مجلة المقتبس/العدد 26/سير العلم والاجتماع
→ مطبوعات ومخطوطات | مجلة المقتبس - العدد 26 سير العلم والاجتماع [[مؤلف:|]] |
الفولاذ والحديد ← |
بتاريخ: 1 - 3 - 1908 |
عرب الدنادشة
يبحث بعض العلماء عن أصل قبيلة الدنادشة الساكنة في متصرفية طرابلس الشام فتشوقت لمعرفة أخبار حقيقية عنهم فأتحفني بعض سكان تلك الجهات بالتفصيلات الآتية فالرجاء إدراجها في مجلتكم خدمة للعلم.
كان جد عشيرة الدنادشة من اليمن جاء البلاد الشامية ونزل بحوران منذ نحو ثلاثمائة سنة وساد على تلك البلاد حتى لقب بالفحيلي وأكره العربان الضاربة خيامها هناك أن يدفعوا له خوة ومنع العرب من غير حيه من المرور بأراضيه إلا إذا دفعوا له رسوماً مقطوعة من المواشي ولقد أهان مرة أحد مشايخ عشيرة من العرب يدعى المساليخ من الحسيني فاغتاظ هذا وعمل على كيده فأتى يوماً وعرض عليه حضور جميع شيوخ عشيرة الحسين ليعطوه عهداً بالخضوع له فقبل بذلك ولما وصل القوم هجموا عليه وذبحوه في بيته وفتكوا بجماعته ونهبوا متاعهم وفر من بقي منهم وأتى إلى جهات قضاء حسن الأكراد وسكنوا في مكان يدعى الآن برج الدنادشة وهو فق تل كلخ مسكنهم الحالي وكان إذ ذاك مأهولاً بجماعة من المتاولة والتركمان فطردوهم واستولوا على محالهم ورئيسهم على ذاك العهد رجل يدعى الشيخ إسماعيل على جانب عظيم من البسالة والشجاعة فأعطته الحكومة لقب آغا ووهبته خمس قرى وهي الفتايا والحوز ومدان وحير البصل والموح التابعة لقضاء حمص وبموجب فرمان من السلطان محمد خان الرابع عهد لإسماعيل آغا وجماعته بالمحافظة على تلك النواحي.
أما لقب دندشلي فقد سماه التركمان ممن لا يزال لهم إلى الآن بعض قرى يسكنونها في القضاء المذكور وذلك أن إسماعيل كان يتقن زينة خيوله ويجللها بأقمشة لها أطراف ودنادش فلذلك أطلق عليهم هذا الاسم ولم يبرحوا يلقبون به حتى اليوم وبعد أن سكنوا مدة قرن في تل كلخ رجع أحد أخوان إسماعيل آغا مع قسم من قبيلته إلى حوران وبقي فيها واسم عشيرته الفحيلية وفي كل سنة يأتي من حوران جمع من الفحيلية لزيارة الدنادشة في ديارهم ويتوجه آخر من تل كلخ إلى حوران. والدنادشة الساكنون في جهات الهرمل ليس لهم قرابة مع دنادشة تل كلخ هؤلاء سنية وأولئك شيعة.
ثم ظهر ثلاثة أخوة من الدنادشة لهم شهرة مستفيضة واسم أحدهم حمزة آغا والثاني إبراهيم آغا والثالث حمود آغا فأحبوا تقسيم أملاكهم لمنع الشقاق بينهم فألقوا قرعة وتفرقوا فبنى حمزة محلاً وسكن فيه فدعاه باسمه أي مشتى حمزة وسكن إبراهيم قرية تل كلخ وسكن حمود في محل سماه مشتى حمود وأسماء هذه المحال التي أصبحت الآن عامرة بذ ريتهم ما فتئت باقية إلى اليوم وكل من هؤلاء الثلاثة أصبح مديراً ولكل قرية الآن من هذه القرى رئيس من نسل الأخوة الثلاثة الأكبر فالأكبر ورئيس الجميع يسكن تل كلخ لأنها أهم منازلهم وهي واقعة إلى جنوبي قلعة الحصن مركز القضاء الآن تبعد عنه نحو ساعة ونصف على طريق العجلات الممتد من طرابلس إلى حمص وأما مشتى حمزة ومشتى حمود فموقعهما شرقي تل كلخ وعلى مسافة زهاء ساعتين منه. ورئيسهم في تل كلخ اليوم هو على جانب عظيم من الكرم ودماثة الأخلاق محب للفقراء والمحاويج بيته مفتح أبواب لكل من قصده وهو عبد الله آغا وله من العمر نحو الستين أو أكثر ومنازل الآغوات مبنية على نسق الجديد ومنها ما كلف ألوف الليرات وأملاك الدنادشة كثيرة ومتسعة لاسيما أراضيهم في سهل البقيعة المشهور بخصبه وأكثر خبزهم من طحين الذرة الصفراء وقلما يستعملون دقيق الحنطة. ولكل من الأغوات مضافة لقبول الزائرين ومن عاداتهم أن لا يتناولوا طعام الصباح والمساء مع حريمهم بل يأكلون في مضافاتهم وجد فيها ضيوف أم لم يوجد. ولهم ولع عظيم بركوب الصافنات الجياد يعنون كثيراً بتربيتها وقل فيهم من لا يركبها ويتفنن فيها وعند محمد بك صاحب بيت تل كلخ فرس أصلها حمدانية زرقاء اللون لا يبيعها ولو دفع له فيها خمسمائة ليرة وعند ركوبهم يحملون الرماح والسيوف وفي أعراسهم يدقون الطبول وينفقون على خيولهم وأفراحهم نفقات باهظة. وفي منتصف حكم السلطان محمد خان الرابع الذي جلس على تخت السلطنة سنة 1059 منحهم فرماناً بملك القرى المذكورة آنفاً.
بيروت
جرجي ديمتري سرسق
تحريف الأعلام
كتب الأستاذ نالينو مدرس اللغة العربية في كلية بلرمة حاضرة صقلية رسالة بالإفرنسية في نشرة الجمعية الجغرافية الخديوية في مصر سماها (إعلام البلاد في بلاد الإسلام) أتى فيها بأمثلة كثيرة على تحريف بعض الأعلام في كتب الجغرافية والتاريخ والمصورات الحديثقة تحريفاً يلتبس به وجه الصواب ويضيع به تصور مواقعها وتاريخها وأصلها على وجه الصحة وقال أن المشتغلين بالعربية من الإفرنج قد لا يهتدون إلى كثير من المواقع إذا نظروا في تلك المصورات الحديثة وقابلوها بما كان كتاب العرب يطلقونه عليها فذكر من ذلك أمثلة غلط فيها بعض علماء المشرقيات فادعى أن لفظ المولوية المستعمل في حكومة مراكش مضافاً كالحضرة المولوية أو المقام المولوي جاءت من ملويا وهو أهم نهر في بلاد مراكش يخرج عن حكم السرة المالكة ولذلك يطلق سلاطين المغرب على أنفسهم الأمراء المولوية ليؤيدوا حكمهم على تلك البلاد التي يجتازها النهر. وقال والحقيقة أن قولهم الحضرة المولوية مشتق من المولى ولفظ النهر ملوية وذكر كيف أن بعضهم حرف لفظ (تل العمارنة) فجعلها (تل أمرنا) عند الترجمة وأنه وقع في كتاب في التاريخ والأدب قررته نظارة المعارف المصرية سنة 1893 من الأغلاط الشائنة في أسماء الأعلام ما حرف التاريخ ولا سيما فيما تيعلق بجزيرة العرب ومثل ذلك بأنه جاء فيه (زادة) بدل (صعدة) و (دراما) بدل (ظرما) و (زهاد) بدل (صحار) و (بجا) بدل (بيشة). ثم ذكر أمثلة لذلك من المصورات الجغرافية فقال أنهم حرفوا اسم ذوي متيع وهي قبيلة مشهورة في المغرب الأقصى وجعلوها دوي منية وحرفوا لفظ نهري صا ومسون فقالوا زا ومصون وحرفوا اسم قبيلة بني يزناسن فقالوا بني سناسن وقالوا عن سهل تفراته تافراطا وحرفوا أبت سغروشن وأيت شخمان في بلاد المغرب فقالوا أيت سورشن وأيت شكمان نقلاً عن المصورات الفرنسوية ولفظة ضاية مستعملة في الجزائر للقيعان التي يجتمع فيها ماء المطر في الشتاء بلفظ داية وكيكو بجيقو وغياثة برياطة ومكس بمكاس والنجاة بنجا وارضم بردم وبهت ببجط وصفر بسفر ومدينة وازان بوزان وقبيلة غصاوة بغزاوة وتافيلالت بتفيللت وتعلالن بتيالالين والرتب بالرطب ومرغاد بمراد وتادغوست بتدروشت وتدغة بطدرة وعطة بأطا وتيزيمي بتزيمى. وقال أنهم حرفوا في الأعلام المغربية بششاون وتسنت بتيسينت وسكتانة بسقطانة ومجاط بأمجات وكليميم بأوقليميم وسكسيوة بسقصاوة والشياظمة بالشيادمة ورهونة برحونة وكرفط بقرفيت وتسول بتصول وزيان بزايان ووزغت بواويزت وكرط بقرط وشالة بشلة وقرباطة ببرج غربالة وسيدي صيد عقارب (محل في تونس) بسيدي العقاربة ويونقا بعنقا وبلاد الحضر ببلاد الحيدر وتبلبو وكتانة وعرام بطبلبو وكتنة والعرم وهداج وشعبة السماعلة وغنوش بحديج وشابة الزمالة وقنوش وطبرقة بتبرئة وتوكابر بتكابر ومكتار بمثر وجبل ساغرو بجل سارو والخيثر بالكريدر وخنق النطاح بكاركنتا والسوارقية بالسويرجية والأكرة بالعكرة والشرفة بالشرفا والخضيراء والصفينة بالخضيرة والسفينة. وقال أن المصورات الجغرافية والكتب المطبوعة في علم تقويم البلدان المترجمة حديثاً في الأستانة وسورية مملوءة بالأغلاط الشائنة ولذلك تجافى عن نقل شيء منها لتفاهتها وأن خير طريقة يعمد إليها لإصلاح هذه الأعلام ورد كل شيء إلى أصله العربي عند الترجمة أن تنظر مصر في ذلك لأنها مجمع العالم الإسلامي وفيها صفوة من رجال العلم من المسلمين الذين يساعدون بمعارفهم في هذا السبيل كما أن فيها المجمع المصري والجمعية الجغرافية الخديوية التي ساعدت كثيراً على ارتقاء المعارف الجغرافية.
الحكومات والأوبرات
تعطي حكومة برلين للأوبرا الألمانية 1. 125. 000 فرنك وتعطي حكومة باريز 800. 000 وحكومة درسد 600. 000 وحكومة فيينا 600. 000 وتعطي حكومة مصر 125. 000 لجوق الأوبرا ولكنه أوروبي يمثل في الشتاء لتفكهة السياح فقط.
جرائد العالم
تبين أن في إيطاليا 3330 جريدة وجلة منها 134 يومية تقسم إلى أقسام في مبادئها منها 3232 من حزب رجال الدين و295 من المحافظين و260 من الاشتراكيين وفي ألمانيا 5500 جريدة ومجلة وفي فرنسا 2819 وفي إنكلترا نحو 2500 وفي النمسا والمجر 1200 وفي روسيا 800 وفي سويسرا 450 وفي الولايات المتحدة 50000 (كذا) جريدة ومجلة.
عاصمة الألمان
يطعم المجلس البلدي في برلين الأولاد الفقراء ويكسوهم ولذلك لا ترى في شوارعها شحاذين فتيان يدعون كما في بعض عواصم أوروبا أنهم يبيعون جرائد أو زهوراً وإذا شاهد الشرطي ولداً يدخن يتقطع له اللفافة وهي في فمه.
العمل بالأيدي
أبان تقرير العمل في الولايات المتحدة الفرق بين ما تكلف بعض أصناف التجارة إذا صنعت بالأيدي أو بالأدوات فظهر لها أن عشرة محاريث زراعية إذا أريد صنعها بالأيدي يشتغل فيها عاملان يعملان فيها أحد عشرة نوعاً من الأعمال ويصرفان 1180 ساعة وتكلف 272 فرنكاً أما بالآلات فإن هذه العشرة محاريث يعمل فيها 52 عاملاً يتعاطون 97 عاملاً مختلفاً يصرفون في صنعها 37 ساعة فتكلف 39 فرنكاً. وأن المئة زوج من النعال ليصنعها عاملان بأيديهما فتكلفتهما ألفي فرنك ولكن إذا صنعت بالآلات يعمل في صنعها 113 عاملاً فتكلف 117 فرنكاً وهكذا فإن تقسيم العمل بفضل الأدوات والآلات الحديثة أعظم وفر ودخل.
العلم في مصر
صدر الأمر الخديوي بأن يخصص من الأوقاف الخيرية مبلغ خمسة آلاف جنيه مسانهة لمشروع المدرسة الجامعة المصرية المزمع إنشاؤها في القاهرة. ووقف الأمير حسين باشا كامل زهاء 76 فداناً من أطيانه في البحيرة على مدرسة دمنهور الصناعية وإيراد كل فدان ثمانية جنيها في السنة فيكون قيمة ما أعطاه عشرة آلاف جنيه كما أن قيمة العقارات والأطيان التي خصصت مداخيلها للجامعة تساوي مئة ألف جنيه بحسب وارداتها. ولا يزال الأربعة عشر مديراً من مديري القطر يتفننون في تشويق علية القوم لإنشاء الكتاتيب على أساليب مختلفة فبارك الله بهذه النهضة العلمية المنتجة.
السياح ونفقاتهم
كثير من البلاد تنتفع بالقادمين عليها كل سنة للسياحة ومنها سويسرا في أوروبا ومصر في أفريقية فإن القطر المصري يربح كل سنة نحو مليون وربع من الجنيهات من المال الذي يصرفه فيه السياح. وقد ذكرت مجلة المجلات النيويوركية أن السياحة من أعظم المساعدات على انتقال المال من يد إلى أخرى فقدرت ما يصيب فرنسا كل السنة من القادمين عليها ن السياح بمليارين ونصف مليار فرنك ويصيب إيطاليا خمسمائة مليون فرنك وقد زار سويسرا سنة 1906 أربعمائة ألف سائح فصرفوا فيها مائة وخمسين مليون فرن. وقدر عدد الأميركيين الذين كانوا في أوروبا هذه السنة بمئة وخمسة وعشرين ألفاً على مئة وخمسين ألفاً نالت من مالهم إنكلترا 125 مليون فرنك ونالت فرنسا ثلاثة أضعاف ذلك ونال ألمانيا 125 مليوناً وإيطاليا 250 مليوناً فالارتحال هو من الدواعي الكبرى في نقل المال ومن أعظم المنافع في الحياة الاقتصادية.
البيض
قدر بعضهم أن محصول البيض في أوروبا يبلغ في السنة أربعة مليارات وأربعمائة مليون بيضة وزعم أن ما تخرجه إنكلترا هو أحسن بيض ثم يجيء بالجودة بيض فرنسا فالدانيمرك وقال أن مجموع ما يتجر به في إنكلترا وخارجها من البيض الإنكليزي يبلغ مليارين ومائتين وسبعين مليون بيضة تساوي ستة ملايين جنيه وترسل روسيا إلى إنكلترا كمية وافرة من البيض إلا أن بيضها دون بيض بريطانيا بجودته ومح بيض إسبانيا من أجمل بيض في العالم والرديء من البيض يدخل المعجنات.
المسكرات
ثبت أن المسكرات في أوروبا هي السبب في موت ثلث الوفيات وقد قدم بعضهم إلى المجمع الطبي الباريزي رسالة يقول فيها أن الكحول هو السبب الرئيسي في عشر الوفيات والسبب المساعد على أكثر من اثنين في العشر الآخر فهو من المجانين سبب هلاك نصفهم وتأثيره في الرجال أكثر منه في النساء.
الضرائب والموظفون
ترى بعض المجلات الباريزية أن فرنسا إذا ألغت وسام جوقة الشرف توفر عليها ملاً يوازي ما تتقاضاه من الضريبة على الثقاب (عيدان الكبريت) فإن عندها 45 ألفاً يحملون هذا الوسام منهم 30 ألفاً من رجال الجندية يتناول الفرد منهم راتباً يختلف بين 250 إلى 3000 فرنكاً والباقون ملكيون. وقد بلغ عدد الموظفين في فرنسا 870589 موظفاً وقريباً يبلغون المليون فماليتها محتاجة لمئة ألف موظف وحربيتها لمئة وخمسين ألفاً منهم 35 ألفاً من الضباط الموجودين وإدارات البريد والبرق لمئة ألف والمعارف لمائة وثلاثين ألفاً وفي نظارة الخارجية 918.
زيت البترول لم يكثر منذ عشرين سنة من المواد الأولية غير صنف واحد وهو زيت البترول فقد كان محصوله سنة 1888 في العالم أجمع ستة ملايين طن فصار سنة 1897 خمسة عشر مليوناً وارتقى في السنة الماضية إلى ثمانية وعشرين مليوناً ويرجى أن يكون الاعتماد على البترول أكثر من غيره إذا ظلت العناية بالأتوموبيل متوفرة حيناً بعد آخر.
أشد البقاع حرارة
قالت إحدى المجلات الباريزية أن أشد الأصقاع حرارة في العالم هو مدخل الخليج الفارسي في جزيرة كشم العظمى لا يكاد الإنسان يستطيع أن يسكن هناك لشدة الحرارة إلا أن فيها أناساً مشتتين هنا وهناك لا يكادون يخرجون من أكواخهم المبنية بالطين ويتغذون بالأسماك خاصة ويمكن لسكان تلك البلاد أن يسكنوها من شهر نوفمبر إلى مارس وقد كان أقيم فيها محطة للسلك البحري فترك بعد ذلك لأن جميع المستخدمين قضوا نحبهم حرقاً بالشمس وبعضهم فروا ولكنهم جنوا. وقد جرى البحث في خلال المفاوضات التي جرت مؤخراً بين إنكلترا وروسيا على أن تنشأ فيها إصلاحية إلا أنه لم يتيسر تحقيق هذا الفكر إذ لم يرض أحد أن يحكم على نفسه بالموت في تلك النار المحرقة ولو مهما كانت مشاهرته.
الحيوانات البائدة
بادت عدة أجناس من الحيوانات في بعض أصقاع الكرة الأرضية بعد أن كانت فيها كثيرة ومن العجيب أن العلماء يبحثون عن الحيوانات النافعة فلا يجدون لها أثراً واختلفت آراؤهم فيما إذا كانت تنسب هذه الإبادة للإنسان أم لفطرة الوجود ومعظمهم على أن للسببين يداً في قرض الحيوانات فقد كان في جزيرة سان توما إحدى جزائر الأرخبيل التابعة للدانيمرك أربعة عشر نوعاً من الأيائل لم يبق منها الآن غلا ثمانية ولم يبق من البائدة غير وصفها الذي وصفها به السائحون إلى تلك الجزر، وقد كان شأن قارة أفريقية من هذا القبيل أتعس من شأن القارات الأربع الأخرى كما كان شأنها في استيلاء الغريب على معظم أصقاعها. فقد كان من أمر الملعب الروماني المدعو كوليزة في رومية أن كانت تعرض فيه الحيوانات الكاسرة خصوصاً فكان بذلك انقراض بعض الأجناس التي كانت في هذه القارة السوداء. أما قارة آسيا فقد نجت حيواناتها أكثر من أفريقية اللهم إلا جنساً واحداً من الحيوانات وهو الفرس الوحشي ذو اللون الشهب. ومنذ عهد شارل الأول لا يرى أثر للخنزير البري ومنذ سنة 1860 لا يرى أثر للذئب في إيكوسيا وكان آخر ذئب وجد في إيرلاندا منذ ثلاثين سنة.
المال في أمريكا
اشتدت العسرة المالية في أميركا حتى أقفلت معامل كثيرة وأفلست بيوت تجارية ومالية بالمئات واضطر كثير من الأوروبيين إلى العودة إلى بلادهم حتى بلغ عدد من هاجروا منها في الشهور الأخيرة نحو مليون رجل وقد نسب بعض الاجتماعيين هذه الأزمة لاجتماع رؤوس الأموال في أيدي أفراد وهو ما توفر الرئيس روزفلت في عهد رئاسته الثانية على مكافحته أشد كفاح على ما يظهر لمن يطلع على الجرائد السيارة ويؤخ1ذ في إحصاء جرى سنة 1903 أن إثني عشر في المئة من مجموع ثروة الولايات المتحدة بيد مديري احتكار الفولاذ أو ملوكه فهم يديرون نصف الخطوط الحديدية في أميركا الشمالية ولهم أهم سلك تلغرافي وهم مديرو خمس شركات كبرى للضمان ويملكون كثيراً من المناجم والمقالع وغيرها ويديرون احتكارات يتجاوز رأس مالها التسعة مليارات دولار أي ما يوازي الدين العام في إنكلترا وفرنسا والولايات المتحدة إذا أضيف معاً وهؤلاء المديرون أو المحتكرون هم أربعة وعشرين رجلاً زعيمهم مورغان وهو وركفلر صاحبا القول الفصل ومن أكبر قادة الأموال وهكذا الحال في انضمام السكك الحديدية واحتكارها فقد كان عدد الشركات في الولايات المتحدة سنة 1904 اثني عشر ألف وعشرين شركة فيها 327851 مساهماً منهم ثمانون ألفاً من الأهالي فقط، وفي الولايات المتحدة سبعة آلاف رجل يملك كل فرد منهم زهاء مليون ريال ويدعون أصحاب الملايين.
الأعمال في إيطاليا
تشكو إيطاليا من دائين كثرة المحامين عندها وقلة المهندسين فقد بلغ طلاب الحقوق فيها هذه السنة نحو عشرة آلاف طالب وطلاب الطب نحو خمسة آلاف وبلغ طلاب الأدب ألفاً وخمسمائة طالب ومثلهم طلاب الهندسة. وتطلب نظارة الأشغال هناك مهندسين وميكانيكيين فلا تجدهم حتى تعطلت هذه السنة بعض المسابقات التي فتحتها لطالبي الدخول لقلة الأكفاء المتعلمين.
أفكار في الشقاء كتب فريدريك باسي الذي عربنا له مقالة القضاء على الشقاء في هذا الجزء مقالة افتتاحية في مجلة الاقتصاد الاجتماعي العامية فآثرنا تعريبها وضمها إلى أختها السالفة بياناً لتفنن الإفرنج في الكتابة في موضوع واحد قال فيها ما ترجمته: يقول علماء الأخلااق المتدينون أن كل شر ينشأ من الخطيئة فهم على سداد إذا أريد بالخطيئة كل ما من شأنه الخروج عن القوانين التي يجري عليها نظام الأخلاق ونظام الماديات في العالم. ومن المحقق أن ثمت شروراً لسنا نحن السبب فيها كالعواصف والزلازل والفيضانات والحرائق والأوباء وآفات الفلك التي تأتي على الغلات وتنقص الثمرات. ومن هذه المصائب الطبيعية ما نستطيع التوقي منه أو من تقليل أثره فينا إلى حد محدود. وأن كثيراً من الحرائق والأمراض وأنواع الهلاك هي نتيجة غفلتنا فإذا لم نستطع أن نعرفها قبل وقوعها ففي وسعنا أن نقلل من تأثيرها إذا ضمننا الضامنون وتعهد لنا المتعهدون فاتقاء الفيضانات يكون على الجملة بإقامة السدود وإصلاح مجاري المياه وتمكن الوقاية من الأنواء بالدخول إلى المرفأ او بالابتعاد عن الشواطئ الخطرة عملاً بما تنقله الأسلاك البرقية والأسلاك البحرية من الأخبار الواجب تصديقها. وتحمي الغلات والثمرات من بوائق الجو بما يعلم من الإشارات التي تؤخذ عن المراصد الجوية المؤذنة بقرب الزعازع وتتقى الأمراض بالامتناع عن التعرض لموجبات العدوى على غير ضرورة.
وتتأتى النجاة من معظم أسباب الفاقة والألم إذا صحت عزيمة المرء وقويت إرادته لأن أغلبها صناعي غير طبيعي فالكسل هو الذي يضيع الوقت والفراغ وهو الذي يسيء استعماله ويصرفه فيما لا ينتج وأعظم من ذلك استعماله فيما يؤذي النفس والغير ولا يعود منه فائدة على عامل أخرق جاهل لا نفاذ في بصيرته ولا مضاء في عزيمته فقد يصرف بعضهم في المشروبات الضارة التي تنهك الصحة والعقل بقدر ما يدفعون إلى خزانة الحكومة من الضرائب عن يد وهم صاغرون متململون بل أكثر بكثير. وقد يقضون أوقاتهم وهم يتفرجون على الخيل تعدو مسرعة وهم لا يعرفون منها أعيانها ولا أعيان أصحابها ويحضرون تمثيل روايات أو يستمعون لشتائم وسباب ويصرفون أياماً وليالي كان في وسعها أن يقضوها في عمل مثمر.
ترى بعضهم يلقون بما لهم من المضاربات والمراهنات التي كثيراً ما تكون ضرباً من ضروب السرقات المدبرة. يأتي المرء هذه المنكرات بسائق الجهل ويرمي بنفسه في هذه المهالك التي كان في وسعه اتقاؤها فلا يظلم نفسه فقط بل يظلم المجتمع بما يرتكب من سخف ليس هو إلا اعتداءً عاماً هائلاً يورث تلك المجتمعات التي هو أحد أفرادها ضعفاً في رفاهيتها ونقصاً في ثروتها بل إنهاكاً لقواها ودفناً لحياتها. ليس من العقل في شيء أن يسوق المرء نفسه إلى مواطن الهلاك ويفادي بروحه وروح جيرانه بما يبذله من أحسن موارده المالية وقواه الكثيرة فيروح بعد ذلك ينفق على سعة على الجيوش المؤلفة من شجعان الشبان يرابطون على الحدود ويعهد إليهم أن يطردوا عن تخطيها كل وطني أو غريب يريد دخولها وهو يحمل أطعمة للجائعين وألبسة للعريانين وأدوات وآلات لمن لا سلاح لهم مواد أولية لمن يستخدمونها وسماداً للأراضي التي ضعفت قوة إنباتها ومواد كيماوية للأعمال الصناعية المختلفة. ولو حسن استخدام تلك الساعات الضائعة أو التي تصرف في الباطل والمواد أو الثروة المبددة للقضاء العام على بني الإنسان وبذل ذاك النشاط الكثير ووجهت وجهة العلم نحو الغاية المقدسة التي تطلب من تحسين حالة البشر والبعد بهم عن فساد الأخلاق والتباغض ـ لو تم كل ذلك لما صعب أن يقدّم لعامة من خانهم دهرهم ما يتبلغون به بل ما يصل بهم إلى الرفاهية والاحترام والسعة.
نعم ادعُ ما تقدم بما شئت من خطيئة أو جهالة أو جنون فالشر كل الشر الذي ابتلينا به إنما جاءنا من قبل أنفسنا إلا ما حدث بحسب الظاهر قضاء وقدراً ولكن يمكن على الجملة التعديل من حاله أو ما نشأ من البوائق الخارجية التي هي مناط عملنا وبيدنا أمرها. قالوا قديماً أن المرء لا يموت إلا إذا كانت له إرادة في الموت يريدون بذلك إثبات قوة الجهاد الأدبي. الشعوب لا تتألم إلا بسيئات ترتكبها وهي تنزع الشقاء من أساسه متى عرفت أو أرادت أن تقاتله بالفعل.
صناعات الملوك
رأى بعض ملوك الأرض أن الحكمة تقتضي عليهم بأن يتجروا لأنفسهم ويدخروا المال للطوارئ ولذلك كان مما يملك ملك إنكلترا سكة حديدية في الكندا ولإمبراطور ألمانيا معظم الأسهم في مجلتين تأتيانه بواردات وافرة ولملكة هولاندة مزرعة واسعة في قصرها في لو وللبابا مبالغ جسيمة وضعها في مصرف إنكلترا لحين الحاجة. ولكن بعض ملوك الإسلام