مجلة المقتبس/العدد 30/سير العلم والاجتماع
→ كلمة معتبر | مجلة المقتبس - العدد 30 سير العلم والاجتماع [[مؤلف:|]] |
مطبوعات ومخطوطات ← |
بتاريخ: 1 - 7 - 1908 |
مستقبل علم الاجتماع
نشرت إحدى المجلات الاجتماعية آراء خمسة عشر عالماً من كبار علماء الاجتماع في أوروبا وأميركا سألتهم عن مستقبل هذا العلم الحديث الذي نشأ في الحقيقة منذ ثلاثة أرباع قرن عندما نشر أوغست كونت الفيلسوف الفرنسوي فلسفته الحسية وكان بها واضع أسس علم الاجتماع فكانت أجوبتهم على أن هذا العلم ما زال في حداثته الأولى ويرجى أن يكون له بعد أجيال أساس راسخ وأن القرن التاسع عشر أورث هذا القرن فيما أورث من تركته الضخمة مشكلة كبيرة فإن ترك له ما تم من الارتقاء في العلوم الطبيعية واكتشاف قوانين النشوء التي تشمل العالم فإن أهم مشكلة علمية ترك للقرن العشرين حلها هي تحديد الصلات بين الأسباب وقوانين النشوء السارية على الإنسانية وإن تقسيم العلوم التي يقوم عليها علم الاجتماع والتوفر على خدمتها سيجعل لهذا العلم شأناً غير شأنه الحاضر ويكون كفيلاً بأعظم النتائج وأخص هذه العلوم هي تاريخ الحقوق وعلم الاقتصاد السياسي وعلم الأديان والصنائع والفنون والتاريخ قال أحدهم أن الغاية من علم الاجتماع أن نفهم منه النظامات الاجتماعية الحاضرة بحيث يتجلى لنا ما يكون من أمرها بعد وما نريد أن نحولها إليه ولا بد أولاً لفهم قانون من القوانين من معرفة كيفية تركيبه فالنظام الاجتماعي مركب من أجزاء فيتحتم حل هذه الأجزاء بمفرداتها ليتأتى الحكم على كل منها على حدته ولا يكفي في إظهار ذلك أن ننظر إلى القانون من حيث انتهى غليه حاله فإنه بذلك لا تعرف العناصر المختلفة المؤلف منها كما أنا لا نرى بالعين المجردة الخلايا التي تتألف منها الأنسجة من الأحياء والذرات التي تتألف منها الأجسام فيقتضي أداة للبحث لإظهار ذلك ولا سبيل إليه إلا بالتاريخ فبه تعرف تلك القوانين التي تألفت قطعة قطعة وكيف جاء بعضها أثر بعض وللتاريخ مقام في نظام الحقائق الاجتماعية يشبه مقام الميكروسكوب في نظام الحقائق الطبيعية.
سم الدخان
أنشأ باعة الدخان في فرنسا يبيعون دخاناً خالياً من النيكوتين أي المادة السمية الموجودة فيه وقد جرب أحد علمائهم هذا الدخان في اللفافات والغلايين فتبين له أنه لا يضر أصلاً كالدخان الإنكليزي الذي حقن بمنقوعه بعض الحيوانات فأصيبت بعد 38 إلى 56 يوماً بالتهاب الشريان (الأبهر الشمالي) المزمن أما المحقونة بالدخان الفرنسوي الخالي من النيكوتين فحقنت ستين مرة فلم تزد به إلا سمناً ولم يظهر عليها عرض من أعراض الأمراض.
لغة الاسبرانتو
قبلت مدرسة فرنسا في باريز هذه اللغة التي اخترعها الدكتور زمنهوف الروسي منذ نحو عشرين سنة بصفتها لغة مساعدة عامة وقد أصبح الذين قبلوا هذه اللغة 307 جمعيات علمية وغيرها كما تعلمها 1011 عالماً من علماء الأرض على اختلاف جنسياتهم ولغاتهم.
حدائق الأطفال
أنشئت في منشستر حدائق من الرمل يلعب فيها صغار الأطفال الضعاف البنية فيحضرون إليها يحملون محافر وسطولاً (كرادل) يحفرون ويسقون وتلاحظهم إحدى النساء وفي الأيام الممطرة ينتقلون إلى مكان مسقوف وقد رأى الباحثون أن هذه الطريقة نافعة لتقوية أجسام الضعاف.
التمثيل في آسيا
قال أحد علماء الاجتماع أن الأمم الكبرى المتمدنة في آسيا ترتاح إلى التمثيل ارتياح الأمم الأوروبية إليه ومع هذا فإن رواياتها التمثيلية منحطة عن روايات الغرب اللهم إلا اليابان ففي الهند والصين لا ترى في الروايات التمثيلية أثراً من الآثار التي تشير إلى المطامع الكبيرة التي تسوق أصحابها إلى الفتن ولا أبطالاً يقدمون على المصاعب ويعاندون الأقدار في أحكامها بل أنهم يكتفون هناك بتمثيل فاجعات عامية تصور اضطرابات الحياة اليومية أو عيشة العملة إلا أن الروايات الأوروبية قد أثرت الآن في الهند وإن كان بعض أدبائها يريدون حباً بوطنيتهم أن يحيوا ما كاد يندثر من آدابهم القديمة مما يدعو إلى الأمل بأن التمثيل الهندي سيرجع عما قريب إلى صورته السالفة التي كان عليها أهل الصين فإن الذي يغلب عليها في التشخيص ذكر الحياة اليومية وأحوالها والفقر ومشاكله المؤثرة وتصوير الصدق والخديعة ويرجى للتمثيل في الصين ارتقاء لاسيما إذا دخلت البلاد بفضل الحركة الثورية التي تهز الآن عصابها في فتن وطنية كبرى. والتمثيل في سيام يجمع إلى تمثيل الحقائق كما تمثلها الصين والأفكار الدينية والفنية كما هي في الهند. وكوريا ممتازة بموسيقاها. أما يابان فإن التمثيل فيها صورة صحيحة من صور المطامع التي تجول في صدور اليابانيين والأعمال التي تدور فليها حياتهم فتجده مثالاً من تقاتل الأفكار وعراك الرجال وتأثيرات الجمال والشرف يظهر كل مرة بمظهر أمام المتفرجين. قال ومتى أكثر المترجمون في أوروبا من روايات يابان كثر مما ترجموا تتمثل للأنظار شعور ذاك العنصر وشعره وتمدنه فنرى ذاك العنصر الذي هو أعظم مثال في استقلاله كيف يقترب من تمدننا وشعرنا وشعورنا.
مقاومة الكحول
قدم أحد علماء الألمان إلى مؤتمر مقاومة المشروبات الروحية الأخير تقريراً قال فيه أن الناس كانوا على أن قليلاً من المسكرات لا يضر إن لم ينفع أما هو فقد بين أن تناولها حتى باعتدال مضر جداً بالنسل وذلك بتجارب كثيرة أجراها على الأرانب والكلاب وكان كل حيوان منمها يتعاوره بالاختبار ويحقنه بالكحول من مائتين إلى ثلثمائة يوم فتبين أن نسلها يضعف عقيب ذلك ضعفاً محسوساً
الجمال في الأمم
كتب أحد الباحثين رسالة فيما يراه كل عنصر من عناصر الأرض من أسباب الجمال فقال أن الجمال يختلف الحكم عليه وإن مما أجمع الناس على استحسانه قوة الرجال ومرونتهم فقبائل الهوتنوت يرون أن من كانت وجناتها أكثر نتوءاً من غيرها تعد ربة الجمال عندهم وزنوج أفريقيا يعتبرون الأثداء المستطيلة الرخوة والزنجيات في شواطيء بحيرة تنغانيكا يحاولون نفخ صدروهن ليكن بذلك محل الإعجاب ومن العادة أن تكون شفاه السود مبرطمة ولكي تزيد قبائل الكاسونيكي والسيرير شفاهها برطمة يدخلن شوكاً فيحدث فيها التهاب يؤدي إلى انبساط القلب المقرط. والفكوم في قبائل الولف في السنغال ناتئة كثيراً ويزيدها نساؤهم نتوءاً بأن يكرهوا الثنايا عندما تطلع أن تكون بارزة للأمام وذلك بأن يضغطن عليها بألسنتهم. ومع أن أنوف قبائل المالايو والقرغيز والهوتنوت والبوسهمين مفلطحة يزيدها نساؤهم فلطحة وقبائل الآينوس في جزيرة يزو على كثرة شعورهم فإن نساؤهم يزدن إنماء شعور وجوههن بواسطة خضاب لتكون لهن شنبات غزيرة وهنود أميركا على أن معظمهم جرد قليلو الشعر يتوفرون على نتف شنباتهم وسبلانهم ولحاهم على ما تفعل الأمم المتمدنة من الإفرنج. وأنف الفارسي أقنى رقيق ومع هذا يزيده من ذلك بالضغط عليه كثيراً وللمصريين القدماء عيون نجل ومع هذا كانوا يزيدون شرطتها بطلاء مخصوص والسياميون أرباب أهداب مقوسة ولا تعد المرأة جميلة عندهم إلا إذا كانت أهدابها كهلال القمر.
المعارف في روسيا
عرفت روسيا منذ خمسين سنة أنها كلما فتحت مدرسة في بلادها أغلق سجن من سجونها لأن المعارف خير ذريعة إلى التقوى وإصلاح النفس ثم أدركت أن الغلب الحقيقي في معركة سادوفا بين الألمان والفرنسيس كان بفضل معلم المدرسة الجرماني فالمعلم يكوّن الأمة في سياستها واجتماعها ولذلك بدأت في الإنفاق على المعارف ولكن سكانها الآن 144 مليون وبلادها متنائية الأطراف واسعة المعالم والمجاهل يصعب إعداد معدات تعليمها في بضع سنين وعشرات ولا بد من أيام تمر وأجيال تنقرض حتى يأتي من جمهور الأمة بأناس منورون على النحو الذي تريده الحكومة.
كانت روسيا لما بدأت في عدد أمييها دون إسبانيا وإيطاليا وعلى مستوى البلاد العثمانية فكانت مدارسها الابتدائية والثانوية قليلة جداً وإن تكن كلياتها ومدارسها العالية غاصة بطلابها. فكانت روسيا في تعليمها أشبه ببيت زينت ظاهره وبهرجت أدراجه وحوائطه وموهت سقوفه ولكنها لم تنظر إلى أساس الطبقة السفلى منه.
بلغت المبالغ التي خصصتها روسيا للمدارس الابتدائية حتى سنة 1897 مبلغ 1484673 روبلاً وهو مبلغ زهيد جداً بالنسبة لذاك الملك الضخم فأصبحت سنة 1907 مبلغ 8285000 روبل ما عدا الاعتمادات التي تفتحها في الأحايين لإقامة المدارس وصار عدد مدارسها الابتدائية سنة 1904 تسعين ألف مدرسة فيها نحو مائتي ألف معلم ومعلمة بين كهنة وعامة (علمانيين أو عالميين) ومجموع ما فيها من التلاميذ خمسة ملايين وثلثمائة وتسعون ألفاً. ومع هذا فإذا حسب حساب المتعلمين بالنسبة للسكان كان الواجب أن يكون عددهم نحو ثلاثة عشر مليوناً.
وقد طلب ناظر المعارف من مجلس الأمة الآن أن يقرر في الميزانية ستة ملايين وتسعمائة ألف روبل زيادة على ميزانية الكتاتيب لتكون أساسً في جعل التعليم إجبارياً في روسيا كما أن المجمع المقدس يصرف في السنة عشرة ملايين روبل على مدارسه الدينية ويقول الخبيرون أن روسيا إذا ارادت جعل التعليم إجبارياً في بلادها كألمانيا وفرنسا مثلاً كان عليها أن تصرف كل سنة 120 روبلاً وهو ما لا تقوى ميزانيتها على تحمله هذا عدا ما يلزم لها من الأراضي وإقامة تلك المعاهد اللازمة والألوف من المعلمين ممن يقلون في أبنائها. وكيفما دارت الحال فإن روسيا تلوب على طرق تجبر الأفراد فيها على التعلم قضهم وقضيضهم وذكورهم وإناثهم.
حبوب العالم
أصدرت الغرافة التجارية في لندرا إحصاءً ذكرت فيه ما يستخرج من الحبوب في العالم فقالت أن محصول الحنظة 3160 مليون مكيال تعادل 86000000 طن (والمكيال عبارة 36 لتراً و35 ووزنه في الحنطة 27 كيلوغراماًَ وكسر قليل) ونصف هذا القدر تخرجه ثلاث ممالك فتغل الولايات المتحدة 660 مليون مكيال وتغل أملاك روسيا في أوروبا 541 مليوناً وتغل فرنسا 328 مليوناً وأهم البلاد التي تغل النصف الآخر هي الهند تغلب 286 مليوناً وإيطاليا تغل 159 مليوناً وألمانيا تغل 128 مليوناً والمجر تغل 120 مليوناً وإسبانيا 115 مليوناً والجمهورية الفضية 101 مليون والباقي تغله الممالك الأخرى.
ويقدر محصول الذرة في العالم بـ 2896 مليون مكيال أو 73500007 طنات تغل الولايات المتحدة ثلاثة أرباعها أي 2286 مليون مكيال ويغل الهرطمان 3371 مليون مكيال أو 49000000 طن تخرج الولايات المتحدة منها 871 مليوناً وروسيا 825 مليوناً وألمانيا 494 وفرنسا 268 وكندا 204 والنمسا والمجر 196 وتغل روسيا من الشعير 297 مليون مكيال وألمانيا 145 والولايات المتحدة 114 واليابان 80 وتغل الصين من الأرز 24500000 طن والهند 12700000 ومحصول الأرز في العالم قريب من محصول الحنطة ويخرج من الدخن من بلاد الهند 542 مليون مكيال ومن الصين نحو 500 مليون ومن بلاد روسيا في أوروبا 78 ومن بلاد روسيا في آسيا 15 ومن اليابان 12 ومن الولايات المتحدة 5 وفي هذا الإحصاء لم يذكر لمصر والشام والعراق وآسيا الصغرى ولا لتونس والجزائر لأن محصولاتها في بعض هذه الحبوب تعد حقيرة جداً بالنسبة لتلك المكاييل الضخمة في تلك الممالك الضخمة.
ثلاثة علماء
فقدت ألمانيا المستشرق إدوارغلازر المعروف بالآثار الكتابية التي استخرجها من جنوبي جزيرة العرب وفقدت فرنسا الأستاذين باربيه دي مينار وهرتويغ دارنبورغ من علماء المشرقيات المعروفين بخدمة اللغة العربية وآدابها.
الموسيقى والحيوانات
كان ميشله المؤرخ إذا أراد ذكر الحيوانات قال أخواننا المنحطون وقد كتب كاتب مقالة في تأثير الموسيقى في الحيوانات قال من توغل في البحث في التاريخ والسير يشهد بأن الموسيقى طالما كانت تؤثر آثارها في الحيوانات. ومن فتح سفر أيوب يجد أن جواد الحرب يحفر الأرض في حركته واضطرابه ولا يتمالك إذا ضرب البوق. كما يقرأ فيه أيضاً: متى ضرب البوق يصهل الجواد ويشعر بالحرب من بعيد وبقيادة الرؤساء وصوت الأدوات. ومن الأساطير اليوناينة أخبار عن الحيوانات وتأثراتها بالنغمات والألحان. وقد ثبت غير مرة أن العنكبوت تتأثر بالألحان ومن لا يذكر عنكبوتة بيليسون الأديب الفرنسوي الذي سجن في الباستيل فكان يتسلى بضرب الكمنجة فتقترب منه وتتعزى به حتى أنها لكثرة طربها ذات يوم أغمي عليها فجاء السجان وسحقها. ويظهر أن الحشرات وإن تكن قليلة التأثر بألحاننا البشرية إلا أن لها ألحاناً فللجنادب والصراصر والجراد ألحان خاصة بها لا يلذ سماعها لأنها متساوقة الألحان ولا نظام فيها ولكنها تستجيدها وتستلذ بها وكذلك تسمع للنحل في خلاياها دوياً لطيفاً متصلاً ذا نغمات يدعوه المتوفرون على تربيتها صوت الخلية. أما الأسماك فلم يتحقق أمرها فيما إذا كانت تطرب بالموسيقى وادعى أحد المؤلفين أن سمك الشبوط يطرب لسماع نغمات الرباب.
وأثبت المؤلف شاتوبريان في قصة رواها أن الدبابات تطرب لنغمات الموسيقى وأن بعض الأمم المتوحشة تستخدم الأغاني لتجلب بها الحيات فتأكلها كما يفعل الهنود في صيد نوع من الزحافات يستطيبون لحمها. والضب يتلذذ كثيراً بصوت الموسيقى ولاسيما الغناء الصغير. وسلحفاة البحر تبتهج للصفير وبه يتأتى صديها.
والطيور تطرب كثيراً للأنغام ولا نعني بالطيور تلك التي هي مغنية من طبعها كالشحرور والبلبل والعصفور المعدودة بهجة الغابات والحدائق بل هناك كثير من ضروبها تطرب إذا سمعت أنغامنا كالببغاء ومنها أجناس لا تستطيع محاكاة الأصوات البشرية ولكنها مع ذلك تقلد صوت الآلات التي تسمعها. والحباشة الذي يألف البيوت إذا سمع نغماتنا لا يلبث أن يهيج وينفخ صوته ويكرهه كأنه يريد أن يتمكن من الصوت الذي يسمعه وربما أمكن تعليمه بعض الألحان. والزرزور سماع للأنغام وقد علمه أحدهم نشيد المارسليز فلما نقل الزرزور إلى مكان آخر علمه لرفاقه الزرازير.
وذوات الأربع من البهائم كالبقر مثلاً تطرب للنغمات. والثور يطرب لصوت الحراث عليه فيمشي على نغماته متلطفاً كما أن الجمل يطرب للحداء. ولا يقتصر الطرب فيها على تموجات صوت الإنسان بل إن أي نوع من الأصوات إذا ردد كثيراً يكون سبب السرور وكذلك الحال في الجواد والخيول فإنها تتقحم المهالك إذا سمعت الأصوات ثم أنها تميز بين أصوات أصحابها وغيرهم. والحصان يتألم من الأصوات الرديئة وهو سريع السمع جداً وإذا عود سماع الصوات الرديئة اعتادها وهو يؤثر نغمات الرباب على نغمات الكمنجة ويطرب جداً للبوق.
فإن خيول الجند تظهر الفراهة والنشاط عندما ترى أبواق الأجواق الموسيقية والحمار يحسن السماع والاستماع حتى لقد روي أن حماراً سمع صوت امرأة أطربه فما زال يقترب منه حتى دخل الدار ليسمعها عن أمم. والفيل سماع للأنغام.
وقال بعضهم أن الجرذان تستهويها الأنغام وأن الكلب البحري قد يصاد بسماع الموسيقى والذئب لا يطرب للصوت. وربما فزع ولعله يهرب إذا سمع نغم الكمنجة أو بوق مبوق صوتاً شديداً. ومن الدببة ما يرقص على نغمات الأوتار ولكن ليست هذه هي التي تطربها بل تخاف السياط التي تنهال عليها ممن يضربها فترفع قوائمها على ضخامتها وقلما تخربط إلا عن غير قصد. أما الأسود فيقال أنها تطرب للأنغام وفي إنكلترا أسد جال البلاد وكان من أكثر المخلوقات تأثراً بنغمات البيانو وكانت تظهر منه أعاجيب حين يشرع صاحبه في الضرب على هذه الآلة فيزمجر وتقذف عيونه شرراً حتى يخاف المتفرجون ويضطر صاحبه إلى الكف عن الضرب على آلته.
والهر قليل التأثر بالموسيقى وقيل أن بعض الهررة تموء عندما تسمع الأنغام. والكلب كثير التأثر بالألحان الموسيقية. والقرد يطرب للأنغام بل هو يتعلم الضرب بالآلات فيطرب بها كالإنسان.
وقد قال أحد من يكرهون الموسيقى أن الموسيقى هي الصناعة الوحيدة التي يتأثر بها الحيوانات والمجانين والبله. وبالجملة فإن تأثر الحيوانات بالأنغام دليل واضح على أن الموسيقى عامة لجميع من له سمع.