ضروبها وأنشئت مدارس لتدبير المنزل يتعلم فيها البنات إدارة شؤون البيوت والخياطة والطبخ والكي والغسيل وغير ذلك، وجميع هذه المدارس هي عبء ثقيل على الحكومة ومع هذا فإن الحكومة لم تغفل عن التعليم العالي فلسويسرا سبع كليات عامرة والأجور فيها زهيدة للغاية لأن القوم أيقنوا أن الطبقة الراقية في حكومة ديمقراطية يجب أن تكون من أقوى عناصر الأمة وأكثرها ذكاء وهذه قد تكون فقيرة.

والظاهر أن غاية ما ترمي إليه التربية في سويسرا سعادة الأمة عامة والفرد خاصة وذلك ببذر كل البذور الصالحة وتعهدها بما ينميها والإشراف على القوى النافعة وكل ما في المرء من الميول الشريفة، وينظر في هذه التربية أيضاً إلى إصلاح كل ما سفل وتبدل من أخلاق الطفل والأخذ بيد كل وطني ليكون منه إنسان مستقل كثير الثقة بنفسه مسؤولاً عن حقوقه وخصائصه راغباً في القيام بكل واجباته نحو بلاده والناس أجمعين، وكيفما كان الحال في نقص الأساليب المتبعة في سويسرا على قلة المعلمين فالواجب أن يعترف بأنها لم تكتف بالألفاظ اللطيفة في معنى التربية فهي على ضيق مواردها قد بذلت عن سعة في سبيل تهذيب الشعب وفادت بكل ما لديها من المال والقوة لخدمة غرض تراه مرتبطاً كل الارتباط بنجاح الأمة وبقائها.

درس في الصحة

لا يكفي التعقل في تناول الغذاء على نظام خاص لحفظ الصحة بل الواجب الجري على قوانينها، فكن يا هذا مغرماً بالنظافة وحب الماء والاغتسال كما تحب أعز الأشياء عليك فمن غسل أطراف جسمه واعتاد الوضوء في الأوقات المعينة ضمن لجلده الرشح المنشط والمرونة النافعة فالماء البارد يشد المسام والحار يمددها والأفضل في كثير من الأحوال الاعتماد على الماء الفاتر فحمامات المياه الباردة تقوي الجسم وتنشطه والحمامات الفاترة تسكن هياج الأعصاب وتزيل التعب والحمامات الشديدة الحرارة تحط البدن وتضعفه.

دع على الدوام نوافذ مسكنك مفتحة ليدخله النور والهواء على ما يجب سواء كان في الصيف أو الشتاء ولا تخف الهواء يتخلل منافذ أبوابك فإنك إذا قللت من الإنفاق على التدفئة تنجو من أمراض كثيرة والغرف التي لا يدخلها هواء هي بؤرة أمراض دائمة كالزكام وذات الجنب وأمراض الحلق والصدر والوفدة النازلة، دع الهواء - كما قال أحدهم - يجري إلى غرفتك حتى في فصل البرد فإنه يحمل في جناحيه غذاء لرئتيك ومطهراً لبيتك.

تعلم جودة التنفس فإن الناس يجهلون إلا قليلاً هذا العلم الواجب تعلمه والعمل به، فبالهواء يتجدد دمنا وتحمل الحياة إلى جميع حواسنا وهو الذي يعين وظائفنا الطبيعية والنفسية على البقاء والاعتدال ومن أنفع الأمور في جودة الصحة أن يطيل المرء تنفسه في ساعات معينة ويتنفس بملء رئتيه وأن تكون الثياب واسعة لا تضيق على الصدر يتنفس بأن يعد من الأعداد من الواحد إلى الستة ويكون تنفسه من أنفه وفمه مغلق وتدوم هذه الرياضة عشر دقائق ومن الغد تمكث ثماني ثوان في تنفسك وثماني في حبس النفس وثماني في إخراج النفس من الرئة وهكذا تطيل كل يوم مدة التنفس وتجعله بنظام وتأن بحيث ينفذ الهواء إلى أدنى طيات رئتيك ويملأ دمك بالأوكسجين مبعث الحياة للراحة والصحة، وأحسن رياضة في التنفس ما كانت في الخلاء وأنت متمدد على العشب بالقرب من الأشجار أو أنت سائر بخطا معينة في طريق يحمل إليه الريح أرج المروج والغابات ومن واظب على مثل هذه الرياضة زاد نشاطه واستطاع قمع نفسه.

اغتنم أوقات فراغك واصرف كل يوم ساعتين من وقتك للسير على قدميك فالمشي أحسن أنواع الرياضات يزيل كما يقول الافرنج صدأ الأعضاء وهو وقاء من الهزال وتصلب البدن وشفاء للجسم به يخف ويزيد مرونة وتنتظم حركاته، إذا فعلت هذا تنجو من السمن والربالة الضارة وتبقى أعصابك حافظة مرونتها ونشاطها إلى أيام الشيخوخة.

فكما أن المشي ينفع من حيث الطبيعة ينفع أيضاً من حيث الأخلاق لأنه يصفي النفس ويطهر الروح وينظم الفكر ويطرد الأبخرة ويأتي على الأحقاد فيطفئها ويوحي إلى النفس المطالب الحسنة الشريفة والواجب أن تكون الخطا في المشي كبيرة لا تقل عن نحو 70 سنتيمتراً وأن تمس رؤوس الأصابع الأرض أكثر من العقب وأن يتعاقب اهتزاز الذراعين.

والراحة مطلوبة عقيب العمل وخير الراحة ما كان منقطعاً بمعنى أن راحة ربع ساعة بعد ساعة من العمل أفضل من راحة ساعة عقيب أربع ساعات في العمل، وإذا اقتضى للمرء أن يواصل عمله ساعات فعليه متى فرغ منه أن يعمد لأسباب الراحة كلها كأن يستلقي على كرسي طويل وينزع ثيابه التي تضغط على صدره ويمدد ساقيه وذراعيه ويبطل حركة أعصابه ويطبق جفنيه ويطرد عنه اهتمام النفس ويجلب إليها من الصور ما يضحكها فيذكرها ببقعة جميلة من الأرض وبمنتزه حسن للرياضة فتمر به اللحظات كما يمر الماء المنعش ويغوص الفكر في سحاب سلام كأنه نصف نائم، وإياك أن تعزف نفسك عن صرف ثلاثين دقيقة في هذا السكون فإنك بها تستعيد قواك وتعوض الآلة العاملة ما يلزم لها من الزيت لتعمل عملها.

إذا عرفت أن الإكثار من كل شيء ضار فإياك والإكثار من الراحة أيضاً فإذا كان استعمالها معوضاً للصحة ما فقدته فالإكثار منها يجلب الأمراض لا محالة لأن قلة الحركة والكسل تغيران الصحة أكثر مما يغيرها التعب، والإكثار من العمل ولا الإقلال منه.

المسافة قريبة بين الراحة والاغفاء فخير النوم ما كان متناسباً مع سن الإنسان فقد قالوا أن ابن 3 إلى 4 سنين يقتضي له من النوم 12 ساعة ومن سن الرابعة إلى السابعة 11 ومن السابعة إلى السادسة عشرة 10 ومن السادسة عشرة إلى الحادية والعشرين 9 ويقتضي للبالغين ثماني ساعات، وقلة النوم داعية إلى الأمراض لأن فقر الدم وتعب الأعصاب والضعف تنشأ على الأغلب من قلة النوم.

ثم على الأقل بعد ساعتين من الطعام ويجب أن تكون غرفتك مفتحة النوافذ بعض الشيء إذا كان الفصل غير شتاء وتكتفي بوضع ستارة عليها حتى لا يدخل الهواء مباشرة إلى وجهك واضطجع على الجانب الأيمن حتى لا تتأثر حركات القلب وعود نفسك التنفس من أنفك لتنجو من يبوسة الحلق والغطيط وتناسى ما وقع لك من أعمال النهار وكن كأنك لا تفكر والنوم موافيك من ذاته لا محالة.

وعلى أصحاب المزاج الدموي أن يستعملوا الوسادة تحت رؤوسهم حتى لا يهجم الدم عليها أما أصحاب الأمزجة الضعيفة والذين ابتلوا بفقر الدم فينامون ورؤوسهم واطئة ما أمكن.

يجب أن يكون الفراش في وسط الغرفة لا في زاوية ضيقة منها وأن يكون غير محاط بالستور لئلا يمنع نفوذ الهواء إليه، والنوم على فراش الريش مضر، وخير الفرش ما كان الفراش الأسفل محشواً بالقش والأعلى بالصوف وفراشان يكفيان للراحة، والواجب إطفاء النور في غرفة النوم لأن النور يتعب العيون ويأخذ كمية من الأوكسجين لا تستيقظ في الصباح بعجلة فتقفز من سريرك على حين فجأة بل دع حواسك تستعيد قواها ورأسك يطرد سحب النوم عن الجفون ولا بأس بأن تكسل بضع دقائق ثم تنهض من فراشك لأن الهبوب من النوم فجأة والدم محتقن والأعصاب غير مستوفزة يحدث شيئاً من الاضطراب قد لا تكون نافعة.

للبرد تأثير كبير في أمراضنا فإنا في حال الصحة نحمل في أحشائنا ورئاتنا ولعابنا جراثيم ذات الرئة والخناق والنزلات فبأدنى سبب تهجم على أنسجتنا وتلقي الاضطراب فيها كأن نتعرض لبرد أو لمطر طويل أو نلبس جوارب رقيقة ترشح ماءً ولذلك وجب التوقي من هذه الأمور واختيار ألبسة تدفئ ولا ينفذ منها ماء إلى البدن أو الأطراف، وأن ثوبين خفيفين محكمين يمسكان حرارة الجسم أكثر من ثوب واحد غليظ، وأحسن ما يدفئ في البلاد الباردة في صميم صبارة القر تلك الأدثرة التي يحشونها بالفرو ويلبسونها في الغرب وبعض بلاد الشرق، والعناية كل العناية بتدفئة الرجلين، وإذا خرج المرء من غرفة حارة فعليه أن يمسك منديله ويضعه على فمه ومنخريه حتى لا يدخل الهواء البارد من الخارج إلى الرئة إلا ببطء وكذلك الحال في الأماكن الحارة جداً فإنها ضارة تحقن الدم كالأماكن الباردة كثيراً والواجب في شهري تموز وآب أن يمتنع المرء عن تناول المثلجات مهما حدثته نفسه من تناولها وأن لا يتعرض للشمس وأن يستعمل المظلة كل من كان دموياً.

وخير الطرق لاستمتاع المرء بشبابه وأن تكون أيام حياته طويلة وكلها ربيعاً أن يطرد عنه الخوف والتألم والغم والاضطرابات على اختلاف أنواعها ويحسن ظنه في المستقبل فلا يستدعي بنفسه الشيخوخة ففناء الجسم موقوف على عمل المرء نفسه لا على الأيام التي مضت عليه فكم من شيخ حفظ صحته بتعهدها ودفعه عنها كل ما يضر بها وكم من شاب ظن نفسه مقبلاً على ورود حياض الموت لوسواس أصابه وهموم وغموم دعاها تستولي عليها وإن علماء الصحة ليقولون إن الحياة قد تطول إلى أكثر من مئة سنة إذا لم يطرأ عليه طارئ غير منتظر فعلى من يحب حياته أن لا ينقصها بصنعه بل يعمل لغذائها ومنامها ولباسها وعملها كل ما يجعلها بهجة مفرحة.

لغة الولد

نشر أحد أساتذة انكلترا في مجلة المدرسة مقالاً في المكانة المعلقة على لغة الأم فقال أن التلامذة من أبناء التاسعة إلى الرابعة عشرة يجب أن يخصصوا عشر ساعات في الأسبوع لدراسة لغتهم الأصلية، فمن الوهم الفاضح أن يذهب بعضهم إلى أنه من الممكن تعليم الأولاد معنى الإنشاء والذوق الأدبي إذا لم يكونوا متمكنين كل التمكن من لغتهم، وباطل اعتقاد من يعتقد بغناء اللغات الأجنبية في التربية، بل أن تعلم لغة غريبة قبل إحكام المرء لغته الأصلية إحكاماً راسخاً وتبريزه في أساليبها ضار لا بلغته وملكتها فقط بل في تربية عقل التلميذ أيضاً.

أما الجمهور وعامة الناس فيذهبون إلى غير هذا المذهب فقد قال اللورد الفرستون في جريدة التربية يوم افتتاح مدرسة ما طالما قاله غيره وهو أن الواجب على الأبناء أن يتعلموا لغة أجنبية في صباهم حق تعلمها لأن ما يتعلمونه منها في سن الحداثة في بضعة أشهر يرسخ في نفوسهم أكثر مما يتعلمونه في سنين متى كبروا، نعم إن الحواس الصوتية هي في الطفل ألين منها في غيره ولكن الحبال الصوتية ليست هي كل ما يلزم لتعلم لغة فإن من المجرب أن الطفل الذي تعلم اللغة الهندستانية ينساها بعد سنين، قال الكاتب أما نحن فإننا نؤمن على كلام جريدة التربية ومجلة المدرسة وهو أن تزداد الساعات المخصصة لدرس اللغة الأصلية وأن تؤخر ما أمكن دراسة اللغات الأجنبية أو القديمة ريثما يستتم التلميذ ملكة لغته وأن يتجرد التعليم الابتدائي من دراسة اللغات الحية وفي ذلك من الغناء والنفع من كل وجه ما لا ينكر لبيب محله، هذا ما عربناه ويا ليت نظارة المعارف العثمانية تنظر فيه نظر تدبر فإن التعليم في مدارسها بالبلاد العربية أصبح من العقم بحيث أمسى عدمه خيراً من وجوده لأنها قضت أن لا يعلم التلاميذ حتى في المدارس الابتدائية شيئاً من لغتهم العربية واكتفت بتلقينهم فقط اللغة العثمانية وياليتها تحسن تعليمها فيخرج التلامذة بعد الدراسة لم يتعلموا لغتهم ولا لغة حرصت نظارة المعارف على نشرها كالعقعق أراد أن يمشي كالحجل فنسي ممشاه ولم يمش مثله.

العمل اليدوي

من الغريب أن البلاد التي قل أميوها هي التي جعلت أساس التعليم فيها الأعمال اليدوية واعتبرت التهذيب العلمي ثانوياً فقد جرت بلاد الدانمارك والسويد ونروج على طريقة تربي فيها ملكة الصناعات قبل الاشتغال بالمعقولات والمنقولات وجعلت غاية المدارس هناك أن تعد ابن الشعب لاكتساب رزقه فهو يجتهد في حرفة له يختارها ليبرع فيها ولا يجبر على العمل إجباراً بل تجعل له مكافآت مالية يتناولها بحسب تجويده عمله وفي خلال تلك المدة يتعلم الولد ما ينبغي له من التربية اللازمة لعامل وإذا نبغ من بينهم نابغ ونبه منهم نابه يخرج من بين تلك الصفوف بطبيعة الحال، وقد جربت إيطاليا هذه الطريقة في تعليم الصناعات وتهذيب الأولاد الذين ارتكبوا جرائم فحبسوا واستعاضت عن تلعيبهم بأعمال صغيرة سهلة مثل طي المقوى والحبك وعمل السلال مما يعمله المرء في العادة وهو يغني أو يتحدث مع غيره فراقت هذه الأعمال الأولاد السجناء خصوصاً وأنهم يتقاضون عن أعمالهم أجوراً وإن كانت طفيفة لكنها تغرس فيهم ملكة الحذر والاحتياط ولذا قل فيهم من يحيد أثناء هذه الأعمال عما يقضي به النظام وجاء منهم وطنيون نافعون لا حانقون على الدهر لا يدرون كيف يسيرون.

رعب الأولاد

وضع المسيو فاراندونك سؤالين على تلامذة بعض مدارس بلجيكا وهما: من أي شيء تخاف أكثر وما السبب؟ ومن أي شيء زاد خوفك كثيراً يوم كنت طفلاً وعلى أي سبب تعلقه؟ فأتاه ألف وخمسمائة جواب نشرها واستخرج منها ما استنتجته في مجلة علم النفس فتبين له أن الصبيان أكثر من البنات خوفاً من الأسد ورجال الشرطة ومن آبائهم وأمهاتهم ومن الوحدة والماء والأشباح والمستقبل والبنات يرعبن في الأكثر من الحيوانات ولا سيما من الذئب والدب والجراذين والفيران ويخشين أكثر من الصبيان الآلام الطبيعية والرجال والمركبات على أنواعها والظلمة والرعد والبرق، وأن الداعي لخوف الولد ناشئ من عدم مماشاته لمحيطه لأن إرادته لا دخل لها في هذا الشأن بتاتاً بل أن تخلفه عن السير مع محيطه ناشئ من ضعفه ومعظم الرعب في الأطفال ينشأ لهم من حواليهم وحدث ما شئت أن تحدث عن الرعب الذي يستولي حتى على الكبار في السن لأن الأوهام غرست فيهم منذ الطفولة، قال ومن أنواع الخوف ما ينفع الجنس الإنساني والولد أيضاً وهو الخوف النافع في الأحايين أي من الجبناء وهم في الأغلب العاقلون قد ينجون بحياتهم في أحوال كثيرة.

الأوائل

من الموضوعات التي اشتغلت فيها في دار غربتي موضوع الأوائل، فقد بحثت حتى جمعت فيه مجموعة كبرى أخذت معظمها عن اللغة الانكليزية، وهي تشغل أكثر من أربعمائة صفحة من صفحات مجلة المقتبس.

وغرضي من جمعها أن أضع في هذا الموضوع كتاباً خاصاً ذهاباً إلى أن العربية مفتقرة إليه ولا سيما أن المغاربة قد عنوا به عناية خاصة لمكانته ولا يضر المشارقة أن يحذوا حذوهم.

ولقد سرني ما عرفته من أن عيسى أفندي اسكندر المعلوف الباحث المعروف قد عني بهذا الموضوع، ولا ريب عندي في أنه متى وقف على عنايتي به أيضاً سيسر لأن غرضه وغرضي يرميان إلى مساعدة المشتغلين بالكتابة على جعل العربية غنية بالمباحث التي يفاخرنا بها أهل الغرب.

وهذا بعض ما عربته بهذا الباب وأضفت إليه بعض الحواشي لزيادة الفائدة.

أول بندقية اخترعت سنة 1646 وأول مدفع سنة 1886.

أول ملعب للتمثيل بناه الرومان في رومية سنة 69 ق. م.

نشر صليبيو إسبانيا لأول مرة في أوروبا أرقام الحساب العربي في القرن التاسع للمسيح.

أول رئيس قتل في الولايات المتحدة ابراهيم لنكان في 14 نيسان سنة 1865.

أول إنسان اكتشف الخليج الفاصل بين كرنيلاند وأميركا الشمالية القبطان (بافن).

أول مخترع للمنطاد (غوزماك) اليسوعي في سنة 1729 وأول من استعمله (مونتفولر) في سنة 1782.

أول مصرف افتتح في الولايات المتحدة مصرف فيلادلفيا، افتتحه رهط من أكابر البلاد في 17 حزيران سنة 1780 برأس مال قيمته 83916 دولاراً.

أول مخترع للبارومتر (فورسيلي) اخترعه في سنة 1648.

اخترعت الحراب لأول مرة في (بايون) (فرنسا) سنة 1670.

أول طبيب أذاع تقرير جريان الدم في الرئة (ميشل سريفتس الفرنساوي في سنة 1553)

أول مخترع لتجليد الكتب ملك (برغامة) ظهر اختراعه في سنة 887.

أول من استعمل الخميرة في الخبز الإنكليز سنة 1650.

أول قناة في العالم أقيمت في مصر بين نهر النيل والبحر الأحمر.

اخترع ورق اللعب في فرنسا واستعمله الملك كارلس السادس للتسلية سنة 1380.

أدخلت المركبات إلى فيينا لأول مرة في سنة 1515 وإلى لندن في سنة 1580.

اخترع الشطرنج سنة 608 ق. م.

سافر الأميركان إلى الصين لأول مرة في سنة 1591.

اكتشف الكلورفورم في أميركا وجرمانيا سنة 1831.

أول كلية أقيمت في الولايات المتحدة كلية (هارفرد) المعروفة اليوم بجامعة هارفورد.

أسست سنة 1638.

زرع القطن لأول مرة في ولاية فرجينيا إحدى الولايات المتحدة سنة 1621، وأرسل إلى البلاد الأجنبية لأول مرة سنة 1741.

اعتبر ميلاد المسيح عيداً لأول مرة في سنة 98.

طاف اسطول مجللان لأول مرة حول الأرض في سنة 1521.

اخترع العرب الساعات الدقاقة في سنة 800 والإيطاليان في سنة 1200.

اكتشف الفحم الحجري لأول مرة في انكلترا سنة 1224.

سكت العملة لأول مرة في التاريخ المعروف في الصين سنة 1200 ق. م. وفي رومية سنة 576 ب. م وفي انكلترا سنة 1101 ب. م.

أنشئت في باريس سنة 1215 أولى الكليات من نوعها.

ذكر البيع لأول مرة في سفر التكوين عندما بيع يوسف بن يعقوب من المصريين.

استعملت إبرة الملاحين في الصين سنة 2634 ق. م وفي أوروبا سنة 1180 ب. م.

أول اجتماع عقده مجلس الأمة في الولايات المتحدة في فيلادلفيا في 5 تشرين الثاني سنة 1774.

ولدت النصرانية في إسبانيا سنة 36 وفي بريطانيا سنة 60 وقيل في القرن الخامس وفي فرنقونية وفلاندرس في القرن السابع وفي لومبارديا ونيورنفيا وهيس في القرن الثامن وفي اسوج والدنيمارك وبولاندا وروسيا في القرن التاسع وفي هنغاريا وسكلافونيه في القرن العاشر وفي فانداليا وبروسيا في القرن الحادي عشر وفي بومرانية وليتوانيا وقسم من بلاد التتار في القرن الرابع عشر وفي إفريقية في القرن الخامس عشر وفي الهند والصين في القرن السادس عشر.

صنعت الأواني الخزفية لأول مرة في (فانزا) سنة 1450.

بوشر لأول مرة بتقطير المشروبات الروحية في القرن الثاني عشر وفي إيرلندا في سنة 1590.

نشأ من احتكاك كرتين من الكبريت إحداهما بالأخرى في سنة 1467 أول فكر أو رأي أو تصور لكيفية استخدام الكهربائية وفي سنة 1746 اكتشفت أشعتها في لندن وفي سنة 1756 كيفية إرسالها بالأسلاك.

أول رجل فاه في أميركا بعبارة (تحرير العبيد) ابراهيم لنلكي في أول كانون الأول سنة 1863.

اكتشف فن النقش على صفائح نحاسية لأول مرة سنة 504 ق. م وعلى الخشب سنة 1423 في فلاندرس وعلى الفولاذ سنة 1830.

أول مكتشف لفن الطبع على الحجر (سينفيلدر) الألماني حوالي سنة 1796.

استعملت المغلفات لأول مرة في سنة 1839.

اخترع حفر الخطوط سنة 512.

اخترعت أول آلة لإطفاء النار سنة 1663.

نشرت الراية الأميركية لأول مرة في كمبردج ماستشوستس في أول كانون الثاني سنة 1776.

استجلب الغاز لأول مرة إلى لندن لإنارة الحوانيت والشوارع في سنة 1814 وإلى بلتيمور الولايات المتحدة سنة 1821.

اخترع مرغتيني التذهيب سنة 1273.

هجر النور مصر سنة 1515.

عرف الصينيون لأول مرة صناعة عمل الزجاج سنة 200 ق. م والرومان سنة 79 ق. م وفي سنة 1180 أخذ الانكليز يستعملونه للنوافذ والشبابيك وفي سنة 1757 للقناني والأوعية، وذلك بعد أن أدخل (بندكت) هذه الصناعة إلى انكلترا سنة 674 ب. م.

صنعت أول مرآة في (لامبت) سنة 1673 وفي (لانكثير) سنة 1773.

اخترعت المطحنة في إيرلندا سنة 214.

يرد اختراع البارود إلى الصينيين وانتشار معرفة اختراعهم في الغرب إلى سنة 1324.

أعدت المركبات للأجرة لأول مرة في لندن سنة 1625.

بوشر استعمال مسحوق الشعر لأول مرة في انكلترا سنة 1590 وفي سنة 1795.

ضربت الحكومة الانكليزية على كل من يستعمله ضريبة سنوية قدرها ليرة انكليزية قديمة.

أول معمل للمناديل (المحارم) أنشئ في بيسلي في اسكوتلندا سنة 1748.

اخترعت القبعات (البرانيط) في باريس سنة 1404 واستعملت في لندن لأول مرة سنة 1510.

أنشئ علم النسب حوالي سنة 1100.

اخترعت الساعة الرملية في اسكندرية سنة 204 ق. م وأدخلت إلى رومية سنة 158 ق. م.

استخرج العظلم في كرولينا الولايات المتحدة سنة 1747.

جرب التطعيم أو التلقيح في المجرمين لأول مرة سنة 1741.

بوشر في انكلترا بضمان السفائن سنة 1560.

اكتشف الحديد سنة 406 ق. م بواسطة احتراق جبل (ايدا) وصب في انكلترا لأول مرة سنة 1544 واكتشف في فرجينيا أميركا سنة 1715.

بنيت البواخر الحديدية لأول مرة في سنة 1830.

اكتشف (جنسن) لأول مرة سيارة صغيرة للمشتري سنة 1590.

استعمل زيت الكاز للتنوير لأول مرة سنة 1826.

بوشر بتقبيل رجلي البابا لأول مرة سنة 709.

اخترعت جوارب الحبك أو شغل السنارة في اسبانيا نحو عام 1550.

صنعت السكاكين أو المدي لأول مرة في انكلترا سنة 1550.

أقيمت المدارس في جميع المدن الرئيسة في انكلترا لأول مرة سنة 1810.

نسج الشاش وخيوط الحرير والكتان لأول مرة في بيسلي سنة 1784.

يرد أول دور من أدوار القرميد إلى الرومان وفي سنة 1625 أمر كارلس الأول بتقطيعه بقوالب.

اعترف لأول مرة بطائفة (الكوكر) المعروفة بالفرندس أي الأصدقاء في سنة 1702.

اخترع ميمون المصري حروف الهجاء في عام 1822 ق. م.

علق جرس الحرية المشهور في أميركا لأول مرة سنة 1776 في ساحة دار الاستقلال في مدينة فيلادلفيا.

نسج الكتان لأول مرة في انكلترا سنة 1253.

يرد تاريخ اكتشاف المرايا إلى سنة 1300.

اخترع القسيس كينف في انكلترا أنوال الحياكة سنة 1787.

ذكر المؤرخون لأول مرة استعمال القرعة بمبلغ من الدراهم سنة 1630.

اخترع روجر باكون النظارة المكبرة في انكلترا سنة 1260.

اكتشف (ماموث) في سيبيريا سنة 1806.

اخترع انكسيمند الخرائط والكرات سنة 600 ق. م.

يرد اختراع الورق المعروف بالرخامي إلى أحد الجرمانيين في القرن السابع عشر استعمل الكبريت لأول مرة سنة 1829.

اخترع المكرسكوب لأول مرة في جرمانيا سنة 1621.

أسس أول دير في العالم حيث اعتزلت الراهبة انطوني سنة 270 وأول دير في فرنسا أسسه القديس مارتن سنة 360.

اخترع الإبر أحد الهنود في انكلترا سنة 1598.

اخترعت علامات الموسيقى سنة 107 ونقحت سنة 1330 وطبعت سنة 1502 أسس جوزف سمث الديانة المورمنية في سنة 1830.

أول نسخة جريدة طبعت في الغرب سنة 1494، وأول جريدة يومية ظهرت سنة 1615 اسمها فرنكفورت وأول جريدة انكليزية صدرت سنة 1622 دعيت أخبار الأسبوع وأول إعلان ظهر في سنة 1648 وأول جريدة أميركية طبعت في بوسطن (ماس) سنة 1690 اسمها (حوادث الجمهور) وأول جريدة يومية في الولايات المتحدة أنشئت في بنسلفانيا سنة 1784 اسمها (بنسلفانيا باكت) وأول جريدة سيارة في أميركا أنشئت في 15 أيار سنة 1775.

اخترع الأرغن سنة 755.

أسست جامعة اكسفورد في انكلترا سنة 886 وهي الأولى من نوعها.

يرد عهد الدهن إلى زمن نينوس حوالي سنة 2000 ق. م.

صنعت الأوراق المالية لأول مرة في أميركا سنة 1740.

صنع الورق من الخرق في مصر سنة 1085 وفي الصين من الحرير سنة 120 ق. م.

اخترع الرق أطاليوس ملك برغامة سنة 887.

سنت شريعة حصر الامتياز لأول مرة في الولايات المتحدة في 15 نيسان سنة 1790.

أدخلت صناعة الترصيف إلى باريس لأول مرة سنة 1185.

اخترع فن ترصيع اللؤلؤ سنة 1686.

استعمل (الريش) أقلاماً للكتابة لأول مرة سنة 635.

أسس فيلادلفيا وليم بن سنة 1682.

اخترع الفونغراف تومس أديسن سنة 1877.

صنع الفوسفور لأول مرة سنة 1677.

بوشر بفن التصوير لأول مرة في انكلترا سنة 1802 وأتقن في سنة 1841.

اخترعت الأخلة لأول مرة في فرنسا وقد استجلبتها كاترينا هاورد واستعملتها لأول مرة في انكلترا وقد صنعت في المصانع الأميركية لأول مرة سنة 1832.

صبت الغلايين المصفحة بالرصاص لأول مرة سنة 1539.

استعملت الطبنجات أو الفرود لأول مرة فرقة من الفرسان سنة 1544.

صنع القير أو الزفت والقطران من مقلع فحم لأول مرة في (برستول) سنة 1779.

اخترع الدمام في باريس سنة 1470.

رقيت صناعة الخزف السكسوني لأول مرة 1767.

بنيت كوات المدافع في البوارج الحربية لأول مرة سنة 1545.

أسس أول بريد بين فيينا وبروسيلس في سنة 1516.

أصلح (ودغود) صناعة الفخار إصلاحاً عظيماً لأول مرة سنة 1763.

منح أكبر أنجال العترة المالكة في انكلترا لقب أميروالس لأول مرة سنة 1286.

اخترعت الطباعة سنة 1441.

ابتدأ الإصلاح الديني في جرمانيا سنة 1517 وفي انكلترا سنة 1532.

يرجع تاريخ اختراع أنوال الشرائط الحريرية إلى القرن السابع عشر في جرمانيا.

صنعت ملابس الملاحين لأول مرة في إنكلترا سنة 1590.

افتتحت المدارس العمومية في الولايات المتحدة لأول مرة حوالي سنة 1642.

سار أول قطار حديدي للركاب في إنكلترا في 27 تشرين الأول 1825.

اخترع دولاب الغزل في برنسوك سنة 1530.

اخترعت النظارة العوينات سنة 1299.

أصلحت الأنصاب في الولايات المتحدة لأول مرة سنة 1873.

اخترع أحد الفلمنكيين آلة اللف في لندن سنة 1792.

قيل أن استعمال البرادع المعروفة اليوم يرجع إلى سنة 385.

أول استعمال تمليح الفسيخ يرد إلى الهولانديين وقيل أن أول مخترع للمنشار هوتاليوس الكاتب اليوناني صنع ملح البارود لأول مرة في إنكلترا سنة 1625.

أدخل الهودج إلى إنكلترا سنة 1834.

أعطيت البراءة باستعمال آلة الخياطة لأول مرة في انكلترا سنة 1755 وأتقن هذه الآلة ايلياس هاوي الأميركي في سنة 1846 وآلة الخياطة هي المعروفة عند العامة بالمكنة.

اخترع تيخوبراهي سدس الدائرة في اغبورغ في سنة 1550.

صنع الصابون في لندن لأول مرة سنة 1524.

ذكر السكر لأول مرة الطبيب بولس اغينتا سنة 625.

استعمل الفرار لأول مرة سنة 1540.

اخترع كرخر اليسوعي البوق في سنة 1652.

اخترع أحرف الطباعة الحديثة وليم غد الصائغ في ادينبرغ في 1735.

أسس المدارس الأحدية لأول مرة روبرت ريكس الإنكليزي في إنكلترا في 1781.

اخترعت الساعات الشمسية في 558 ق. م وفي رومية في 308 ق. م.

اخترعت الدباغة في 1795.

أدخل الشاي إلى أوروبا لأول مرة في 1610 جلب الهولانديون من الهند والهنود من الصين.

استعمل الفرنساويون آلات البرق لأول مرة في 1794 والانكليزيون في 1796 أول تلغراف سلك كهربائي امتحن بين مدينة باديفتن ودراتور انكلترا في 1835.

أول تلغراف فحص في أميركا بين بلتيمور والعاصمة واشنطن في 1844 وأول رسالة برقية أرسلت في هذه البلاد في 1851 من دوفر إلى كالي وأول رسالة برقية قطعت المحيط الاتلانتيكي في 1858.

عرض الحاكي التلفون المدعو جرس كبراهام لأول مرة في معرض سينتسنيال فيلادلفيا في 1875.

اخترع اسحق نيوتن الفيلسوف المرقب في 1692.

صنعت الخيطان لأول مرة في معمل بيسلي اسكوتلاندا في 1722.

اخترع الثرمومتر دربيل الهولاندي في 1620 وزاد بتحسينه ريومر في 1730 وفارنهيت في 1749.

اخترع الدكتور هيلس المهواة سنة 1740.

اخترعت الكمنجة حوالي 1477 وأدخلها إلى انكلترا الملك كارلس الثاني.

يرد أول دور من أدوار استعمال أوراق الحيطان إلى اسبانيا وهولاندا 1555 أما الأوراق المخملية فقد استعملت أولاً في 1620.

استجلب الدخان لأول مرة إلى انكلترا من فرجينيا الولايات المتحدة في 1583.

اخترعت الساعات الحديثة في 1477 في جرمانيا وأدخلت لأول مرة إلى انكلترا في 1577.

قيل أن اختراع مطحنة الماء يرد إلى عهد محاصرة الغوطيين لرومية في 555 وأن مخترعها الأول هو رجل اسمه بلساريوس.

ذكر الدوارة لأول مرة فينريوفيوس اليوناني وأنها نصبت على رأس برج أثينا الذي بناه فيرشس.

أول جاب للأموال رجل دعي صولون عاش سنة 540 ق. م.

حدائق الأطفال ومدارسهم

كتبت إحدى المعلمات الفرنسويات مقالة في أحسن الطرق لتربية الأولاد قالت فيها أن البداءة بتعليم الطفل تكون على الغالب بتعليمه مبادئ القراءة خاصة والظاهر أن القراءة هي الواسطة الوحيدة لتنبيه جميع حواسه على حين فجأة، وقد شغل هذا الموضوع بال كثير من أرباب العقول وقام في سويسرا منذ نحو مئة سنة اثنان من رجال التربية الثقات أحدهما بستالوزي في مدينة زوريخ والآخر الاب جيرارد في مدينة فريبورغ ووضعا موضع العمل طريقة جديدة من شأنها أن تزكي عقل الطفل على أيسر وجه منذ إدراكه قال فنيلون الأخلاقي الفرنسوي أن ذكاء الطفل كلهيب شمعة يحركها الريح وهي أبداً في اهتزاز فالغاية إذاً من التربية هو أن يمد ذاك اللهيب بالمادة اللازمة بأن يدفع هبة خفيفة لتساعده على الانبعاث على خطة مستقيمة عالية متوخين أن لا نطفئها بحركة سريعة منا بل الواجب كما قال بستالوزي أن نحسن تسليك الطفل ونعفيه من النظر إليهم إلى المدارك الصريحة وإذ كانت بالحواس تحدث التأثرات اقتضى أن نقرب بين الطفل وبين الأمور التي يقضى عليه دراستها يعلم معنى الألفاظ التي يتكلم بها على ما يجب ويضاف إلى تعليم عقله تعليم عملي باليد وتعليمه هذا التعليم بين السادسة والعاشرة وقال غيره يجب أن يعنى بالطفل لتنبيه إحساسه منذ أول إدراكه لأن الولد ليس هو في الحقيقة إلا رجلاً ولكنه صغير، وقال آخر أن الولد أب الرجل وأفضل الطرق في تعليمه كما قال فريبل أن يقرب من الطبيعة فيدرك رحمة الله ويتعلم قدرته وصنعه في الوجود ويحترم كل ما له حياة وذلك بأن يعلم تربية بعض النباتات والنظر إلى ما حوله فيعلم نفسه بنفسه كأن يعطى الولد كرات ومكعبات وعصياً وأشكالاً ورسوماً وأشياء يثنيها ويفتلها ولا سيما ما كان منها طبيعياً يعطى منها بحسب المواسم فيتناول زهراً في الربيع مثلاً وتفاحة في الخريف أو الشتاء أو غير ذلك مما تنبت الأرض في المواسم الأربعة فإذا كان تفاحاً يستصحب الولد إلى السوق وتبتاع ويشرح له كيف نمت وكبرت وتوصف له الأشجار وجذوعها والأوراق والأرض ثم ترسم له تلك التفاحات وتقطع وتنقى ويجعل له منها مربى أو تشوى له في الفرن ثم يذكر كيف يصنع العصير ويصفون له المركبة والحصان والسوط وغير هذا كل ذلك يرسم له على اللوح والولد يقلده ويشفع ذلك باغان وأشعار متعلقة بالموضوع وتتوسع المربية في شرح ذلك للطفل بدون أن تحيد عن الغاية الأصلية المطلوبة وبذلك يعمل عقل الطفل ويقلد في عمله فيجمع إلى التربية العلمية والأدبية التربية العملية لمعاناة الفنون والصناعات، وقد انتشرت طريقة فريبل في التربية على هذا النحو في سويسرا وألمانيا والبلجيك وهولاندة والسويد وانكلترا وفرنسا وأميركا ودخلت خصوصاً في دور اللقطاء والبائسين وأنشئت في باريز مدرسة على هذا النمط أنشأتها آنسة متعلمة وأخذت تربي الأطفال هذه التربية المعقولة جاعلة مع حدائق الأولاد دروساً تلقى عليهم بالعمل في حفظ الصحة وعلم النفس والكيمياء والنبات وتدبير المنزل فجعلت محيط تلك المدرسة متناسياً مع ما يراه الطفل في بيت أبيه ليس فيه ما في صنوف المدارس من المناظر المدهشة مثل القماطر السود والمقاعد العالية بل فيها صور ونقوش وأزهار وطيور وأثاثها مناضد وكراسي صغيرة تناسب طول الطفل ومن الأولاد من يبقى طول النهار في المدرسة فيتيسر لإدارتها أن تعلمه أموراً كثيرة في تدبير المنزل وتغرس فيه أصول النظام والنظافة وذلك بأن تتركه مثلاً يعمل طعامه بنفسه حتى إذا رجع في المساء إلى بيته وعمره في الخامسة على الغالب يلاحظ على والدته أن لا تطرح قشر البطاطا أو قشر البيض بل أن تحفظها لتنظيف القناني والزجاجات وآخر يطلب إلى والده أن يضع كل يوم بيومه أجرة المدرسة على حدة حتى تتجمع في آخر الأسبوع مخافة أن يجيء يوم الدفع ولا يكون في البيت درهم لأداء قسط المدرسة وهكذا يتعلم الطفل تدبير البيت والاقتصاد المنزلي منذ يعي على نفسه ويغرسون فيه فكر الإحسان والعدل وحسن العشرة والألفة حتى لا يستوحش من الناس كما هي عادة الأطفال وهي عادة ضارة شائعة ويعلم قدر الصناعات وفكر الأسرة فتتنبه فيه عزة النفس فلا يقول لشيء لا أستطيع عمله ومنذ السنة الخامسة يرفض أن يلبسه ثيابه أحد أو يسرح شعره ويمشطه ويهندمه أحد فيكون مسؤولاً عن عمله وتنمو فيه قوة الإرادة والشعور بالنظر كما ينمو فيه الإحساس الديني والكمالي والاحترام والحشمة وبالجملة ترتقي فيه التربية قبل أن يهتم بالتعليم.

فإذا خرج الطفل من هذه المدرسة ويدخلها وهو بعد الثانية من سنه في الغالب ويخرج منها بعد السابعة يحسن أن ينظم أموره لأنه تعلم منذ نعومة أظفاره الطاعة والنصيحة فلا يصعب عليه متى دخل المدرسة أن يتلقى بقبول حسن ما يلقيه عليه معلمه أو يفزع إذا جاء من بيته إلى المدرسة الابتدائية مباشرة بل يكون بحسب سنه قد ألف البحث والتفكر والنظر والتأمل في الأشياء ويجمع معلوماته ويصل بينها برباط وأحد وربما كانت بهذه الطريقة أفكاره قليلة ولكنها إلى الجلاء والوضوح أميل وفيها تسلسل معقول.

ويحسن الولد التفكر وحصر ذهنه وهو ما ينفعه عندما يجيء دور تعليمه القراءة فلا يستصعبها ويمل منها بل تكون له ميسورة سهلة سريعة ويحصر الذهن في موضوع يتعلم الولد الاهتمام بالأشياء المحيطة به أو التي تمسه مباشرة فهو يعرف الوجود ويحبه ويقدر نعمه قدرها ويذكر صانعها وتكون قد تنبهت حواسه وترقت وكذلك رغبته في النظر والمعرفة وبهذه الطريقة تقوى إرادته وتمهر يده وبما يتعلمه من الهندسة الابتدائية العملية يقدر بذهنه الأبعاد والخطوط ويسهل عليه النسب وبالرسم يتعلم نقل الصور المستعملة في البيت ويدرك بنفسه أنه لا يستطيع أن ينقلها كما هي ويبحث عن طريقة توصله إلى نقلها كما هي ويتعلم ملاحظة الأشكال وتقليدها وبذلك تتربى عينه ويده في آن واحد، ولا تسل عما تحدث هذه الطريقة عندما يجيء وقت الكتابة إذ تكون يده أعادت رسم الأشكال وما الحروف إلا أشكال ولكنها لا تنطق كالرسوم وعينه تساعد يده وكم ولد يرسم الحروف والكلمات التي يراها وهو يتعلم على هذه الطريقة بدون أن يفهم معناها، وتعلم الكتابة لا يتعب به عقله ولا جسمه بل يتعلمه كأنه يلعب ويرسم.

قالت الكاتبة فمدرسة حديقة الأطفال هي مدرسة التربية وعليها يصدق هذا التعريف: التربية هواء وقانون وحياة.

قرطاجنة والعرب بعث المسيو برتولون من المشتغلين بعلم تاريخ الإنسان إلى المجمع العلمي القرطاجني في تونس بمبحث بين فيه الفروق بين جماجم القرطاجنيين منذ 2400 سنة وجماجم التونسيين المعاصرين جاء فيه أن علماء الإنسان يتوصلون إلى درس الأخلاق الرئيسة لمعرفة مميزات عنصر من العناصر بالنظر أولاً إلى قامات أهله فمن أجناس الأمم من يغلب عليها طول القامات مثل الايكوسيين والسويديين ومنهم من يكونون قصارها مثل اللايونيين والسارديين والصقليين ثم ينظر إلى ألوان البشرة والعيون والشعور وحجم الجماجم والأنف والعيون والوجه فيقدرون المقياس الأعلى بمئة ومن بلغ طول رأسه من 70 إلى 86 كان معدوداً في طوال الوجوه ثم يقاس الطول مع العرض وتجري النسبة بينهما وقد قاس في تونس مئة جمجمة قديمة جداً يظن أنها من جماجم القرطاجنيين من القرن الرابع قبل الميلاد و23 جمجمة حديثة من جماجم التونسيين فاستبان أن نساء القدماء يشبهن بتقاطيعهن نساء المحدثين إلا قليلاً وأن الاختلاف محسوس بين رجال اليوم ورجال أمس وأن العقول كانت واحدة في القرطاجنيين والتونسيين وكان كثيرون من القرطاجنيين طوال القامات ومميزاتهم كمميزات قبائل الغرب العظمى المعروفة في التاريخ باسم النوميديين وثبت له أن سكان ضواحي تونس يشبهون أولئك القدماء في قاماتهم وأن سكان قرطاجنة وتونس ظلوا متشابهين منذ القديم إلى يومنا هذا على ما طرأ عليهم من الطوارئ السياسية وبعيد أن يكون قدماء القرطاجنيين من فينيقية لأن الفينيقيين عرفوا بضيق جبهاتهم وكانت أواسط رؤوسهم منبسطة واستدل من حفريات مدافن صيدا ومن قياس هيكل عظام الملك ثابنيت بن اشمونازار الذي وجد في إحدى النواويس الصيداوية أن القرطاجنيين لم يشبهوا الفينيقيين بجنسهم وأن القرطاجنيين اختلطوا بأهل عنصر طويلة رؤوسهم وكذلك الحال في عيون الصيداويين أنها كانت أكثر استدارة من عيون القرطاجنيين وأنوف الفينيقيين أصغر من أنوف القرطاجنيين وبذلك ظهر أن سكان قرطاجنة (المستعمرة الفينيقية) في القرن الرابع لم يكونوا من عنصر يشبه العنصر الفينيقي وأن سكان قرطاجنة من أصل العنصر الذي أنشأ المدنية في بحر ايجيه (الارخبيل) أي أجداد المدنية اليونانية كما استدل الباحثون في أصول مدنية شواطئ البحر الأبيض أن هؤلاء الإفريقيين القرطاجنيين قد فني فيهم الطوارئ من الفينيقيين الذين حلوا ديارهم فكان أهل قرطاجنة فينيقيين ثم رومانيين ثم عرباً قال: وعلى فرنسا أن تنظر إلى ما تم في هذا السبيل من صبغة التونسيين لنعيدهم إلى صبغتها لأن حكم العرب قد أتاهم بقانون سنه رعاة لرعيان فصعب تطبيق هذه الشريعة على مجتمعات ممدنة كالمجتمع القرطاجني ولذا انحط أي انحطاط عما كان عليه زمن الفتح الروماني، قال وإن مبادئ التنظيم الذي بقيت آثاره إلى اليوم في تونس مثل البلديات والصناعات وصناعة الخزف والبناء والهندسة ليست من اختراع العرب كما يقال بل هي بقايا من المدنية القديمة السابقة للإسلام فسدت على عهد الفاتحين وأعمالهم العقيمة، قلنا وبمثل هذا المتعصب الفرنسوي ممن يمدون أقلامهم بالسم الزعاف ليكتبوا عن العرب جهلاً منهم أو تجاهلاً ما برح استعمار فرنسا متأخراً عن غيره من الأمم وسيتراجع عمرانها كلما قويت شأفة الممحاكين والسفسطائيين من أبنائها.