مجلة المقتبس/العدد 39/في سلانيك
→ السلطان عبد الحميد المخلوع | مجلة المقتبس - العدد 39 في سلانيك [[مؤلف:|]] |
الجباية في الإسلام ← |
بتاريخ: 1 - 4 - 1909 |
لقد سمعوا من الوطن الأنينا ... فضجوا بالبكآء له حنينا
وناداهم لنصرته فقاموا ... جميعاً للدفاع مسلحينا
وثاروا من مرابضهم أسوداً ... بصوت الاتحاد مزمجرينا
شباب كالصوارم في مضآء ... يرون وكالشموس منورينا
سلانيك الفتاة حوت ثراءً ... يهم فقضت عن الوطن الديونا
لقد جمعوا الجموع فمن نصارى ... ومن هود هناك ومسلمينا
فكانوا الجيش ألف من جنود ... مجندة ومن متطوعينا
تراهم فيه متحدين عزماً ... وما هم فيه متحدين دينا
هي الأوطان تجعل في بنيها ... إخاءً في محبتها رصينا
وتتركهم أولي أنف كبار ... يرون حياة ذي ذل جنونا
وإن الموت خير من حياة ... يظل المرء فيها مستكينا
- * *
مشوا والوالدات مشيعات ... خرجن وراءهم والوالدونا
يقلن وهن من فرح بواكٍ ... وهم من حزنهم متبسمونا
على الباغين منتصرين سيروا ... وعودوا للديار مظفرينا
ولا تبقوا الذين قد استبدوا ... وراموا كيدنا وتخونونا
فإن لم تنقذوا الأوطان منهم ... فلستم يا بنين لنا بنينا
فقد هاجوا على الدستور شراً ... بدار الملك كي يستعبدونا
هم الأشرار باسم الدين قاموا ... فعاثوا في المواطن مفسدينا
فما تركوا من الدستور (شورى) ... ولا أبقوا لنغمته (طنينا)
- * *
وكم قلن من قول شجيّ ... لهم فتركنهم متهيجينا
ومذ حان الوداع دنون منهم ... فقبلنا الصوارم والجفونا
وما أنسى التي برزت وقالت ... وقد لفتوا لرؤيتها العيونا
إلا يا راحلين لحرب قوم ... لئام ضيعوا الوطن الثم خذوني للوغى معكم خذوني ... ممرضة لجرحاكم حنونا
وإن لم تفعلوا فخذوا ردائي ... به شدوا الجروح إذا دمينا
- * *
ولما جد جدهم استقلوا ... على ظهر القطار مسافرينا
فطاروا في مراكبه سراعاً ... بأجنحة البخار مرفرفينا
وظل الجيش صبحاً أو مساءً ... تسير جموعه متتابعينا
فلم يتصرّم الأسبوع إلا ... وهم بربى فروق مخيمونا
هنالك قمت مرتحلاً إليهم ... لأبصر ما أؤمل أن يكونا
- * *
وباخرة علت في البحر حتى ... حكت بعبابه الحصن الحصينا
يؤثر جريها في البحر إثراً ... تكاد به تظن الماء طينا
فتترك خلفها خطاً مديداً ... بوجه البحر يمكث مستبينا
ركبت بها على اسم الله بحراً ... غدا بسكون لجته رهينا
فرحنا منه ننظر في جمال ... يعز على الطبيعة أن يهونا
ومرأى البحر أحسن كل شيء ... إذا لبست غواربه السكونا
كأنك منه تنظر في سماء ... وقد طلعت كوكبها سفينا
- * *
أتينا دار قسطنطين صبحاً ... وقد فتحت لهم فتحاً مبينا
وظل الجيش جيش الله يشفي ... بحد سيوفه الداء الدفينا
فأرهق أنفس الطاغين حتى ... سقاهم من عدالته المنونا
ورد الخائنين إلى جزاء ... أحلهم المقابر والسجونا
وحطوا قصر يلدز عن سمآء ... له فانحط أسفل سافلينا
وأصبح خاشع البنيان يغضي ... عيوناً عن تطاوله عمينا
خلا من ساكنيه وحارسيه ... فلم تر فيه من أحد قطينا
هوى عبد الحميد به هوياً ... إلى درك الملوك الظالمينا ونزل عن سرير الملك خلعاً ... وأفرد لا نديم ولا قرينا
فسيق إلى سلانيك احتباساً ... له كي يستريح بها مصونا
ولكن كيف راحة مستبد ... غدا بديار أحرار سجينا
يراهم حول مسكنه سياجاً ... ويعجز أن ينيم لهم عيونا
وموت المرء خير من مقام ... له بين الذين سقوه هونا
- * *
لقد نقض اليمين وخان فيها ... فذاق جزاء من نقض اليمينا
وقد كانت به البلدان تشقى ... شقآءً من تجبره مهينا
فكم أذكى بها نيران ظلم ... وكم من أهلها قتل المئينا
وكان يدير من سفه رحاها ... بجعجعة ولم يرها طحينا
وقد كانت به الأيام تمضي ... شهوراً والشهور مضت سنينا
ولما ضاق صدر الملك يأساً ... وصار يردد الوطن الظنونا
وأضحى سيف قائده المفدى ... على الدستور محتفضاً أمينا
حماه من العداة فكان منه ... مكان الليث إذ يحمي العرينا
وأسقط ذلك الجبار قهراً ... وأنباه بصارمه اليقينا
فقرت أعين الدستور أمناً ... وشاهت أوجه المتمردينا
معروف الرصافي