الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 47/سير العلم والاجتماع

مجلة المقتبس/العدد 47/سير العلم والاجتماع

بتاريخ: 1 - 1 - 1910


مدارس الفرص

من جملة التعليم الذي كثر بين الأمم الغربية بكثرة المواصلات أن بعض المدارس أو الجمعيات لا تحب أن تصرف التلاميذ إلى بيوت ذويهم في الصيف وتحص عَلَى تعليمهم وتنزيههم والسياحة في هذا الفصل فابن إنكلترا يطوف به أساتذته بعض بلاده أو يأْخذونه إلى فرنسا وإيطاليا وألمانيا واسبانيا وسويسرا وابن ألمانيا كذلك والسكك الحديدية في هذه الممالك تسقط من أجورها قسماً عظيماً لتلك المدارس والجمعيات حتى أن التلميذ لا يدفع عن ستة أسابيع سوى ليرتين إنكليزيتين وعن أربع أشهر أربع ليرات فرنسوية.

تطهير ماء الشرب

رأَى طبيبان إيطاليان أن أفضل الطرق لتطهير ماء الشرب من الجراثيم الضارة أن يجعل فيه محلول فلورور الفضة فلا تمضي نصف ساعة إلا وتهلك الجراثيم كلها ويمكن أن يعرض الماء بعد ذلك زمناً للهواء الطلق بدون أن يكون فيه أدنى خطر من جراثيم جديدة.

اللغات الحية

عقد في باريز هذه السنة المؤتمر الدولي للغات الحية فتباحث أساتذة البلاد المتمدنة في الطرق التي تمكن التلامذة من الاستعداد اللازم لهم في جهاد القرن العشرين فكانت النتيجة أن الواجب تعليم أساتذة المستقبل اللغات الحية تعليماً عالياً لتْرسخ فيهم رسوخ لغاتهم الأصلية فلا يكتفى بتلقينهم من اللغة الأجنبية نحوها وصرفها وشيءٌ من لهجتها والتكلم بها بل يعلمونها أرقى تعلم عام أدبي فلسفي. واتفقت الآراء عَلَى أن اللغات الحية إذا أريد إنزالها منازل التربية تعادل تربية اللغات القديمة فالواجبْ أن يكون بلغ أساتذتها الذين يعهد إليهم تعليمها درجة عالية توازي درجة علماء اللغات القديمة وأجمعوا على أن التعليم الثانوي يجب إصلاحه بحيث يتخرج منه أناس لا ملمون باللغات الأجنبية الحديثة فقط بل ممتازون بها امتيازاً يناسب روح العصر الحاضر ورأَوا أن إحكام اللغة وحده لا ينشأُ منه ما يقال له قيمة مربية ودرجة راقية في المدنية والآداب بل أن يشفعه درس أخلاق تلك الأمة التي يتعلم الطالب لغتها ويتشرب روح آدابها وتاريخها فإن الإطلاع عَلَى لغة حديثة ليس من الغايات بل من الوسائط فهو آلة من أثمن الآلات في جهاد الحياة فلا يكفي أن يتعلم المرءُ كلمات وجملاً وقواعد نحوية وصرفية بل أن يدخل في حياة الشعب الغريب عنه فبعد أن يدرس الطالب قوانين لغة أمة يحيط علماً بأخلاقها وتاريخها وآدابها وكيفية تصورها معنى الحياة وخير الذرائع لبلوغ هذا القصد الرحلة إلى البلاد التي يتعلم المرءُ لغتها فيها زمناً وهذا ما يجب أن يكون من دعائم التربية اليوم كما كان فتيان المتسلمين في رومية يسيحون في بلاد يونان في سالف الأزمان. واستحسن المتآمرون الإكثار من الإنفاق على المتعلمين ما يقوم برحلاتهم ودعوا البلديات والأسرات والجمعيات والحكومات والمحسنين إلى التنافس في هذا المضمار لأن مثل هذه الرحلات توسع الفكر وتشحذ النشاط وتنبه الشعور بالانتقاد وتقوي الوطنية بالمقابلة بين البلاد ومن أهم نتائج هذه التربية الحديثة تقريب ما بين قلوب الأمم المتمدنة.

وانعقدت في أكسفورد ببلاد الإنكليز جمعية اللغات الحديثة فقال الرئيس في خطاب له أن أغنية رولاند ونبلنجن ليد لا تقومان مقام أغاني هوميروس ولا دانتي يخلف فيرجيل مرشده وأستاذه ولا بسكال يضطرنا إلى نسيان أفلاطون ولا بوسويه ينسينا شيشرون ومعنى هذا أن من رأْيه أن التربية الأدبية الكاملة تتطلب دراسة كتب القدماء كما تتطلب درس آثار المحدثين وأفاض على هذا النحو متناولاً الموضوع الذي أجمع عليه مؤتمر باريز ورأَى أن تعليم اللغات كما هو شائع الآن في إنكلترا تعليماً سطحياً ويراد منه التفهم مع الأجانب اللا تجار هو ناقص الجهاز والأولى التعمق في الدراسة.

التربية في الهواء

أخذ علماءُ التربية منذ حين في ألمانيا وفرنسا يبحثون عن الطرق التي يعلمون بها التلامذة في الهواءِ الطلق ويخلصوهم من ازدحام الأنفاس في صفوف المدارس لما فيها من إضعاف أجسامهم وإنهاك صحتهم وذلك بدون أدنى نقص في تعليمهم وممن عني بهذا الموضوع الأستاذ فلات أحد مديري المدارس العالية في ألمانيا فكتب بعد التجارب العديدة في أبناء مدرسته أن تعليم التلاميذ في الهواءِ الطلق لا يناسب إلا الأولاد الذين تقدموا قليلاً في السن وفي هذه الحال يعلم التلامذة أصول الرياضة البدنية ولا يصعب تعليمهم خارج الصفوف دروس العلوم الطبيعية والتاريخ والجغرافيا واللغات الحية والرياضيات وقد أَلف في هذا الموضوع كتاباً تداولته الألسن بالثناءِ.

التلامذة والأساتذة

كتب أحد علماءِ الإفرنج بحثاً ضافياً أخذ فيه رأْي 87 أستاذاً مع تلاميذهم عن المواد التي يختار التلامذة تعليمها فكانت النتيجة أن المواد التي يحبها التلامذة أكثر من غيرها ليست هي المواد التي يرتاح الأساتذة إلى تعليمها فالتلامذة يحبون الرياضيات البدنية والأعمال اليدوية ثم التصوير والتاريخ ويتأففون من التعليم الديني والإملاء والتاريخ الطبيعي. أما الأساتذة فأحب الدروس إلى قلوبهم التاريخ وليست للرياضة البدنية منزلة من قلوبهم.

تعليم التاريخ

كتب أحد الألمان العارفين مبحثاً في مجلة علمية قال فيها نشأ من تعليم التاريخ أن كثيراً من المعلومات التاريخية بناها المرءُ والضروري منها استظهاره مؤقتاً يساعد عَلَى تربية القلب والذكاءِ والإحساس الإنساني والوطني فيجب عَلَى معلم التاريخ أن يغفل من درسه مالا يضر جهله ويتوسع في المسائل المهمة فيعنى بما ينطبق عَلَى الحال الحاضر من مسائله وعن تعليل أسبابها وتكوينها وينظر نظراً بليغاً فيما تمس حاجتنا إليه في حياتنا ولا يكتفى بالمعرفة البسيطة الغير المعقولة من الماضي ويحب تنبيه الذهن وإعداده لإدراك العالم الحاضر السياسي والاجتماعي والديني وأحوال الرجال المعاصرين وأن تقوى الوطنية بدون أن تكون إلى العصبية الجاهلية ويقصد بالتاريخ تخريج رجال ووطنيين بإطلاعهم عَلَى ما وقع لمن قبلنا وما هو دائر الآن حوالينا. وهذا ما يقصد من روح التاريخ.

المدارس الألمانية في العالم

نشر أحد علماءِ الألمان كتاباً سماه المدارس الألمانية في الخارج جاء فيه أن لألمانيا في روسيا 60 مدرسة فيها 1100 تلميذ وفي رومانيا 30 مدرسة فيها 4200 وفي البلجيك 10 مدارس و1900 تلميذ و6 مدارس في البلاد العثمانية في أوربا فيها 1850 تلميذاً و14 في إيطاليا تحتوي عَلَى 880 تلميذاً ومدرسة واحدة في فرنسا (بباريز) فيها 150 تلميذاً و21 مدرسة في آسيا فيها 1250 منها 9 في أزمير وفلسطين فيها خمسمائة تلميذ و46 مدرسة في إفريقية الجنوبية منها 15 في حكومة الرأس فيها 1100 تلميذ و16 في الناتال فيها 400 و3 في الترنسفال ولها 300 تلميذ و80 في أوستراليا تضم في حجرها 2500 و800 في برازيل تجمع 26000 تلميذ و500 في ريو الكبرى لها 15000 تلميذ و60 في الجمهورية الفضية لها 3500 تلميذ و36 في شيلي فيها 2800 تلميذ. أي 1700 مدرسة فيها مالا يقل عن سبعين ألف تلميذ وتمنح الحكومة الألمانية لهذه المدارس 850 ألف مارك في السنة هذا عدا الأساتذة والمعلمين الذين يدرسون في الولايات المتحدة وبذلك تتبين انتشار نفوذ ألمانيا عَلَى بلاد العالم ولا سيما عَلَى الممالك المحتاجة حتى الآن إلى التعلم.

جراثيم التعب

قامت منذ زهاءِ مائة ألف سنة فئة من أطباء الألمان والطليان والأميركان يقولون بوجود جراثيم في أحشاءِ الإنسان تأْتيه من ملامسة الأرض التي يعمل فيها فتحدث فيه الكسل والتعب ثم تنتهي بالموت. وآخر ما قرره أحد أطباء أميركا أن ظاهر أنثى هذه الجراثيم كذكرها أشبه بخيط مغموس بالوحل وهي تبيض حيثما نزلت ألوفاً من البيوض والأجنة التي تخرج منها وتنتشر في الخلايا. وطول الذكر من هذه الجراثيم سانتمتران يعلق بالأحشاء فيتناول أجزاءً صغيرة من الغشاء المخاطي وذلك بثقبها ثقوباً يمتص منها الدم وقد رأَى طبيب إنكليزي بمعاينة شخص مصاب بجراثيم التعب أن فيه 250 جرثومة و575 عضة ورأَى في آخر 863 جرثومة و217 عضة ومعظم هذه الإصابات تكون من باطن القدم أولاً لأنه معرض للاحتكاك بالأرض التي تسكنها الجراثيم ويقدرون المصابين بهذا المرض بمليوني نسمة أكثرها في جنوبي أميركا.

درجات التغذية

ما من شيءٍ مهم في التغذية أكثر من التدقيق في معرفة ما يتركب منه طعامنا حيوانياً كان أو نباتياً أو معدنياً جامداً كان أو سائلاً فالأصل في طول حبل العمر متوقف عَلَى الإحاطة بذلك فقد قال أحد الأطباء أن الواجب عَلَى المرءِ قبل المباشرة في الأكل أن يعرف درجة التغذية فيما يتناوله والمقدار اللازم له منبها. وقال غيره أن من أوائل قواعد حفظ الصحة أن يعرف المرءُ النسبة بين التغذية والإنفاق عليها. ولكن هذه القواعد قلما يعمل بها بالفعل وكثير من الناس يجهلون كل الجهل ما يدخل في الطعام من درجات التغذية وقد نصح الدكتور فيشر من كلية يال في أميركا أن تعلق القائمة الآتية في المدارس وغرف الموائد لمعرفة درجات التغذية في كل طعام وها هي مرتبة بحسب مكانتها من التغذية:

الثمار والجوز والحبوب والعسل والزبدة.

البطاطا وغيرها من البقول التي تقشر.

السمن والملح القليل والقشطة واللبن والحليب والبيض وسكر القصب وشوكولاتو اللوز الهندي.

الجبن المطبوخ واللبن الرائب.

البقول التي تؤْكل بقشورها.

المعجنات.

الجبن المخمر وجبن روكفور وغيره.

التريد.

الحساء باللحم وخلاصة اللحم.

الشاي والقهوة.

اللحم والسمك والطيور.

الكبد.

التوابل ما عدا الملح.

الألكحول.

توراة الشيطان

قالت مجلة مطالعاتنا في البيوت ما تعريبه: من جملة التحف المحفوظة في خزانة الكتب الملكية في استوكهلم كتاب مخطوط أطلقوا عليه اسم توراة الشيطان كما يسمونه مارد الكتب لضخامة حجمه المتناهي ويبلغ طوله 90 سنتمتراً وعرضه خمسون ولا يستطيع نقله سوى ثلاثة رجال وهو ذو 309 صفحات ضاع منه سبع وقد كتبت كل صفحة عَلَى عمودين. وحسبوا ما وضع لهذا الكتاب من الورق فكان 160 حماراً وحروفه من نوع الكوتيك الصغير وأوائل الحروف الكبرى جعلت بالذهب الملون وزينت بالصور وجلده من البلوط الغليظ ثخانته أربعة سنتمترات ونصف وأقفاله من المعدن. ولما حرق القصر الملكي في استوكهلم سنة 1697 أُصيبت هذه التوراة برضوض فطرحوها من النافذة إلى الشارع فتعطلت أقفالها ثم أُصلحت.